ارشيف من :آراء وتحليلات

قرع طبول الحرب بين الصين واليابان

قرع طبول الحرب بين الصين واليابان
صوفيا ـ جورج حداد*

طلب رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا من الصين التوقف عما سماه مظاهر العنف والتعديات على المواطنين والمصالح اليابانية في الصين. وقال "اننا نلح على توقيف أعمال العنف ضد مواطنينا، الذين يعيشون في الصين".

وفي الوقت ذاته، اوردت وكالة الاسوشيتد برس، وبمناسبة الذكرى الـ81 للأحداث التي أدت الى اجتياح اليابان لشمال شرق الصين، نظمت في مختلف انحاء الصين مظاهرات معادية لليابان. وتظاهر عشرات الوف الاشخاص ضد الماضي الاستعماري لليابان وضد الموقف الياباني الحالي فيما يختص بالخلاف الناشب بين الصين واليابان حول الجزر في بحر الصين الشرقي. حيث تدعي اليابان ملكية تلك الجزر الصينية.

وتجمع ألوف الصينيين في مظاهرة كبرى أمام السفارة اليابانية في بكين، ورفعوا شعارات وطنية، ونادوا بمقاطعة البضائع اليابانية. وحمل المتظاهرون صورا للقائد التاريخي للصين الشعبية ماو تسي تونغ. وألقى بعضهم تفاحات تالفة وبيضاً فاسداً وزجاجات فارغة على بناء البعثة الدبلوماسية اليابانية، التي وضعت تحت حماية بوليسية مشددة ونشرت امامها الحواجز. واعلنت وكالة كيودو اليابانية ان المتظاهرين ألقوا قطع القرميد والحجارة على مبنى القنصلية اليابانية في مدينة تسينيان في شمالي شرق الصين. وجرت مظاهرات احتجاجية اخرى في مدن غوانتشو، فونتشوي، شانغهاي وغيرها في يوم الاحتفال بذكرى احداث 1931، التي استخدمتها اليابان كحجة لاجتياح منشوريا الصينية قبل الحرب العالمية الثانية.

قرع طبول الحرب بين الصين واليابان

وقالت وسائل الاعلام ان خفر السواحل الياباني اعلن ان اثنين من اليابانيين وصلا الى احدى الجزر التي تقع في وسط الحزر المختلف عليها بين طوكيو وبكين. وأن وزراة الخارجية الصينية نشرت بيانا اعلنت فيه ان تصرف هذين اليابانيين يعتبر عملا استفزازيا وخرقا للسيادة الاقليمية للصين. وأعلنت وكالة ايتار ـ تاس الروسية نقلا عن جريدة "ساوث تشاينا مورننغ بوست" التي تصدر باللغة الانجليزية ان اسطولا من حوالى 2000 زورق صيد صيني دخل في محيط منطقة الجزر موضوع الخلاف. وتقول الجريدة ان الزوارق قد اتجهت الى المنطقة في اعقاب الغاء المنع الصيفي للصيد في مياه البحر الصيني الشرقي.

وقالت "رويترز" ان الحكومة الصينية وعدت بحماية المواطنين والممتلكات اليابانية، ودعت المشاركين في المظاهرات الاحتجاجية ضد اليابان الى التعبير عن آرائهم "بطريقة عادية، متعقلة وقانونية".

وصرح الناطق بلسان وزارة الخارجية الصينية هون لاي امام الصحفيين انه الان يتوجب على اليابان ان تغير مسلكها، الامر الذي تتوقف عليه وجهة التطور اللاحق للاحداث.

وتقول وسائل الاعلام العالمية ان المظاهرات الاحتجاجية الصينية، وما رافق بعضها من اعمال عنف، قد اوجدت مصاعب حقيقية امام مختلف المؤسسات اليابنية في الصين. وقد استهدفت الاحتجاجات واعمال العنف كل ما هو ياباني في الصين. ووصل الامر الى حد مهاجمة السيارات اليابانية العابرة، بصرف النظر عن انه يتم انتاجها منذ مدة غير قليلة في الصين، وفي ذلك خسارة ليس للشركات اليابانية فقط، بل وللصينيين ايضا. ومن باب الاحتياط، عمد السائقون اصحاب السيارات لوضع لاصقات على سياراتهم كتب عليها "سيارتي يابانية، ولكن قلبي صيني". والكثيرون من اصحاب السيارات اليابانية تجنبوا الخروج الى الشوارع. وقد علقت الاعلام الصينية فوق المطاعم والسوبرماركات اليابانية.

وعمدت شركات السيارات اليابانية الثلاث الرئيسية "تويوتا"، "نيسان" و"هوندا" الى توقيف انتاجها كليا او جزئيا في مختلف الفروع في الصين، بانتظار حدوث تظاهرات احتجاجية جديدة وما سينجم عنها. واتخذت شركات انتاج سيارات اخرى قرارا بالتوقف عن العمل ايضا. وكذلك فعلت شركات انتاج الادوات الكهربائية والالكترونيات. ودعت الشركات اليابانية موظفيها لعدم الخروج الى الشوارع.

هذا وقد بدأت موجة الاحتجاجات في الاسبوع الماضي حينما قامت طوكيو بشراء جزر سينكاكو ويابونيا وديأويداو من اشخاص يابانيين. وتقول بكين ان مجموعة الجزر هي ارض وطنية صينية، تم انتزاعها من الصين في نهاية القرن التاسع عشر. واشتد النزاع على الجزر في سبعينات القرن الماضي حينما اكتشفت في المنطقة مكامن للنفط والغاز.

ومعلوم انه تقوم بين الصين واليابان علاقات اقتصادية وثيقة. وفي السنة الماضية بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 345 مليار دولار.

قرع طبول الحرب بين الصين واليابان

وافادت وكالة ايتار ـ تاس ان حوالى خمسين متظاهرا كانوا يشاركون في المظاهرات الاحتجاجية في بكين طوقوا وهاجموا سيارة السفير الاميركي هار ي لوك. وقد اصيبت السيارة الدبلوماسية ببعض الاضرار. ولكن السفير لم يصب بأي اذى. وقد ابلغت السفارة الاميركية وزارة الداخلية الصينية بالحادث وطلبت تأمين سلامة موظفي السفارة.

وفي واشنطن صرح الناطق باسم البيت الابيض دجي كارني ان الولايات المتحدة لا تقوم ببناء منظومة درع صاروخية لليابان موجهة ضد الصين. وقال ذلك في سياق التعليق على التوتر الناشئ في اقليم المحيط الهادئ، بسبب القيام بموضعة منظومة درع صاروخية اميركية في اليابان.

وقال كارني: ان موضعة الرادار المضاد للصواريخ هي جواب على تنامي الخطر المتأتي من مطامح كوريا الشمالية وليست موجهة ضد الصين. وأضاف: نحن نطمح للمحافظة على علاقاتنا مع الصين، وسنواصل بحث كل المسائل في اطار المحادثات الثنائية وفي مصلحة البلدين.

وكان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا قد اعلن في بكين الاسبوع الماضي ان البيت الابيض وطوكيو اتفقا على موضعة عنصر جديد اخر من عناصر منظومة الدرع الصاروخية.

ومن جهتها حذرت وسائل الاعلام الاميركية من ان هذه الخطوة ستستثير رد فعل سلبياً من قبل بكين. وخصوصا أن هذه الخطوة تأتي في اثناء قيام الخلاف الشديد بين طوكيو وبكين حول مجموعة الجزر الصغيرة في بحر الصين.

وكانت جريدة "وول ستريت جورنال" قد نشرت في اب/اغسطس الماضي بحثا تفصيليا عن مخططات الولايات المتحدة الاميركية لنشر منظومة الانذار الصاروخي المبكر في المحيط الهادي بزعم الرد على مطامح القائد الجديد لكوريا الشمالية بأن تستمر بلاده في برنامجها للتسلح النووي.

قرع طبول الحرب بين الصين واليابان

ويقول بعض المعلقين ان الصين بتحريكها المقصود لهذه الازمة في اعقاب الزيارة الاخيرة لوزير الدفاع الاميركي الى بكين ومحاولة "تطمينها" حول موضعة منظومة الدرع الصاروخية في اليابان، وتوقيت المظاهرات الاحتجاجية مع الذكرى السنوية الـ81 للاجتياح الياباني للصين في 1931، قد هدفت الى ما يلي:

1ـ اختبار مدى فعالية التحالفات العسكرية الاقليمية لاميركا، تمهيدا للمعركة الصينية الكبرى القادمة: معركة استعادة جزيرة فورموزا (تايوان) او ما يسمى "جمهورية الصين الوطنية".

2ـ كشف مدى انحطاط السياسة الاميركية، امام الشعب الصيني وجميع شعوب المنطقة والعالم، بدعمها ـ اي اميركا ـ السياسة التوسعية لليابان التي كانت اثناء الحرب العالمية الثانية العدو المباشر والمستعمر لشعوب المنطقة، وكانت احد الاركان الرئيسية لدول المحور الفاشية في الحرب العالمية الثانية.

3ـ كشف مدى انحطاط السياسة الرسمية اليابانية امام الشعب الياباني ذاته، اذ ان هذه السياسة تسير ضد شعوب المنطقة الجارة والصديقة والشقيقة وعلى رأسها الشعب الصيني، وتسير في ركاب السياسة الاميركية، علما ان اميركا هي التي ضربت اليابان بالقنابل الذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية وأوقعت فيها مئات الوف الضحايا بدون اي مبرر عسكري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
2012-09-20