ارشيف من :آراء وتحليلات
حرب الجواسيس في الطوابق العليا للدولة الأميركية
على خلفية الأزمة المالية والاقتصادية في أميركا، وأزمة النظام السياسي الثنائي الحزبية الذي يتكلس أكثر فأكثر ويقود البلاد والعالم من أزمة الى أزمة ومن فشل الى فشل، والأزمات الفضائحية الاخلاقية والسياسية كأزمة ووترغيت وأزمة كلينتون ـ لوينسكي، انفجرت مؤخرا في اميركا أزمة جديدة في أحد اكثر الأجهزة حساسية وخطورة ونعني به جهاز المخابرات المركزية الاميركية (السي آي ايه) الذائع الصيت الذي يشكل بحق "دولة داخل الدولة" في اميركا، وكان بطل الازمة رئيس الجهاز بالذات الجنرال دايفيد بترايوس الذي ذاع صيته قبلا كقائد لقوات الاحتلال الاميركية والاطلسية في العراق وافغانستان، والذي قدم استقالته من رئاسة السي آي ايه وحل محله مؤقتا نائبه مايكل موريل. والسبب المباشر للاستقالة كما ذكر بترايوس في رسالة الاستقالة هو الخيانة الزوجية، ما لا يليق به كزوج وكرئيس لمؤسسة السي آي ايه كما يقول.
وقد بدأت خيوط الفضيحة تتكشف حينما قامت احدى سيدات المجتمع المخملي الاميركي وتدعى جيل كيلي بتقديم شكوى الى الإف بي آي (مكتب التحقيقات الفيدرالي) بأنها تتلقى على ايميلها رسائل الكترونية تهديدية مجهولة المصدر بسبب الصداقة التي تجمع عائلتها (عائلة كيلي) مع عائلة الجنرال دايفيد بترايوس.
وتمكن اف بي آي ان يكتشف ان مصدر الرسائل التهديدية هو الصحفية الجميلة بولا برودويل، التي قامت بتدوين سيرة حياة الجنرال بترايوس ونشرها في كتاب صنف في عداد "الكتب الاكثر مبيعا". واكتشف الاف بي آي ان سبب التهديدات هو الغيرة، اذ ان السيدة بولا ذات الاربعين عاما، كانت عشيقة الجنرال بترايوس، واعتبرت ان جيل التي تصغرها بثلاث سنوات قد تزاحمها على فراش الجنرال. وبولا برودويل هي ضابط متقاعد وخريجة الكلية الحربية وقد خدمت في الجيش برتبة كولونيل مدة 15 سنة في قسم الجاسوسية.
وحصلت الاف بي آي على اذن بدخول منزل برودويل وتفتيشه وصادرت جهاز الكومبيوتر الخاص بها. وفوجئت الـ اف بي آي بوجود كمية هائلة من المعلومات السرية الخاصة بالسي آي ايه على جهاز كومبيوتر برودويل. وفي التصاريح التي ادلى بها الجنرال عند تقديم استقالته للرئيس اوباما نفى ان يكون ارسل هذه المعلومات لعشيقته برودويل. ولكن علم من التحقيقات التي نشرتها الصحافة المكتوبة والمرئية الاميركية ان برودويل كانت تدخل المكتب الخاص للجنرال بترايوس في مركز قيادة السي آي ايه وتتصرف وكأنها صاحبة الدار. ولاجل نشر كتابها عن الجنرال كانت برودويل قد اجرت مقابلات مطولة مع الجنرال والمقربين اليه مدة عام كامل. وصدر الكتاب موقعا باسم بولا برودويل وفرنون ليوب من جريدة "واشنطن بوست". وبعد استقالة الجنرال تضاعفت مبيعات الكتاب.
وقد مست الفضيحة ايضا وزير العدل اريك هولدر والجنرال جون الن، القائد الحالي للقوات الاميركية والناتوية في افغانستان، كما ذكرت الجريدة البريطانية "دايلي تلغراف" والجريدة الاميركية "واشنطن بوست". فوزير العدل لاوباما كان يعلم منذ الصيف الماضي ان الاف بي آي تقوم بالتحقيق في علاقة بترايوس بكاتبة سيرته بولا برودويل. ولكنه تستر على الفضيحة علما ان عملاء الاف بي آي كانوا قد كشفوا وجود معلومات سرية في كومبيوتر برودويل. وهولدر هو من اقرب المقربين من اوباما.
وبدأت الفضيحة بالانتشار في 6 تشرين الثاني الحالي، حينما علم بها جايمس كلابر، مدير دائرة التجسس القومية، وهو الذي طلب من بترايوس تقديم استقالته. وحينما تم استجواب بترايوس وبرودويل من قبل عملاء الاف بي آي اعترفا بوجود العلاقة الجنسية بينهما الا انهما نفيا ان يكون بترايوس قد ارسل الى برودويل المعلومات السرية للسي اي ايه التي وجدت في كومبيوترها. ويقول والد بولا برودويل ان ابنته هي ضحية محاولة لاخفاء شيء آخر.
وتربط بعض اوساط السي آي ايه بين استقالة بترايوس وحضوره المقرر لاجتماعات الكونغرس التي من المقرر ان تبحث فيها مسألة الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي ومقتل 4 اميركيين بينهم السفير الاميركي في ليبيا. وتقول بعض الانباء ان القنصلية كان يوجد فيها سجن سري للسي ىي ايه لمن يسمون عناصر "ارهابية"، وهو ما يخالف قرارات ادارة اوباما بالغاء السجون السرية في الخارج.
وحتى الان لم يكشف النقاب عن ماهية المعلومات السرية التي وجدت بحوزة بولا برودويل. ولكن برودويل قالت في محاضرة ألقتها في جامعة دنفر في نهاية شهر تشرين الاول الماضي انها تملك معلومات خاصة عن انه كان يوجد في القنصلية الاميركية في بنغازي سجن سري فيه سجناء ينتمون لاحدى الميليشيات الليبية. وان الهجوم على القنصلية كان بهدف تحرير اولئك السجناء. كما جاء في جريدة "دايلي تلغراف". علما ان المعلومات الرسمية الاميركية كانت تقول ان الهجوم تم خلال مظاهرة احتجاج ضد الفيلم المسيء للنبي محمد (ص).
وجاء في جريدة "الغارديان" البريطانية ان مصادر السي آي ايه تؤكد ان "ادعاءات برودويل لا اساس لها".
وتقول جريدة "واشنطن بوست" ان بترايوس لم يكن ينوي تقديم استقالته، ولكنه اضطر الى ذلك حينما تأكد انه لن يستطيع الاستمرار في اخفاء علاقته مع برودويل.
ويطرح بعض المراقبين السؤال المركب التالي: انه من غير المعقول ان بولا برودويل قد سعت للحصول على الكمية التي بحوزتها من المعلومات السرية للسي آي ايه بدافع شخصي، كالحشرية الصحفية مثلا. فمن هو الطرف الذي ساعد برودويل على الحصول على هذه المعلومات، وهل برودويل هي "المحطة الاخيرة" للمعلومات ام انها، وهذا هو المنطقي، "محطة انتقالية"، وحينذاك من هي "المحطة التالية" او النهائية؟ وهل هي محطة داخلية او خارجية؟
وفي ظلال الضجة الكبيرة حول فضيحة الجنرال بترايوس وعشيقته الصحفية والكولونيل السابقة في الجاسوسية الوطنية الاميركية بولا برودويل، كتبت الصحف ايضا عن فضيحة لا تقل عنها اهمية الا انه لم تبرز فيها اسماء لامعة كاسم الجنرال بترايوس. وهذه الفضيحة تتعلق باختفاء كومبيوتر خاص بوكالة الفضاء الاميركية ناسا ويتضمن ملاحظات حول المعلومات الشخصية الخاصة بعدة آلاف من العاملين في الوكالة الفضائية. وقد تمت سرقة الكومبيوتر من سيارة مغلقة كانت واقفة امام المقر الرئيسي للوكالة بعد تحطيم السيارة.
والمعلومات كانت محمية بكلمة سر، الا ان الديسك الرئيسي الذي يتضمن المعلومات لم يكن مشفرا. ولذلك فإن جميع المعلومات الموجودة فيه من المؤكد انها وقعت في ايدي السارقين. ولم تقدم الوكالة بيانا بالاسماء التي كان يتضمنها الديسك. وقد طلبت قيادة الناسا من العاملين فيها اخذ الاحتياطات لحماية حساباتهم البنكية وبطاقات الائتمان. وامر رئيس الوكالة تشارلز بولدون بأن تؤخذ جميع الكومبيوترات التي يوجد فيها معلومات غير مشفرة، من اجل حمايتها ببرامج تشفيرية جديدة. وتقول المعلومات ان هذه ليست المرة الاولى التي يحدث فيها حادث مشابه. ففي اذار الماضي تمت ايضا سرقة كومبيوترات واقراص تتضمن معلومات عن 2300 متعاون مع الناسا.
ولم يصدر عن الادارة الاميركية حتى الان اي تصريح يوضح: هل يوجد رابط بين تسريب معلومات السي آي ايه والسطو على معلومات الناسا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
وقد بدأت خيوط الفضيحة تتكشف حينما قامت احدى سيدات المجتمع المخملي الاميركي وتدعى جيل كيلي بتقديم شكوى الى الإف بي آي (مكتب التحقيقات الفيدرالي) بأنها تتلقى على ايميلها رسائل الكترونية تهديدية مجهولة المصدر بسبب الصداقة التي تجمع عائلتها (عائلة كيلي) مع عائلة الجنرال دايفيد بترايوس.
وتمكن اف بي آي ان يكتشف ان مصدر الرسائل التهديدية هو الصحفية الجميلة بولا برودويل، التي قامت بتدوين سيرة حياة الجنرال بترايوس ونشرها في كتاب صنف في عداد "الكتب الاكثر مبيعا". واكتشف الاف بي آي ان سبب التهديدات هو الغيرة، اذ ان السيدة بولا ذات الاربعين عاما، كانت عشيقة الجنرال بترايوس، واعتبرت ان جيل التي تصغرها بثلاث سنوات قد تزاحمها على فراش الجنرال. وبولا برودويل هي ضابط متقاعد وخريجة الكلية الحربية وقد خدمت في الجيش برتبة كولونيل مدة 15 سنة في قسم الجاسوسية.
وحصلت الاف بي آي على اذن بدخول منزل برودويل وتفتيشه وصادرت جهاز الكومبيوتر الخاص بها. وفوجئت الـ اف بي آي بوجود كمية هائلة من المعلومات السرية الخاصة بالسي آي ايه على جهاز كومبيوتر برودويل. وفي التصاريح التي ادلى بها الجنرال عند تقديم استقالته للرئيس اوباما نفى ان يكون ارسل هذه المعلومات لعشيقته برودويل. ولكن علم من التحقيقات التي نشرتها الصحافة المكتوبة والمرئية الاميركية ان برودويل كانت تدخل المكتب الخاص للجنرال بترايوس في مركز قيادة السي آي ايه وتتصرف وكأنها صاحبة الدار. ولاجل نشر كتابها عن الجنرال كانت برودويل قد اجرت مقابلات مطولة مع الجنرال والمقربين اليه مدة عام كامل. وصدر الكتاب موقعا باسم بولا برودويل وفرنون ليوب من جريدة "واشنطن بوست". وبعد استقالة الجنرال تضاعفت مبيعات الكتاب.
وقد مست الفضيحة ايضا وزير العدل اريك هولدر والجنرال جون الن، القائد الحالي للقوات الاميركية والناتوية في افغانستان، كما ذكرت الجريدة البريطانية "دايلي تلغراف" والجريدة الاميركية "واشنطن بوست". فوزير العدل لاوباما كان يعلم منذ الصيف الماضي ان الاف بي آي تقوم بالتحقيق في علاقة بترايوس بكاتبة سيرته بولا برودويل. ولكنه تستر على الفضيحة علما ان عملاء الاف بي آي كانوا قد كشفوا وجود معلومات سرية في كومبيوتر برودويل. وهولدر هو من اقرب المقربين من اوباما.
وبدأت الفضيحة بالانتشار في 6 تشرين الثاني الحالي، حينما علم بها جايمس كلابر، مدير دائرة التجسس القومية، وهو الذي طلب من بترايوس تقديم استقالته. وحينما تم استجواب بترايوس وبرودويل من قبل عملاء الاف بي آي اعترفا بوجود العلاقة الجنسية بينهما الا انهما نفيا ان يكون بترايوس قد ارسل الى برودويل المعلومات السرية للسي اي ايه التي وجدت في كومبيوترها. ويقول والد بولا برودويل ان ابنته هي ضحية محاولة لاخفاء شيء آخر.
وتربط بعض اوساط السي آي ايه بين استقالة بترايوس وحضوره المقرر لاجتماعات الكونغرس التي من المقرر ان تبحث فيها مسألة الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي ومقتل 4 اميركيين بينهم السفير الاميركي في ليبيا. وتقول بعض الانباء ان القنصلية كان يوجد فيها سجن سري للسي ىي ايه لمن يسمون عناصر "ارهابية"، وهو ما يخالف قرارات ادارة اوباما بالغاء السجون السرية في الخارج.
وحتى الان لم يكشف النقاب عن ماهية المعلومات السرية التي وجدت بحوزة بولا برودويل. ولكن برودويل قالت في محاضرة ألقتها في جامعة دنفر في نهاية شهر تشرين الاول الماضي انها تملك معلومات خاصة عن انه كان يوجد في القنصلية الاميركية في بنغازي سجن سري فيه سجناء ينتمون لاحدى الميليشيات الليبية. وان الهجوم على القنصلية كان بهدف تحرير اولئك السجناء. كما جاء في جريدة "دايلي تلغراف". علما ان المعلومات الرسمية الاميركية كانت تقول ان الهجوم تم خلال مظاهرة احتجاج ضد الفيلم المسيء للنبي محمد (ص).
وجاء في جريدة "الغارديان" البريطانية ان مصادر السي آي ايه تؤكد ان "ادعاءات برودويل لا اساس لها".
وتقول جريدة "واشنطن بوست" ان بترايوس لم يكن ينوي تقديم استقالته، ولكنه اضطر الى ذلك حينما تأكد انه لن يستطيع الاستمرار في اخفاء علاقته مع برودويل.
ويطرح بعض المراقبين السؤال المركب التالي: انه من غير المعقول ان بولا برودويل قد سعت للحصول على الكمية التي بحوزتها من المعلومات السرية للسي آي ايه بدافع شخصي، كالحشرية الصحفية مثلا. فمن هو الطرف الذي ساعد برودويل على الحصول على هذه المعلومات، وهل برودويل هي "المحطة الاخيرة" للمعلومات ام انها، وهذا هو المنطقي، "محطة انتقالية"، وحينذاك من هي "المحطة التالية" او النهائية؟ وهل هي محطة داخلية او خارجية؟
وفي ظلال الضجة الكبيرة حول فضيحة الجنرال بترايوس وعشيقته الصحفية والكولونيل السابقة في الجاسوسية الوطنية الاميركية بولا برودويل، كتبت الصحف ايضا عن فضيحة لا تقل عنها اهمية الا انه لم تبرز فيها اسماء لامعة كاسم الجنرال بترايوس. وهذه الفضيحة تتعلق باختفاء كومبيوتر خاص بوكالة الفضاء الاميركية ناسا ويتضمن ملاحظات حول المعلومات الشخصية الخاصة بعدة آلاف من العاملين في الوكالة الفضائية. وقد تمت سرقة الكومبيوتر من سيارة مغلقة كانت واقفة امام المقر الرئيسي للوكالة بعد تحطيم السيارة.
والمعلومات كانت محمية بكلمة سر، الا ان الديسك الرئيسي الذي يتضمن المعلومات لم يكن مشفرا. ولذلك فإن جميع المعلومات الموجودة فيه من المؤكد انها وقعت في ايدي السارقين. ولم تقدم الوكالة بيانا بالاسماء التي كان يتضمنها الديسك. وقد طلبت قيادة الناسا من العاملين فيها اخذ الاحتياطات لحماية حساباتهم البنكية وبطاقات الائتمان. وامر رئيس الوكالة تشارلز بولدون بأن تؤخذ جميع الكومبيوترات التي يوجد فيها معلومات غير مشفرة، من اجل حمايتها ببرامج تشفيرية جديدة. وتقول المعلومات ان هذه ليست المرة الاولى التي يحدث فيها حادث مشابه. ففي اذار الماضي تمت ايضا سرقة كومبيوترات واقراص تتضمن معلومات عن 2300 متعاون مع الناسا.
ولم يصدر عن الادارة الاميركية حتى الان اي تصريح يوضح: هل يوجد رابط بين تسريب معلومات السي آي ايه والسطو على معلومات الناسا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل