ارشيف من :آراء وتحليلات

اليونان تترنح على حافة الانفجار

اليونان تترنح على  حافة الانفجار
"ان اليونان هي على عتبة الحرب الاهلية". هذا ما اعلنه أمام الـ "بي بي سي"، بلهجة تحذيرية، النائب الياس بنايوتاروس، من حزب "الفجر الذهبي"، وهو حزب يميني متطرف من بقايا انصار الملكية والحكم العسكري الفاشستي (حكم الجنرالات) الذي حكم اليونان في فترة (1967-1974). واضاف بنايوتاروس "ان المجتمع اليوناني هو مهيأ لنوع جديد من الحرب. فمن جهة يوجد القوميون مثلنا، والناس الذين يريدون لليونان ان تعود كما كانت، ومن جهة ثانية يوجد اللاجئون غير الشرعيين والانارشيست (الفوضويون) وجميع المتبقين، الذين قضوا على اليونان".

ونفى النائب انه يدعو الى استخدام العنف ضد اللاجئين، ولكنه اكد بشكل حازم أنه يتوجب على اللاجئين ان يغادروا البلاد فورا.

وقال "ان ما ندعو اليه هو ان هؤلاء الناس عليهم ان يغادروا البلاد فورا، لأنهم يقيمون هنا بصورة غير شرعية. وفي الوقت الذي لا تقوم فيه الحكومة بعمل أي شيء، فإن المواطنين عليهم ان يجدوا الطريقة كي يدافعوا عن انفسهم".

هذا وأعلنت الدوائر الرسمية، كما نقلت عنها وكالات الاعلام الدولية ان نسبة البطالة في اليونان بلغت في شهر حزيران/يونيو  الماضي نسبة 25،1%، في حين أنها كانت 17،8% في حزيران/يونيو 2011. ويؤكد الخبراء ان هذه هي المرة الاولى منذ نشوب الأزمة قبل ثلاث سنوات تتجاوز فيها نسبة البطالة حاجز الـ 25%.

اليونان تترنح على  حافة الانفجار

وبالرغم من ذلك فإن رئيس المفوضية الاوروبية التابعة للاتحاد الاوروبي جوزيه مانويل باروزو مدح الجهود التي تبذلها الحكومة اليونانية من أجل تخفيض عجز الميزانية، واعلن ان بقاء اليونان عضوا في منطقة اليورو هو مسألة ذات اهمية حاسمة. وقال اثناء مؤتمر صحفي في بروكسل "ان ما تقوم به اليونان من أجل اعادة النظام الى ميزانيتها له اهمية تاريخية. ان بقاء اليونان في منطقة اليورو له اهمية استثنائية ليس لأثينا وحدها، بل ولكل الاتحاد العملوي".

ويذكر ان اليونان قد خفضت عجز الميزانية من 15% من الناتج المحلي القائم سنة 2009، الى 9،1% سنة 2011، ويتوقع ان ينخفض العجز الى 7% سنة 2012، لا سيما بعد التدابير التقشفية الجديدة التي باشرتها الحكومة. ولكن منتقدي السياسة الحكومية يقولون ان هذه التخفيضات إنما تتم على حساب تخفيض الخدمات الاجتماعية وزيادة البطالة وتخفيض الاجور خصوصا في القطاع العام.

وفي اعقاب اجتماع وزراء المالية الـ 17 لمنطقة اليورو في بروكسل أعلن رئيس المجموعة الاوروبية جان ـ كلود يونكر ان على اليونان ان تبرهن على المزيد من الحزم في تطبيق برنامج الاصلاحات (اي التقشفات) من أجل كسب ثقة المقرضين، حيث يتوقع ان يتم صرف دفعة مساعدة جديدة لليونان بقيمة 31،5 مليار يورو كجزء من القرض الانقاذي من قبل "الترويكا" (الاتحاد الاوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الاوروبي)، وبدون هذه الدفعة ستبقى الخزينة اليونانية بدون مال في شهر  تشرين الثاني القادم.

واعلن وزير المالية الألماني فولفانغ شويبليه ان اليونان لن تفلس. وبحسب رأيه أنه اذا خرجت اليونان من منطقة اليورو، فإن هذا سيضر بالاتحاد العملوي الاوروبي وباليونان ذاتها في وقت واحد.

ومن ضمن الجهود المبذولة لانقاذ الوضع في اليونان قامت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل رئيسة البلد المقرض الأكبر  لليونان، بزيارة خاطفة لست ساعات الى اثينا عشية اجتماع قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل في 18 تشرين الاول، واجتمعت خلال الزيارة مع رئيس الوزراء اندونيس ساماراس. وصرحت ميركيل "ان اليونان ينبغي ان تبقى في منطقة اليورو". ولكنها اضافت " ان الوضع في اليونان معقد جدا. والكثير من الامور تسير ببطء شديد، والاصلاحات البنيوية في اليونان تسير بسرعة البزاقة".

اليونان تترنح على  حافة الانفجار

وحسب رأيها فإن الادارة لا تعالج بما فيه الكفاية الكثير من المشكلات. ودعت المستشارة الى تكوين "صناديق تضامن" جديدة لدعم بلدان الاتحاد الاوروبي التي توجد في ازمة. وقالت "ان اليورو ليس مجرد عملة. ان اليورو يرمز الى الوحدة الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية لاوروبا". وبحسب رأيها ينبغي عمل كل شيء لاجل انقاذ العملة الاوروبية الموحدة.

ولكن الزيارة الخاطفة لميركيل الى اثينا لم تمر بهدوء. اذ ان النقابات والمنظمات الشعبية اليسارية الغاضبة من سياسة التقشف وحل الازمة على حساب الجماهير العمالية والشعبية لارضاء المقرضين الاجانب وحيتان الرأسمالية العالمية، ـ دعت الى مظاهرة احتجاجية ضد زيارة ميركيل. وقد احتشد اكثر من 25 الف متظاهر في وسط العاصمة، في احتجاج صارخ على زيارة ميركيل. وحمل الكثير منهم لافتات رسم عليها الصليب المعكوف في اشارة الى ان السياسة الالمانية الحالية هي استمرار للنازية التي سبق لها ان احتلت اليونان ونكلت بالشعب اليوناني خلال الحرب العالمية الثانية.

وحاولت مجموعة من المتظاهرين اختراق الحاجز الذي اقامته الشرطة حول البرلمان، فاستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ورفع موكب من 10 آلاف شخص من "الجبهة الشيوعية" لافتات كتب عليها "ميركيل بره، اليونان ليست مستعمرة!". "ميركيل، لا أهلا بك!"، "الامبريالية بره"، "لا للرايخ الرابع" (الرايخ الثالث كان هتلريا). ورفع احدهم لافتة عليها صورة ميركيل وصور رؤساء الوزراء اليونانيين الثلاثة منذ بدء الازمة في 2010 وفوق الصور الصليب المعقوف للنازية. وقد قطعت الطرق المؤدية الى وسط المدينة قوة من  الشرطة تقدر بـ 6000 شرطي. وقد تجمع المتظاهرون في ساحة "سينتاغما" بدعوة من النقابات، وحزب المعارضة الرئيسي "سيريزا"، واليسار الراديكالي وبعض المجموعات القومية. وكانت زيارة ميركيل لاعلان الدعم للحكومة برئاسة اليميني المحافظ اندونيس ساماراس. وصرح رئيس حزب "سيريزا" المعارض الكسيس سيبراس "ان زيارة ميركيل هي مناسبة كي نعلن ان اوروبا الشعوب سوف تنتصر على اوروبا التشدد، وان التقاليد الدمقراطية الاوروبية لن تسمح بتحويل اليونان الى مقبرة عامة".
كاتب لبناني مستقل
2012-10-23