ارشيف من :آراء وتحليلات

جعجع يكذب تنبؤاته

 جعجع يكذب تنبؤاته
هل لفحت رياح التسوية السورية جدران معراب؟

تبديل المواقف أمر ليس غريبا على السياسيين في لبنان. فاللبنانيون اعتادوا على ذلك، على نقل البارودة من كتف الى كتف، اعتادوا أن يناموا على تصريح ويستفيقوا على آخر، في بلد تحوّل فيه بعض الساسة الى منجمين وبعضهم الآخر الى مفبركين، يقودون "ثورات" في بلاد الغير مزهوّين بـ"ربيع عربي"، فيما آخرون باتوا "زعماء" موسميين ينتخبون بأصوات اللبنانيين، ويمضون بعد ذلك سنواتهم سواحا مهاجرين في بلاد جنسيتهم الأم، ليعودوا عند عودة الاستحقاق مجدداً. 
   جعجع يكذب تنبؤاته        
أحد هؤلاء السياسيين، امتهن مهنة التنجيم، لم تصدق تنبؤاته إلا في ميدان الاغتيالات والتفجيرات الذي احترفه في مراحل غابرة، رهاناته على سقوط الرئيس الاسد (إحدى أكبر تنبؤاته) سقطت مع رحيل العام 2012 وهو الذي كان تنبأ خلال عشاء للقوات في معراب في ختام عام 2011، بأن يشهد العام الراحل  2012  سقوط النظام السوري "ما سيكون له انعكاسات كبيرة على الوضع اللبناني وسينتج عنه ميزان قوى آخر"، على حدّ قوله. راسماً سيناريو مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري-وفق توقعاته، بالقول إنه "من المفترض بعد سقوط النظام السوري أن نبدأ مسيرة بناء الدولة بكل ما للكلمة من معنى"، مضيفاً "بعد سقوط النظام سندخل في عملية سياسية ستكون معقّدة قبل أن نصل الى نظام سياسي آخر واضح المعالم نستطيع بناء علاقات معه بين لبنان كدولة وسوريا كدولة".

عام مضى على توقعات جعجع بسقوط الرئيس الاسد، ولم يتحقق منها شيء يذكر، لكن الأغرب والأدهى من ذلك كله هو أن يعود جعجع بعد عام واحد عمّا قاله، بل بالأحرى أن يناقض نفسه بنفسه، حينما يدعي في مقابلة مع صحيفة (L'Orient Le Jour) السبت بأنه "لا يراهن على سقوط الأسد لإحداث تغيير في الداخل اللبناني"،  وهو ما يتناقض كلياً مع ما قاله قبل عام من أن "سقوط النظام السوري سيكون له انعكاسات كبيرة على الوضع اللبناني وسينتج عنه ميزان قوى آخر".. فسبحان "مغير الاحوال".

هذا التناقض بالطبع له مدلولاته السياسية وهو ليس وليد فراغ، فحديث جعجع قبل عام كان مستنداً على رهان أميركي عربي باسقاط نظام الرئيس الاسد في غضون أشهر قليلة، لكن صمود النظام السوري وحفاظ الرئيس الاسد على شعبيته الكبيرة والتي يقر بها حتى أعداؤه (60 %) غيّر المعادلات، وبدّل القناعات، بامكانية حدوث تغيير في سوريا دون أن يكون الرئيس الأسد جزءاً أساسياً ومفصلياً فيه، ولعل رياح التسوية السياسية التي بدأ الحديث عنها والتي تعمل بمحركات روسية ايرانية في ضوء تغير ملحوظ في الموقف الاميركي لفحت جدران معراب، فاستدعت من جعجع أن يكون أكثر تواضعاً في مقاربته الجديدة للملف السوري فلم يعد يربطها بزمن معين كما فعل العام الماضي، مكتفياً في حديثه الاخير بالقول بأن "النظام السوري سيسقط عاجلا أم آجلا".

2013-01-05