ارشيف من :آراء وتحليلات
توقعات متشائمة للاقتصاد في ألمانيا ومنطقة اليورو
خفض البنك المركزي الالماني Bundesbank بشكل حاد توقعاته حول آفاق نمو الاقتصاد الالماني، واعلن انه يوجد حتى خطر الوقوع في الركود بسبب استمرار ازمة المديونية في منطقة اليورو، بحسب ما جاء في وكالة رويترز.
وحسب التوقعات الاخيرة لـ Bundesbank فإن نمو الناتج الداخلي القائم في السنة القادمة بالكاد سيبلغ 0،4%، في حين ان التوقعات في شهر حزيران/يونيو كانت تقول انه سيبلغ 1،6%.
وجاءت التوقعات الاخيرة لـ Bundesbank بعد ان اعلن البنك المركزي الاوروبي توقعاته القاتمة للسنة القادمة في منطقة اليورو بسبب الافاق الضعيفة للنمو في البلدان الاوروبية الرئيسية مثل المانيا، فرنسا وهولندا.
وجاء في بيان Bundesbank "أخذا بالاعتبار الوضع الاقتصادي الصعب في بعض بلدان منطقة اليورو والانتشار الواسع لفقدان الثقة، فإن النمو الاقتصادي سوف يكون أضعف مما كان يتوقع قبلا".
ويعتبر بعض المحللين المطلعين أن المانيا هي محرك أساسي للنمو في القارة العجوز، ولكن ثبات البلاد بوجه الأزمة قد استنفد والتوقعات الجديدة للبنك المركزي هي انعكاس لهذه الوضعية.
ولكن الخبير ألاين شولينغ من الشركة البنكية الشاملة ABN Amro يقول "ان توقعات Bundesbank هي سلبية جدا. هذا مع انه في الوقت الراهن نرى أكثر وأكثر من البراهين على ان الدورة الاقتصادية على النطاق العالمي هي في الحضيض".
ويحسب Bundesbank كذلك أنه يوجد احتمال ان تدخل ألمانيا في فترة ركود، بعد ان سجل نمو سلبي في ثلاثيتي اشهر متتاليتين.
ويقدر البنك انه "يوجد حتى مؤشرات ان الفعالية الاقتصادية سوف تهبط في الثلاثة الأشهر الاخيرة من سنة 2012 والثلاثة الاشهر الاولى من سنة 2013".
ولكن اغلبية الاقتصاديين يتوقعون أن الاقتصاد يمكن أن ينكمش في الثلاثة الأشهر الأخيرة من السنة الجارية، الا انه سيعود للنهوض بسرعة في بداية السنة القادمة.
ان السلع والطلبيات الصناعية قد انخفضت في الأشهر الاخيرة، اما التصدير فقد انخفض بمعدل سريع بالمقارنة مع نهاية السنة الماضية. ولكنه كان يوجد ايضا معطيات مشجعة في الاسابيع الاخيرة، مثلا في توقعات نمو البيزنس، وكذلك فإن البطالة قد نمت بأقل كثيرا مما كان متوقعا.
هذا وان القسم الاكبر من مختلف البنوك المركزية الوطنية في اوروبا الممثلة في المجلس الاداري للبنك المركزي الاوروبي تميل الى اجراء تخفيض اضافي في نسبة الفائدة الاساسية في منطقة اليورو. وهذا ما اعلنته شركة الاحصاء والاستقصاء التجاري Bloomberg، بالاستناد الى اقوال ثلاثة موظفين كبار في المجلس الاداري.
وسوف يؤدي ذلك الى زيادة امكانية تخفيض نسبة الفائدة بدءا من مطلع السنة القادمة، اذا لم يبدأ الاقتصاد بالنهوض، حسب تعليق مصادر الشركة المعلوماتية Bloomberg.
وقد خفض البنك التوقعات حول النمو بانتظار مستقبل قاتم، بالرغم من انخفاض التضخم. هذا مع العلم ان البنك مدعو لمتابعة استقرار الاسعار، وليس القيام بتطبيق سياسات تشجيعية للاقتصاد.
وقد اعلن رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي انه تجري "مناقشة" واسعة حول نسب الفائدة، وان التفاهم الغالب هو ان لا يتم تبديل النسب الحالية. وفي الوقت الحاضر تبلغ الفائدة الاساسية للبنك المركزي الاوروبي نسبة منخفضة قياسية هي 0،75%.
وقد صرح يوسف ماكوتش امام المراسلين في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا، وهو احد اعضاء المجلس الاداري للبنك المركزي الاوروبي "اذا لم تتحسن الوضعية، وهناك حظ ضئيل لان تتحسن، فمن الممكن ان يتم تخفيض نسب الفائدة في السنة القادمة".
وكان البنك المركزي الاوروبي قد خفض توقعاته حول اقتصاد الاتحاد المالي الاوروبي الذي يضم 17 دولة، واعلن ان الناتج الداخلي القائم لمنطقة اليورو سوف ينكمش في السنة القادمة 0.3%، في حين ان التوقعات في شهر ايلول/سبتمبر الماضي كانت تقول بنمو بنسبة 0.5%.
وحسب البنك المركزي الاوروبي فإن نسبة التضخم سوف تتباطأ بمعدل 1.6% في السنة القادمة، و 1.4% خلال سنة 2014، وهي اقل بشكل ملحوظ من نسبة 2% التي يعتبرها البنك مقبولة.
وقال عضو آخر في مجلس ادارة البنك المركزي الاوروبي وهو ايفالد نوفوتني "توجد مشكلات واضحة جدا امام الاقتصاد الواقعي". واضاف "ان توقعات البنك المركزي الاوروبي هي مخفضة بشكل درامي، ومن النادر ان نشهد تصحيحا سلبيا كبيرا بهذا المقدار". ويعتبر نوفوتني ان اقتصادات العديد من البلدان سوف تنكمش في هذه السنة وفي السنة القادمة، وهذا يعتبر تحديا كبيرا.
واعلن دراغي "ان الضعف الاقتصادي في منطقة اليورو سوف يستمر في السنة القادمة ايضا. ومن المفترض انه في النصف الثاني من السنة القادمة ان يبدأ النشاط الاقتصادي بالنهوض تدريجيا بفضل ازدياد الطلب العالمي وسياستنا المالية، التي رفعت بشكل ملحوظ الثقة بالاسواق، وهو ما سيبدأ الاحساس به في الاقتصاد الواقعي".
ولكنه اكد ان البنك لا يزال يرى المخاطر امام الافاق الاقتصادية لمنطقة اليورو، المرتبطة بشكل رئيسي بالشكوك حول الخروج من ازمة المديونية والمسائل المفتوحة المتعلقة بادارة الاتحاد المالي.
واضاف دراغي "ان المأزق السياسي الناشئ عن السياسة المالية للولايات المتحدة الاميركية يمكن ايضا ان يؤثر سلبيا على الامزجة على المدى الطويل".
واكد البنك المركزي الاوروبي انه سيواصل تزويد البنوك الاوروبية بأقصى ما يكون من السيولة النقدية، وسوف يواصل برنامج اعادة التمويل على الاقل حتى تموز 2013.
كاتب لبناني مستقل