ارشيف من :آراء وتحليلات

حركة أميركية من دون بركة...

حركة أميركية من دون بركة...
محرر الشؤون العبرية

اقتصرت نتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري إلى كيان العدو، على عقد اتفاقات، كما أعلن، مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حول تحقيق سلسلة من المشاريع الاقتصادية في الضفة الغربية، تم إبقاء بنودها سرية على أن يتم الإعلان عن بعضها في مرحلة لاحقة. وبرر كيري ذلك بأنه لا يريد إدارة مفاوضات عبر وسائل الإعلام. لكن صحيفة "هآرتس" كشفت عن مضمون هذه الاتفاقات بالقول إن كيري قصد في كلامه مشاريع اقتصادية ستقام في المنطقة "ج" التي تسيطر عليها "إسرائيل" أمنيا وإداريا، وهي تتصل بمشاريع سكنية وسياحية كانت "إسرائيل" ترفض السماح بها حتى الآن.

بغض النظر عما إذا كانت المشاريع التي تحدث عنها كيري ستأخذ طريقها إلى التنفيذ أم لا، وسواء هيأ كيري الأرضية لاستئناف المفاوضات أم فشل في ذلك (وهو المرجح)، وحتى لو نجح في انتزاع التزام إسرائيلي غير معلن من كيان العدو بالكف عن توسيع المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية، هناك مجموعة من الحقائق من الصعب تجاوزها، ستكون لها الكلمة الفصل في بلورة خلفية صانع القرار في تل أبيب، وبالتالي ستحدد مسار المفاوضات ونتائجها، أو ستجهض أي محاولة جدية لاستئنافها.


من أهم ما تشير إليه ما سمي بحلول وسط جزئية، تمكن كيري من تحقيقها (المشاريع الاقتصادية المفترضة)، أنها تكشف عن العقبات الكبيرة التي تعترض مساعي التوصل إلى اتفاق نهائي، أو على الأقل إحداث اختراق نوعي في إحدى قضاياها العالقة مثل حدود الدولة الفلسطينية، كما حاولت إدارة اوباما مطلع ولايته السابقة.

جذور ومنبع التقديرات التي تستبعد التوصل إلى "انجازات" نوعية حقيقية تتصل بقضايا الوضع النهائي، تعود إلى مجموعة من العوامل:
من الصعب تجاوز حقيقة التباين في النظرة بين القيادات الإسرائيلية عامة، ومعسكر اليمين خاصة، وعلى رأسه بنيامين نتنياهو، وبين إدارة اوباما التي ترى ان تسوية القضية الفلسطينية وتحقيق انجاز فعلي ما على هذا المسار، يُعزز أوراقها في سياسة احتواء وتوجيه الحراك الذي يشهده العالم العربي وصولا إلى ضبط حركته ووجهته، وتحديداً في مصر والأردن وسوريا، بما يخدم سياستها في مواجهة معسكر المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية في إيران.

حركة أميركية من دون بركة...

في المقابل، يرى معسكر اليمين في حالة المخاض التي يمر بها العالم العربي مبررا ودافعا إضافيا لعدم القبول بأي صيغة اتفاق نهائي، بانتظار ما سيرسو عليه هذا الحراك كي يبنى على الشيء مقتضاه، وخاصة أنه مفتوح على احتمالات متعددة من ضمنها ما يحقق لـ"إسرائيل" مزيدا من الاستقرار، وإبعاد خطر معسكر المقاومة. أضف إلى انه لا يوجد ما يضمن للكيان الصهيوني ما يحفظ بقاء وأمن الأردن، الذي يتسم بخصوصية شديدة لجهة التواصل الجغرافي بين الأردن والضفة الغربية التي يفترض أن تكون محل إقامة الدولة الفلسطينية المفترضة.

ان استمرار الأمر الواقع في الضفة الغربية، لم يعد يتسبب بإحداث شرخ حاد في المجتمع الإسرائيلي، وهو ما انعكس في غياب القضية الفلسطينية عن صدارة التنافس الانتخابي. وخاصة أن "إسرائيل" لا تدفع أثمانا امنية واقتصادية واستراتيجية، جراء سياسة تكريس الأمر الواقع. والأهم ان "إسرائيل" كانت تحتاج إلى عقد اتفاقيات سلام، إلى جانب امور اخرى، في بداية التسعينيات لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية، ثم باتت قادرة على تحقيق ذلك عبر نفس اجراء عملية التفاوض حتى لو لم تؤدِّ إلى أي نتائج، والان بات الواقع الإقليمي، والأولويات التي تتبناها حركات "الربيع العربي"، توفر لـ"إسرائيل" الكثير من المصالح الأمنية والإستراتيجية..

إلى جانب كل ذلك، تبقى حقيقة أن "إسرائيل" لا تتعرض لضغوط دولية وأميركية، جدية، تجبرها على تخفيض سقفها السياسي وتلبية الحد الادنى من شعارات السلطة، كي تتمكن الأخيرة من تسويق أي صيغة اتفاق ممكن في الشارع الفلسطيني، حتى لو كان مجحفا بحقوقه، وهو كذلك.
2013-04-15