ارشيف من :أخبار لبنانية
الأمين العام لحزب الله: المعركة معنا شعاعها يمتد على طول فلسطين المحتلة من كريات شمونة إلى إيلات
أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن آلاف الصواريخ ستنزل على "تل أبيب" وغير "تل ابيب" اذا اعتدت اسرائيل على لبنان، كاشفاً ان شعاع المعركة مع العدو في اي حرب قادمة سيكون على طول فلسطين المحتلة من كريات شمونة الى ايلات.
وفيما توجه السيد نصر الله مجددا بالتبريك لاهل غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية على الانتصار الذي حققته مؤخراً، لفت الى ان الذي حمى غزة في العدوان الاخير عليها هو ارادة المقاومة وشعبها وصواريخها وليس التعاطف العربي او الدولي.
وخلال خطاب له في ختام مراسم يوم العاشر من محرم في ضاحية بيروت الجنوبية، ، نبّه سماحته من المحاولات الجارية لتقديم اسرائيل كصديق وايران كعدو، واصفاً من يقوم بذلك بأنه "خادم لاسرائيل".
وفي الشأن الداخلي، أكد السيد نصر الله استعداد حزب الله لتلبية الدعوة لطاولة الحوار لكنه اعلن عن رفضه لاي شروط مسبقة للحوار، وقال:"نحن مع الحوار والتلاقي والتواصل والعمل السياسي والحل السياسي ولكن من يتكبر علينا سنتكبر عليه". اضاف:"نحن لن نستجدي طلب الحوار فمن يحب أن يأتي الى الحوار "أهلاً وسهلاً" ومن لا يحب مجدداً "الله معه".
وحول الازمة السورية، فاعتبر سماحته ان :"نصرة المظلوم في سوريا تتمثل بالدعوة إلى وقف القتال لتستعيد سوريا عافيتها".
وفي الشأن البحريني، أكد السيد نصر الله "الوقوف إلى جانب شعب البحرين وحراكه السلمي"، ودعا السلطات في البحرين إلى الاستجابة للمطالب الشعبية المحقة.
وفي التفاصيل، فقد أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على "أننا أمة لن تسكت عن أي إساءة"، وقال:"نحن حاضرون للدفاع عن نبينا (ص) وكرامة نبينا (ص)، واليوم نردد مع الحسين (ع) نداء الدفاع عن رسول الله (ص)، وليسمع العالم نداء لبيك يا رسول الله"، وخاطب "كل الطغاة والفاسدين وكل من يراهن على عزيمتنا" بشعار "هيهات من الذلة"، واعتبر السيد نصر الله أن "يزيد هذا العصر الذي يجب أن نواجهه كربلائياً وحسينياً هو المشروع الأميركي الصهيوني"، وأضاف إن "هذه المواجهة بالنسبة لنا هي أولويتنا المطلقة".
وفيما توجه السيد نصر الله مجددا بالتبريك لاهل غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية على الانتصار الذي حققته مؤخراً، لفت الى ان الذي حمى غزة في العدوان الاخير عليها هو ارادة المقاومة وشعبها وصواريخها وليس التعاطف العربي او الدولي.
وخلال خطاب له في ختام مراسم يوم العاشر من محرم في ضاحية بيروت الجنوبية، ، نبّه سماحته من المحاولات الجارية لتقديم اسرائيل كصديق وايران كعدو، واصفاً من يقوم بذلك بأنه "خادم لاسرائيل".
وفي الشأن الداخلي، أكد السيد نصر الله استعداد حزب الله لتلبية الدعوة لطاولة الحوار لكنه اعلن عن رفضه لاي شروط مسبقة للحوار، وقال:"نحن مع الحوار والتلاقي والتواصل والعمل السياسي والحل السياسي ولكن من يتكبر علينا سنتكبر عليه". اضاف:"نحن لن نستجدي طلب الحوار فمن يحب أن يأتي الى الحوار "أهلاً وسهلاً" ومن لا يحب مجدداً "الله معه".
وحول الازمة السورية، فاعتبر سماحته ان :"نصرة المظلوم في سوريا تتمثل بالدعوة إلى وقف القتال لتستعيد سوريا عافيتها".
وفي الشأن البحريني، أكد السيد نصر الله "الوقوف إلى جانب شعب البحرين وحراكه السلمي"، ودعا السلطات في البحرين إلى الاستجابة للمطالب الشعبية المحقة.
السيد حسن نصر الله حذر من "محاولة تحويل الأعداء إلى الأصدقاء"، مشيرا الى ان "هناك من يعمل في العالم العربي والإسلامي ليقدم "إسرائيل" صديقاً، ويقدم إيران عدواً لكن "إسرائيل" لا تساعدهم بسبب طبيعتها الإجرامية والعدوانية، وهي تحرجهم من خلال اعتداءتها على غزة ولبنان في كل مرة"، وأشار إلى ان "هؤلاء يجدون أن كل ما فعلوه خلال سنوات يذهب أدراج الرياح"، وتوجه اليهم بالقول:"كل مشاريعهم ستفشل"، ولفت السيد نصر الله إلى ان "دعم إيران للشعوب العربية والاسلامية يتأكد يوماً بعد يوم، وهذا ما تأكد خلال المواجهة الاخيرة في قطاع غزة وقبلها في لبنان".
وشدد الأمين العام لحزب الله على أن إيران "عندما تدعم حركات المقاومة تقوم بواجبها من موقعها العقائدي والايماني والاستراتيجي، ولا تطلب مقابلاً من أحد"، ونبَّه الشعوب العربية إلى أن "كل من يحاول أن يقدم إيران كعدو هو خادم لـ"إسرائيل" علم أم لم يعمل"، وجزم بأن "فلسطين هي قضيتنا المركزية، وستبقى كذلك، وليس هناك شيء يمكن أن يحول بين الإنسان وإيمانه، وهناك من يسعى من خلال اثارة الفتن الى وضع الحواجز النفسية بين غير العرب والعرب وبين الشيعة والسنة وبين الشعوب العربية وفلسطين، وأعاد السيد نصر الله التأكيد على أن "فلسطين جزء من إيماننا ومسؤوليتنا ولا يمكن أن يحول بيننا وبينها شيء على الاطلاق"، وجدد "التبريك لاهل غزة ولمقاومتها بكل حركاتها وفصائلها على الانتصار العظيم الذي حققته على العدو الاسرائيلي في عدوانه الاخير"، ودعا السيد نصر الله "الحكومات والدول في العالمين العربي والاسلامي إلى دعم غزة بالسلاح والأموال، قوال:"غزة جديرة بهذا الدعم لانها صنعت الانتصار تلو الانتصار".
وأكد السيد نصر الله "الوقوف إلى جانب شعب البحرين وحراكه السلمي"، ودعا السلطات في البحرين إلى الاستجابة للمطالبة المحقة، لهذا الشعب الذي استطاع أن يحافظ على أعصابه وقلبه وعقله في مواجهة كل الظلم والقمع الذي يتعرض له"، واشار الى ان "الدول الاقليمية التي تمنع أي حل في البحرين تخشى من أن تنتقل هذه المطالبة الإصلاحية إلى دولها".
وتطرق الأمين العام لحزب الله إلى الملف السوري، فقال إن "الكثيرين يقولون لنا أن العنوان العريض لعاشوراء هو نصرة المظلوم، وفي سوريا المظلوم اليوم هو كل شعبها وكل جيشها وكل وجودها لأن سوريا مستهدفة على أكثر من صعيد"، وذكّر بأن هناك "حقوقاً مشروعة في الأصلاح وهناك من يقبل بهذا الحق"، ورأى السيد نصر الله بأن "نصرة المظلوم في سوريا تتمثل بالدعوة إلى وقف القتال لتستعيد سوريا عافيتها".
وتناول السيد نصر الله "الانقاسامات السياسية والخصومات السياسية في لبنان"، فأوضح قائلاً: "لا ننظر إلى أي فريق سياسي لبناني على أنه عدو"، وأكد "الحرص على الأمن والاستقرار والسلم الاهلي"، وجزم السيد نصر الله بأن "ما يلقى علينا من اتهامات هي ظالمة وكاذبة، ولا تستند إلى أي دليل بل تكمل أهداف الاغتيال، ونؤكد الابتعاد عن كل فتنة وصبرنا على اي تهمة واي اعتداء وعدونا الوحيد هو اسرائيل وليس لنا اعداء في لبنان"، وأعاد التأكيد على أن "الحوار السياسي والعمل السياسي هو الطريق لمعالجة الأزمات في لبنان، ولم نرفض في أي يوم الذهاب الى الحوار"، وأشار إلى أن "هناك من وقف، في الأسابيع الماضية، وقال إنه لا يريد الحوار مع حزب الله وهناك من أعلن مقاطعة الحوار"، وفيما اعلن سماحته عن الاستعداد لتلبية دعوة الحوار،قال "نرفض بأن يفرض علينا أحد شروطاً بالحوار أو أن يتكبر علينا أحد بالحوار"، وأضاف إن "من تكبر علينا سنتكبر عليه، ونحن لم نستجد طلب الحوار من احد ومن يحب أن ياتي الى الحوار اهلا وسهلا ومن لا يريد الله معه".
وأوضح الأمين العام لحزب الله أننا "لا نحتاج إلى أي تعاطف والإسرائيلي يعرف جيداً أن السلاح والحاضنة موجودة هنا، وإذا كانت "إسرائيل" اهتزت أمام عدد من صورايخ فجر 5 التي نزلت على "تل ابيب" خلال 8 ايام، فكيف ستتحمل آلاف الصورايخ التي ستنزل على تل ابيب وغير تل ابيب اذا اعتدت على لبنان"، وتوعد السيد حسن نصر الله الكيان الصهوني بالقول: "فليسمع قادة "إسرائيل" جيداً المعركة معنا ليست ضمن شعاع 70 كيلومتراً بل أن شعاعها يمتد على طول فلسطين المحتلة من كريات شمونة إلى إيلات".
وختم سماحته بالتأكيد مجددا على ان "اسرائيل المرعبة انتهت منذ زمن، لكن هناك من لا زال يعيش على كوابيس الخوف التي اعتاد ان يعيشها منذ عشرات السنين".
وهنا النص الكامل لخطاب سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية 25-11-2012
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليك يا سيدي ومولاي، يا أبا عبد الله الحسين، يا بن رسول الله، وعلى جميع الأرواح التي حلّت بفنائكم، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
إخواني وأخواتي، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
نتقدم بالعزاء لصاحب العزاء، إلى بقية الله في الأرضين، مولانا صاحب الزمان (ع)، وإلى مراجعنا العظام، وإلى سماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله)، وإلى جميع المسلمين ومحبي أهل بيت النبوة في يوم العزاء وفي يوم المصاب.
أيها الإخوة والأخوات إنني في البداية أيضا أتوجه إليكم جميعا بالشكر الجزيل والدعاء بقبول الأعمال، أنتم الذين أمضيتم الحياة، وانطلقتم منذ الصباح الباكر، لتجددوا الحياة الكربلائية لتجددوا الحياة والقيم والمفاهيم والمعاني والروح التي أرادها أبو عبد الله الحسين (ع) من خلال استشهاده.
ونحن اليوم في هذه الساحة التي طالما إجتمعنا فيها نحيي ذكريات المقاومة ونشيّع شهداء المقاومة، ولطالما أثبتنا فيها وفاءنا وصدق بيعتنا لأبي عبد الله الحسين(ع).
نقف اليوم هنا ونتوجه إلى كربلاء، إلى سنة 61 للهجرة، في مثل هذه الساعات عندما وقف الحسين (ع) ورأى تلك الحشود المقاتلة المعادية، ومعه قلّة قليلة قد استشهدت بين يديه. وجه نداءه للتاريخ، لكل الأجيال الآتية في التاريخ، وما زالت في أصلاب الرجال وأرحام النساء، يصدح في آذانها صوت الحسين(ع)، هل من ناصر ينصرني.
أقول للحسين (ع): لبيك يا حسين، بأرواحنا وأنفسنا وأولادنا وأموالنا، ونحن لم نخلف الوعد والنداء.
نعم مع الحسين( ع)، هنا كما في كل يوم عاشر، نجدد الموقف الذي صنعه الحسين وخلده للتاريخ ونردده كل يوم عاشر، نقول لكل طواغيت هذه الأرض ولكل المعتدين ولكل المفسدين ولكل المتربصين ولكل الذين يراهنون على إرادتنا وعلى عزمنا وعلى تصميمنا، نحن أبناء ذلك الإمام أولئك الرجال وتلك النسوة، وإخوة أولئك الفتيان الذين وقفوا في اليوم العاشر، وقالوا مع الحسين (ع) كلمته للتاريخ: ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.
نحن مع الحسين نعم.. قلنا خلال عشرات السنين الماضية وسنبقى نقول: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد.
أيها الإخوة والأخوات عدد من النقاط السريعة في يوم العاشر وأترك رسالة المقاومة لآخر الكلمة:
أولاً: شهدنا في الأشهر الماضية إساءة بالغة لرسول الله(ص) وخرجتم رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً، ولبّيتم النداء ودافعتم عن نبيكم، وأعلنتم الاستعداد للدفاع عن نبيكم.
ونحن اليوم هنا، في يوم العاشر، في يوم تقديم التضحيات الجسام دفاعاً عن رسول الله وعن دين رسول الله وعن أمة رسول الله كما فعل الإمام الحسين(ع) لنقول لكل العالم الذين يسيئون إلى نبينا أو يفكرون بالإساءة إلى نبينا: نحن أمة لن نسكت على أية إساءة، نحن أمة أعلنا ونعيد اليوم الإعلان بأننا حاضرون دفاعاً عن كرامة نبينا، عرض نبينا، وشرف نبينا أن نقدم المهج وأن نخوض اللجج وأن نواجه كل العالم.
سنكون مع الحسين اليوم مع الحسين، نردد نداء الدفاع عن رسول الله، فليسمع العالم كله، نداءنا وصرختنا وقبضاتنا المرفوعة، لبيك يا رسول الله.
ثانياً: نحن نعتبر أن يزيد هذا العصر، الذي يجب أن نواجهه كربلائياً وحسينياً وزينبياً، هو المشروع الأمريكي ـ الصهيوني، الذي يتهدد أمتنا وحضارتنا وأدياننا السماوية، وشعوبنا ومقدساتنا. ونحن في مواجهة هذا "اليزيد"، كل الحسينيين والزينبيات، وسنبقى وستبقى هذه المواجهة بالنسبة إلينا هي الأولوية المطلقة.
إنني هنا أحذر على امتداد العالمين العربي والإسلامي، من خطورة تحويل الأصدقاء إلى أعداء، والأعداء إلى أصدقاء.
هناك من يعمد في العالم العربي والإسلامي سياسياً وإعلامياً وتعبوياً، ليقدم إسرائيل صديقاً، وليقدم إيران عدواً. ولكن إسرائيل لا تساعد أصدقاءها في العالمين العربي والإسلامي، بسبب طبيعتها العدوانية والإجرامية والوحشية والعنصرية والطغيانية والعدوانية، فهي تُحرجهم من خلال إعتداءاتها كل حين، وكل سنة، وفي مددٍ متقاربة، في حروبها على غزة، وعلى الفلسطينيين، وعلى لبنان.
ويقف هؤلاء ليجدوا أن كل ما فعلوه خلال سنوات منذ محاولة تقديم إسرائيل ككيانٍ طبيعيٍ يمكن التعايش معه، وتقديم إيران كعدوٍ يهدد المنطقة، يذهب أدراج الرياح.
وأنا أقول لهم، إن كل خططكم ومساعيكم ستفشل، أنتم تكتبون وترسمون في الماء، ولن يبقى أثرٌ لكل مؤامراتكم هذه، لأنكم تحاولون أن تقدموا الوحش كأنه حمَلٌ وديع يمكن العيش معه، وإسرائيل ليست كذلك، ولن تُعينكم على ذلك، وهي لا تستطيع أن تعينكم على ذلك، بسبب طبيعتها.
ويوماً بعد يوم، يتأكد للشعوب العربية والإسلامية أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي صديقة العرب، وصديقة المسلمين جميعاً، وداعمة الشعوب المستضعفة والمظلومة والمحتلة أرضها، وهذا ما تأكد خلال المواجهة الأخيرة في قطاع غزة، وقبلها في لبنان. ونحن كنا واضحين، باستنادنا بعد الله سبحانه وتعالى، إلى هذه الجمهورية الإسلامية الشجاعة والمؤمنة والواثقة والجريئة، والتي لا تعمل حساباً لا لضغوط أوباما، ولا لتهديدات بوش قبل أوباما، ولا لكل هذا الغرب، الذي يؤكد في كل يوم إلتزامه أمن إسرائيل، وتفوق إسرائيل.
والجمهورية الإسلامية عندما تدعم حركات المقاومة، إنما تقوم بواجبها، من موقعها العقائدي والإيماني والإستراتيجي، وهي لا تُملي شروطاً على أحد، ولا تطلب شيئاً من أحد، ولا تريد جزاءً من أحد.
إنني أريد أن أؤكد لشعوب عالمنا العربي والإسلامي: إنتبهوا، إن كل من يُحاول أن يُقدّم إسرائيل كصديق هو خادمٌ لإسرائيل، علم أو لم يعلم، كما إن كل من يُحاول أن يُقدّم إيران كعدو، هو خادمٌ لإسرائيل، علم أو لم يعلم.
ثالثاً: فلسطين هي قضيتنا المركزية، كلبنانيين وفلسطينيين وعرب وأمةٍ إسلامية وأتباع ديانات السماء. وستبقى فلسطين القضية المركزية، وليس هناك شيءٌ يمكن أن يحول بين الإنسان وبين اعتقاده وإيمانه.
نعم هناك من يسعى، من خلال إثارة الفتن المذهبية، والتحريض الطائفي والمذهبي، أن يدق إسفيناً، أو يضع الحواجز النفسية، بين غير العرب والعرب، وبين الشيعة والسنة، وبين شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني، وبيننا وبين فلسطين.
وأنا أُريد أن أقول لهؤلاء جميعاً، إن فلسطين هي جزءٌ من إيماننا وعقيدتنا ومسؤوليتنا، ولا يمكن أن يحول بيننا وبين مساندتها ودعمها والوقوف على جانبها، شيءٌ على الإطلاق.
هنا من الواجب أيضاً، أن نقف أمام نموذج إنتصار الدم على السيف، النموذج الجديد، الذي شهدناه في الأيام القليلة الماضية في غزة.
وأنا باسمكم جميعاً، نُجدد التبريك لأهلنا في غزة، للمقاومة الفلسطينية، بكل حركاتها وفصائلها وكتائبها وسراياها، على هذا الإنتصار العظيم، ونُوجه التحية لشهدائها وجرحاها وشعبها الأبي والصامد والصابر في قطاع غزة.
هذا إنتصارٌ حقيقي، مهما حاول بعض الكتبة المرتزقة عند أسياد إسرائيل، أن يطعنوا فيه، كما طعنوا في انتصار تموز 2006، وكما طعنوا في انتصار غزة 2009، ولكنه إنتصارٌ واضح. واليوم أيضاً نُوجه الدعوة مجدداً إلى كل الحكومات والدول، ولا أقول الشعوب، الشعوب تحاول وخلال عشرات السنين أن تُقدم ما تستطيع إلى فلسطين وإلى غزة، ولكن النداء إلى الحكومات، ولو لإقامة الحجة، إلى الحكومات والدول في العالمين العربي والإسلامي، أن غزة وأن فلسطين لا تحتاج فقط إلى تعاطفكم، وإلى محبتكم وإلى زياراتكم، وإنما هي تحتاج أيضاً إلى سلاحكم وإلى أموالكم وإلى دعمكم وإلى مساندتكم الحقيقية.
وغزة هذه لائقةٌ وجديرةٌ بكل دعم، وأهلٌ لأمانة المقاومة بمستوى الأمة، لأنها صنعت الانتصار تلو الانتصار، من خلال هذه المواجهة الاخيرة تأكد أيضاً، أن إسرائيل واقعاً هي أوهن من بيت العنكبوت.
رابعاً: في قضية البحرين، نحن نُجدّد اليوم وقوفنا إلى جانب شعب البحرين، والحراك الشعبي السلمي في البحرين. وهذه هي ميزة هذا الحراك، الذي لم يحمل سلاحاً، ولا بندقيةً ، بالرغم مما يُصيبه في كل يوم، بالرغم من الإعتقالات والقتل والجرح والإعتداءات، حتى في الأيام القليلة الماضية، التضييقات غير المسبوقة على ممارسة الشعائر الدينية، التي هي أبسط حقوق الشعب في البحرين.
وندعو السلطات في البحرين إلى الاستجابة إلى المطالب المحقّة للشعب البحريني الصامد والمظلوم، والذي استطاع أن يُحافظ على أعصابه وعلى عقله وعلى قلبه طوال سنة وعشرة أشهر، في مواجهة كل الإعتداءات وكل الظلم والقمع الذي يُمارس بحقه.
وأيضاً يجب أن نتوجه إلى الدول الإقليمية التي تمنع الحل في البحرين، والتي تُمارس الضغوط على البحرين لمنع أي حل ولمواجهة أي إصلاح، وهؤلاء إنما يفعلون ذلك لأنهم يخافون من أن تنتقل هذه المطالب الإصلاحية إلى دولٍ أخرى من دول الجوار.
خامساً: بالنسبة إلى سوريا، بطبيعة الحال، كثيرون في العالم يقفون ويقولون لنا أنتم في قضية كربلاء تقولون إن العنوان العريض هو نصرة المظلوم.
نعم نحن اليوم، في يوم العاشر، نحن ننصر المظلوم في كل بلد . وأنا أقول لكم: يجب أن لا نشتبه في تحديد المظلوم.
المظلوم اليوم في سوريا هي كل سوريا، المظلوم اليوم في سوريا هو كل شعبها وكل جيشها وكل وجودها، لأن سوريا مستهدفة على أكثر من صعيد.
قلنا خلال العام الماضي وأكثر، هناك حقوق مشروعة في الإصلاح يطالب بها الكثيرون في الشعب السوري، وهناك أيضاً من يقبل هذا الحق ويستجيب لهذه المطالب.
اليوم نصرة المظلوم في سوريا تتمثل في الدعوة والعمل إلى وقف القتال ووقف نزيف الدم ووقف تدمير سوريا، ووقف كل هذا الذي يجري هناك. هكذا يُنصر المظلوم في سوريا، لتبقى سوريا موحدة، لتستعيد سوريا عافيتها وموقعها في المنطقة، حتى لا تضيع سوريا من أيدي الجميع.
سادساً: بالنسبة للبنان، نؤكد أولاً حرصنا الشديد على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش الواحد بين جميع مكوّنات الشعب اللبناني، ونحن نثبت من خلال كل أدائنا وسلوكنا هذه الحقيقة.
أما ما يُلقى علينا من اتهامات ـ خصوصاً في مجال الاغتيال ـ هي اتهامات ظالمة وواهية وكاذبة، لا تستند إلى أي دليل وإلى أي معطى، بل هي تكمل وتنجز أهداف الاغتيال، الذي يحصل هنا وهناك.
إننا نؤكد حرصنا على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش الواحد وابتعادنا عن أي فتنة وصبرنا على كل ظلم وتهمة وشتيمة، بل على كل اعتداء، وأن عدونا الوحيد هو إسرائيل، الغاصبة لفلسطين والقدس ولأرضنا اللبنانية والعربية، وليس لنا أعداء في لبنان.
نعم، توجد خصومات سياسية لنا في لبنان، توجد منافسات سياسية في لبنان، توجد انقسامات سياسية حادة في لبنان، ولكن نحن لا ننظر إلى أي فريق لبناني على أنه عدو. قد ننظر إليه على أنه خصم، وأحياناً قد يظلمنا هذا الخصم وقد يعتدي علينا، ولكننا لا نتعاطى إلا من هذا الموقع الذي ينظر إلى إسرائيل انها هي العدو الوحيد، ويجب أن تكون العدو الوحيد لنا جميعا.
ولذلك نحن كنا نؤمن وما زلنا نؤمن بأن الحوار السياسي، التواصل السياسي والعمل السياسي هو الطريق لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوطنية في لبنان، ولم نرفض في أي يوم من الأيام أن نذهب إلى حوار أو إلى طاولة حوار.
نعم، في الأسابيع القليلة الماضية هناك من وقف ليقول: أنا لا أريد الحوار مع هؤلاء لأنهم قتلة، لأنهم مجرمون، هناك من وقف وقال إنه لا يريد أن يحضر في مجلس أو مكان أو محضر يتواجد فيه مندوبون لحزب الله، وهناك من اعلن مقاطعة الحوار.
ولكن عندما وقفنا لنقول ما قلنا في يوم الشهيد، قالوا إن حزب الله يعطل الحوار ويقطع الطريق على الحوار.
واقعاً، هذا البلد يوجد فيه هذا المستوى من السخافة، أن الذين يعطلون الحوار ويقاطعون الحوار، وإذا قلت لهم إذا أردتم الحوار أهلا وسهلاً بكم، وإذا كنتم لا تريدونه "الله معاكم"، تصبح أنت "المخرّب" للحوار.
لا، إنني اليوم أقول: نحن مستعدون للإستجابة لدعوة الحوار التي وُجّهت في 29 الشهر. ولكن في نفس الوقت أريد أن أؤكد: نحن لا نقبل أن يفرض أحد شروطاً علينا في الحوار، لا نقبل، كما أننا لا نقبل أن يتكبر علينا أحد في الحوار.
أنا اقول لكم اليوم ـ وأنا دائماً كنت من دعاة التواضع، وكنت دائما أقول لكم تواضعوا، اقول لكم اخفضوا جناحكم ـ أنا اليوم أقول لكم: نحن مع الحوار والتلاقي والتواصل والعمل السياسي والحل السياسي، ولكن من يتكبر علينا فلنتكبر عليه.
نحن لن نستجدي الحوار من أحد، الذي يحب أن يأتي إلى الحوار أهلا وسهلا، ومن لا يحب أن يأتي إلى الحوار، مجددا، الله معه.
النقطة الاخيرة في مسألة المقاومة:
أود أن أوجه رسالة للعدو الإسرائيلي، ولبعض المراهنين على الإسرائيلي في المنطقة من جديد. الكل يعرف موقع ودور المقاومة التي حررت ودافعت وحمت، وتجربة غزة أكدت هذا المعنى. عندما انتهت المواجهة في غزة، خرج البعض وللأسف حتى في لبنان ليقول ـ لأنه دائماً لازم أن يكون هناك تهويل على اللبنانيين "لا يجب على اللبنانيين أن يرتاحوا" أو ترتاح أعصابهم ولا يوم من الأيام ـ انتهت الحرب غزة وأتى من يقول: انتبه يا لبنان، إسرائيل لأنها انحشرت عربياً ودولياً، وفي غزة أصبح هناك تضامن عربي واسلامي ودولي معها، تريد أن تستعيد خسارتها وأن " تفش خلقها" في لبنان، وعادوا يهوّلون من جديد على لبنان، على قاعدة أنه إذا اسرائيل اعتدت على لبنان لن يلقى لبنان التعاطف العربي والاسلامي والدولي الذي لاقته غزة.
عجيب هؤلاء الناس، وكأن الذي حمى غزة، وكأن الذي جعل غزة تخرج منتصرة هو هذا التعاطف. إن الذي حمى غزة بعد الله سبحانه وتعالى هو إرادة المقاومة وشعب المقاومة وسلاح المقاومة وصواريخ المقاومة.
وهنا في لبنان، نحن لا نحتاج إلى أي تعاطف، والاسرائيلي يعرف جيداً أن هذه الارادة وأن هذا السلاح وأن هذا الشعب وأن هذه الحاضنة موجودة هنا. بل أكثر من ذلك، إذا كانت اسرائيل اهتزت وارتبكت أمام عدد من صواريخ فجر 5 التي نزلت على تل ابيب، أريد أن أقول لهم اليوم ـ ويمكن أن تكون هذه المرة الاولى التي نتحدث فيها بهذا الوضوح، فكيف للصديق والعدو، ليعرف الصديق أن هذا العدو مردوع، وليعرف هذا العدو ماذا ينتظره إذا فكر أن يعتدي على لبنان ـ إسرائيل التي هزّها عدد من صواريخ فجر 5 لا تتجاوز أصابع اليد خلال ثمانية أيام، كيف ستتحمل آلاف الصواريخ التي ستنزل على تل ابيب وغير تل ابيب إذا اعتدت على لبنان.
اذا كانت المواجهة مع قطاع غزة، وبسبب حصار قطاع غزة، يعني الموضوع يرتبط بالامكانات وليس بالارادة، كانت المعركة شعاعها من أربعين كلم إلى سبعين أو ثمانين كلم. أما المعركة معنا فشعاعها على طول فلسطين المحتلة من الحدود اللبنانية إلى الحدود الأردنية إلى البحر الاحمر، من كريات شمونا ـ وهنا فليسمعني الإسرائيلي جيداً ـ من كريات شمونا إلى إيلات.
لقد انتهى الزمن الذي يُهوَّل علينا باسرائيل، هذه إسرائيل المخيفة المرعبة انتهت منذ زمن، وليس الآن، ولكن هناك من لا زال يعيش على كوابيس الخوف التي اعتاد أن يعيشها طوال عشرات السنين.
إننا في يوم عاشوراء، ومن نفس هذا الموقع، ننطلق في إرادتنا وفي عزمنا وفي تصميمنا على حماية بلدنا وشعبنا ومقدساتنا وتحمل المسؤوليات الجسام، ولذلك لن نتردد يوماً أن نكون مع الحسين نقدم بين يديه أنفسنا ودماءنا وأولادنا وأموالنا وكل عزيز لدينا.
ونختم دون أن ننتهي، لأننا سوف نبقى ونحن على لقاء دائم مع الحسين عليه السلام، لنقول له ولجدّه: نعم نحن شعب المقاومة الاسلامية في لبنان سيبقى شعارنا إلى الأبد: هيهات منا الذلة.
عظم الله أجركم وشكر الله سعيكم وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وختم سماحته بالتأكيد مجددا على ان "اسرائيل المرعبة انتهت منذ زمن، لكن هناك من لا زال يعيش على كوابيس الخوف التي اعتاد ان يعيشها منذ عشرات السنين".
وهنا النص الكامل لخطاب سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية 25-11-2012
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليك يا سيدي ومولاي، يا أبا عبد الله الحسين، يا بن رسول الله، وعلى جميع الأرواح التي حلّت بفنائكم، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
إخواني وأخواتي، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
نتقدم بالعزاء لصاحب العزاء، إلى بقية الله في الأرضين، مولانا صاحب الزمان (ع)، وإلى مراجعنا العظام، وإلى سماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله)، وإلى جميع المسلمين ومحبي أهل بيت النبوة في يوم العزاء وفي يوم المصاب.
أيها الإخوة والأخوات إنني في البداية أيضا أتوجه إليكم جميعا بالشكر الجزيل والدعاء بقبول الأعمال، أنتم الذين أمضيتم الحياة، وانطلقتم منذ الصباح الباكر، لتجددوا الحياة الكربلائية لتجددوا الحياة والقيم والمفاهيم والمعاني والروح التي أرادها أبو عبد الله الحسين (ع) من خلال استشهاده.
ونحن اليوم في هذه الساحة التي طالما إجتمعنا فيها نحيي ذكريات المقاومة ونشيّع شهداء المقاومة، ولطالما أثبتنا فيها وفاءنا وصدق بيعتنا لأبي عبد الله الحسين(ع).
نقف اليوم هنا ونتوجه إلى كربلاء، إلى سنة 61 للهجرة، في مثل هذه الساعات عندما وقف الحسين (ع) ورأى تلك الحشود المقاتلة المعادية، ومعه قلّة قليلة قد استشهدت بين يديه. وجه نداءه للتاريخ، لكل الأجيال الآتية في التاريخ، وما زالت في أصلاب الرجال وأرحام النساء، يصدح في آذانها صوت الحسين(ع)، هل من ناصر ينصرني.
أقول للحسين (ع): لبيك يا حسين، بأرواحنا وأنفسنا وأولادنا وأموالنا، ونحن لم نخلف الوعد والنداء.
نعم مع الحسين( ع)، هنا كما في كل يوم عاشر، نجدد الموقف الذي صنعه الحسين وخلده للتاريخ ونردده كل يوم عاشر، نقول لكل طواغيت هذه الأرض ولكل المعتدين ولكل المفسدين ولكل المتربصين ولكل الذين يراهنون على إرادتنا وعلى عزمنا وعلى تصميمنا، نحن أبناء ذلك الإمام أولئك الرجال وتلك النسوة، وإخوة أولئك الفتيان الذين وقفوا في اليوم العاشر، وقالوا مع الحسين (ع) كلمته للتاريخ: ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.
نحن مع الحسين نعم.. قلنا خلال عشرات السنين الماضية وسنبقى نقول: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد.
أيها الإخوة والأخوات عدد من النقاط السريعة في يوم العاشر وأترك رسالة المقاومة لآخر الكلمة:
أولاً: شهدنا في الأشهر الماضية إساءة بالغة لرسول الله(ص) وخرجتم رجالاً ونساءً وصغاراً وكباراً، ولبّيتم النداء ودافعتم عن نبيكم، وأعلنتم الاستعداد للدفاع عن نبيكم.
ونحن اليوم هنا، في يوم العاشر، في يوم تقديم التضحيات الجسام دفاعاً عن رسول الله وعن دين رسول الله وعن أمة رسول الله كما فعل الإمام الحسين(ع) لنقول لكل العالم الذين يسيئون إلى نبينا أو يفكرون بالإساءة إلى نبينا: نحن أمة لن نسكت على أية إساءة، نحن أمة أعلنا ونعيد اليوم الإعلان بأننا حاضرون دفاعاً عن كرامة نبينا، عرض نبينا، وشرف نبينا أن نقدم المهج وأن نخوض اللجج وأن نواجه كل العالم.
سنكون مع الحسين اليوم مع الحسين، نردد نداء الدفاع عن رسول الله، فليسمع العالم كله، نداءنا وصرختنا وقبضاتنا المرفوعة، لبيك يا رسول الله.
ثانياً: نحن نعتبر أن يزيد هذا العصر، الذي يجب أن نواجهه كربلائياً وحسينياً وزينبياً، هو المشروع الأمريكي ـ الصهيوني، الذي يتهدد أمتنا وحضارتنا وأدياننا السماوية، وشعوبنا ومقدساتنا. ونحن في مواجهة هذا "اليزيد"، كل الحسينيين والزينبيات، وسنبقى وستبقى هذه المواجهة بالنسبة إلينا هي الأولوية المطلقة.
إنني هنا أحذر على امتداد العالمين العربي والإسلامي، من خطورة تحويل الأصدقاء إلى أعداء، والأعداء إلى أصدقاء.
هناك من يعمد في العالم العربي والإسلامي سياسياً وإعلامياً وتعبوياً، ليقدم إسرائيل صديقاً، وليقدم إيران عدواً. ولكن إسرائيل لا تساعد أصدقاءها في العالمين العربي والإسلامي، بسبب طبيعتها العدوانية والإجرامية والوحشية والعنصرية والطغيانية والعدوانية، فهي تُحرجهم من خلال إعتداءاتها كل حين، وكل سنة، وفي مددٍ متقاربة، في حروبها على غزة، وعلى الفلسطينيين، وعلى لبنان.
ويقف هؤلاء ليجدوا أن كل ما فعلوه خلال سنوات منذ محاولة تقديم إسرائيل ككيانٍ طبيعيٍ يمكن التعايش معه، وتقديم إيران كعدوٍ يهدد المنطقة، يذهب أدراج الرياح.
وأنا أقول لهم، إن كل خططكم ومساعيكم ستفشل، أنتم تكتبون وترسمون في الماء، ولن يبقى أثرٌ لكل مؤامراتكم هذه، لأنكم تحاولون أن تقدموا الوحش كأنه حمَلٌ وديع يمكن العيش معه، وإسرائيل ليست كذلك، ولن تُعينكم على ذلك، وهي لا تستطيع أن تعينكم على ذلك، بسبب طبيعتها.
ويوماً بعد يوم، يتأكد للشعوب العربية والإسلامية أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي صديقة العرب، وصديقة المسلمين جميعاً، وداعمة الشعوب المستضعفة والمظلومة والمحتلة أرضها، وهذا ما تأكد خلال المواجهة الأخيرة في قطاع غزة، وقبلها في لبنان. ونحن كنا واضحين، باستنادنا بعد الله سبحانه وتعالى، إلى هذه الجمهورية الإسلامية الشجاعة والمؤمنة والواثقة والجريئة، والتي لا تعمل حساباً لا لضغوط أوباما، ولا لتهديدات بوش قبل أوباما، ولا لكل هذا الغرب، الذي يؤكد في كل يوم إلتزامه أمن إسرائيل، وتفوق إسرائيل.
والجمهورية الإسلامية عندما تدعم حركات المقاومة، إنما تقوم بواجبها، من موقعها العقائدي والإيماني والإستراتيجي، وهي لا تُملي شروطاً على أحد، ولا تطلب شيئاً من أحد، ولا تريد جزاءً من أحد.
إنني أريد أن أؤكد لشعوب عالمنا العربي والإسلامي: إنتبهوا، إن كل من يُحاول أن يُقدّم إسرائيل كصديق هو خادمٌ لإسرائيل، علم أو لم يعلم، كما إن كل من يُحاول أن يُقدّم إيران كعدو، هو خادمٌ لإسرائيل، علم أو لم يعلم.
ثالثاً: فلسطين هي قضيتنا المركزية، كلبنانيين وفلسطينيين وعرب وأمةٍ إسلامية وأتباع ديانات السماء. وستبقى فلسطين القضية المركزية، وليس هناك شيءٌ يمكن أن يحول بين الإنسان وبين اعتقاده وإيمانه.
نعم هناك من يسعى، من خلال إثارة الفتن المذهبية، والتحريض الطائفي والمذهبي، أن يدق إسفيناً، أو يضع الحواجز النفسية، بين غير العرب والعرب، وبين الشيعة والسنة، وبين شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني، وبيننا وبين فلسطين.
وأنا أُريد أن أقول لهؤلاء جميعاً، إن فلسطين هي جزءٌ من إيماننا وعقيدتنا ومسؤوليتنا، ولا يمكن أن يحول بيننا وبين مساندتها ودعمها والوقوف على جانبها، شيءٌ على الإطلاق.
هنا من الواجب أيضاً، أن نقف أمام نموذج إنتصار الدم على السيف، النموذج الجديد، الذي شهدناه في الأيام القليلة الماضية في غزة.
وأنا باسمكم جميعاً، نُجدد التبريك لأهلنا في غزة، للمقاومة الفلسطينية، بكل حركاتها وفصائلها وكتائبها وسراياها، على هذا الإنتصار العظيم، ونُوجه التحية لشهدائها وجرحاها وشعبها الأبي والصامد والصابر في قطاع غزة.
هذا إنتصارٌ حقيقي، مهما حاول بعض الكتبة المرتزقة عند أسياد إسرائيل، أن يطعنوا فيه، كما طعنوا في انتصار تموز 2006، وكما طعنوا في انتصار غزة 2009، ولكنه إنتصارٌ واضح. واليوم أيضاً نُوجه الدعوة مجدداً إلى كل الحكومات والدول، ولا أقول الشعوب، الشعوب تحاول وخلال عشرات السنين أن تُقدم ما تستطيع إلى فلسطين وإلى غزة، ولكن النداء إلى الحكومات، ولو لإقامة الحجة، إلى الحكومات والدول في العالمين العربي والإسلامي، أن غزة وأن فلسطين لا تحتاج فقط إلى تعاطفكم، وإلى محبتكم وإلى زياراتكم، وإنما هي تحتاج أيضاً إلى سلاحكم وإلى أموالكم وإلى دعمكم وإلى مساندتكم الحقيقية.
وغزة هذه لائقةٌ وجديرةٌ بكل دعم، وأهلٌ لأمانة المقاومة بمستوى الأمة، لأنها صنعت الانتصار تلو الانتصار، من خلال هذه المواجهة الاخيرة تأكد أيضاً، أن إسرائيل واقعاً هي أوهن من بيت العنكبوت.
رابعاً: في قضية البحرين، نحن نُجدّد اليوم وقوفنا إلى جانب شعب البحرين، والحراك الشعبي السلمي في البحرين. وهذه هي ميزة هذا الحراك، الذي لم يحمل سلاحاً، ولا بندقيةً ، بالرغم مما يُصيبه في كل يوم، بالرغم من الإعتقالات والقتل والجرح والإعتداءات، حتى في الأيام القليلة الماضية، التضييقات غير المسبوقة على ممارسة الشعائر الدينية، التي هي أبسط حقوق الشعب في البحرين.
وندعو السلطات في البحرين إلى الاستجابة إلى المطالب المحقّة للشعب البحريني الصامد والمظلوم، والذي استطاع أن يُحافظ على أعصابه وعلى عقله وعلى قلبه طوال سنة وعشرة أشهر، في مواجهة كل الإعتداءات وكل الظلم والقمع الذي يُمارس بحقه.
وأيضاً يجب أن نتوجه إلى الدول الإقليمية التي تمنع الحل في البحرين، والتي تُمارس الضغوط على البحرين لمنع أي حل ولمواجهة أي إصلاح، وهؤلاء إنما يفعلون ذلك لأنهم يخافون من أن تنتقل هذه المطالب الإصلاحية إلى دولٍ أخرى من دول الجوار.
خامساً: بالنسبة إلى سوريا، بطبيعة الحال، كثيرون في العالم يقفون ويقولون لنا أنتم في قضية كربلاء تقولون إن العنوان العريض هو نصرة المظلوم.
نعم نحن اليوم، في يوم العاشر، نحن ننصر المظلوم في كل بلد . وأنا أقول لكم: يجب أن لا نشتبه في تحديد المظلوم.
المظلوم اليوم في سوريا هي كل سوريا، المظلوم اليوم في سوريا هو كل شعبها وكل جيشها وكل وجودها، لأن سوريا مستهدفة على أكثر من صعيد.
قلنا خلال العام الماضي وأكثر، هناك حقوق مشروعة في الإصلاح يطالب بها الكثيرون في الشعب السوري، وهناك أيضاً من يقبل هذا الحق ويستجيب لهذه المطالب.
اليوم نصرة المظلوم في سوريا تتمثل في الدعوة والعمل إلى وقف القتال ووقف نزيف الدم ووقف تدمير سوريا، ووقف كل هذا الذي يجري هناك. هكذا يُنصر المظلوم في سوريا، لتبقى سوريا موحدة، لتستعيد سوريا عافيتها وموقعها في المنطقة، حتى لا تضيع سوريا من أيدي الجميع.
سادساً: بالنسبة للبنان، نؤكد أولاً حرصنا الشديد على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش الواحد بين جميع مكوّنات الشعب اللبناني، ونحن نثبت من خلال كل أدائنا وسلوكنا هذه الحقيقة.
أما ما يُلقى علينا من اتهامات ـ خصوصاً في مجال الاغتيال ـ هي اتهامات ظالمة وواهية وكاذبة، لا تستند إلى أي دليل وإلى أي معطى، بل هي تكمل وتنجز أهداف الاغتيال، الذي يحصل هنا وهناك.
إننا نؤكد حرصنا على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش الواحد وابتعادنا عن أي فتنة وصبرنا على كل ظلم وتهمة وشتيمة، بل على كل اعتداء، وأن عدونا الوحيد هو إسرائيل، الغاصبة لفلسطين والقدس ولأرضنا اللبنانية والعربية، وليس لنا أعداء في لبنان.
نعم، توجد خصومات سياسية لنا في لبنان، توجد منافسات سياسية في لبنان، توجد انقسامات سياسية حادة في لبنان، ولكن نحن لا ننظر إلى أي فريق لبناني على أنه عدو. قد ننظر إليه على أنه خصم، وأحياناً قد يظلمنا هذا الخصم وقد يعتدي علينا، ولكننا لا نتعاطى إلا من هذا الموقع الذي ينظر إلى إسرائيل انها هي العدو الوحيد، ويجب أن تكون العدو الوحيد لنا جميعا.
ولذلك نحن كنا نؤمن وما زلنا نؤمن بأن الحوار السياسي، التواصل السياسي والعمل السياسي هو الطريق لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوطنية في لبنان، ولم نرفض في أي يوم من الأيام أن نذهب إلى حوار أو إلى طاولة حوار.
نعم، في الأسابيع القليلة الماضية هناك من وقف ليقول: أنا لا أريد الحوار مع هؤلاء لأنهم قتلة، لأنهم مجرمون، هناك من وقف وقال إنه لا يريد أن يحضر في مجلس أو مكان أو محضر يتواجد فيه مندوبون لحزب الله، وهناك من اعلن مقاطعة الحوار.
ولكن عندما وقفنا لنقول ما قلنا في يوم الشهيد، قالوا إن حزب الله يعطل الحوار ويقطع الطريق على الحوار.
واقعاً، هذا البلد يوجد فيه هذا المستوى من السخافة، أن الذين يعطلون الحوار ويقاطعون الحوار، وإذا قلت لهم إذا أردتم الحوار أهلا وسهلاً بكم، وإذا كنتم لا تريدونه "الله معاكم"، تصبح أنت "المخرّب" للحوار.
لا، إنني اليوم أقول: نحن مستعدون للإستجابة لدعوة الحوار التي وُجّهت في 29 الشهر. ولكن في نفس الوقت أريد أن أؤكد: نحن لا نقبل أن يفرض أحد شروطاً علينا في الحوار، لا نقبل، كما أننا لا نقبل أن يتكبر علينا أحد في الحوار.
أنا اقول لكم اليوم ـ وأنا دائماً كنت من دعاة التواضع، وكنت دائما أقول لكم تواضعوا، اقول لكم اخفضوا جناحكم ـ أنا اليوم أقول لكم: نحن مع الحوار والتلاقي والتواصل والعمل السياسي والحل السياسي، ولكن من يتكبر علينا فلنتكبر عليه.
نحن لن نستجدي الحوار من أحد، الذي يحب أن يأتي إلى الحوار أهلا وسهلا، ومن لا يحب أن يأتي إلى الحوار، مجددا، الله معه.
النقطة الاخيرة في مسألة المقاومة:
أود أن أوجه رسالة للعدو الإسرائيلي، ولبعض المراهنين على الإسرائيلي في المنطقة من جديد. الكل يعرف موقع ودور المقاومة التي حررت ودافعت وحمت، وتجربة غزة أكدت هذا المعنى. عندما انتهت المواجهة في غزة، خرج البعض وللأسف حتى في لبنان ليقول ـ لأنه دائماً لازم أن يكون هناك تهويل على اللبنانيين "لا يجب على اللبنانيين أن يرتاحوا" أو ترتاح أعصابهم ولا يوم من الأيام ـ انتهت الحرب غزة وأتى من يقول: انتبه يا لبنان، إسرائيل لأنها انحشرت عربياً ودولياً، وفي غزة أصبح هناك تضامن عربي واسلامي ودولي معها، تريد أن تستعيد خسارتها وأن " تفش خلقها" في لبنان، وعادوا يهوّلون من جديد على لبنان، على قاعدة أنه إذا اسرائيل اعتدت على لبنان لن يلقى لبنان التعاطف العربي والاسلامي والدولي الذي لاقته غزة.
عجيب هؤلاء الناس، وكأن الذي حمى غزة، وكأن الذي جعل غزة تخرج منتصرة هو هذا التعاطف. إن الذي حمى غزة بعد الله سبحانه وتعالى هو إرادة المقاومة وشعب المقاومة وسلاح المقاومة وصواريخ المقاومة.
وهنا في لبنان، نحن لا نحتاج إلى أي تعاطف، والاسرائيلي يعرف جيداً أن هذه الارادة وأن هذا السلاح وأن هذا الشعب وأن هذه الحاضنة موجودة هنا. بل أكثر من ذلك، إذا كانت اسرائيل اهتزت وارتبكت أمام عدد من صواريخ فجر 5 التي نزلت على تل ابيب، أريد أن أقول لهم اليوم ـ ويمكن أن تكون هذه المرة الاولى التي نتحدث فيها بهذا الوضوح، فكيف للصديق والعدو، ليعرف الصديق أن هذا العدو مردوع، وليعرف هذا العدو ماذا ينتظره إذا فكر أن يعتدي على لبنان ـ إسرائيل التي هزّها عدد من صواريخ فجر 5 لا تتجاوز أصابع اليد خلال ثمانية أيام، كيف ستتحمل آلاف الصواريخ التي ستنزل على تل ابيب وغير تل ابيب إذا اعتدت على لبنان.
اذا كانت المواجهة مع قطاع غزة، وبسبب حصار قطاع غزة، يعني الموضوع يرتبط بالامكانات وليس بالارادة، كانت المعركة شعاعها من أربعين كلم إلى سبعين أو ثمانين كلم. أما المعركة معنا فشعاعها على طول فلسطين المحتلة من الحدود اللبنانية إلى الحدود الأردنية إلى البحر الاحمر، من كريات شمونا ـ وهنا فليسمعني الإسرائيلي جيداً ـ من كريات شمونا إلى إيلات.
لقد انتهى الزمن الذي يُهوَّل علينا باسرائيل، هذه إسرائيل المخيفة المرعبة انتهت منذ زمن، وليس الآن، ولكن هناك من لا زال يعيش على كوابيس الخوف التي اعتاد أن يعيشها طوال عشرات السنين.
إننا في يوم عاشوراء، ومن نفس هذا الموقع، ننطلق في إرادتنا وفي عزمنا وفي تصميمنا على حماية بلدنا وشعبنا ومقدساتنا وتحمل المسؤوليات الجسام، ولذلك لن نتردد يوماً أن نكون مع الحسين نقدم بين يديه أنفسنا ودماءنا وأولادنا وأموالنا وكل عزيز لدينا.
ونختم دون أن ننتهي، لأننا سوف نبقى ونحن على لقاء دائم مع الحسين عليه السلام، لنقول له ولجدّه: نعم نحن شعب المقاومة الاسلامية في لبنان سيبقى شعارنا إلى الأبد: هيهات منا الذلة.
عظم الله أجركم وشكر الله سعيكم وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.