ارشيف من :آراء وتحليلات
قصة اليورانيوم... مشوار طويل من التفاوض
حسن حيدر ـ آلماتي
اجتمعت القوى الست ـ الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ـ مع مفاوضين ايرانيين في مدينة ألماتا بكازاخستان في الجولة التاسعة من المحادثات الرامية لتسوية النزاع القائم منذ عشر سنوات حول ملف ايران النووي.
هذا الملف الذي تثار حوله الكثير من الضوضاء منذ العام ألفين وثلاثة، كانت تجري المفاوضات فيه حينذاك مع الترويكا الاوروبية "فرنسا، بريطانيا وألمانيا"، على الاراضي الايرانية، وبعدها نقل الملف الى مجلس الامن، وبدأت سلسلة العقوبات الغربية تنهال تباعاً على الاقتصاد الإيراني، لمنع طهران من تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
تجاوبت ايران مع الوقف الطوعي كبادرة حسن نية تجاه الغربيين، فقوبلت بشروط جديدة من بينها إيقاف كافة أجهزة الطرد المركزي عن العمل ورفض التفاوض على مبدأ تشغيل خمسة منها على الأقل في ظلّ رقابة دولية، لأن مبدأ التخصيب كان مرفوضاً أميركياً وإسرائيلياً. ومع انتهاء ولاية الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي ووصول الرئيس الحالي أحمدي نجاد إلى منصبه، وتغيّر خارطة القوى الدولية في المنطقة جراء غزو الولايات المتحدة للعراق، ظهرت ايران كلاعب اقليمي أساسي في المنطقة بعدما فكّت الأختام عن منشآتها النووية وبدأت عمليات تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية وانسحبت من "البروتوكول الاضافي" الذي سبق أن وقّعته طوعاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يسمح بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت النووية الإيرانية، وهددت بالانسحاب من معاهدة "الحد من الانتشار النووي" في حال لم يجرِ الاعتراف دولياً بحقوقها.
ومن هنا رأت الولايات المتّحدة الأميركية حاجة للدخول إلى المباحثات كطرف مباشر بعدما كانت تقودها من خلف الكواليس عبر وكلائها، وانضمّت كلّ من الصين وروسيا اليها بما يمثلانه على الصعيد الدولي، فانقلبت موازين القوى في طاولة المفاوضات، حيث إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا التي تكتفي بالاستماع والمشاركة في جلسات المباحثات من باب تكملة العدد، تلعب دوراً "تجميلياً" يضفي صبغة دولية على المجموعة، في حين تقف امريكا في المقلب الآخر في مواجهة إيران من جهة، والوسيطان روسيا والصين/ من جهة أخرى، وهو ما بدا واضحاً في مباحثات بغداد قبل أكثر من عام عندما كاد أن ينفرط عقدها فأعادها الروسي إلى مسارها التفاوضي مستضيفاً جميع أطرافها في موسكو.
هذا وأظهرت مجريات المسار التفاوضي لإيران مع الغربيين، تمسّكها بشكل جلي بحق تخصيب اليورانيوم المشروع والمعترف به في كلّ المواثيق والمعاهدات الدولية وسعيها لانشاء عشرين محطة نووية، مستقبلا لاستثمار الطاقة الكهربائية والتنموية، ورغبتها بالإبقاء على تعاون وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية لطمأنة الغربيين على سلمية برامجها.
كما وأبدت الجمهورية الاسلامية في وقت سابق استعدادها عبر الاتفاق الثلاثي الذي تم برعاية تركية - برازيلية لإبدال مخزون اليورانيوم الذي بحوزتها بوقود مخصّب بنسبة عشرين بالمئة، غير أن أميركا عرقلت المراحل التنفيذية لهذا الاتفاق كونه يمنح ايران اعترافاً ضمنياً بحقها في تخصيب اليورانيوم.
وراهنت الدول الغربية على عدم قدرة ايران على انتاج وقود مخصب بنسبة عشرين في المئة، ومرّة أخرى أخطأوا الرهان بعد أن قام الدكتور مجيد شهرياري، المتخصص بعلوم الفيزياء النووية ومن قبله الدكتور مسعود علي محمدي، باجراء حساباتها الدقيقة والمعقدة وتنفيذها، فزادت طهران من امكاناتها تحت اشراف الوكالة، فكان الردّ باغتيال هذين العالمين وعلماء إيرانيين آخرين وتصفيتهم لغاية عرقلة ووقف البرنامج النووي الإيراني.
إلا أن هذه الممارسات الغربية حوّلت قضية حصولها على اليورانيوم والملف النووي الإيراني بأسره إلى مسألة قومية لا يمكن المساومة عليها، فأعلنت إيران جهوزيتها لوقف التخصيب بنسبة عشرين في المئة مقابل تزويدها بالوقود ورفع العقوبات المفروضة عليها. هذا المطلب الايراني تلقفته السداسية الدولية وحاولت قلب الأدوار فأجرت عليه بعض التعديلات وقدمته لايران على أن يتم الايحاء بوجود تراجع ايراني ورضوخ منها للمطالب الغربية، في ظلّ العقوبات والحصار والتهديد بالحرب.
وعلى ما تقدم، فإن المفاوض الايراني ينظر الى هذه المسألة بحساسية شديدة، فلا تنازل منه عن حقوق بلاده المشروعة تحت أي ظرف، وفي حال تم الاتفاق على مسألة التخصيب فسيكون مشوار الالف ميل قد بدأ والذي ربما لن ينتهي بتسويات سياسية ولا بالخيارات العسكرية والسبب بسيط وهو أنه "لا يمكن للعيون الاميركية ان ترى ايران نووية لانها تنظر بنظارات اسرائيلية".
اجتمعت القوى الست ـ الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ـ مع مفاوضين ايرانيين في مدينة ألماتا بكازاخستان في الجولة التاسعة من المحادثات الرامية لتسوية النزاع القائم منذ عشر سنوات حول ملف ايران النووي.
هذا الملف الذي تثار حوله الكثير من الضوضاء منذ العام ألفين وثلاثة، كانت تجري المفاوضات فيه حينذاك مع الترويكا الاوروبية "فرنسا، بريطانيا وألمانيا"، على الاراضي الايرانية، وبعدها نقل الملف الى مجلس الامن، وبدأت سلسلة العقوبات الغربية تنهال تباعاً على الاقتصاد الإيراني، لمنع طهران من تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.
تجاوبت ايران مع الوقف الطوعي كبادرة حسن نية تجاه الغربيين، فقوبلت بشروط جديدة من بينها إيقاف كافة أجهزة الطرد المركزي عن العمل ورفض التفاوض على مبدأ تشغيل خمسة منها على الأقل في ظلّ رقابة دولية، لأن مبدأ التخصيب كان مرفوضاً أميركياً وإسرائيلياً. ومع انتهاء ولاية الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي ووصول الرئيس الحالي أحمدي نجاد إلى منصبه، وتغيّر خارطة القوى الدولية في المنطقة جراء غزو الولايات المتحدة للعراق، ظهرت ايران كلاعب اقليمي أساسي في المنطقة بعدما فكّت الأختام عن منشآتها النووية وبدأت عمليات تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية وانسحبت من "البروتوكول الاضافي" الذي سبق أن وقّعته طوعاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يسمح بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت النووية الإيرانية، وهددت بالانسحاب من معاهدة "الحد من الانتشار النووي" في حال لم يجرِ الاعتراف دولياً بحقوقها.
ومن هنا رأت الولايات المتّحدة الأميركية حاجة للدخول إلى المباحثات كطرف مباشر بعدما كانت تقودها من خلف الكواليس عبر وكلائها، وانضمّت كلّ من الصين وروسيا اليها بما يمثلانه على الصعيد الدولي، فانقلبت موازين القوى في طاولة المفاوضات، حيث إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا التي تكتفي بالاستماع والمشاركة في جلسات المباحثات من باب تكملة العدد، تلعب دوراً "تجميلياً" يضفي صبغة دولية على المجموعة، في حين تقف امريكا في المقلب الآخر في مواجهة إيران من جهة، والوسيطان روسيا والصين/ من جهة أخرى، وهو ما بدا واضحاً في مباحثات بغداد قبل أكثر من عام عندما كاد أن ينفرط عقدها فأعادها الروسي إلى مسارها التفاوضي مستضيفاً جميع أطرافها في موسكو.
هذا وأظهرت مجريات المسار التفاوضي لإيران مع الغربيين، تمسّكها بشكل جلي بحق تخصيب اليورانيوم المشروع والمعترف به في كلّ المواثيق والمعاهدات الدولية وسعيها لانشاء عشرين محطة نووية، مستقبلا لاستثمار الطاقة الكهربائية والتنموية، ورغبتها بالإبقاء على تعاون وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية لطمأنة الغربيين على سلمية برامجها.
كما وأبدت الجمهورية الاسلامية في وقت سابق استعدادها عبر الاتفاق الثلاثي الذي تم برعاية تركية - برازيلية لإبدال مخزون اليورانيوم الذي بحوزتها بوقود مخصّب بنسبة عشرين بالمئة، غير أن أميركا عرقلت المراحل التنفيذية لهذا الاتفاق كونه يمنح ايران اعترافاً ضمنياً بحقها في تخصيب اليورانيوم.
وراهنت الدول الغربية على عدم قدرة ايران على انتاج وقود مخصب بنسبة عشرين في المئة، ومرّة أخرى أخطأوا الرهان بعد أن قام الدكتور مجيد شهرياري، المتخصص بعلوم الفيزياء النووية ومن قبله الدكتور مسعود علي محمدي، باجراء حساباتها الدقيقة والمعقدة وتنفيذها، فزادت طهران من امكاناتها تحت اشراف الوكالة، فكان الردّ باغتيال هذين العالمين وعلماء إيرانيين آخرين وتصفيتهم لغاية عرقلة ووقف البرنامج النووي الإيراني.
إلا أن هذه الممارسات الغربية حوّلت قضية حصولها على اليورانيوم والملف النووي الإيراني بأسره إلى مسألة قومية لا يمكن المساومة عليها، فأعلنت إيران جهوزيتها لوقف التخصيب بنسبة عشرين في المئة مقابل تزويدها بالوقود ورفع العقوبات المفروضة عليها. هذا المطلب الايراني تلقفته السداسية الدولية وحاولت قلب الأدوار فأجرت عليه بعض التعديلات وقدمته لايران على أن يتم الايحاء بوجود تراجع ايراني ورضوخ منها للمطالب الغربية، في ظلّ العقوبات والحصار والتهديد بالحرب.
وعلى ما تقدم، فإن المفاوض الايراني ينظر الى هذه المسألة بحساسية شديدة، فلا تنازل منه عن حقوق بلاده المشروعة تحت أي ظرف، وفي حال تم الاتفاق على مسألة التخصيب فسيكون مشوار الالف ميل قد بدأ والذي ربما لن ينتهي بتسويات سياسية ولا بالخيارات العسكرية والسبب بسيط وهو أنه "لا يمكن للعيون الاميركية ان ترى ايران نووية لانها تنظر بنظارات اسرائيلية".