ارشيف من :آراء وتحليلات
خارطة طريق للمرجعية الدينية في العراق
طرحت المرجعية الدينية من خلال معتمدها خطيب جمعة مدينة كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي جملة توصيات لحل واحتواء الأزمة المتفاقمة في المحافظات الغربية. ويمكن اعتبارها خارطة طريق تكفل الوصول الى نتائج عملية مرضية، وتضمن عدم اتساع نطاق الأزمة وامتدادها الى ساحات وميادين اخرى. وقد تمثلت هذه التوصيات بما يلي:
-تتحمل جميع الكتل السياسية والسلطات التنفيذية والتشريعية مسؤولية شرعية ووطنية للخروج من هذه الازمات ولا يصح ان يرمي كل طرف كرة المسؤولية في ملعب الطرف الاخر.
ـ الاستماع الى المطالب المشروعة من جميع الاطراف والمكونات ودراسة هذه المطالب وفق اسس منطقية ومبادئ الدستور والقوانين النافذة وصولاً الى إرساء دعائم دولة مدنية قائمة على مؤسسات دستورية تُحتَرمُ فيها الحقوق والواجبات.
ـ عدم اللجوء الى أي خطوة تؤدي الى تأزيم الشارع، بل المطلوب خطوات لتهدئة الشارع والمواطن.
ـ عدم السماح بأي صدام بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين ودعوة هذه الأجهزة الى ضبط النفس وعدم الانفعال والتعامل بهدوء وحكمة مع المتظاهرين.
ـ ان من الاسباب التي أدّت وما زالت تؤدي إلى المزيد من الأزمات وتأزيم الشارع العراقي تسييس القادة والكتل السياسية للكثير من الملفات التي يجب أن تعالج دستورياً وقانونياً وبشكل مستقل عن تدخل السياسيين.
ومن الواضح ان دخول المرجعية الدينية على خط الأزمة جاء بعد شعورها بأن الازمة الأخيرة بلغت مستويات خطيرة ومقلقة للغاية، وأن الهوة بين الفرقاء السياسيين باتت كبيرة جداً، فضلاً عن انطلاق دعوات سياسية واجتماعية دعت إلى تدخل المرجعية الدينية حتى لا تفلت الامور وتخرج عن السيطرة.
ولعل التوصيات التي استعرضها الشيخ الكربلائي في خطبة الجمعة الأخيرة، شخصت المسارات التي ينبغي الذهاب فيها، والتي تمثلها مجموعة أطر من بينها الالتزام بالدستور، وتحمل كل المفاصل الرسمية في الدولة - التشريعية والتنفيذية والقضائية - لمسؤولياتها، والتعاطي مع المطالب المشروعة باهتمام وجديّة، والعمل على التهدئة، واللجوء الى الحوار كسبيل امثل وانجع للحل.
ولا شك ان مراجعة واستعراض مختلف الأدوار والمواقف التاريخية للمرجعية الدينية حيال الكثير من الوقائع والاحداث التي شهدتها الساحة العراقية خلال الأعوام العشرة الماضية، تكشف عن منهجيات عقلائية صائبة في التعاطي مع أصعب واحلك الاوضاع والظروف، وليس أقلها تفجير مرقد الامامين العسكريين في مدينة سامراء قبل سبعة أعوام وما تبعها من تفاعلات وارهاصات حادة خطيرة في الشارع العراقي، إذ انه لولا حكمة المرجعية في احتواء التصعيد الطائفي وافشال المخطط الذي كان يراد من ورائه اشعال نار الفتنة الطائفية في العراق، لكان الجميع قد انزلقوا الى الهاوية. وهذا ما اقرت واعترفت به كل المكونات في مناسبات عديدة.
وربما يرى البعض في المرجعية الدينية انها لا تمتلك الادوات التنفيذية من اجل توجيه الامور بالاتجاه الذي تعتقد بسلامته، وهذه الرؤية صحيحة جداً، ولكن القاعدة الجماهيرية الواسعة التي تمتلكها المرجعية، ناهيك عن كونها ليست طرفاً في اي صراع، وبعيدة كل البعد عن دائرة التزاحم والتنافس حول المواقع والامتيازات السياسية، وتقف على مسافة واحدة من الجميع، كل ذلك يجعلها قادرة على طرح المبادرات، وتحديد المسارات، وتشخيص السلبيات، وبالتالي صياغة حلول ومعالجات يكون لها الاثر الكبير في حال تم الأخذ بها من قبل الجهات المعنية، وهذا ما حصل في منعطفات ومحطات تاريخية حرجة وخطيرة، ربما كانت كتابة الدستور واحدة منها.
والى جانب توصياتها، فإنها أوضحت لمبعوثين من الحكومة أن حل البرلمان يعد خطاً احمر، وانه على التحالف الوطني باعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر تصحيح "المظلومية"التي يشعر بها المكون السني، فضلاً عن دعوتها الى تعديل قوانين المساءلة والعدالة ومكافحة الارهاب بما يكفل إزالة الحيف والغبن عن بعض المعتقلين، وفي نفس الوقت لا يسمح للمجرمين بالافلات من العقاب.
اضف الى ذلك، نقلت بعض المصادر ان المرجعية الدينية عبرت عن عدم رضاها عما يجري من تصعيد سياسي على أكثر من صعيد وتوتير الأجواء والاستهدافات للآخرين من خلال إثارة الأزمات وفتح الملفات خارج الأطر الدستورية مما يؤدي بالبلاد إلى منزلق لا تحمد عقباه.
وليس غريباً ازاء ذلك ان نجد مختلف القوى والشخصيات السياسية تقر بمحورية المرجعية التي توصف باستمرار بأنها "صمام امان". فـ"الائتلاف الوطني العراقي" الذي يعد الطرف الأساس في "التحالف الوطني" مع "ائتلاف دولة القانون"، اعلن عن تبنيه مبادرة المرجعية لحل الازمة، وفي هذا الشأن يقول عضو الائتلاف احمد الجلبي "ان مكونات "الائتلاف الوطني" أجمعت على تأييد خطوات المرجعية الدينية الأخيرة التي اسهمت في وضع الخطوط العريضة لحل الازمة والمطالب الشعبية المشروعة".
ويشير النائب عن "القائمة العراقية" كامل الدليمي الى "ان الفشل الحكومي والبرلماني في تحقيق أي طلب من مطالب المتظاهرين لم يبقِ امام الشعب سوى المبادرات الفردية سواء من المرجعيات الدينية ام من بعض الشخصيات السياسية والاجتماعية". ويعرب الدليمي عن امله في ان تشكل المرجعيات الدينية بنفسها لجاناً لنقل طلبات المتظاهرين الى الحكومة".
من جانبها ترى النائبة عن التحالف الكردستاني آلاء طالباني "ان تحرك المرجعية جاء بطلب من المتظاهرين الذين دعوها للتدخل في ايجاد حل لمطالبهم، بعدما شعروا بأن الحكومة لا تستجيب، واننا نأمل أن تحقق توصيات المرجعية أثراً واضحاً في حل مشكلة المتظاهرين وتحقيق مطالبهم المشروعة".
في ذات الوقت يشير النائب من "الكتلة العراقية الحرة" المنشقة عن القائمة العراقية زهير الأعرجي الى "ان تدخل المرجعية الدينية مهم بعد ان اغلقت ابوابها امام رجال السياسية منذ أكثر من عامين ورفضت لقاء الكثير من المسؤولين لأن الحكومة لم تسمع لتوصياتها، وان رأي المرجعيات الدينية محترم ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار ويكون عاملاً مساعداً في تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة".
ومن خلال ذلك يمكن القول ان التعويل اليوم على المرجعية الدينية بات كبيراً جداً، وان الانسداد السياسي الذي تشهده البلاد يتطلب مبادرات عملية وجادة من طرف او اطراف بعيدة عن دائرة التنافس والصراع.
صحيح أن حلولاً سحرية لا يمكن لها أن تظهر على أرض الواقع مهما كانت الاحوال والظروف، وان المرجعية الدينية لا تمتلك مثل تلك الحلول السحرية، الا ان ايقاف مسيرة التداعي والتأزم والاحتقان تعد مهمة وضرورية للغاية حتى لا تفلت الامور من عقالها، وهذا ما تعمل عليه المرجعية الآن، والذي اخذت تبرز بعض ملامحه ومعالمه من خلال الخطوات الايجابية للحكومة حيال مطالب المتظاهرين.
-تتحمل جميع الكتل السياسية والسلطات التنفيذية والتشريعية مسؤولية شرعية ووطنية للخروج من هذه الازمات ولا يصح ان يرمي كل طرف كرة المسؤولية في ملعب الطرف الاخر.
ـ الاستماع الى المطالب المشروعة من جميع الاطراف والمكونات ودراسة هذه المطالب وفق اسس منطقية ومبادئ الدستور والقوانين النافذة وصولاً الى إرساء دعائم دولة مدنية قائمة على مؤسسات دستورية تُحتَرمُ فيها الحقوق والواجبات.
ـ عدم اللجوء الى أي خطوة تؤدي الى تأزيم الشارع، بل المطلوب خطوات لتهدئة الشارع والمواطن.
ـ عدم السماح بأي صدام بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين ودعوة هذه الأجهزة الى ضبط النفس وعدم الانفعال والتعامل بهدوء وحكمة مع المتظاهرين.
ـ ان من الاسباب التي أدّت وما زالت تؤدي إلى المزيد من الأزمات وتأزيم الشارع العراقي تسييس القادة والكتل السياسية للكثير من الملفات التي يجب أن تعالج دستورياً وقانونياً وبشكل مستقل عن تدخل السياسيين.
ومن الواضح ان دخول المرجعية الدينية على خط الأزمة جاء بعد شعورها بأن الازمة الأخيرة بلغت مستويات خطيرة ومقلقة للغاية، وأن الهوة بين الفرقاء السياسيين باتت كبيرة جداً، فضلاً عن انطلاق دعوات سياسية واجتماعية دعت إلى تدخل المرجعية الدينية حتى لا تفلت الامور وتخرج عن السيطرة.
ولعل التوصيات التي استعرضها الشيخ الكربلائي في خطبة الجمعة الأخيرة، شخصت المسارات التي ينبغي الذهاب فيها، والتي تمثلها مجموعة أطر من بينها الالتزام بالدستور، وتحمل كل المفاصل الرسمية في الدولة - التشريعية والتنفيذية والقضائية - لمسؤولياتها، والتعاطي مع المطالب المشروعة باهتمام وجديّة، والعمل على التهدئة، واللجوء الى الحوار كسبيل امثل وانجع للحل.
ولا شك ان مراجعة واستعراض مختلف الأدوار والمواقف التاريخية للمرجعية الدينية حيال الكثير من الوقائع والاحداث التي شهدتها الساحة العراقية خلال الأعوام العشرة الماضية، تكشف عن منهجيات عقلائية صائبة في التعاطي مع أصعب واحلك الاوضاع والظروف، وليس أقلها تفجير مرقد الامامين العسكريين في مدينة سامراء قبل سبعة أعوام وما تبعها من تفاعلات وارهاصات حادة خطيرة في الشارع العراقي، إذ انه لولا حكمة المرجعية في احتواء التصعيد الطائفي وافشال المخطط الذي كان يراد من ورائه اشعال نار الفتنة الطائفية في العراق، لكان الجميع قد انزلقوا الى الهاوية. وهذا ما اقرت واعترفت به كل المكونات في مناسبات عديدة.
وربما يرى البعض في المرجعية الدينية انها لا تمتلك الادوات التنفيذية من اجل توجيه الامور بالاتجاه الذي تعتقد بسلامته، وهذه الرؤية صحيحة جداً، ولكن القاعدة الجماهيرية الواسعة التي تمتلكها المرجعية، ناهيك عن كونها ليست طرفاً في اي صراع، وبعيدة كل البعد عن دائرة التزاحم والتنافس حول المواقع والامتيازات السياسية، وتقف على مسافة واحدة من الجميع، كل ذلك يجعلها قادرة على طرح المبادرات، وتحديد المسارات، وتشخيص السلبيات، وبالتالي صياغة حلول ومعالجات يكون لها الاثر الكبير في حال تم الأخذ بها من قبل الجهات المعنية، وهذا ما حصل في منعطفات ومحطات تاريخية حرجة وخطيرة، ربما كانت كتابة الدستور واحدة منها.
والى جانب توصياتها، فإنها أوضحت لمبعوثين من الحكومة أن حل البرلمان يعد خطاً احمر، وانه على التحالف الوطني باعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر تصحيح "المظلومية"التي يشعر بها المكون السني، فضلاً عن دعوتها الى تعديل قوانين المساءلة والعدالة ومكافحة الارهاب بما يكفل إزالة الحيف والغبن عن بعض المعتقلين، وفي نفس الوقت لا يسمح للمجرمين بالافلات من العقاب.
اضف الى ذلك، نقلت بعض المصادر ان المرجعية الدينية عبرت عن عدم رضاها عما يجري من تصعيد سياسي على أكثر من صعيد وتوتير الأجواء والاستهدافات للآخرين من خلال إثارة الأزمات وفتح الملفات خارج الأطر الدستورية مما يؤدي بالبلاد إلى منزلق لا تحمد عقباه.
وليس غريباً ازاء ذلك ان نجد مختلف القوى والشخصيات السياسية تقر بمحورية المرجعية التي توصف باستمرار بأنها "صمام امان". فـ"الائتلاف الوطني العراقي" الذي يعد الطرف الأساس في "التحالف الوطني" مع "ائتلاف دولة القانون"، اعلن عن تبنيه مبادرة المرجعية لحل الازمة، وفي هذا الشأن يقول عضو الائتلاف احمد الجلبي "ان مكونات "الائتلاف الوطني" أجمعت على تأييد خطوات المرجعية الدينية الأخيرة التي اسهمت في وضع الخطوط العريضة لحل الازمة والمطالب الشعبية المشروعة".
ويشير النائب عن "القائمة العراقية" كامل الدليمي الى "ان الفشل الحكومي والبرلماني في تحقيق أي طلب من مطالب المتظاهرين لم يبقِ امام الشعب سوى المبادرات الفردية سواء من المرجعيات الدينية ام من بعض الشخصيات السياسية والاجتماعية". ويعرب الدليمي عن امله في ان تشكل المرجعيات الدينية بنفسها لجاناً لنقل طلبات المتظاهرين الى الحكومة".
من جانبها ترى النائبة عن التحالف الكردستاني آلاء طالباني "ان تحرك المرجعية جاء بطلب من المتظاهرين الذين دعوها للتدخل في ايجاد حل لمطالبهم، بعدما شعروا بأن الحكومة لا تستجيب، واننا نأمل أن تحقق توصيات المرجعية أثراً واضحاً في حل مشكلة المتظاهرين وتحقيق مطالبهم المشروعة".
في ذات الوقت يشير النائب من "الكتلة العراقية الحرة" المنشقة عن القائمة العراقية زهير الأعرجي الى "ان تدخل المرجعية الدينية مهم بعد ان اغلقت ابوابها امام رجال السياسية منذ أكثر من عامين ورفضت لقاء الكثير من المسؤولين لأن الحكومة لم تسمع لتوصياتها، وان رأي المرجعيات الدينية محترم ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار ويكون عاملاً مساعداً في تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة".
ومن خلال ذلك يمكن القول ان التعويل اليوم على المرجعية الدينية بات كبيراً جداً، وان الانسداد السياسي الذي تشهده البلاد يتطلب مبادرات عملية وجادة من طرف او اطراف بعيدة عن دائرة التنافس والصراع.
صحيح أن حلولاً سحرية لا يمكن لها أن تظهر على أرض الواقع مهما كانت الاحوال والظروف، وان المرجعية الدينية لا تمتلك مثل تلك الحلول السحرية، الا ان ايقاف مسيرة التداعي والتأزم والاحتقان تعد مهمة وضرورية للغاية حتى لا تفلت الامور من عقالها، وهذا ما تعمل عليه المرجعية الآن، والذي اخذت تبرز بعض ملامحه ومعالمه من خلال الخطوات الايجابية للحكومة حيال مطالب المتظاهرين.