ارشيف من :آراء وتحليلات
الإعتداء الصهيوني على سوريا
مع الغارة الإسرائيلية على مركز للبحوث العلمية العسكرية في ريف دمشق، دخل العامل الإسرائيلي بطريقة عسكرية مباشرة على خط الأزمة السورية وهذا ما يحصل للمرة الأولى منذ اندلاع هذه الأحداث قبل عامين، إذ تفادت إسرائيل التورط العلني في سوريا، الى درجة أن المعلومات المتوافرة حول الغارة الإسرائيلية الاخيرة على أهداف سورية بقيت غامضة ولم تخلُ من لغط وتضارب. مع العلم ان مصلحة إسرائيل تكمن، كما صرح اكثر من مسؤول اسرائيلي، في سقوط النظام السوري لضرب محور المقاومة والممانعة عبر استمرار هذه الحرب الداخلية التي تقود الى تدمير سوريا وضرب قوتها العسكرية ونفوذها الإقليمي؟!
اعتبر الاعتداء الاسرائيلي تطورا نوعيا اذ قطع مسار الاحداث العادي فأحدثت الغارة الإسرائيلية على مركز للبحوث العلمية العسكرية في ريف دمشق - منطقة جمرايا، صدمة سياسية مع ترقب حذر لتطورات خطيرة:
- ترافقت الغارة مع حركة مكثفة غير اعتيادية للطيران الإسرائيلي في أجواء المثلث "الإسرائيلي ـ اللبناني ـ السوري" استمرت طيلة ليل الأربعاء ـ الخميس ونفذتها 16 طائرة حربية إسرائيلية، ومع إجراءات احترازية تمثلت في نشر بطاريتين من "القبة الحديدية" في شمال إسرائيل - حيفا والجليل.
- التحرك العسكري الإسرائيلي سبقه اتصال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، كما تزامن مع وصول رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال "أفيف كوشافي" الى واشنطن.
- إسرائيل لم تقصف أي هدف داخل الأراضي اللبنانية لأنها ليست حاليا في وارد استدراج رد فعل من جانب حزب الله والدخول في مواجهة معه..
- التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد سوريا سبقته تحذيرات إسرائيلية للنظام السوري قبل أيام من "تبعات تحريك السلاح الكيماوي وأن إسرائيل ستضطر للتدخل وقصف مواقع السلاح الكيماوي"... كما أنه يأتي بعد نشر تقارير تتخوف من امتلاك حزب الله مخزونات أسلحة كيماوية سورية تغير موازين القوى... ولكن ما يمكن تأكيده أن الهجوم الإسرائيلي لم يستهدف "هدفا كيماويا" وأنه كان بمثابة إشارة تحذيرية على حدوث تجاوز للخط الأحمر، في حال حدوث تغيير في قواعد اللعبة.
- الاعتداء العسكري تزامن مع مأزق المعارضة وبرز في تطور سياسي لفت الأنظار والانتباه تمثل في إعلان رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب أنه مستعد للحوار مع ممثلين عن نظام الرئيس بشار الأسد، وهذا الموقف أثار ردودا حادة من المعارضة. من جهة أخرى، كشف رئيس مجلس أمناء الثورة السورية هيثم المالح أن السبب الرئيسي لعدم تشكيل حكومة من جانب الائتلاف المعارض هو عدم وجود موارد مالية، وأن رئيس الائتلاف معاذ الخطيب ذهب الى قطر وقال للمسؤولين هناك إنه من الصعب تشكيل حكومة من دون وجود ثلاثة مليارات دولار كحد أدنى. وقد وعدت قطر بذلك، وهذا المبلغ سيعتبر قرضا على الدولة السورية يُسدَّد بعد سقوط النظام.
- الاعتداء الاسرائيلي ضد القدرات الدفاعية السورية تقاطع مع بنك اهداف المعارضة المسلحة التي استهدفت مواقع استراتيجية للجيش السوري ليس لها اي تأثير داخلي من هذه الاهداف:
- كتيبة صواريخ دفاع جوي بتشورا في شرق حلب
- كتيبة صواريخ دفاع جوي فولغا في ريف حمص
- كتيبة فنية للواء صواريخ دفاع جوي في ريف دمشق الغوطة
- محطات رادار انذار تنتشر في اعالي تلال في مناطق متفرقة
- هجوم على فرع المخابرات العسكرية المخصص لجبهة الجولان في سعسع نفذ بواسطة ثلاث سيارات انتحارية
- هجوم على احد فروع مركز البحوث في حلب
- محاولات هجوم ارضية عديدة وفاشلة ضد مراكز دفاع جوي ومنشآت استراتيجية في ريف ادلب وحماه وحلب
يقول محللون وخبراء إسرائيليون في تقرير نشر قبل فترة: هناك مصلحة واضحة لدى إسرائيل في التعجيل بنهاية نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لأن ذلك من شأنه أن يقضي على الحلقة الأساسية في المحور الإيراني، بيد أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت قرارها بعدم التدخل في ما يجري في سوريا إلا في حال تعرضت البلاد إلى خطر مباشر نتيجة لهذه الأحداث. ولكن مع اقتراب نهاية النظام في دمشق حسب زعمهم، تتزايد المخاوف في إسرائيل ولدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من نشوء تهديدات إستراتيجية، ويجري التداول في أروقة هذه الأجهزة في ثلاثة سيناريوهات:
- الأول: قيام النظام السوري بقصف إسرائيل قصفا عنيفا بالصواريخ أو القذائف، بهدف توحيد الناس والجيش من حوله.
- الثاني: أن تنقل سوريا الى حزب لله رؤوسا حربية وكيماوية أو بيولوجية قابلة للتركيب في الصواريخ أو القذائف التي يملكها الحزب في لبنان.
- الثالث: أن تنقل سوريا إلى حزب لله في لبنان أنواعا من الأسلحة تعتبرها إسرائيل تخرق التوازن والاستقرار في المنطقة، مثل كميات جديدة من الصواريخ البالستية أرض ـ أرض من طراز سكود دي، ومنصات متحركة لإطلاق هذه الصواريخ، وصواريخ مضادة للطائرات من نوعية أس إيه - 6 أو أس إيه- 8، أو أنواع أكثر تطورا من هذه النوعية من الصواريخ مثل أس إيه - 17 ، أو أس إيه- 22، وصواريخ بر بحر وأرض أرض متطورة بعيدة المدى ودقيقة حصلت عليها سوريا من روسيا.
ويضيف التقرير: إن حصول مثل هذه السيناريوهات هو بمثابة خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل، إذ سيقوم الجيش الإسرائيلي بإحباطها مسبقا أو سيرد عليها في حال حدوثها بصورة قاسية للغاية.
في الختام ومع تعذر المعارضة المسلحة في تحقيق بنك الاهداف الاسرائيلي ضد قدرات الجيش السوري فهل تضطر اسرائيل الى الدخول مباشرة في سلسلة اعتداءات لاستكمال الاهداف نفسها؟