ارشيف من :آراء وتحليلات

روسيا تعمل لتفعيل دورها في سوق الطاقة العالمي

روسيا تعمل لتفعيل دورها في سوق الطاقة العالمي
قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفع السرية عن احصاءات مكامن الطاقة في روسيا. ويقول بعض المختصين المطلعين ان روسيا يمكنها ان تبرهن بأنها تعتبر في عداد البلدان الأولى في ما تمتلكه من الاحتياطات المؤكدة للنفط والغاز، وذلك ببساطة عن طريق تغيير طريقة حسابها.

ومن جهة ثانية يمكن للرئيس فلاديمير بوتين أن يسمح بامكانية إلغاء احتكار شركة "غازبروم" المفروض على تصدير الغاز الطبيعي المسيّل. وجوابا على طلب موجه من قبل رئيس شركة "روسنفط" إيغور سيتشين، نصح بوتين بالتفكير بهذه الامكانية. ولكن من الصحيح ان امدادات الغاز المسيل لا ينبغي ان تذهب الى أوروبا، لأنها حينذاك تخلق منافسة غير ضرورية لشركة "غازبروم" نفسها. وفي الوقت ذاته اقترح الرئيس رفع السرية عن الاحتياطات الوطنية للطاقة الهيدروكربونية، من أجل جعل قطاع المجمع الحراري ـ الطاقوي اكثر جاذبية للمستثمرين. وقد عقد الرئيس بوتين جلسة للجنة الرئاسية الخاصة باستراتيجية تنمية قطاع المجمع الحراري ـ الطاقوي والامن البيئوي. وأدرجت على جدول الاعمال مسائل مثل تنمية مكامن الهيدروكربونيات في الجرف القاري، انتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسيل، ضمان الشفافية في الشركات ذات الرأسمال الحكومي والبنى المتفرعة عنها. كما تم البحث في موضوع تحليل عمل آليات انظمة الدفع في قطاع الطاقة الكهربائية.

روسيا تعمل لتفعيل دورها في سوق الطاقة العالمي

وكان قد تم تشكيل اللجنة الرئاسية الخاصة بقطاع المجمع الحراري ـ الطاقوي في 15 حزيران 2012. ويترأس اللجنة فلاديمير بوتين شخصيا، اما مركز أمين سر اللجنة فيشغله رئيس شركة "روسنفط" إيغور سيتشين. وبالإضافة الى اللجنة الرئاسية، يوجد ايضا لجنة خاصة بقطاع المجمع الحراري ـ الطاقوي تابعة لرئاسة الوزراء، ويترأسها نائب رئيس الوزراء اركادي دفوركوفيتش. ويقول بعض المطلعين ان وجود هذه الازدواجية يولد ليس فقط المزاحمة السليمة، بل والتصادم. وخصوصا انه لدى كل من سيتشين ودفوركوفيتش رؤية مختلفة لمستقبل قطاع المجمع الحراري ـ الطاقوي الوطني.

ويحاول بوتين ان يدفع باتجاه انضمام روسيا الى عضوية "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" OECD، بهدف جعل روسيا اكثر جاذبية للمستثمرين.

وكان الرئيس بوتين قد افتتح الجلسة باقتراح الوقوف دقيقة صمت احتراما لذكرى الرئيس السابق لـ "غازبروم" ريم فياخيريف. بعد ذلك القى خطابا، اعترف فيه ببعض الوقائع غير السارة: ان اهتمام المستثمرين بحقول التنقيب عندنا لا يزال كما هو، لكن الجاذبية للفروع الصناعية تنخفض بسبب التقديرات القديمة لقاعدة الموارد.

ان الاحتياطات الفعلية للنفط والغاز هي ضخمة، ولكن، وبموجب طرائق الحساب القائمة، تبدو ارقام الاحتياطات اقل من الواقع. وقد دعا الرئيس الى اعتماد طرق التصنيف الجديدة للاحتياطات، بالتوافق مع المقاييس المعتمدة دوليا.

وأحد هذه الطرق ـ رفع السرية عن المعلومات حول ميزان الاحتياطات الخاصة بموارد المكامن الطبيعية. والخطوة التالية ـ اعتماد انظمة للعمل واستيعاب الثروات الباطنية. ولهذه الغاية اقترح بوتين منح هيئة "روسنيدر" (الهيئة المختصة بالبحث عن الثروات الباطنية) صلاحيات هيئة خبراء. وقد اكد رئيس هذه الهيئة الكسندر بوبوف انه فقط عن طريق التحول الى طرق التصنيف الدولية فإن روسيا، بما يتعلق باحتياطات النفط المؤكدة، يمكن ان تنتقل من المرتبة الثامنة الى المرتبة الثالثة في الترتيب العالمي.

ومما يقلق الرئيس بوتين ليس فقط الاخطاء في الاحصاءات المضروبة عليها السرية، بل وكذلك الاخطاء في تصدير الغاز الروسي. وقد دعا الى زيادة حجم وتنويع صادرات الوقود الى الخارج. بما في ذلك ينبغي العمل بجد لانتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسيل. ان الحصة الروسية في السوق العالمي للغاز الطبيعي المسيل هي اليوم 3%. ولأجل تكوين قدرات تصنيعية جديدة ينبغي استغراق ما لا يقل من 5 ـ 10 سنوات. واحدى الطرق لتقوية المواقع الروسية في سوق الغاز الطبيعي المسيل هي اجتذاب المستثمرين الخاصين. ولهذه الغاية ينبغي التفكير في آليات لتحرير (لبررة) تصدير الغاز الطبيعي المسيل.

روسيا تعمل لتفعيل دورها في سوق الطاقة العالمي


وقال بوتين "اني اقترح تحرير تصدير الغاز الطبيعي المسيل، الذي يتم انتاجه من حقول الغاز، الواقعة جزئيا أو كليا في المياه الاقليمية، وفي الجرف القاري، وفي شبه جزر يامال وغيدان، واتخاذ الاجراءات لادخال حوافز ضرائبية وجمركية". وايده في ذلك رئيس فريق الخبراء التابع للجنة، رئيس هيئة "زاروبيجنفط" سيرغيي كودرياشوف، الذي تقدم من رئيس الدولة باسم المشاركين في اللجنة باقتراح ان تعطى الشركات العاملة في الجرف حق تصدير الغاز الطبيعي المسيل.

وحسبما قال سيتشين، فإن تحرير تصدير الغاز الطبيعي المسيل لا يحمل الضرر لشركة "غازبروم". وقال حرفيا "ان ما يـُـقترح علينا لتحرير الغاز الطبيعي المسيل لا يحمل الضرر لمنتجنا الاساسي للغاز ـ شركة "غازبروم"، لان الكميات المصدرة ستوجه بصورة رئيسية لتزويد اسواق اخرى. فاذا لم يصل الى تلك الاسواق الغاز الطبيعي المسيل الروسي، فسيصل اليها موردون آخرون". وحدد بشكل خاص اسواق الاقليم الاسيوي على المحيط الهادي.

وقال رئيس الدولة "لاجل تطوير هذه الفروع ينبغي تكوين جميع الظروف المطلوبة، بما في ذلك ضرورة التفكير في التحرير المرحلي لتصدير الغاز الطبيعي المسيل". واكد الرئيس على تنامي دور سوق الغاز الطبيعي المسيل وعلى ضرورة زيادة المشاركة الفعالة لروسيا في هذا السوق.

ولكن التحرير (اللبررة) ينبغي ان يقتصر فقط على الغاز الطبيعي المسيل. وهذه مسألة ملحة جدا بالنسبة لشركة "روسنفط"، لان احتياطات الغاز في الحقول التابعة للشركة في الجرف القاري تقدر بـ 80 تريليون متر مكعب.

وابدى بوتين الاهتمام حول اين يخطط سيتشين ان يورد المحروقات. فأشار الى الشرق، اي الى طريق بحر الشمال. وقد رفض الرئيس المشروع ـ لان الجليد يدوم ثمانية اشهر في السنة في تلك المنطقة. ومن ثم فإن الغاز الطبيعي المسيل من القطب المتجمد الشمالي يمكن ان يصل الى الاسواق الفورية في اوروبا، ويشكل مزاحما لتوريدات شركة "غازبروم". وفي هذا الصدد اقترح ايضا بوتين التفكير الاضافي بالاسواق المحتملة لمبيعات الغاز الطبيعي المسيل في المستقبل.

كما جرى في الجلسة البحث في مسائل الطاقة الكهربائية. وكان بوتين قد تلقى اكثر من مرة تقارير تتعلق بمسائل انضباط الدفع في هذا الحقل. تجري التغييرات في هذا الحقل، ولكن ببطء. وقال بوتين ان الديون على المستهلكين قد زادت 60% في السنوات الماضية. وتقدم ببعض الطلبات الى شركات الكهرباء. وقال انه ينبغي النظر كيف وعلى اي شيء تنفق الشركات الاموال، وكيف تتم الادارة. وما دام ان آلية حسابات الطاقة الكهربائية تتعلق مباشرة بالاقاليم، تم الاقتراح بأن تعقد لبحث هذه المسألة جلسة خاصة لمجلس الدولة. ان العديد من الخبراء يؤكدون انه قد تراكم العديد من التناقضات في حقل المدفوعات للطاقة الكهربائية. وللمثال، فإن مدير المبيعات للموقع التجاري الالكتروني AKD يعتبر ان روسيا ليست مهيأة للتخلي عن تقاطع التعرفات المدعومة لبيع التجزئة (المفرق) للطاقة الكهربائية لمختلف الشركات الصناعية.

وقال المدير العام لشركة EKF Electrotechnica الكسندر تيزيايف ان فعالية المدفوعات في حقل الطاقة الكهربائية تتعلق مباشرة بجملة وسائل في كل مرحلة: المستهلكين ـ شركات التسويق ـ التوليد. "والفشل في اي من هذه الحلقات يؤدي حتما الى مشكلات في كل المنظومة، وبنتيجة ذلك يؤدي الى تأثيرات سلبية على نمو الحقل وبقائه في وضعية عمل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب لبناني مستقل
2013-02-22