ارشيف من :آراء وتحليلات

بريطانيا تتردد في البقاء او الخروج من الاتحاد الاوروبي

بريطانيا تتردد في البقاء او الخروج من الاتحاد الاوروبي
ان المناقشة حول ما اذا كانت بريطانيا ستستمر في عضوية الاتحاد الاوروبي، وبأية شروط، دخلت في مرحلتها الساخنة. ويتوقع الجميع ان يحدد رئيس الوزراء دايفيد كاميرون موقف بريطانيا الرسمي بهذا الخصوص. وتتركز التوقعات بشكل خاص حول امكانية اجراء استفتاء عام حول المسألة.

وكان كاميرون، في تصريح له للـBBC ، قد اعلن انه يسعى الى تحقيق "اتفاق جديد" مع اوروبا، وبعد ذلك يسعى الى اخذ موافقة البريطانيين. وقد ادت دعواته الملحة لاعادة تحديد العلاقات مع الاتحاد الاوروبي الى تشديد التخوفات، من ان بريطانيا تسير باتجاه الخروج من الاتحاد، على الرغم من ان رأي رئيس الوزراء هو البقاء في عضوية الاتحاد.
بريطانيا تتردد في البقاء او الخروج من الاتحاد الاوروبي
"ان اوروبا تتغير، وتوجد حظوظ ان نقود نحن هذه التغييرات، وان نطرح مسألة تغييرات جديدة، تقودنا لأن نشعر بارتياح اكثر في علاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي. وانا على ثقة انه يمكننا التوصل الى اتفاق جديد". هذا ما اعلنه كاميرون امام الـBBC. ولكنه رفض ان يحدد فيما اذا كان سيدعو الى اجراء الاستفتاء ام لا. الا انه اضاف "سوف يتم السعي دون اي التباس لاجل تحقيق التفاهم على اجراء اي اتفاق جديد".

وصرح الناطق باسم رئيس الوزراء "ان كاميرون يعتزم التعبير عن افكاره حول مستقبل الاتحاد الاوروبي، كيف يجب ان يتطور، وكيف يجب ان تتطور علاقات بريطانيا بالاتحاد".

وكانت وردت معلومات ان كاميرون سيلقي خطاباً في 22 كانون الثاني الجاري حول علاقات بريطانيا بالاتحاد. ولكنه جرى صرف النظر عن هذا الموعد، لانه يصادف الذكرى الخمسين لتوقيع معاهدة الاليزيه بين المانيا وفرنسا، وهي المعاهدة التي وضعت حداً للعداء بين البلدين ووطدت العلاقات بينهما بعد الحرب العالمية الثانية. وردت برلين بغضب ان الخطاب يمكن ان يلقي الظلال على الاحتفال بالمناسبة ويمكن اعتبار ذلك بمثابة اهانة دبلوماسية. وهذا ما دفع بريطانيا الى تأجيل موعد الخطاب.

ان كاميرون يتعرض للضغط من اجل اجراء استفتاء حول الانتماء للاتحاد الاوروبي، ويتعرض للانتقاد من قبل الجناح المعادي لاوروبا في حزبه الخاص، بأنه لا يفعل ما هو كاف لاجل استعادة صلاحيات لندن من بروكسل، في الوقت الذي يجد فيه الاتحاد الاوروبي، ان طريق الخروج من الازمة يتمثل في تشديد الاندماج بين الدول الاعضاء في الاتحاد.

في حين ان آخرين، من امثال اللورد هيسيلتاين، وهو محافظ مؤيد لاوروبا، يحذرون من ان عدم الامان الذي يمكن ان يتسبب به اي استفتاء في المستقبل، يمكن ان يعرض للخطر العلاقات مع اوروبا ويهدد المصالح التجارية لبريطانيا.

ولكن كاميرون يؤكد انه بنتيجة الازمة فإن الاتحاد الاوروبي قد تغير، وان "هذه المناقشة" اصبحت تجري في كل مكان" وقال: "لقد اصبح لدينا الخيار كسياسيين: هل نترأس هذه المناقشة ونجري التغييرات، التي ستكون مفيدة كما لبريطانيا، كذلك لاوروبا، وبعد ذلك ان نعطي الحق للناس في ان يقولوا كلمتهم في ذلك، او سنضع رأسنا في الرمال، ونأمل ان تعبّر المناقشة عنا؟".

وقد ألح كاميرون على اقامة علاقات جديدة مع بروكسل، الا انه اكد بشكل قاطع انه ليس من مصلحة بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي، وأكد: "هل ستنهار بريطانيا اذا خرجنا من الاتحاد الاوروبي؟ طبعا لا. ويمكننا اختيار طريق ثان. ولكنني كنت دائماً واضحاً انه من مصلحتنا كأمة تجارية ان نكون موجودين في السوق الموحدة".

وفي الوقت ذاته فإن معارضيه العماليين يصفون سياسته حول المسألة بأنها "فوضى تامة". وقد اتهم وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية دوغلاس الكسندر رئيس الوزراء بأنه لا يسيطر لا على هذه المسألة الساخنة ولا على المحافظين، وقال: "حينما يتعلق الامر بخطاب كاميرون، فهو لا يستطيع ان يقرر التاريخ، حتى لا نتحدث عن السياسة. ويبدو انه مضطر ان يلقي خطابه في وقت ابكر، للسبب عينه الذي جرى بموجبه قبلاً تأجيل الخطاب ـ وذلك على وجه التحديد بسبب المعارضة التي يواجهها داخل حزبه ذاته، وكذلك من قبل الشركاء البريطانيين ومن قبل اوساط البيزنيس البريطانية".

واحد الاسباب للتشكيك في العلاقة مع الاتحاد الاوروبي في بريطانيا هو التخوفات من تدفق اللاجئين من بلغاريا ورومانيا وغيرها من البلدان الافقر العضو في الاتحاد. ولهذا فإن مسألة الهجرة هي من الموضوعات الالزامية التي تعتزم المملكة المتحدة البحث في الاتفاق مجدداً حولها مع بروكسل. وفي الاسبوع الماضي اكد كاميرون ان لندن سوف تصر على تحديد حق التنقل الحر في اطار بلدان الاتحاد.

وقد اعلن "داوننغ ستريت 10" (مقر الحكومة البريطانية) انه قبل ان يلقي رئيس الوزراء خطابه المرتقب، فإنه سيجري مباحثات مع الشركاء الاوروبيين. وهو حتى الآن اجرى مباحثات مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل ومع رئيس الوزراء الهولندي مارك ريوتيه.

وفي الوقت ذاته فإن عدداً من الزعماء العالميين دعوا لندن الى عدم الخروج من الاتحاد الاوروبي، ولكنهم اعلنوا انهم ضد اجراء التغييرات في الاتفاقات الاوروبية، التي يطالب بها كاميرون.

وفي هذا الصدد فإن اندي كيني، رئيس وزراء ايرلندا الذي تترأس بلاده الاتحاد الاوروبي حالياً، اعلن "ان بريطانيا هي جزء اساسي من الاتحاد الاوروبي". وأيد موقفه رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي، الذي قال ان المملكة المتحدة هي عضو مهم جداً في الاتحاد. الا انه حذر من أن كاميرون بتصرفاته يهدد مستقبل الاتحاد وقال: "اذ كان كل بلد عضو له الامكانية لان يختار بين السياسات الاوروبية الحالية، وان يفضل بعضها وان يرفض بعضها الاخر، التي لا تعجبه كثيراً، فإن الاتحاد ككل والسوق الموحدة بخاصة سوف ينهاران بسرعة". هذا ما صرح به رومبوي امام الجريدة البريطانية Guardian.

كما اعطت الولايات المتحدة الاميركية اشارات إلى أنها تريد بقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الاوروبي، وان خروجها منه يمكن ان يضر بالمصالح الاميركية. وقد اعلن فيليب غوردون، مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون اوروبا واوراسيا "توجد لنا علاقات متعاظمة مع بروكسل، التي يسمع صوتها اقوى فاقوى في العالم، ونريد ان يوجد صوت بريطاني قوي في هذا الاتحاد الاوروبي. ان هذا له اهمية رئيسية بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية".

وصرح هواكين المونيا، نائب رئيس المفوضية الاوروبية ومفوض شؤون المزاحمة، ان احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي هو بمثابة "كارثة" للبلاد. وفي رأيه ان اعادة الاتفاق حول شروط عضوية لندن في الاتحاد ستكون "صعبة جداً" وستقوض نفوذها.

ولكن بريطانيا تنحو الان هذا المنحى.

2013-01-22