ارشيف من :ترجمات ودراسات
من الصحافة الاسرائيلية لهذا اليوم الثلاثاء 12 أيار/ مايو 2009
"إسرائيل اليوم"
كتب يهوشع سوبول مقالا في صحيفة "إسرائيل اليوم" بعنوان" الشجاعة للانفصال عن المناطق". يقول الكاتب إن الإسرائيليين سيتوقون "لحل الدولتين" مثلما يتوق اليمين الإسرائيلي اليوم للخيار الأردني الذي رفضه باحتقار قبل عقدين ونصف من الزمن، وفي التفاصيل: تظهر في الأسابيع الأخيرة مقالات يقترح كاتبوها بدائل "لحل الدولتين للشعبين" أصحاب الأفكار ينقسمون إلى اثنين: الأسخياء مستعدون لان يعرضوا على الفلسطينيين حكما ذاتيا ثقافيا - اقتصاديا مع حكم بلدي وشرطة مدنية في ظل تواجد عسكري إسرائيلي في مناطق المستوطنات وعلى نهر الأردن، الأقل سخاء يعرضون عليهم مواطنة أردنية مع تصريح بالبقاء في بلداتهم في ظل المستوطنات الإسرائيلية التي ستتوسع مع السنين.
القاسم المشترك بين أصحاب الاقتراحات هو ملازمة الزهايمر (النسيان بحكم السن) فهم يحاولون تنفيذ عمليات إحياء لخدج سياسيين، المؤيدون المتحمسون لفكرة الحكم الذاتي نسوا أن مناحيم بيغن وضع هذه الفكرة قبل ثلاثين سنة، وكان هو أيضا الوحيد بين زعماء المنطقة الذي وافق على الفكرة.
أما بالنسبة لأصحاب المقالات الذين يقترحون على الفلسطينيين الاكتفاء بالجنسية الأردنية، فيبدو أن هؤلاء كانوا غارقين في سبات عميق في نهاية الثمانينيات، حين أجرى بيرس اتصالات مع الحسين والأخير مال إلى التفكير في الأمر- إلى أن دفن شمير، الذي كان في حينه رئيس وزراء إسرائيل بالتناوب، الأمر الذي كان يسمى "الخيار الأردني".
أولئك الذين يحاولون إخراج الخيار الأردني من قبر التاريخ يعتمدون على يأس الفلسطينيين في أعقاب فشل الانتفاضة الثانية وينكبون على كل شائعة بموجبها الملك الأردني وشخصيات فلسطينية اجتمعت بالصدفة يبدون ميلا للتفكير المتجدد بتلك الأمنية الإسرائيلية في أن يعفيهم الأردن من عقاب الفلسطينيين.
حقيقة أن هناك من يعود من جديد للتمسك بالجثة العفنة للخيار الأردني، تشير إلى الوضع المرضي الذي تعيشه السياسة الإسرائيلية منذ عهد فكرة بيغن حول الحكم الذاتي للفلسطينيين، عبر الهذيان السياسي لشارون الذي أقام "روابط القرى" وانتهاء بوهم "الحل الاقتصادي" لنتنياهو، استدعاء أرواح الموتى والتمسك بها كمحلول سحرية يدل على عدم القدرة على التصدي للأوضاع الحقيقية، هذا السلوك يذكرنا بالميل للاعتماد على العلاجات الأخرى للجدة، حين لا يكون هناك مفر من عملية جراحية معقدة ومن علاج قاس من خلاله فقط هناك احتمال بالنجاة.
العملية المعقدة ترمي إلى الفصل بين إسرائيل والمناطق التي احتلت في 1967 وبدلا من التخلص من المرض يتمسك المريض بالهمس والخرافات ويتلبث بكل هذيان وكل وهم يبيعونه له، وهو حتى مستعد لان يؤمن بان تغيير اسم المرض سيجلب له الخلاص على ألا يضطر إلى اجتياز العملية المعقدة والعلاج الأليم الكفيل بان ينظف جسده من المرض.
الوهم في إمكانية إحياء الخيار الأردني أو الحكم الذاتي، مثله كمثل الإيمان بأنه يكفي إدارة عقارب الساعة إلى الوراء كي يكون الغد هو الأمس، الانشغال في هذا هو تبذير للوقت، وتبذير الوقت يفاقم وضع المريض فقط، من يؤجل "حل الدولتين" ويجعله غير متعذر من خلال توسيع التواجد الإسرائيلي في المناطق يقودنا بالضرورة إلى "دولة ثنائية القومية" اسماها القذافي "يسراطين" في اليوم الذي يبقى هذا فيه الخيار الوحيد، سنتوق "لحل الدولتين"، مثلما يتوق اليمين الإسرائيلي اليوم للخيار الأردني الذي رفضه باحتقار قبل عقدين ونصف من الزمن.
"هآرتس"
كتب امير اورن مقالا في صحيفة هآرتس بعنوان "إيران، إسرائيل واوباما". يقول الكاتب إن استعداد اوباما للحوار مع إيران يفزع حكام مصر، السعودية، الأردن ودول عربية أخرى. مقابل منع النووي الإيراني وانتزاع تنازلات من نتنياهو يمكن للرئيس أن يطالبهم بتأهيل اللاجئين خارج إسرائيل، وفي التفاصيل: في يوم من منتصف الأسبوع زار روبرت غيتس مصر في طريقه إلى السعودية، وسعى وزير الدفاع الأمريكي إلى تهدئة روع الرئيس المصري حسني مبارك، عبد الله ملك الأردن وعبد الله ملك السعودية القلقين من صفقة تآمرية بين واشنطن وطهران، وفي ذات اليوم انطلق إلى دمشق مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، بعد ساعات قليلة من انتهاء زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلى العاصمة السورية، وفي قطر انتهت مناورة القيادات السنوية "ايجل ريزولف"، بمشاركة أمريكية وعربية وفي سيناريو يرمي إلى إعداد دول الخليج للدفاع عن نفسها في وجه الصواريخ وأسلحة الدمار من جارة معينة، في ذات اليوم حل ضيفا الرئيس شمعون بيرس على الرئيس الأمريكي براك اوباما، الذي أملى نائبه جو بايدن في مؤتمر ايباك نظاما للتراجع التدريجي للمستوطنات الإسرائيلية في المناطق، جملة معقدة، تماما مثل الوضع في المنطقة.
لحل لغز المناورة الأمريكية المعقدة حيال إسرائيل، إيران والدول العربية، يجدر العودة إلى 31 كانون الأول 1990 الرئيس جورج بوش الأب جلس في حينه في منتجع كامب ديفيد وأملى رسالة على آلة الكتابة، أحيانا مع أخطاء كتابية أو أخطاء معرفية، رسالة لخمسة أبنائه وعلى رأسهم بكره جورج، بوش اعتذر عن مزاجه في أحداث عيد الميلاد وعزاه لعذابات تردداته قبل أسبوعين من موعد بداية الحرب ضد صدام حسين، فقد أراد لأربعة أبنائه وابنته أن يفهموا قلبه حين يضع على كفة الميزان الحياة التي سيقضى عليها في الحرب مقابل تلك الحياة التي ستنجو.
"كم من حياة الناس ستنجو، لو أن نزعة المصالحة أخلت مكانها إلى قوة مسبقة أكثر، وفي الثلاثينيات او تماما في بداية الاربعينيات؟ كم من اليهود كانوا سيعفون من غرف الغاز، وكم من الوطنيين البولنديين كانوا سيكونون أحياء اليوم؟" كتب بوش ووقع "أبوكم" الرسالة التي طبعها بوش تعرض بافتخار في مكتبته الرئاسية.
رسالة بوش الأب
بعد نحو شهر، في 12 حزيران، سيحتفل بوش بيوم ميلاده الـ 85 في ذات اليوم ستنتخب إيران رئيسا جديدا، او تجدد العقد مع احمدي نجاد، كارثة يهود أوروبا، التي ذكرت في الرسالة العائلية لبوش، تعود في تصريحات بيرس، بنيامين نتنياهو مسؤولين إسرائيليين كبار ولكن هذه المرة الرد الأمريكي ملتبس، رئيس الأركان في البنتاغون، الأدميرال مايكل ملن، وزع رسالة ليوم الكارثة ولكن لم يتطرق فيها لإسرائيل بل لذكرى الذين قضوا نحبهم والدرس المناسب الذي يجب تعلمه من الناجين من الكارثة.
وقال ملن قبل نحو شهر لصحيفة "وول ستريت جورنال" التي تتخذ الخط الأكثر كفاحية ضد إيران ان إسرائيل "لن تحتمل" إيران نووية، تكون مثابة خطرا وجوديا، "حياة أو موت"؛ وان بوسعها أن تلحق ضررا كبيرا لمنشآت إيران النووية، هذا تقدير وليس تحية، الخط الرسمي لاوباما، والذي كان المعبران الأكثر فظاظة عنه حتى الآن بايدن وغيتس، يسعى إلى منع إسرائيل عن العمل، ولكن هذا الخط عالق في تضارب داخلي، يورطه مع دول عربية.
المماثلة بين الحرب العالمية الثانية وحرب الخليج الأولى في رسالة بوش الأب كانت غريبة جدا، ولكن اوباما يرى في حرب 1991 مثالا يحتذى لسياسة ربطة خطوات دبلوماسية وعسكرية معا، وبعد عقدين من الزمن فان إيران اوباما هي عراق بوش الأب، من ناحية وجهة النظر الإستراتيجية، اوباما هو الابن الحقيقي لبوش الأب، أما بوش الابن فهو بشكل عام ابن رونالد ريغن هكذا كان في سنوات الست في الأبيض الأبيض، إلى أن عين غيتس وزيرا للدفاع.
غيتس كان نائب مستشار الأمن القومي لدى بوش الأب في الحرب ضد العراق. رئيس الـ سي.اي.ايه بعد ذلك والناطق الرسمي بلسان سياسته. في مقابلة طويلة في البث التلفزيوني "فرونت لاين" برر غيتس الانطلاق الى حرب 1991 بحجة تضع في ضوء غريب تخوفه الراهن من إحباط التحول النووي الإيراني بهجوم عسكري، لولا حرب 1991، قال غيتس، اعتقد أن العراق كان سيكون له اليوم سلاح نووي، بل واكثر من سلاح نووي واحد".
حماسة مقلقة
الجهود المتداخلة من إدارة بوش الأب لإعداد الحرب تركزت في تنظيم جبهة سياسية مشتركة، مع السوفييت والعرب وبكبح جماح الهجوم الإسرائيلي على العراق. المنظومة العسكرية العربية ضمت السعوديين، المصريين بل والسوريين أيضا والثمن السياسي الذي دفعه بوش كان انعقاد مؤتمر مدريد لاستئناف مسيرة "الأرض مقابل السلام"، بمشاركة فلسطينية. وكانت إسرائيل طولبت بالتجلد وبعدم العمل ضد صواريخ اسكاد، ذكرى الاستعدادات والترددات في تلك الفترة راسخة جيدا في عقول من كان في حينه نائب رئيس الأركان ايهود بارك، نائب الوزير بنيامين نتنياهو، الوزير دان مريدور، رئيس دائرة العمليات في هيئة الأركان مئير دغان وقائد لواء المظليين موشيه يعلون.
وحسب آخر التقديرات والأكثر تأكيدا في القدس وفي واشنطن فان الوضع خطير وان لم يكن مفزعا: تبقى تقريبا 12 إلى 21 شهرا إلى أن تنتج إيران ما يكفي من المادة المشعة لإنتاج سلاح نووي اول. وعندها سيكون بوسعهم أن يقرروا إذا كانوا سينتجون ومتى وكم: "بسرعة وبقدر قليل" - النووي الآن أم "ينتظرون ويتكاثرون" - يراكمون مادة مشعة كي ينتجوا قنابل أخرى.
المعادلة هي ذات المعادلة: الصلة بين اقتلاع الخطر المحدق بإسرائيل من جانب قوة عظمى إسلامية مسلحة بسلاح الدمار، وبين التقدم السياسي لحل النزاع مع العرب، وبدلا من العراق، ينبغي إدخال إيران إلى المعادلة غير أن سياسة مد اليد لاوباما، بتشجيع من غيتس، هددت بان تنجح أكثر مما ينبغي، فالحماسة الأمريكية في بث استعداد للحوار مع إيران ومعارضة حملة من الجيش الإسرائيلي ضد النووي الإيراني لم تقنع فقط بجديتها الأنظمة العربية المعتدلة - بل بدأت تقلقها.
إيران لم تهدد بإبادة أي دولة عربية أخر من يفترض أن تخشى مثل هذا التهديد هي السعودية - فإيران لن تتجرأ على تعريض مقدسات الإسلام للخطر. ومع ذلك، فان السعوديين سيرون في سلاح نووي إيراني، حتى وان كان مخزنا ومعطلا، تهديدا لا يطاق يستدعيهم إلى شراء مثل هذا السلاح من الباكستان (التي جاء غيتس لتشجيع علاقات السعودية بها، لغرض استقرار أفغانستان) للسعوديين يوجد المال لذلك؛ للمصريين لا يوجد وكذا لا يوجد للسوريين، الذين يحاول بالتمان وغيرهم في الإدارة إقناعهم بالابتعاد عن إيران والاقتراب من دول الخليج.
التخوف الأمريكي من انهيار النظام في الباكستان وسيطرة المتزمتين المسلمين من مدرسة طالبان على النووي هناك، ليس بديلا عن التصدي للنووي الإيراني بل مقدمة له. الانتخابات في الشهر القادم يمكنها أن تنتج بديلين سيئين، الأول - رئاسة متصلبة على الصيغة الحالية، بسيطرة آية الله علي خامنئي، تواصل الخط النووي. الثاني - اعتدال تدريجي، انطلاقا من الرغبة للمصالحة مع اوباما ولكن بشكل يخلق توترات داخلية في النظام ويؤدي الى سيطرة حراس الثورة على النووي. غيتس يعرف بان هذا يمكن ان يحصل مثلما كان تقريبا عندما حاول رجال الجيش، نشطاء الحزب ووكلاء الـ كي جي بي تنفيذ انقلاب ضد ميخائيل غورباتشوف عشية الانهيار السوفياتي النهائي. في حينه انقذهم بوريس يلتسين، من سيكون يلتسين إيران.
بنية الردع المتبادل الأمريكية - السوفيتية غير قابلة للتطبيق في الحالة الإيرانية وذلك أيضا لان وسائل القتال النووية من شانها أن تتسرب إلى منظمات الإرهاب التي ستعمل ضد إسرائيل، مصر أو السعودية على أمل أن تشوش البصمات الإيرانية، المبادرون الى العمليات النووية في مدينة شرق أوسطية قد يقدروا بان حتى قتل الآلاف وعشرات الآلاف لن يؤدي إلى هجوم على إيران في ظل غياب أدلة قاطعة على تورطها.
لو أعلنت إسرائيل انه في ختام فحص معمق للوضع توصلت الى الاستنتاج بان الشيطان النووي الإيراني لا يبدو هكذا، لكان القلق العربي يصبح فزعا. الانطباع الناشىء عن تصريحات بايدن وغيتس ضد هجوم إسرائيلي في إيران يحدث منذ الان نتيجة مشابهة. فيتو أمريكي على عملية إسرائيلية معناها ان بين الدول العربية والنووي الإيراني سيفصل فقط التعهد التقليدي لواشنطن بالدفاع عن المنطقة غير أنها تعتبر كهزيلة وتفقد مصداقيتها في عهد اوباما - غيتس.
لا خوف
هذا السقوط جاء غيتس إلى مصر والسعودية هذا الأسبوع كي يمنعه، بعد أيام قليلة من زيارة الأدميرال ملن، الوضع الحقيقي معاكس للصورة الشعبية: في الدول العربية لا يوجد خوف من عملية عسكرية ضد النووي الإيراني بل تأمل لذلك، إذا ما - كما هو متوقع - فشلت القنوات الأخرى، خطوة القوة ضد إيران مرغوبة من العرب، باستثناء حماس، حزب الله، الإخوان المسلمين والمنظمات المتأمرة على الأنظمة في السعودية، في الأردن وفي دول الخليج. ولإخراجها إلى حيز التنفيذ، مطلوب جسر الفجوات التي منعت حتى الآن سلاما إسرائيليا - عربيا، هذا الجسر حيوي للعرب بقدر لا يقل عنه للإسرائيليين، النووي الإيراني هو الرافعة لتحقيقه.
من تصريحات نتنياهو بعد محادثاته مع المبعوث جورج ميتشل - وربما أيضا مما قاله بيرس في البيت الأبيض - يمكن لاوباما أن يفهم بان الشرط الوحيد الذي سيصر عليه رئيس الوزراء هو حل مشكلة اللاجئين خارج إسرائيل، هذا هو معنى المطالبة باعتراف فلسطيني بـ "دولة يهودية" حسب النقطة التي اختار إبرازها وتلك التي اختار طمسها، على الحدود وعلى القدس سيساوم نتنياهو في النهاية. الموافقة على دولة فلسطينية، تلك التي رفض إعطاءها لتسيبي لفني كي يقيم معها حكومة مشتركة سيمنحها بهذه الصيغة أو تلك لاوباما.
المسافة بين هذا المسار وبين المبادرة العربية لن تكون طويلة، إذا ما أزيح عنها مطلب إعادة اللاجئين أبنائهم، أحفادهم وأبناء أحفادهم. وحسب الروائح الصادرة عن مطبخ البيت الأبيض، فان هذه هي الطبخة الأكبر التي يعدها اوباما، غيتس وزملائهم إذا ما نجحوا، سيطيب الأمر للجميع (باستثناء الإيرانيين) وإذا اخطأوا في العناصر، في مدى الحرارة او في مدة الطبخ، فان الفرن سيتفجر.
كتبت عميرة هاس مقالا في صحيفة هآرتس تحدثت فيه عن الأسباب التي تدفع حكومات إسرائيل عدم الإسراع في تحقيق عملية السلام مع الفلسطينيين، وفي التفاصيل: يبدو أن حكومات إسرائيل جميعها قد عرفت منذ 1993 لماذا لا ينبغي المسارعة إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين، فكممثلة للمجتمع الإسرائيلي وكجزء منه، فهمت الحكومات بان السلام ينطوي على مس شديد بالمصالح الوطنية:
• مس بالاقتصاد الصناعة الأمنية غير فرع هام للتصدير الإسرائيلي، السلاح الذخيرة والتطويرات التي تستخدم كل يوم في ميدان التجارب البيتي: غزة والضفة مسيرة اوسلو - المفاوضات التي لا ترمي إلى الانتهاء - سمحت لإسرائيل بالتنكر من مكانتها كقوة احتلال (ملتزمة برفاه السكان المحتلين) والتعاطي مع المناطق الفلسطينية ككيان مستقل. بمعنى، استخدام أنواع السلاح والذخيرة والقوة التي لم يكن بوسع إسرائيل أن تستخدمها ضدهم بعد العام 1967 الحفاظ على المستوطنات يفترض التطوير الدائم لوسائل الأمن، المتابعة والردع (مثل الجدران، الحواجز، الرقابة الالكترونية، كاميرات الرقابة، الأجهزة الآلية) - والتي هي خبز الاستهلاك الأمني المتعاظم في العالم الأول: البنوك والشركات، الأحياء الراقية إلى جانب ضواحي الفقر، الجيوب العرقية التي ينبغي قمع تمردها.
الإبداعية الجماعية الإسرائيلية في المجال الأمني تخترق من الاحتكاك الدائم لمعظم الإسرائيليين مع السكان المعرفين كمعادين. حالة القتال على نار هادئة التي ترتفع أحيانا تحدث لقاءا بين عناصر إسرائيلية مختلفة: رامبو محلي مع عبقري حواسيب وذو يد من ذهب ومخترعين. في حالة السلام ستقل فرص لقائهم.
• المس بالحياة المهنية الخاصة صيانة الاحتلال وعدم السلام تشغل مئات آلاف الإسرائيليين: نحو 70 ألف نسمة يعملون في الصناعة الأمنية، كل سنة عشرات الآلاف ينهون الخدمة العسكرية وهم حاصلون على الخبرات الخاصة أو المهنة المطلوبة المضافة، وبالنسبة للآلاف تصبح هذه هي المهنة الأساس: العسكرية الدائمة، سلك المخابرات، المستشارين في الخارج، المحاربين المرتزقة، تجار السلاح وبالتالي فان السلام، يعرض للخطر هذه الحياة المهنية والمستقبل المهني لشريحة إسرائيلية هامة ومعتبرة، لها تأثير كبير على الحكومات.
• المس بجودة الحياة اتفاق السلام يفترض توزيعا متساويا لمصادر المياه في البلاد بأسرها (من النهر حتى البحر) بين اليهود والفلسطينيين وذلك دون صلة بتحلية مياه البحر وتقنيات التوفير، ومنذ الآن من الصعب على الإسرائيليين أن يعتادوا على الانضباط في استخدام المياه، والذي يفترضه الجفاف. من غير الصعب التخمين لمدى الصدمة التي سيحدثها للإسرائيليين التقليص في استهلاك المياه، كثمرة للتوزيع المتساوي.
• المس بالرفاه مثلما تثبت الثلاثون سنة الأخيرة، المستوطنات المزدهرة بالتوازي مع تقليص دولة الرفاه، فهي تعرض على الناس من الحاضرة اليهودية ما لا يسمح به راتبهم الحصول عليه في نطاق إسرائيل السيادية، في حدود 4 حزيران. ارض زهيدة الثمن، منطقة واسعة من الشقق، امتيازات ودعم حكومي، مجال واسع، مشهد، بنية تحتية من الطرقات الفائقة وجهاز تعليمي مدعوم. وحتى لو كان لا ينتقل إليها مزيد من الإسرائيليين - اليهود، فإنها تضيء بأفقها كوسيلة للتطور الاجتماعي والاقتصادي، هذا الخيار حقيقي أكثر من الوعود الغامضة بالتحسن في زمن السلام، وهو وضع غير معروف.
كما أن السلام سيخفض، إن لم يخفِ، مفعول الذريعة الأمنية للتمييز ضد الإسرائيليين الفلسطينيين - في توزيع الأرض، في تخصيص المصادر للتنمية وأجهزة التعليم والصحة، في أماكن العمل، في الحقوق المدنية (مثل الزواج والتجنس) من اعتاد على العيش كصاحب حقوق زائدة في نظام يقوم على أساس التمييز العرقي، يرى في إلغائه تهديدا على رفاهيته.