ارشيف من :آراء وتحليلات
مادورو ينتصر ... والثورة البوليفارية لهوغو شافيز مستمرة
كانت المعارضة الفينزويلة المدعومة اميركيا تراهن على تحقيق انتصار سهل نسبيا في الانتخابات الرئاسية الفينزويلية. وكان الاعتقاد السائد لدى اوساط المعارضة ان العقبة الرئيسية في وجهها كان هوغو شافيز شخصيا، وبإزاحة شافيز فلن يكون من الصعب على المعارضة "الديمقراطية" ان تحقق انتصارها المنتظر، وأن تعمد فورا الى قلب الاتجاه السياسي والاجتماعي العام للبلاد رأسا على عقب. ولكن العملية الانتخابية ذاتها كشفت ان الخط الاشتراكي الذي طرحه هوغو شافيز قد تجذر جماهيريا وصار من الصعب اقتلاعه بواسطة اللعبة البرلمانية. وكان شافيز ذاته قد أعلن قبل وفاته تأييده لنائبه (سائق الباص السابق ـ والمناضل النقابي السابق ـ ووزير الخارجية السابق) نيكولاس مادور، وقد فاز بالفعل "مرشح شافيز".
وينبغي الملاحظة أن اوساط المعارضة كانت متأكدة من انتصار مرشحها، وبعد ان جرى تمديد فترة التصويت لوقت قصير بسبب زحمة الناخبين في اللحظات الأخيرة في بعض مراكز الاقتراع، وبالتالي تأخير إعلان النتائج، اذاعت بعض اوساط المعارضة على الانترنت: "لقد انتصر كابريليس، والآن يفكر الشافيزيون بأي طريقة كي يحتفظوا بالسلطة في ايديهم".
ولكن اوساط المعارضة فوجئت بالسيناريو الاسوأ بالنسبة لها وهو الاعلان عن فوز نيكولاس مادورو. هذا مع أن نسبة الفوز لم تتجاوز 6،1 نقطة، اذ حصل مادورو على 50.66% ومنافسه المعارض على نسبة 49.07%، وشارك في الاقتراع حوالى 79% من الناخبين.
وفي حين خرجت جماهير الشافيزيين الى الشوارع تحتفل بالنصر، بدأت وسائل الاتصال الاجتماعي تنقل العبارات الحزينة واليائسة لأنصار المعارضة المتأمركة: "وداعا للديمقراطية! وداعا للأمل! اهلا بـ كوبازويلا!". (اذ ان المعارضة تعتبر ان مادورو سيخدم مصالح كوبا وليس مصالح فينزويلا) والكثير من المعارضين عبروا عن رغبتهم في الهجرة.
مادورو بعد اعلان فوزه بين مناصريه
وتجمعت الجماهير أمام متحف الثورة حيث ألقى مادورو كلمة تعهد فيها بمتابعة طريق الكومندانتي شافيز. ووصف الانتخابات بأنها "شريفة، قانونية، دستورية وانتصار شعبي". وأصدر مرشح المعارضة الخاسر انريكه كابريليس بيانا ادعى فيه حصول مخالفات انتخابية وأن رئاسة مادورو هي "غير شرعية"، كما دعا الى اعادة فرز اوراق الاقتراع من جديد.
ورد الشافيزيون على هذا الإدعاء، وقال النائب الشيوعي يول هابور "ان نظامنا الالكتروني هو مضمون وشفاف، وهو موثوق جدا. وقد استخدم في أكثر من 16 دورة انتخابية، وقد اعترف بصلاحيته على المستوى الوطني والدولي". وفي الانتخابات السابقة في تشرين الأول/أوكتوبر 2012 كان شافيز قد فاز على كابريليس بزيادة نسبة 10%. أما الآن فقد حصل كابريليس على أقل من نصف الأصوات بقليل. وقد علق على ذلك رئيس المجلس الوطني ديوسدادو كابيليو بالقول ينبغي ان نقوم لذلك "بنقد ذاتي عميق. هناك تناقض في أن بعض الفئات الفقيرة من السكان صوتوا لمستغليهم". وأن قسما من الفينزويليين "تجتذبهم الوعود الفارغة للقوى اليمينية". وقال إنه يتوجب على السلطة اكتشاف وتصحيح الاخطاء.
وحسب رأي العديد من الخبراء فإن المهمات القادمة للسلطة ليست سهلة، لأنه يتوجب عليها ان تجد "لغة مشتركة" مع القطاع الواسع من جماهير المعارضة التي تمثل 49% من الناخبين.
وفي البرنامج الانتخابي وعد مادورو بتحقيق برنامج تنمية للاعوام 2013 ـ 2019. ولكنه حتى الآن كان يعمل في ظل شافيز. أما الان فقد أمسك هو بالمقود، وقيادة البلاد هي شيء مختلف تماما عن قيادة الباص.
لقد وعد مادورو بمتابعة تنفيذ الإتفاقات المعقودة مع روسيا بناءً للمصالح المشتركة للبلدين. كما وعد بمتابعة الخط الثوري لشافيز في مناهضة الأعداء الخارجيين. ولكن فينزويلا لا تستطيع تجاوز الإستمرار بتزويد الولايات المتحدة بالنفط. إذ ان الميزانية الفينزويلية تعتمد بشكل أساسي على هذا المدخول.
ومن أجل دعم التضامن فيما بين بلدان أميركا اللاتينية، كان شافيز قد كون ما يسمى نادي "بتروكاريبي"، وقد عمد الى تزويد البلدان الأميركية اللاتينية المجاورة بالنفط بأسعار مخفضة جداً، بما في ذلك كوبا. والآن تتهم المعارضة مادورو بأنه "عميل كوبي". وهو ذاته لا يخفي صداقته مع الاخوين كاسترو. فهل سيستطيع أن يشق طريقه ويصمد امام الضغط كما كان شافيز. كما ان شافيز كان على علاقة وثيقة مع الثوار الكولومبيين. ولدى الضغط عليهم داخل بلادهم كان الكثيرون منهم يلجأون الى فينزويلا. ومع الثوار كان يتسرب الى فينزويلا رجال عصابات المخدرات، وقد ادخل رجال العصابات الى فينزويلا الاسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة. وفي السنة الماضية ازدادت جرائم القتل بنسبة 14%. لقد كان شافيز أكثر قدرة على مواجهة الصعوبات والقضايا المعقدة، والآن على مادورو ان يواجه كل الصعوبات بنفسه.
ومن القضايا الصعبة التي على مادورو مواجهتها، الاصلاح الاقتصادي. فقد سبق لحكومة شافيز ان رفعت المعاشات التقاعدية، كما اتخذت العديد من المبادرات لصالح سكان الأحياء الأكثر فقراً. وطبعا سيكون من الصعب جداً تخفيض ميزانية الدولة على قاعدة التقشف، ولكنه ليس من السهل الاحتفاظ بمستوى الميزانية الحالي، في حين أن التضخم بلغ 20% سنويا، كما انخفضت قيمة العملة الوطنية اكثر من 40% هذه السنة. وبالاضافة الى ذلك فإن استخراج النفط يصبح أكثر كلفة بسبب تقادم التجهيزات الحالية، والمديرون الذين عينهم شافيز في شركة النفط الوطنية لم يستطيعوا أن يحلوا هذه المعضلة إلى الان. هذا بالإضافة الى مشكلات في قطاع الأعمال وقطاع الزراعة. وكل هذه المشكلات على مادورو أن يواجهها ويجد لها حلولا في أقرب وقت. ولكن يبدو ان لديه افكارا للتطبيق، ومن ذلك أنه قرر رفع الحد الأدنى للاجور حتى نهاية السنة بنسبة 20%.
ويبدو انه كان عليه أن يتخذ مثل هذا القرار. فالأحياء الفقيرة هي الكتلة الناخبة الرئيسية لخط شافيز. وأنصار المعارضة لم يكونوا يجرؤون على تعليق لافتاتهم في تلك الأحياء، وربما كانوا يتعرضون للضرب. بل ان بعض أنصار كابريليس كانوا يعلنون انهم يخشون من انتصاره أكثر مما يخشون من فشله، لأنه في حال انتصاره فسيتعرضون لحملات تدمير جماهيرية من قبل الشافيزيين. والـ49.07% من الاصوات التي حازها كابريليس هي على العموم أصوات الاغنياء والطبقة المتوسطة.
مادورو وزوجته عند ضريح شافيز
ولكن يحلو لممثلي المعارضة أن يدعوا أن كل ما تمثله الشافيزية هي مجسدة به. ومثلما ذهب شافيز، فستذهب الشافيزية. ومادورو الآن هو أمام مثل هذا التحدي: فخلال نصف سنة أو سنة على الأكثر عليه ان يطل على الجمهور من جديد ويؤكد بالأفعال انه يتابع خط الشافيزية، وإلا فماذا؟ ـ وليس من المستبعد أن يلجأ انصار المعارضة إلى القيام بانقلاب عسكري. فليس سراً ان قسماً كبيرا من الجيش يؤيد رئيس البرلمان ديوسدادو كابيليو، الذي سبق له أن تخلى عن الترشح للرئاسة بوجه شافيز، ودعمه، ولكن الأمر يختلف الآن. والمعارضة يمكن أن تلعب على هذه التناقضات الثانوية في المعسكر الشافيزي ذاته. وربما يكون هذا هو الخطر الأكبر على موقع مادورو الرئاسي في الوقت الحاضر.
ويؤكد الخبراء الآن أن السلم الاهلي في فينزويلا أصبح مهدداً. كما يؤكد غالبية المحللين أن الانقلاب هو مستبعد إلا أنه غير مستحيل. وحسب قول المؤرخ العسكري دومينغو أوروين ففي القرن الماضي لم تمر خمس سنوات بدون حدوث انقلاب. وكان "انقلاب" شافيز قبل 22 سنة احدها.
ويقول مراسل جريدة "روسييسكايا غازيتا" ان "الذي انتصر فعلا في الانتخابات هو شافيز، وعلى مادورو أن يجمع رصيداً سياسيا خاصا به حتى يستطيع الاستمرار".
وكانت أول المهنئين لمادورو رئيسة الارجنتين كريستينا فرناندس دي كيرسنير، كما ارسل فلاديمير بوتين رسالة تهنئة.
ويذكر انه قبل وفاة شافيز ببضع ساعات كانت فينزويلا قد طردت اثنين من الملحقين العسكريين في السفارة الاميركية في كاراكاس. وردت اميركا بالمثل. وقد سحب البلدان سفير يهما منذ سنة 2010.
سيليا فلوريس
زوجة مادورو. ساعدت شافيز على الخروج من السجن قبل أكثر من 20 سنة اثر محاولة الانقلاب. شغلت منصب المدعي العام الرئيسي سابقا، رئيسة مجلس النواب سابقا. كانت دائما في الحلقة الضيقة حول شافيز. المرأة الأكثر نفوذا في السياسة الفينزويلية. من انصار السياسة المتشددة في الحزب الاشتراكي.
رافاييل راميريس
وزير الطاقة منذ سنة 2002. رئيس شركة النفط الوطنية PDVSA منذ سنة 2004. من اقرب المقربين الى شافيز ومن انصار الشافيزية المتحمسين والثابتين. وهو يستفز المعارضة بشعاره القائل "ان فينزويلا هي حمراء من فوق الى تحت".
ديوسدادو كابيو (او كابيليو)
عسكري سابق وشريك شافيز في انقلاب سنة 1992. خلال حكم شافيز كون سلطة قوية في قطاع الأعمال، والجيش، والحكومة. يطلق على نفسه وعلى مادورو صفة "ابناء شافيز". شغل مناصب عدة، وهو الان رئيس البرلمان. كان نائبا للرئيس لدى محاولة الانقلاب على شافيز سنة 2002، واستلم الرئاسة مدة يومين بغياب شافيز حتى اعادته.
الياس حوا
من اصل لبناني. وزير الخارجية، من نشطاء المظاهرات الاحتجاجية الطلابية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. عالم اجتماع. استاذ جامعي. من مؤسسي حزب شافيز. أحد واضعي الدستور الجديد سنة 2000. شغل منصب وزير الزراعة سنة 2006 وحقق الاصلاح الزراعي الذي ايده الفقراء وعارضه رجال البيزنس. منذ 2010 وحتى وفاة شافيز كان يشغل منصب نائب الرئيس.
*كاتب لبناني مستقل
وينبغي الملاحظة أن اوساط المعارضة كانت متأكدة من انتصار مرشحها، وبعد ان جرى تمديد فترة التصويت لوقت قصير بسبب زحمة الناخبين في اللحظات الأخيرة في بعض مراكز الاقتراع، وبالتالي تأخير إعلان النتائج، اذاعت بعض اوساط المعارضة على الانترنت: "لقد انتصر كابريليس، والآن يفكر الشافيزيون بأي طريقة كي يحتفظوا بالسلطة في ايديهم".
ولكن اوساط المعارضة فوجئت بالسيناريو الاسوأ بالنسبة لها وهو الاعلان عن فوز نيكولاس مادورو. هذا مع أن نسبة الفوز لم تتجاوز 6،1 نقطة، اذ حصل مادورو على 50.66% ومنافسه المعارض على نسبة 49.07%، وشارك في الاقتراع حوالى 79% من الناخبين.
وفي حين خرجت جماهير الشافيزيين الى الشوارع تحتفل بالنصر، بدأت وسائل الاتصال الاجتماعي تنقل العبارات الحزينة واليائسة لأنصار المعارضة المتأمركة: "وداعا للديمقراطية! وداعا للأمل! اهلا بـ كوبازويلا!". (اذ ان المعارضة تعتبر ان مادورو سيخدم مصالح كوبا وليس مصالح فينزويلا) والكثير من المعارضين عبروا عن رغبتهم في الهجرة.
مادورو بعد اعلان فوزه بين مناصريه
وتجمعت الجماهير أمام متحف الثورة حيث ألقى مادورو كلمة تعهد فيها بمتابعة طريق الكومندانتي شافيز. ووصف الانتخابات بأنها "شريفة، قانونية، دستورية وانتصار شعبي". وأصدر مرشح المعارضة الخاسر انريكه كابريليس بيانا ادعى فيه حصول مخالفات انتخابية وأن رئاسة مادورو هي "غير شرعية"، كما دعا الى اعادة فرز اوراق الاقتراع من جديد.
ورد الشافيزيون على هذا الإدعاء، وقال النائب الشيوعي يول هابور "ان نظامنا الالكتروني هو مضمون وشفاف، وهو موثوق جدا. وقد استخدم في أكثر من 16 دورة انتخابية، وقد اعترف بصلاحيته على المستوى الوطني والدولي". وفي الانتخابات السابقة في تشرين الأول/أوكتوبر 2012 كان شافيز قد فاز على كابريليس بزيادة نسبة 10%. أما الآن فقد حصل كابريليس على أقل من نصف الأصوات بقليل. وقد علق على ذلك رئيس المجلس الوطني ديوسدادو كابيليو بالقول ينبغي ان نقوم لذلك "بنقد ذاتي عميق. هناك تناقض في أن بعض الفئات الفقيرة من السكان صوتوا لمستغليهم". وأن قسما من الفينزويليين "تجتذبهم الوعود الفارغة للقوى اليمينية". وقال إنه يتوجب على السلطة اكتشاف وتصحيح الاخطاء.
وحسب رأي العديد من الخبراء فإن المهمات القادمة للسلطة ليست سهلة، لأنه يتوجب عليها ان تجد "لغة مشتركة" مع القطاع الواسع من جماهير المعارضة التي تمثل 49% من الناخبين.
وفي البرنامج الانتخابي وعد مادورو بتحقيق برنامج تنمية للاعوام 2013 ـ 2019. ولكنه حتى الآن كان يعمل في ظل شافيز. أما الان فقد أمسك هو بالمقود، وقيادة البلاد هي شيء مختلف تماما عن قيادة الباص.
لقد وعد مادورو بمتابعة تنفيذ الإتفاقات المعقودة مع روسيا بناءً للمصالح المشتركة للبلدين. كما وعد بمتابعة الخط الثوري لشافيز في مناهضة الأعداء الخارجيين. ولكن فينزويلا لا تستطيع تجاوز الإستمرار بتزويد الولايات المتحدة بالنفط. إذ ان الميزانية الفينزويلية تعتمد بشكل أساسي على هذا المدخول.
ومن أجل دعم التضامن فيما بين بلدان أميركا اللاتينية، كان شافيز قد كون ما يسمى نادي "بتروكاريبي"، وقد عمد الى تزويد البلدان الأميركية اللاتينية المجاورة بالنفط بأسعار مخفضة جداً، بما في ذلك كوبا. والآن تتهم المعارضة مادورو بأنه "عميل كوبي". وهو ذاته لا يخفي صداقته مع الاخوين كاسترو. فهل سيستطيع أن يشق طريقه ويصمد امام الضغط كما كان شافيز. كما ان شافيز كان على علاقة وثيقة مع الثوار الكولومبيين. ولدى الضغط عليهم داخل بلادهم كان الكثيرون منهم يلجأون الى فينزويلا. ومع الثوار كان يتسرب الى فينزويلا رجال عصابات المخدرات، وقد ادخل رجال العصابات الى فينزويلا الاسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة. وفي السنة الماضية ازدادت جرائم القتل بنسبة 14%. لقد كان شافيز أكثر قدرة على مواجهة الصعوبات والقضايا المعقدة، والآن على مادورو ان يواجه كل الصعوبات بنفسه.
ومن القضايا الصعبة التي على مادورو مواجهتها، الاصلاح الاقتصادي. فقد سبق لحكومة شافيز ان رفعت المعاشات التقاعدية، كما اتخذت العديد من المبادرات لصالح سكان الأحياء الأكثر فقراً. وطبعا سيكون من الصعب جداً تخفيض ميزانية الدولة على قاعدة التقشف، ولكنه ليس من السهل الاحتفاظ بمستوى الميزانية الحالي، في حين أن التضخم بلغ 20% سنويا، كما انخفضت قيمة العملة الوطنية اكثر من 40% هذه السنة. وبالاضافة الى ذلك فإن استخراج النفط يصبح أكثر كلفة بسبب تقادم التجهيزات الحالية، والمديرون الذين عينهم شافيز في شركة النفط الوطنية لم يستطيعوا أن يحلوا هذه المعضلة إلى الان. هذا بالإضافة الى مشكلات في قطاع الأعمال وقطاع الزراعة. وكل هذه المشكلات على مادورو أن يواجهها ويجد لها حلولا في أقرب وقت. ولكن يبدو ان لديه افكارا للتطبيق، ومن ذلك أنه قرر رفع الحد الأدنى للاجور حتى نهاية السنة بنسبة 20%.
ويبدو انه كان عليه أن يتخذ مثل هذا القرار. فالأحياء الفقيرة هي الكتلة الناخبة الرئيسية لخط شافيز. وأنصار المعارضة لم يكونوا يجرؤون على تعليق لافتاتهم في تلك الأحياء، وربما كانوا يتعرضون للضرب. بل ان بعض أنصار كابريليس كانوا يعلنون انهم يخشون من انتصاره أكثر مما يخشون من فشله، لأنه في حال انتصاره فسيتعرضون لحملات تدمير جماهيرية من قبل الشافيزيين. والـ49.07% من الاصوات التي حازها كابريليس هي على العموم أصوات الاغنياء والطبقة المتوسطة.
مادورو وزوجته عند ضريح شافيز
ولكن يحلو لممثلي المعارضة أن يدعوا أن كل ما تمثله الشافيزية هي مجسدة به. ومثلما ذهب شافيز، فستذهب الشافيزية. ومادورو الآن هو أمام مثل هذا التحدي: فخلال نصف سنة أو سنة على الأكثر عليه ان يطل على الجمهور من جديد ويؤكد بالأفعال انه يتابع خط الشافيزية، وإلا فماذا؟ ـ وليس من المستبعد أن يلجأ انصار المعارضة إلى القيام بانقلاب عسكري. فليس سراً ان قسماً كبيرا من الجيش يؤيد رئيس البرلمان ديوسدادو كابيليو، الذي سبق له أن تخلى عن الترشح للرئاسة بوجه شافيز، ودعمه، ولكن الأمر يختلف الآن. والمعارضة يمكن أن تلعب على هذه التناقضات الثانوية في المعسكر الشافيزي ذاته. وربما يكون هذا هو الخطر الأكبر على موقع مادورو الرئاسي في الوقت الحاضر.
ويؤكد الخبراء الآن أن السلم الاهلي في فينزويلا أصبح مهدداً. كما يؤكد غالبية المحللين أن الانقلاب هو مستبعد إلا أنه غير مستحيل. وحسب قول المؤرخ العسكري دومينغو أوروين ففي القرن الماضي لم تمر خمس سنوات بدون حدوث انقلاب. وكان "انقلاب" شافيز قبل 22 سنة احدها.
ويقول مراسل جريدة "روسييسكايا غازيتا" ان "الذي انتصر فعلا في الانتخابات هو شافيز، وعلى مادورو أن يجمع رصيداً سياسيا خاصا به حتى يستطيع الاستمرار".
وكانت أول المهنئين لمادورو رئيسة الارجنتين كريستينا فرناندس دي كيرسنير، كما ارسل فلاديمير بوتين رسالة تهنئة.
ويذكر انه قبل وفاة شافيز ببضع ساعات كانت فينزويلا قد طردت اثنين من الملحقين العسكريين في السفارة الاميركية في كاراكاس. وردت اميركا بالمثل. وقد سحب البلدان سفير يهما منذ سنة 2010.
شخصيات مؤثرة حول مادورو
سيليا فلوريس
زوجة مادورو. ساعدت شافيز على الخروج من السجن قبل أكثر من 20 سنة اثر محاولة الانقلاب. شغلت منصب المدعي العام الرئيسي سابقا، رئيسة مجلس النواب سابقا. كانت دائما في الحلقة الضيقة حول شافيز. المرأة الأكثر نفوذا في السياسة الفينزويلية. من انصار السياسة المتشددة في الحزب الاشتراكي.
رافاييل راميريس
وزير الطاقة منذ سنة 2002. رئيس شركة النفط الوطنية PDVSA منذ سنة 2004. من اقرب المقربين الى شافيز ومن انصار الشافيزية المتحمسين والثابتين. وهو يستفز المعارضة بشعاره القائل "ان فينزويلا هي حمراء من فوق الى تحت".
ديوسدادو كابيو (او كابيليو)
عسكري سابق وشريك شافيز في انقلاب سنة 1992. خلال حكم شافيز كون سلطة قوية في قطاع الأعمال، والجيش، والحكومة. يطلق على نفسه وعلى مادورو صفة "ابناء شافيز". شغل مناصب عدة، وهو الان رئيس البرلمان. كان نائبا للرئيس لدى محاولة الانقلاب على شافيز سنة 2002، واستلم الرئاسة مدة يومين بغياب شافيز حتى اعادته.
الياس حوا
من اصل لبناني. وزير الخارجية، من نشطاء المظاهرات الاحتجاجية الطلابية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. عالم اجتماع. استاذ جامعي. من مؤسسي حزب شافيز. أحد واضعي الدستور الجديد سنة 2000. شغل منصب وزير الزراعة سنة 2006 وحقق الاصلاح الزراعي الذي ايده الفقراء وعارضه رجال البيزنس. منذ 2010 وحتى وفاة شافيز كان يشغل منصب نائب الرئيس.
*كاتب لبناني مستقل