ارشيف من :آراء وتحليلات
مخاطر احترار الكوكب الارضي
"ان التوقعات الرئيسية للطقس تتنبأ بأنه لدى نهاية القرن سترتفع درجة الحرارة 3.5 ـ 4 درجات. اننا نكرر باستمرار انه من الضروري حدوث ثورة صناعية جديدة، من اجل تجنب ذلك، ولكن السياسيين لا يسمعون. وهم ببساطة يجلسون مكتوفي الايدي". هذا مع اعلنه لمجلة شبيغل الالمانية، هانس يواكيم شيلنهوبر، المستشار العلمي الاول للحكومة الالمانية بقضايا الطقس.
وفي الوقت ذاته وزع البنك الدولي تقريراً لمؤسسة علمية يقودها البنك وهي مؤسسة بوتسدام لدراسة التأثيرات على المناخ (PIK)، وعنوان الدراسة "خفضوا التدفئة".
وتقول الدراسة ان الكوكب الارضي سوف يحمى 4 درجات مئوية حتى نهاية هذا القرن.
وهذا سيؤدي الى حدوث سلسلة من الثورات الطبيعية. وهي تتضمن موجات ارتفاع شديد في درجات الحرارة، انخفاض احتياطات الاغذية، ارتفاع مستوى المحيط العالمي، وان الاضرار ستلحق بمئات ملايين البشر. وكل ذلك سيحدث اذا لم يبادر المجتمع الدولي ليفعل شيئاً في مواجهة التبدلات المناخية. وقد اطلق البنك الدولي هذا التحذير قبل ايام معدودات من انعقاد الدورة الجديدة للمباحثات حول اتفاق دولي حول المناخ والتي سيحضرها ممثلو نحو 200 دولة في الدوحة.
وجاء في التقرير ان جميع المناطق سوف تتضرر، بعضها اقل وبعضها اكثر، ولكن اكثر المناطق تضرراً ستكون المناطق الاكثر فقراً. وقال رئيس البنك الدولي جيم يون كيم "يجب ان نتجنب ارتفاع درجة حرارة العالم 4 درجات، ويجب ان نضبط ارتفاع الحرارة تحت درجتين".
ان ارتفاع الحرارة 4 درجات يحتمل حدوث كوارث مدمرة، ولا سيما الطوفانات التي تهدد المدن الساحلية، وارتفاع الخطر على الانتاج الغذائي، الذي من شأنه رفع مستوى نقص التغذية. فالمناطق الجافة ستصبح اكثر جفافاً، والمناطق الرطبة ستصبح اكثر رطوبة. وسيعاني العالم من نقص اكبر في المياه، ومن الاعاصير الاستوائية، ومن الفقدان التام للكثير من الانواع البيئية، بما في ذلك الشعاب المرجانية.
ولكن التأثير الذي سيعاني منه الكثير والكثير من الناس هو الارتفاع الشديد في درجات الحرارة. والتوقعات فيما يتعلق بجنوب شرق اوروبا، ومنها بلغاريا، هو الظاهرات التي اخذت تصبح ملموسة: شتويات اكثر دفئاً، وصيفيات اكثر حرارة (متوسط حرارة 35 درجة)، نقص الامطار (مع هطول امطار غزيرة مفاجئة)، والتبخر السريع للرطوبة في الارض، ما يؤدي الى اتلاف الزراعات والى ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
وتبدلات المناخ تؤدي الى الاضرار بالصحة العامة في كل مكان. وارتفاع الحرارة يؤدي الى المزيد من تلوث الهواء في المدن، ما يسبب مشكلات صحية اكثر في الجهاز التنفسي والقلب، وكذلك في زيادة ضغط الدم.
وفي اقاليم اخرى يؤدي ارتفاع الحرارة الى زيادة التركيز في لقاحات الازهار، ما يسبب زيادة الحساسية. وحتى في اوروبا المجهزة بمكيفات الهواء فإن ارتفاع درجات الحرارة سنة 2003 ادى الى وفاة 70 الف شخص. ومع زيادة نسبة شيخوخة السكان في العالم الصناعي، فإن هذه التأثيرات سوف تتضاعف مراراً.
وأحد مقاييس التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الصحة العامة هو التأثيرات المعقدة وغير المباشرة على طبيعة الحياة البشرية. فمن المتوقع ان درجات الحرارة المرتفعة، والتعرض للتبدلات الشديدة في المناخ سوف يكون لها تأثيرات نفسية سلبية، ما يزيد في الميل الى العنف، كما جاء في التقرير.
ويلاحظ التقرير ان اتجاه ارتفاع درجات الحرارة ليس حتمياً، وانه بوجود سياسات جيدة فإن الاحترار يمكن ضبطه ما دون درجتين، وهو هدف تضعه نصب عينيها دول عديدة. ويقول رئيس البنك الدولي كيم "ان العالم ينبغي ان يصارع بشكل اكثر فعالية ضد التبدلات المناخية". "اننا نحتاج الى رد عالمي، يمكن ان يكون في مستوى مشكلة التبدلات المناخية ـ رد يمكن ان يضعنا على طريق التطور المسؤول عن المناخ والمشاركة في الرخاء".
ويرى البنك الدولي انه توجد وسائل اكثر فعالية وذكاء للاستفادة من الموارد الطبيعية، بحيث يمكن تخفيض تأثير المناخ على النمو الاقتصادي، دون ابطاء الكفاح ضد الفقر.
وتقول رايتشيل كايت نائبة رئيس البنك الدولي "بالرغم من ان كل دولة تسير في طريقها الخاص نحو نمو اكثر اخضراراً وتوازن حاجاتها في الحصول على الطاقة بثبات، فإن كل دولة لديها الامكانية لتحقيق نمو اخضر".
وهناك مبادرات نحو اعادة توجيه 1 تريليون (الف مليار) دولار من المحروقات الصلبة ومن الاعانات نحو اتجاهات اخرى، وزيادة النفقات الحكومية والخاصة لبناء البنية التحتية الخضراء وانظمة النقل العام، التي ينبغي ان تبنى بطريقة يجري معها تخفيض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون وتزيد امكانيات الوصول الى العمل والخدمات.
ان العلم يقول بشكل لا لبس فيه ان سبب الاحترار المناخي العالمي هو الناس، وان بعض التغيرات الجدية قد حصلت حتى الان، كما جاء في التقرير. وقد ارتفع متوسط الحرارة عما كان قبل التصنيع 0.8 من الدرجة، وهو مستمر في الارتفاع.
وبالرغم من ان 0.8 من الدرجة لا يبدو شيئاً كثيراً، فإن التقرير يقول ان هذه الزيادة الطفيفة قد تركت آثارها، وان استمرار زيادة الحرارة سيشكل تحدياً اكبر. والاحترار حتى 4 درجات اكثر يعني الوصول الى مستوى غير مسبوق تاريخياً، وان من شأنه ان يبدل مناخ الكوكب بأسره، وهو ما يذكر العلماء بآخر عصر جليدي، الذي سبق وشمل القسم الاكبر من اوروبا الوسطى والقسم الشمالي من الولايات المتحدة الاميركية.