ارشيف من :آراء وتحليلات
اليمن يدخل الحوار قبل الهيكلة الفعلية للجيش
أكد وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد، الاثنين الماضي، على "ضرورة العمل بجدية من أجل بناء قوات مسلحة محايدة مهنية احترافية تؤدي مهامها الوطنية وفقاً للدستور والقانون"، وقال إن هيكلة الجيش "ستنطلق من واقع حال القوات المسلحة، وسيتم إعداد خطة استراتيجية لمدة عشر سنوات بعدها ستتم المراجعة الاستراتيجية كل خمس سنوات، حسب ما هو معمول به في جيوش العالم".
وشدد وزير الدفاع، في مداخلة قدمها، أمس الأول، في الندوة العسكرية الأولى لإعادة تنظيم وهيكلة القوات المسلحة التي أقيمت في صنعاء وتنعقد برعاية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، تحت شعار (نحو رؤية وطنية علمية لإعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة)، على "ضرورة التفكير والتركيز على متطلبات المرحلة وإنهاء الانقسام الحاصل في رؤوس القوى المؤثرة في الساحة والتي تعكس نفسها على القوات المسلحة والأمن".
ويعد تصريح وزير الدفاع هذا أبرز موقف رسمي بشأن الوقت الذي قد تستغرقه عملية هيكلة الجيش التي لا تزال عالقة على مائدة السياسيين، فهناك من يرى أن عملية هيكلة الجيش وانهاء الانقسام فيه يجب أن يسبقا عملية الحوار الذي يعلق عليه اليمنيون أمالاً كبيرة في حل كثير من القضايا التي تواجههم، وكذلك في التعامل مع إرث نظام ظل يحكم البلد عبر ادارة الأزمات طوال 33 عاماً على حساب غياب الدولة.
إلا أن طرفاً آخر يرى أن عملية هيكلة الجيش هي عملية معقدة وتحتاج إلى وقت طويل، وأنه يجب الشروع في عملية الحوار بعيداً عن عملية الهيكلة بحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية التي وقعت عليها الأطراف السياسية العام الفائت للخروج بالبلاد من الأزمة التي شهدتها.
وفيما يرى الطرف الأول أن بقاء الجيش منقسماً سيبقى يهدد العملية السياسية وسيكون له دور سلبي على عملية الحوار ونتائجه؛ فإن الطرف الأخر يرى أن الإبطاء في عملية الهيكلة سيحدث نوعاً من التوازن بحيث لا يستطيع طرف أن يفرض رؤيته على بقية الأطراف.
وجاء تصريح وزير الدفاع اليمني مؤخراً يحمل إشارة واضحة إلى أن عملية هيكلة الجيش ستكون طويلة فيما من المتوقع أن ينعقد مؤتمر الحوار الوطني خلال الفترة القليلة القادمة.
الطريق الشاق إلى هيكلة الجيش
ويرى عسكريون يمنيون أن الخطوة الأولى من هيكلة الجيش ستتمثل في إعادة توزيع الألوية والمعسكرات على المناطق العسكرية، وتغيير عدد من قياداتها، ثم سيتم نقل عتاد وممتلكات الألوية المنقولة إلى مواقعها الجديدة.
وبحسب وسائل إعلام يمنية فإن المعلومات الأولية تقول إن الهيكلة ستركز على حصر ممتلكات الجيش وأفراده، واعتماد نظام حديث في التعامل مع ميزانية الجيش وكيفية صرفها، وايضاً التعامل مع مسألة التسليح والذخيرة التي أصبحت تنهب من المعسكرات في الفترات الأخيرة.
ويواجه الجيش اليمني إرثاً مثقلاً من الفساد والمحسوبية، فطبقاً لذات الوسائل فإن الهيكلة ستُحدد عدد مرافقي كل قائد عسكري، للحد من عملية التلاعب في هذا البند، وستمنع حصول المشايخ ومراكز القوى على مئات الأفراد، يتسلمون مخصصاتهم الشهرية، من رواتب وتموين وتغذية. ويشار هنا إلى أن هناك شيخاً نافذاً يتسلم، شهرياً، منذ ما بعد حرب صيف 94، رواتب ومخصصات لواء عسكري كامل غير موجود (وهمي).
وقال عسكريون: "ان خطة إعادة هيكلة الجيش تشمل اتفاقاً مبدئياً على أن لا يزيد عدد الأفراد عن 300 ألف جندي وفي حال وجد فائض في قوام الجيش عن هذا العدد، يتم تزويد القوات الأمنية بهم؛ كونها بحاجة إلى ذلك، لا سيما والحرب ضد الإرهاب لم تنتهِ، وأنه سيتم في ذات الوقت التركيز على إعادة بناء العقيدة القتالية للجيش، وتحديد العدو".
يأتي هذا الموقف من عملية هيكلة الجيش وانهاء الانقسام فيه في وقت لا تزال فيه كثير من الأطرف اليمنية خارج اطار المشاركة في الحوار الوطني خصوصاً قيادات جنوبية بارزة وقيادات في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال وبحوار شمالي جنوبي.
كما لا يزال موقف جماعة الحوثي التي خاضت 6 حروب مع النظام السابق غير واضح من عملية المشاركة في الحوار بعد تحفظهم على مسألة مشاركة أمريكا ضمن الدول العشر كمراقبين في الحوار المزمع إقامته بحسب مادة في اللائحة الداخلية للجنة الفنية التي تقوم بالاعداد لمؤتمر الحوار.