ارشيف من :مقاومة
توقيف عقيد في الجيش وعنصرَيْ أمن عام وجمارك وموظّفين في اليونيفيل
صحيفة "الاخبار" - حسن عليق
توسّعت عمليات توقيف المشتبه في تعاملهم مع الاستخبارات الإسرائيلية في لبنان، لتشمل توقيف عناصر عاملة في المؤسسات الأمنية والعسكرية ونصف العسكرية، بينهم عقيد في الجيش اللبناني هو القائد الحالي لمدرسة القوات الخاصة في الجيش، ورتيب في المديرية العامة للأمن العام وآخر في مديرية الجمارك وموظفان لبنانيان يعملان مع قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب.
يوم الجمعة الفائت، استدعت مديرية استخبارات الجيش العقيد (م. د) من بلدة دعبل العكارية للتحقيق، بعدما خضع للمراقبة لمدة طويلة، واتخذت حلقة القرار في قيادة الجيش قرارها الصعب: توقيف العقيد وفتح تحقيق معه بشبهة التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. وتأتي صعوبة القرار من كون الخطوة غير مسبوقة داخل المؤسسة العسكرية من جهة، وبسبب التميز الذي يتمتع به العقيد بين أقرانه من جهة أخرى. فهو، منذ تخرّجه من المدرسة الحربية عام 1986، أثبت جدارة في جميع المواقع التي تسلمها بحسب زملاء له، علماً بأنه تنقل في معظم الأفواج والفروع التي تصنّفها قيادة الجيش قواتٍ خاصة. وكان عام 2006 من أبرز ضباط فوج المغاوير، قبل تعيينه رئيساً للفرع الرابع في الفوج المجوقل. وعندما كان في الموقع الأخير، شارك في القتال في معارك نهر البارد (أيار 2007)، فأصيب في بدايتها برصاصة قناص في كتفه اليسرى، لكن ما خفف من خطورة الإصابة هو السترة الواقية التي كان يرتديها. وقد عاد العقيد (كان برتبة مقدم حينذاك) مباشرة بعد معالجته إلى أرض المعركة، لينال بعد ذلك قدماً استثنائياً للترقية مدته 9 أشهر. وبعد ترقيته إلى رتبة عقيد، عيّن قائداً في مدرسة القوات الخاصة في الجيش، وهي التي يتدرب فيها أفراد فوج المغاوير وفوج مغاوير البحر والفوج المجوقل وفرع مكافحة الإرهاب والتجسّس وفرع القوة الضاربة. وكان آخر ظهور علني للعقيد الموقوف يوم 19 أيار الجاري عندما مثل قائدَ الجيش العماد جان قهوجي في تخريج دورة للمغاوير.
وفيما أكّد مسؤول أمني رفيع أن التحقيق مع العقيد المذكور لا يزال في بدايته، وأن أي أمر لم يثبت بعد بحقه، سرت أقاويل تتحدث عن توقيف عدد من الضباط الذين كانوا على علاقة بالعقيد الموقوف، تبيّن في ما بعد أنها ليست سوى مجرد شائعات. إلا أن ما أكده مسؤولون أمنيون هو أن بعض العسكريين خضعوا لتحقيقات تهدف إلى تحديد طبيعة علاقاتهم بالعقيد الموقوف، فضلاً عن المعلومات التي كان يطلب من بعضهم جمعها بصفته رئيسهم. وأشار مسؤول أمني إلى أن العقيد المذكور كان قد خضع للتحقيق عام 1997 بعدما شارك في دورة عسكرية في الولايات المتحدة الأميركية، إذ ظهرت له صورة في ذلك الحين تجمعه بضباط إسرائيليين. إلا أن العقوبة التي نالها بعد التحقيق المذكور لم تتجاوز إطار التدابير الإدارية، بعدما برر لقاءه بالضباط الإسرائيليين بأنه تم من دون قصد في الأكاديمية التي كان يتدرب فيها.
وفي سياق مكافحة التجسس، أوقف فرع استخبارات الجنوب الموظف اللبناني مع قوات الطوارئ الدولية ريمون ع. (من بلدة يارون وسكان بلدة رميش)، بسبب ورود معلومات عن تحركات مشبوهة له، وباشرت التحقيق معه، بحسب مسؤول أمني.
■ موقوفو الأمن العام إلى سبعة
لبناني آخر يعمل مع قوات اليونيفيل، هو مارون ق. (من بلدة الجية ويسكن في بلدة رميش)، أوقفته المديرية العامة للأمن العام، وهو شقيق حنا ق. الذي كان قد فرّ يوم 18 أيار الجاري إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وذكر مسؤول أمني رفيع أن المديرية تشتبه في وجود اتصالات بين الموقوف وشقيقه الفارّ، وقد بدأ التحقيق معه لاستيضاح طبيعة هذه الاتصالات. وبالقبض عليه، ارتفع عدد الموقوفين المشتبه في تعاملهم مع الاستخبارات الإسرائيلية الموجودين في عهدة المديرية العامة للأمن العام إلى 7 منذ يوم الأحد الفائت، بينهم أحد أفرادها وآخر من مديرية الجمارك.
وذكر مسؤول أمني رفيع أن المديرية، بعد توقيفها المشتبه فيه محمد م. في بلدة كفركلا الجنوبية واعترافه بأنه عاود العمل مع الاستخبارات الإسرائيلية منذ ما بعد عدوان تموز 2006، أوقفت عدداً من الأشخاص الذين اعترف الموقوف ذاته بأنه اقترح على الإسرائيليين تجنيدهم، وبينهم زوجته وابنه (رتيب في المديرية العامة للأمن العام) وأحد أبناء بلدته وسيدة من بلدة الخيام الجنوبية (تعمل موظفة في أحد المستشفيات في الجنوب). وأكّد المسؤول أن المذكورين اعترفوا خلال التحقيق معهم بتعاملهم مع الاستخبارات الإسرائيلية. وبعد ذلك، أشار الموقوف الأول (محمد م.) إلى أنه كان قد عرض على الإسرائيليين تجنيد هـ. ع. (عريف في الجمارك، من بلدة الخضر البقاعية). وقبل ظهر أمس، دهمت دورية من الأمن العام، بالتنسيق مع مديرية الجمارك العامة، العريف المذكور، واقتادته للتحقيق في بيروت. وذكر مصدر مواكب للتحقيقات أن تبادلاً للمعلومات يجري بين كل الأجهزة الأمنية بخصوص الموقوفين، وبالتعاون مع جهاز أمن المقاومة.
وفي صيدا، استدرجت دورية من فرع المعلومات ليل أول من أمس المواطن الفلسطيني خالد ق. (50 عاماً) من مخيم المية ومية، إثر الاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية. وقد ضبط في حوزته، بحسب مسؤول أمني، رقم هاتف خلوي يستخدمه للتواصل مع مشغّليه الإسرائيليين. وأضاف المسؤول ذاته أن الموقوف اعترف بالتعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية منذ عام 2007، قائلاً إن الإسرائيليين ابتزّوه بزوجته وأبنائه الذين فرّوا إلى فلسطين المحتلة عام 2000، لأن زوجته كانت تعمل في الإدارة المدنية التابعة لجيش لحد. وقد أوقف فرع المعلومات اثنين من معارف خالد، أخلي سبيل أحدهما أمس، فيما استمر المحققون بالاستماع إلى إفادة الموقوف الثاني، وهو من مخيّم عين الحلوة، للاستفادة من المعلومات الموجودة في حوزته ضد المشتبه فيه. وأكّد مسؤول أمني عدم وجود أي شبهة في حق الشاب الذي أوقفه الكفاح المسلح داخل مخيم عين الحلوة وسلّمه إلى استخبارات الجيش.
وأكّد مرجع أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الموقوف زياد س. (من بلدة شبعا) الذي أوقفه فرع المعلومات يوم الخميس الفائت اعترف بتعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية يوم أول من أمس، بعدما كان قد أنكر خلال الأيام السابقة تعامله مع الإسرائيليين. وأضاف المرجع أن الموقوف تحدّث عن تجنّده للعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية منذ عام 2004 في ألمانيا. وأشار المرجع إلى أن التحقيقات مع الموقوف ناصر ن. تتركز على الدور الذي قام به في اغتيال الشهيد غالب عوالي، وخصوصاً أنه أقرّ بأنه كان قد أبلغ مشغّليه بأن عوالي وصل إلى شقته وأن سيارته مركونة خلف المبنى الذي يقطنه.
من ناحية أخرى، ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الموقوف جريس ف. (من بلدة علما الشعب، أوقفه فرع استخبارات الجنوب يوم 13 أيار الجاري). واستند ادعاء صقر على مواد قانونية تصل عقوبتها إلى الإعدام، وخاصة أن إفادة الموقوف، بحسب مطلعين على التحقيقات، تضمّنت اعترافه بتحديد مواقع للإسرائيليين قُصفت خلال حرب تموز، بينها مواقع مدنية ومدارس. وذكر مسؤول قضائي أن الموقوف تحدّث عن تجنّده لحساب الاستخبارات الإسرائيلية عام 2005، بعدما اتصلوا به عبر شقيقه الموجود خارج لبنان. وأضاف المسؤول أن جريس اعترف بدخوله الأراضي الفلسطينية المحتلة عامي 2005 و2006 عبر الانتقال إلى دولة أوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن القوى الأمنية كانت قد صادرت من منزل المدعى عليه كمية من المتفجرات (نحو 20 كيلوغراماً) قال إنه كان يستخدمها للتفجير في مقلع الحجارة الذي يعمل فيه.