ارشيف من :آراء وتحليلات
اسبانيا بمواجهة اوروبا
صوفيا ـ جورج حداد*
اذاعت BBC ان رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي صرح علناً عن وقوفه ضد تدخل الاتحاد الاوروبي في الجهود القائمة لاجل انقاذ بلاده. وقال راخوي في مقابلة تلفزيونية بمناسبة مرور سنة على انتخابه رئيساً للوزراء "لا يمكنني ان اقبل ان يقولوا لنا ايّ التخفيضات ينبغي علينا القيام بها".
ان اسبانيا لم تتخذ بعد قراراً بطلب المساعدة المالية من الخارج. وتعليقاً على برنامج قيام البنك المركزي الاوروبي بشراء سندات الدولة الاسبانية المضمونة قال راخوي "سنرى اذا كان ذلك ضرورياً فعلاً، وبأية شروط". فهناك "خطوط حمراء" لا يمكن ان نتخطاها. ومع ذلك فإن راخوي لم يحدد ما هي هذه "الخطوط الحمراء". والنقطة الأهم الآن هي تخفيض العجز عبر اجراء التقشف في النفقات وزيادات الضرائب. وقد اعلن راخوي عن ادخال ضريبتين جديدتين بدءاً من تشرين الأول القادم. احداهما تتعلق بفرض ضريبة على الربح لدى بيع الممتلكات التي زادت قيمتها. والثانية هي ضريبة بيئوية. ولكن رئيس الوزراء رفض ان يحدد التفاصيل المتعلقة بهذه الضريبة. الا انه اعلن ان الحكومة الاسبانية هي في طريقها الى التوصل الى هدف تخفيض العجز في الميزانية. ففي السنة القادمة سوف يتم تخفيض العجز بنسبة 4،5% من الناتج الداخلي القائم. واعترف راخوي ان الحكومة المركزية في مدريد تتعامل مع التدامج المالي بشكل اسهل مما تفعله الحكومات المحلية. ففي حين ان المناطق قد خسرت منذ 2007 فصاعداً نحو نصف مداخيلها، بالاضافة الى الزيادات في النفقات في قطاعي الصحة والتعليم. ومع ذلك وعد رئيس الوزراء بتقديم المزيد من المساعدات للمناطق، اذا استمرت في المعاناة من صعوبات مالية. وقال راخوي انه في نظام التقاعد لن يتم اجراء اي تغيير الى الان. وفي اخر المطاف، فإن المتقاعدين هم الفئة الاكثر تضرراً في مواجهة الازمة الاقتصادية. وفي الوقت نفسه اعترف رئيس الوزراء ان حزبه، حزب الشعب المحافظ، قد انتهك عدداً من وعوده الانتخابية. وللمثال فإن بعض ضرائب الشركات وضرائب الدخل قد تمت زيادتها. ولكن على كل حال فإن حكومته سوف تستمر في الحكم ثلاث سنوات اخرى، وفي حال تحسين الوضعية الاقتصادية فإن هذه القرارات "غير المريحة وغير المرغوبة" سوف يتم تغييرها حسبما يؤكد رئيس الوزراء.
وحسب تصريح المفوض الاوروبي فإن الشروط التقييدية، التي سيتم فرضها على البلاد، تبرز بوصفها شروطاً شكلية في الاصلاحات التي يتم تحقيقها في الوقت الراهن. وقد اذاعت قناة CNBC انه بعد اعلان برنامج البنك المركزي الاوروبي في الاسبوع الماضي، حول شراء سندات الدولة، قال المفوض الاوروبي للشؤون العملوية "أولي رين" ان اسبانيا يجب عليها ان تطلب المساعدة، اذا ارادت ان تستفيد من هذا البرنامج. ويبدو ذلك كإطار واضح جداً: ينبغي اولاً ان يتقدم البلد ـ العضو بطلب المساعدة، وبعد ذلك فإن المجموعة الاوروبية او الدول ـ الاعضاء في منطقة اليورو، الى جانب المفوضية الاوروبية، والبنك المركزي الاوروبي، وطبعاً صندوق النقد الدولي، ينظرون في الشروط التقييدية المحددة". وهذا ما قاله رين في منتدى في ايطاليا.
ولكن تقديم طلب المساعدة وفرض شروط تقييدية موضوع حساس جداً بالنسبة للحكومة الاسبانية، التي تنفي الى الآن انها ستكون مضطرة للقيام به. ومن المتوقع ان المحادثات فيما يتعلق بالشروط سوف تتحول الى موضوع مركزي للبحث في اللقاء الذي سيعقده وزراء المالية وسياسيون اوروبيون في قبرص في نهاية الاسبوع. ويعتبر رين ان الحكومة الاسبانية قد قامت حتى الان بما يكفي من المحافظة على الشروط، التي يمكن ان تفرض على البلاد، في حال طلبت المساعدة. وقال "فيما يتعلق باسبانيا فقد تمت التوصية بوجهة واضحة لاصلاح الميزانية". "واصبح يوجد برنامج سياسي للاصلاحات البنيوية كجزء من هذه التوصية. والشروط التقييدية سوف تستند بالتأكيد إلى السياسة الراهنة والتوصيات".
ولكن في رأيه فإن كل مذكرة ينبغي التوقيع عليها من قبل البلد ـ العضو ومنطقة اليورو، سوف تتضمن اهدافاً محددة كثيرة في اطار التوصيات القائمة. وهذه الرسالة المفصلية جرى تأييدها من قبل المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي اعلنت اثناء حضورها لقاء مجموعة التعاون الاسيوي ـ المحيط الهاديوي في فلاديفوستوك، ان اسبانيا وايطاليا قد اتخذتا حتى الان تدابير حازمة "ملائمة لهما، كما للاخرين". "فالتزامات كل من البلدين هي مع شركائها الاخرين ومع المؤسسات في منطقة اليورو من اجل تقرير ما هو الافضل للبلد المعني وللمجموعة، التي ينتمي اليها". وهذا ما نقلته رويترز عن لاغارد.
وفي الحساب الاخير فإن اسبانيا لا تخضع للضغط من اجل ادخال اصلاحات اضافية او تجميد اصلاحات ما، وانما عليها ببساطة ان تتقدم رسمياً بطلب للمساعدة وان تقوم بتنسيق البرنامج الاصلاحي الذي بدأت به.
ومن جهة ثانية جاء في وسائل الاعلام ان مؤشرات البورصة في اسبانيا تنحدر بسرعة شديدة. واعلنت النقابات الاسبانية عن وقوفها ضد افكار بروكسل حول اجراء تخفيضات في الميزانية.
وقد زاد عدد العاطلين عن العمل في شهر اب لاول مرة منذ خمسة شهور، حسب احصاءات وزارة العمل. ووصل عدد متلقي المساعدة كعاطلين عن العمل إلى 4،63 مليون شخص. وبلغت نسبة البطالة 24،6%.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
اذاعت BBC ان رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي صرح علناً عن وقوفه ضد تدخل الاتحاد الاوروبي في الجهود القائمة لاجل انقاذ بلاده. وقال راخوي في مقابلة تلفزيونية بمناسبة مرور سنة على انتخابه رئيساً للوزراء "لا يمكنني ان اقبل ان يقولوا لنا ايّ التخفيضات ينبغي علينا القيام بها".
ان اسبانيا لم تتخذ بعد قراراً بطلب المساعدة المالية من الخارج. وتعليقاً على برنامج قيام البنك المركزي الاوروبي بشراء سندات الدولة الاسبانية المضمونة قال راخوي "سنرى اذا كان ذلك ضرورياً فعلاً، وبأية شروط". فهناك "خطوط حمراء" لا يمكن ان نتخطاها. ومع ذلك فإن راخوي لم يحدد ما هي هذه "الخطوط الحمراء". والنقطة الأهم الآن هي تخفيض العجز عبر اجراء التقشف في النفقات وزيادات الضرائب. وقد اعلن راخوي عن ادخال ضريبتين جديدتين بدءاً من تشرين الأول القادم. احداهما تتعلق بفرض ضريبة على الربح لدى بيع الممتلكات التي زادت قيمتها. والثانية هي ضريبة بيئوية. ولكن رئيس الوزراء رفض ان يحدد التفاصيل المتعلقة بهذه الضريبة. الا انه اعلن ان الحكومة الاسبانية هي في طريقها الى التوصل الى هدف تخفيض العجز في الميزانية. ففي السنة القادمة سوف يتم تخفيض العجز بنسبة 4،5% من الناتج الداخلي القائم. واعترف راخوي ان الحكومة المركزية في مدريد تتعامل مع التدامج المالي بشكل اسهل مما تفعله الحكومات المحلية. ففي حين ان المناطق قد خسرت منذ 2007 فصاعداً نحو نصف مداخيلها، بالاضافة الى الزيادات في النفقات في قطاعي الصحة والتعليم. ومع ذلك وعد رئيس الوزراء بتقديم المزيد من المساعدات للمناطق، اذا استمرت في المعاناة من صعوبات مالية. وقال راخوي انه في نظام التقاعد لن يتم اجراء اي تغيير الى الان. وفي اخر المطاف، فإن المتقاعدين هم الفئة الاكثر تضرراً في مواجهة الازمة الاقتصادية. وفي الوقت نفسه اعترف رئيس الوزراء ان حزبه، حزب الشعب المحافظ، قد انتهك عدداً من وعوده الانتخابية. وللمثال فإن بعض ضرائب الشركات وضرائب الدخل قد تمت زيادتها. ولكن على كل حال فإن حكومته سوف تستمر في الحكم ثلاث سنوات اخرى، وفي حال تحسين الوضعية الاقتصادية فإن هذه القرارات "غير المريحة وغير المرغوبة" سوف يتم تغييرها حسبما يؤكد رئيس الوزراء.
وحسب تصريح المفوض الاوروبي فإن الشروط التقييدية، التي سيتم فرضها على البلاد، تبرز بوصفها شروطاً شكلية في الاصلاحات التي يتم تحقيقها في الوقت الراهن. وقد اذاعت قناة CNBC انه بعد اعلان برنامج البنك المركزي الاوروبي في الاسبوع الماضي، حول شراء سندات الدولة، قال المفوض الاوروبي للشؤون العملوية "أولي رين" ان اسبانيا يجب عليها ان تطلب المساعدة، اذا ارادت ان تستفيد من هذا البرنامج. ويبدو ذلك كإطار واضح جداً: ينبغي اولاً ان يتقدم البلد ـ العضو بطلب المساعدة، وبعد ذلك فإن المجموعة الاوروبية او الدول ـ الاعضاء في منطقة اليورو، الى جانب المفوضية الاوروبية، والبنك المركزي الاوروبي، وطبعاً صندوق النقد الدولي، ينظرون في الشروط التقييدية المحددة". وهذا ما قاله رين في منتدى في ايطاليا.
ولكن تقديم طلب المساعدة وفرض شروط تقييدية موضوع حساس جداً بالنسبة للحكومة الاسبانية، التي تنفي الى الآن انها ستكون مضطرة للقيام به. ومن المتوقع ان المحادثات فيما يتعلق بالشروط سوف تتحول الى موضوع مركزي للبحث في اللقاء الذي سيعقده وزراء المالية وسياسيون اوروبيون في قبرص في نهاية الاسبوع. ويعتبر رين ان الحكومة الاسبانية قد قامت حتى الان بما يكفي من المحافظة على الشروط، التي يمكن ان تفرض على البلاد، في حال طلبت المساعدة. وقال "فيما يتعلق باسبانيا فقد تمت التوصية بوجهة واضحة لاصلاح الميزانية". "واصبح يوجد برنامج سياسي للاصلاحات البنيوية كجزء من هذه التوصية. والشروط التقييدية سوف تستند بالتأكيد إلى السياسة الراهنة والتوصيات".
ولكن في رأيه فإن كل مذكرة ينبغي التوقيع عليها من قبل البلد ـ العضو ومنطقة اليورو، سوف تتضمن اهدافاً محددة كثيرة في اطار التوصيات القائمة. وهذه الرسالة المفصلية جرى تأييدها من قبل المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي اعلنت اثناء حضورها لقاء مجموعة التعاون الاسيوي ـ المحيط الهاديوي في فلاديفوستوك، ان اسبانيا وايطاليا قد اتخذتا حتى الان تدابير حازمة "ملائمة لهما، كما للاخرين". "فالتزامات كل من البلدين هي مع شركائها الاخرين ومع المؤسسات في منطقة اليورو من اجل تقرير ما هو الافضل للبلد المعني وللمجموعة، التي ينتمي اليها". وهذا ما نقلته رويترز عن لاغارد.
وفي الحساب الاخير فإن اسبانيا لا تخضع للضغط من اجل ادخال اصلاحات اضافية او تجميد اصلاحات ما، وانما عليها ببساطة ان تتقدم رسمياً بطلب للمساعدة وان تقوم بتنسيق البرنامج الاصلاحي الذي بدأت به.
ومن جهة ثانية جاء في وسائل الاعلام ان مؤشرات البورصة في اسبانيا تنحدر بسرعة شديدة. واعلنت النقابات الاسبانية عن وقوفها ضد افكار بروكسل حول اجراء تخفيضات في الميزانية.
وقد زاد عدد العاطلين عن العمل في شهر اب لاول مرة منذ خمسة شهور، حسب احصاءات وزارة العمل. ووصل عدد متلقي المساعدة كعاطلين عن العمل إلى 4،63 مليون شخص. وبلغت نسبة البطالة 24،6%.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل