ارشيف من :أخبار لبنانية
عملاء الموساد في لبنان أداة حرب للعدو..
18/5/2009
كتب محمد الحسيني
سلّطت الإنجازات المميزة، في الكشف المتتالي لشبكات التجسس التابعة للعدو، الضوء على ملفات أساسية ومصيرية على الساحة اللبنانية لا تقل أهمية عن الاستحقاق الانتخابي المنتظر في السابع من حزيران المقبل، بل ليس من المبالغة القول إن عملية قطع أيادي الموساد في لبنان تستحق وصفها بالخطوة "المصيرية" وتشكّل الملف المحوري الذي يجب أن يتصدر اهتمامات المسؤولين اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والحزبية وتنوع مذاهبهم وطوائفهم، في مقابل الخطر الكبير الذي يتهدد لبنان بأمنه وسلامته واستقراره الداخلي، وذلك من خلال شبكات العمالة التي تمهّد للعدو الإسرائيلي الأرضية المناسبة للعبث بأمن الوطن والمواطنين.
ومن الطبيعي التنويه والثناء على النجاحات الكبيرة التي حققتها الأجهزة الأمنية اللبنانية في تتبّع واقتفاء أثر شبكات التجسس وأفرادها وتنقلاتها واتصالاتها، ومراقبة أنشطتها وتحركاتها واكتشاف آلية عملها والقبض عليها، دون إغفال العنصر الرئيسي الذي ساهم في تحقيق هذه النجاحات من خلال التنسيق مع الأجهزة المعنية في حزب الله على مدى سنوات وخصوصاً بعد حرب تموز عام 2006، ما أدى إلى توفير معطيات على قدر كبير من الأهمية في مجالات متعددة وفي مختلف المناطق اللبنانية. وما تم كشفه حتى اليوم، منذ إلقاء القبض على العميل علي الجراح وشبكته وصولاً إلى العميل زياد الحمصي، لن يكون آخر فصول عملية قطع يد الموساد في لبنان، بل من المرجح استمرار انفراط عقد شبكات التجسس باتجاه كشف المزيد من العملاء.
ولا بد من النظر في المعلومات التي تكشفت من خلال التحقيقات مع العملاء الموقوفين، حيث تبين أن معظمهم قد نشط في تحركه مطلع العام 2009 بشكل ملحوظ، وهو ما تحدث عنه مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الذي لفت أيضاً إلى أن اعترافات الموقوفين حتى الآن تقود إلى استنتاج مفاده أن هناك توجهاً لدى سلطات الاحتلال، من ضمن أنشطتها الاستخبارية، يقضي بجمع المعلومات الأمنية المتعلقة بالمراكز والأشخاص في مناطق لبنانية محددة، ولا سيما تلك المتعلقة بالمقاومة وحزب الله وجهات حزبية أخرى مناهضة للعدو فضلاً عن المراكز التابعة للدولة اللبنانية، بما يؤدي إلى عملية تحديث لما يسمى "بنك الأهداف"، على غرار ما أعلن عنه العدو إبّان عدوان تموز عام 2006.
ولا شك في أن كشف شبكات الموساد قد وجّه ضربة مزدوجة للعدو عشية التحضير لمناورة الحرب الكبرى التي يعتزم جيش الاحتلال تنفيذها مطلع شهر حزيران، وتلفت أوساط متابعة إلى أن هذا الكشف أدى إلى حرمان العدو من معلومات قيّمة كان يحتاجها لتحديث بنك أهدافه من جهة، ومن جهة ثانية سيترك تأثيره على مجريات المناورة المزمعة، حيث تشكّل شبكات التجسس الخارجية جهازاً أساسياً ومهماً يستخدمه الجيش الإسرائيلي في تصويب أهداف أسلحته البرية والجوية والبحرية. وتجري الأوساط مقاربة لهذا الأمر من خلال ما جرى في عدوان تموز 2006 حيث أدّت شبكات التجسس دوراً مهماً في تصويب أهداف الغارات الجوية والقصف المدفعي والبحري في المناطق اللبنانية التي تعرضت للاستهداف.
وتجزم الأوساط نفسها أن التحرك النشط الذي بدأته شبكات التجسس في المناطق اللبنانية مطلع العام 2009 كان جزءاً عملانياً من مناورة الحرب الإسرائيلية المرتقبة، وبالتالي فإن انكشاف بعضها سيجعل البعض الآخر، ممن لم يتم توقيفه بعد، في حالة شلل أو جمود مما سيؤثر سلباً على تنفيذ هذه المناورة، وسيصبح العدو في ظل هذا الواقع أمام احتمالين: إما أن يؤجل أو يعدّل وجهة هذه المناورة وخططها، وإما أن يجريها وفق ما هو مخطط لها مع الأخذ بعين الاعتبار ما استجد عليها من انكشاف للعملاء ويستفيد من هذا الأمر لاستخلاص العبر.
وعلى أي حال ستكون "إسرائيل" بالنتيجة، وبكافة مستوياتها العسكرية والأمنية والسياسية، تواجه فشلاً جديداً لا يدخل هذه المرة في سياق رد الفعل على عدوان عسكري تقدم عليه، بل في إطار الفعل والمبادرة لقطع أيديها ومنعها من ارتكاب أي عدوان تحضّر له ضد لبنان، وهذا الأمر بحد ذاته ترجمة عملية للتلاحم بين المقاومة والدولة وتطبيقاً فعلياً للاستراتيجية الدفاعية ولمقولة المجتمع الوطني المقاوم التي ترفضها قوى الموالاة بذريعة الحرية والسيادة والاستقلال.