ارشيف من :آراء وتحليلات

صقر ليكس: مسمار اخير في نعش الطائف

صقر ليكس: مسمار اخير في نعش الطائف


وجهت فضيحة صقر ليكس ضربات قاضية في اكثر من اتجاه. قد يكون مشروع الحريري الاب هو ابرزها. بينت التسجيلات الصوتية المسربة ان ما بناه الحريري الاب وما عمل عليه ضيعه الابن بخفة لا تحتمل، الا ان الضائع الاهم هو اتفاق الطائف.

يمكن القول ان صقر ليكس كانت المسمار الاخير في نعش الاتفاق الذي انهى الحرب والاقتتال الاهلي في لبنان ووضع اسس النظام الجديد.

كما هو معلوم فان اتفاق الطائف قام على مداميك ثلاثة:

اولا: التوزيع الجديد لموازين القوى التي افرزتها الحرب الاهلية بين المكونات  اللبنانية من خلال ارساء تنظيم جديد للسلطة.

ثانيا:حماية من قبل المنظومة الاقليمية والتي تجسدت بالعلاقة السعودية السورية والتي شكلت صمام أمان لعدم انفجار التناقضات اللبنانية.

ثالثا:رعاية من البيئة الدولية من خلال رضا اميركي واوروبي.

صقر ليكس: مسمار اخير في نعش الطائف


اما بالنسبة للاولى فقد فشلت او أفشلها اللبنانيون تباعا وبالتدريج. ما يشهده الوضع السياسي اليوم هو احد اسوأ فصول العجز التي وصلت الى درجة الاستعصاء. عدم القدرة على انتاج قانون انتخابي جديد وملائم هو النهاية المثالية لما عرف بالنظام اللبناني "ما بعد الطائف".

بالمقابل صمدت المعادلة الاقليمية طويلا. استطاعت تخطي التحديات الصعبة خاصة بعد العام 2005. وصلت الامور الى حد قيام الرئيس السوري بشار الاسد وملك السعودية عبد الله بزيارة مشتركة الى بيروت في تموز 2010 . تركت الزيارة مفاعيلها، اعادت الحياة الى شرايين المنظومة الاقليمية الراعية للطائف.عم الهدوء النسبي الربوع السياسية اللبنانية.

اليوم وبعد فضيحة "عقاب ليكس " بأبعادها الاقليمية وتحديدا السعودية دخلنا في مرحلة جديدة. نحن امام صراع بين "السينين " ليس على الاراضي اللبنانية انما على ارض سوريا وبادوات لبنانية. التدخل العسكري اللبناني في سوريا مباشر بلا اي مواربة. هكذا نشهد النهاية الدراماتيكية للحماية والمظلة الاقليمية التي كانت عرابة الطائف. نهاية تضاف الى انسحاب دولي اميركي واوروبي من الاتفاق ، ترجم من خلال الٌقرار 1559.

القرار الشهير اراد من خلال بنوده بلورة ادوار اقليمية جديدة او توزيع جديد للاوزان الدولية في لبنان وصولا الى الشرق الاوسط الجديد وما حرب تموز الا واحدة من الادوات التي استخدمت على طريق هذا الهدف .

لقد دقت فضيحة صقر الحريري المسمار الاخير في نعش الطائف. المحيط الامن للاتفاق انهار بنودا ومضمونا وبيئة وعناصر. من سخريات القدر ان يكون من دق المسمار الاخير هو ابن من تفاخر دائما بدوره في وضع هذا الاتفاق الى حد اعتباره انجازا شخصيا له.

هل تعود الحرب الاهلية ؟ الثابت ان الارادة الدولية بعدم تفجير الوضع اللبناني لا تنبع من الحرص على سلامة الوطن الصغير . ما يسمى بالمجتمع الدولي يركز اهتماماته في اماكن اخرى ولا يريد صرف الانظار عما يجري في سوريا . تبقى الضمانة عند الطرف اللبناني الاقوى اي المقاومة الحريصة على عدم الانجرار لأي مواجهة.

الا ان هذا الواقع يعني ان اللبنانيين اصبحوا امام استحقاق لا بد منه وهو اعادة تشكيل نظام سياسي وتلبية دعوة تنظيم مؤتمر تأسيسي جديد .
2012-12-07