ارشيف من :آراء وتحليلات

تأجيل الخصخصة في رومانيا يعرقل مفاوضات القرض من صندوق النقد الدولي

تأجيل الخصخصة في رومانيا يعرقل مفاوضات القرض من صندوق النقد الدولي
أعلنت الحكومة الرومانية برئاسة فيكتور بونتا انها أجلت لمدة سنة تنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على بيع الحصص الأصغر في عدد من شركات الدولة.

ولم تعط حكومة يسار الوسط التي يتزعمها رئيس الوزراء فيكتور بونتا والتي كسبت الانتخابات النيابية باكثرية مريحة في 9 كانون الاول الماضي، ـلم تعط اي توضيح حول قرارها تأجيل هذه الخصخصة، مما يثير التساؤلات حول استعداد بخارست للعمل المشترك مع صندوق النقد الدولي.

وكان صندوق النقد الدولي قد وجه عدة مرات الانتقادات الى رومانيا بسبب عجزها عن خصخصة وإعادة هيكلة القطاع العام الكبير، الذي، حسبما يقول الصندوق، يعيق نمو الاقتصاد الوطني الذي ينهض ببطء من الركود.

وكانت رومانيا تخطط لتنفيذ سلسلة طموحة من عمليات الخصخصة بموجب اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات يورو، وتنتهي مدة الاتفاق في مطلع سنة 2013. وقد نجحت السلطات فقط في التوصل الى طرح مزاد علني ثان لشركة الكهرباء Transelectrica وهو المزاد الذي حصلت بموجبه على 38 مليون يورو.

ولاجل تهدئة المستثمرين قدم رئيس الوزراء فيكتور بونتا وعداً بأنه سيجدد الصفقة مع صندوق النقد الدولي في اقرب فرصة ممكنة، بعد حصول الحكومة الجديدة على ثقة مجلس النواب، وهي كانت مضمونة بسبب ان حزب يسار الوسط يحظى بالاغلبية في البرلمان الجديد. ولكن الوزارة اليسارية الجديدة يتوجب عليها ان تعمل مع الرئيس ترايان بوسيسكو ذي الاتجاهات اليمينية.

تأجيل الخصخصة في رومانيا يعرقل مفاوضات القرض من صندوق النقد الدولي

ويقول اعلان السلطات الذي نشر على الموقع الالكتروني للحكومة، ان تاريخ طرح خصخصة اجزاء من عدة شركات حكومية في البورصة قد تأجل الى السنة المقبلة. ومن بين الشركات التي ستطرح للخصخصة الجزئية شركة الشحن بالسكك الحديد CFR Marfa، وشركة الطيران Tarom، وشركة توزيع الغاز الطبيعي Romgaz، ومؤسسة الطاقة الكهرونووية Nuclearelectrica. كما تم ايضاً تأجيل الخصخصة الجزئية في مؤسسة تشغيل انابيب نقل الغاز Transgaz. وحسب بعض الاحصاءات شبه الرسمية فإن الخصخصة الجزئية للشركات الحكومية ستعود على الخزينة بنحو 1 مليار يورو.

هذا وكان رئيس الجمهورية ترايان بوسيسكو قد قلل من مخاطر حدوث ازمة سياسية، عندما عمد الى تكليف منافسه فيكتور بونتا بتشكيل الحكومة الجديدة. ولكن الحذر لا يزال هو الصفة الغالبة على الاسواق، بسبب العداء الشديد بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، الامر الذي يؤخر الاصلاحات، ومما استدعى توجيه النقد من قبل الاتحاد الاوروبي.

كما اقترح رئيس الوزراء تقسيم وزارة المالية الى وزارتين: واحدة للميزانية والاخرى للمالية. وتعلق رويترز على ذلك بالقول ان تقسيم المسؤوليات يمكن ان يعقد بشكل اضافي المحادثات مع صندوق النقد الدولي. وهذا التقسيم هو جزء من مشروع رفع عدد اعضاء الوزارة من 19 الى 27 وزيراً، سيتشكلون من الاحزاب الثلاثة للائتلاف الحاكم وهو الاتحاد الاشتراكي ـ الليبيرالي. والوزيران اللذان سميا لتسلم وزارتي الميزانية والمالية ـ وهما ليفيو فوينيا و دانييل تشيتويو ـ كانا عضوين في الوزارة السابقة. ولم يحدد رئيس الوزراء كيف سيتم توزيع المسؤوليات بين الرجلين. ويعترض احد خبراء الاقتصاد بالقول "لست متأكداً ان هذه التركيبة ستكون في صالح رومانيا" حسبما جاء في وكالة رويترز.

تأجيل الخصخصة في رومانيا يعرقل مفاوضات القرض من صندوق النقد الدولي

ومن جهة ثانية فإن سعر صرف اللاي (العملة الوطنية الرومانية) قد انخفض بنسبة 0،2% حيال اليورو، بعد ان كانت قد وصلت الى اعلى مستوى لها في الثلاثة الاشهر الاخيرة. ويقول الخبير الاقتصادي الذي استشهدت به رويترز "هذا مؤشر سيئ جداً للمستثمرين، الذين كانوا ينتظرون حدوث تقدم في الاصلاحات في القطاع العام هذه السنة، وخصوصاً فيما يتعلق بالخصخصة". واللاي هي من اضعف العملات في الاتحاد الاوروبي بسبب السياسة غير المستقرة في رومانيا وبالتحديد بسبب فشل الحملة التي خاضها فيكتور بونتا في تموز الماضي، والتي كانت تهدف الى ازاحة رئيس الجمهورية، وهو ما ادى في حينه الى تبادل الاتهامات بتقويض القانون وبمحاولة القيام بانقلاب على الدستور.

ويذكر ان رومانيا تمكنت من تخفيض عجز الميزانية الى اقل من 3% من الناتج الداخلي القائم هذه السنة، ولكن هذا لم يمنع صندوق النقد الدولي من أن يصبح اكثر صرامة في انتقاد فشل السلطات الرومانية في اجراء اصلاحات طويلة الامد وفي استيعاب وتشغيل الاموال المقدمة من الاتحاد الاوروبي. ويقول الخبير الاقتصادي دانييل هيويت من Barclays Capital "اعتقد ان صندوق النقد الدولي سيؤمن لهم برنامجاً. ولكنني اتساءل كم سيكونون هم ملتزمين".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
2013-01-10