بعد النزاعات الغازوية مع أوكرانيا قررت روسيا ان تبني أنابيب غاز تتجنب المرور في ذلك البلد. وقد بحث مشروعان، الاول مشروع "السيل الشمالي" الذي يمر في قاع بحر البلطيق، والثاني هو ذراع ثان لأنبوب "يامال ـ اوروبا" يمر عبر اراضي بيلاروسيا. وفي الحساب الأخير وقع الاختيار على البدء بالخيار الاول، حتى لا توجد اي تبعية لدول ترانزيت. وفي كانون الاول 2011 فإن الذراع الأول من انبوب "السيل الشمالي"، وهو بقدرة 27 مليار متر مكعب، بدأ العمل، وفي السنة الثانية جرت مضاعفة الكمية المنقولة عبر هذا الانبوب. وطول انبوب "يامال ـ اوروبا ـ 2" يبلغ حوالى 2000 كيلومتر وستبلغ تكلفته حوالى 5 مليارات دولار، حسب تقدير المحلل من "سبيربنك سيف" فاليري نيستيروف. وتبرز عدة اسئلة وخاصة من سيشتري هذا الغاز، اذ إنه لا يتوقع أن الطلب على الغاز سيزداد كثيرا في أوروبا.

وقد اعلنت الحكومة البولونية انه كان يمكن ان تقبل ببناء البنية التحتية لانبوب "يامال ـ اوروبا ـ 2" على اراضيها فيما لو ان البناء تم على أيدي شركتها الحكومية، حسبما اعلن وزير خزانة الدولة ميكولاي بودزانوفسكي، كما نقلت عنه جريدة وول ستريت جورنال .

وقال بودزانوفسكي "ان قرار بناء خط انابيب ترانزيتي قد اتخذ بمعزل عن الحكومة البولونية وعن المشغِّل البولوني للانبوب".

وكانت بولونيا تلح ان يكون الذراع الثاني  لانبوب "يامال ـ اوروبا" بديلا عن انبوب "السيل الشمالي" الذي تم بناؤه عبر بحر البلطيق. ولكن بعد ان صار المشروع عبر بحر البلطيق جاهزاً اخذت بولونيا تغير لهجتها. واضاف بودزانوفسكي "بسبب التجربة مع انبوب "يامال ـ اوروبا ـ 1" اعتقد ان بناء خط انبوب جديد يمكن أن يتم انجازه فقط من قبل استثمارات تملكها الدولة البولونية".

ولكن بالرغم من الملاحظات البولونية، فقد نشرت جريدة "فيدوموستي" الروسية ان الرئيس بوتين اقترح في 3 نيسان/ابريل الجاري بناء انبوب غاز جديد لأوروبا، من أجل زيادة أمن التزويد بالغاز لبولونيا، سلوفاكيا وهنغاريا. وقد وافق مدير شركة "غازبروم" الكسي ميلر على الفكرة التي ستكلف حوالى 5 مليارات دولار. ولكن توجد هناك شكوك حول ما اذا كان سيوجد طلب على الطاقة المضافة. ويمكن أن يبدأ العمل بمشروع "يامال ـ اوروبا ـ 2"، بعد ان ينتهي بناء خط انابيب "السيل الجنوبي". وبواسطته يمكن ان يتم نقل 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي تبعا لوضعية السوق. وفي الوقت الحاضر يتم عبر "يامال ـ اوروبا ـ 1" الذي يمر عبر بيلاروسيا ايضا، نقل حوالى 33 مليار متر مكعب من الغاز.


وكلفة "يامال ـ اوروبا ـ 2" لن تكون كبيرة، لأن روسيا وبيلاروسيا تمتلكان بنية تحتية خاصة، حسبما قال لـ"فيدوموستي" ممثل شركة "غازبروم" سيرغيي كوبريانوف. ومن جهته علق ميلر انه "اصبح واضحا تماما" ان فعالية هذا المشروع ستكون كبيرة جدا. وقد اظهر المشاركون اهتماما كبيرا بالمشروع. "انه لمن المؤكد 100%... اذا تحدثنا عن تزويد بولونيا، وعمليا كل شيء سيتم تحقيقه بواسطة انابيبنا، ولن يكون هناك ترانزيت"، كما يقول ميلر.

ان مشروع "يامال ـ اوروبا ـ 2" سوف يكون بديلا للطاقات الاضافية لمشروعي "السيل الشمالي"  و"السيل الجنوبي"، كما يحسب المحلل في Raiffeisenbank اندريه بوليشوك. وفي الوقت الحاضر فإن البنية التحتية للنقل الخاصة بـ"غازبروم" تؤمن كل سنة 137 مليار متر مكعب من اصل 158 مليار متر مكعب متفق عليها. والقدرة الاجمالية هي 255 مليار متر مكعب. وحسب تقديرات مدير East European Gas Analysis ميخائيل كورتشيمكين، اذا تم انجاز جميع المشاريع، فإن القدرات ستصل الى 375 مليار متر مكعب في السنة.
*كاتب لبناني مستقل