ارشيف من :آراء وتحليلات

توجهات جديدة في الاقتصاد الروسي

توجهات جديدة في الاقتصاد الروسي
عقد مؤخراً في وزارة التنمية الاقتصاية الروسية اجتماع موسع لكل المسؤولين المختصين، كُرس للبحث في النتائج الاقتصادية المحققة سنة 2012 والقضايا المطروحة للسنة الجارية. وطرحت على جدول الأعمال مسألة الاجراءات الجديدة لتحفيز النمو الاقتصادي، الذي تضاءل قليلا تحت تأثير العوامل الخارجية وبعض المشكلات الداخلية. وعلى هذا الاساس فإن وزارة التنمية الاقتصادية خفضت توقعات نمو الناتج المحلي القائم الى 2،4%. وهذا ما جعل رئيس الوزراء دميتريي ميدفيدييف لا يتوقف كثيرا عند المؤشرات الاقتصادية للسنة الماضية، وحوّل الانتباه فوراً الى ما ينبغي عمله.

وكانت هذه المسألة قد بحثت منذ امد وجيز مع رئيس الدولة فلاديمير بوتين. وقال مدفيدييف "توجد وجهات نظر كثيرة، كالعادة، وأحيانا تكون متعارضة. وفي مجرى النقاش ينبغي التوصل الى أجوبة ملائمة وفعالة. ومن الممكن أنه سيتوجب علينا ان نقوم بتعديل بعض الفعاليات". وأضاف "ولكن مُوجِّه نموّنا، الذي ينبغي ان يكمن في الوثائق الحكومية ذات الصلة، لا ينبغي ان يخضع لتعديل كبير".

إن الموجّه الاساسي المرتبط بالتحول نحو النمط الجديد للنمو الاقتصادي، يقوم على النمو الأسرع للقطاع الاقتصادي غير النفطي وعلى الابتكارات الجديدة. وفي السنوات الأخيرة أعارت الحكومة اهتماماً كبيرا لهذا الجانب. ولاحظ مدفيدييف أنه "لا يمكن القول اننا توصلنا الى نجاحات كبرى، ولكنه على أية حال من الواضح اليوم، أنه بدون هذه التغييرات الجديّة فإنه لا يوجد أفق لنمو اقتصادنا في السنوات القريبة".

ولا يمكن نسيان قضايا العمل لتحسين المناخ التوظيفي. وحسب اعتراف رئيس الوزراء فإن هذه القضية هي صعبة. وقد قال "ان الشيء الرئيسي هنا هو ليس العمل بحد ذاته، بل النتائج التي ينبغي التوصل اليها، النتائج الفعلية التي تحسن الوسط البيزنسي وآلية العلاقة المتبادلة مع رجال الأعمال". وذكّر بـ"خرائط الطريق" التي من شأن تحقيقها إزالة الحواجز العديمة الفائدة امام ممارسة البيزنس. وفي الوقت ذاته ينبغي عدم وضع حواجز جديدة التي من وقت الى آخر تظهر في لوائح العمل الجديدة. وأضاف "يمكن اتخاذ مواقف متعددة من الواقع القائم، وهو أن اكثر من ثلث العقود القانونية، التي تمر من خلال تقويم العمل التنظيمي، تحتوي اليوم على الكثير من الحواجز والقيود. إنه لأمر سيئ ما تحتويه، ولكنه امر جيد اننا نرى ذلك".

توجهات جديدة في الاقتصاد الروسي
خلال الاجتماع الموسع لوزراة التنمية الاقتصادية بحضور مدفيدييف

ويعتبر رئيس مجلس الوزراء انه بدءا من 1 تموز 2013 ينبغي الانتقال الى تنظيم تقويم لوائح العمل التنظيمية من قبل المشرعين القانونيين انفسهم لقوانين عقود العمل، ـ وبدءا من سنة 2014 "آمل ان نتمكن من الانتقال الى تطبيق الشيء نفسه على النطاق المناطقي".

ان الهدف النهائي هو دفع روسيا لتحتل مكانها بين الدول العشرين في العالم ذات القوانين الأفضل من حيث تبسيط انطلاق عمليات تنظيم البيزنس. وهذا يتعلق ليس فقط بالقرارات المتخذة. بل و"يعتمد جزئيا على المثابرة في تعزيز ما يحدث لدينا، والتغيرات الإيجابية التي تحدث في الاقتصاد" كما يقول مدفيدييف موجها كلامه ليس فقط الى وزارة التنمية الاقتصادية بل ايضا الى وزارة المالية.

واستمع رئيس الوزراء الى وزير التنمية الاقتصادية الذي قال ان وزارته هي في المرتبة الثامنة بين الوزارات الفيدرالية، من حيث مستوى الاجور. واشتكى اندريه بيلوأوسوف بأن هذا غير عادل، لأن العاملين في وزارته، في عملهم لإيجاد حلول للقضايا الملقاة على عواتقهم، يعملون لمدة عشر ساعات في اليوم. ورد عليه مدفيدييف موافقا "أعتقد انه ينبغي علينا ازالة هذا الاجحاف في اطار الاقتراحات المقدمة".

وهناك ايضا اولوية اخرى في السياسة الاقتصادية تتمثل بادارة املاك الدولة. ان حجم قطاع الدولة لا يزال كبيرا، وبشكل لا مبرر له احيانا، حسب قول ميدفيدييف، الذي دعا الى تخفيض الحضور الاقتصادي غير المبرر للدولة. " بالطبع، ينبغي القيام بذلك بشكل عقلاني، وليس بشكل غبي، وتبعا لوضع السوق، ولكنه لا ينبغي دائما تبرير رفض خصخصة هذا المشروع او ذاك بحجة الوضع السيئ" كما يقول رئيس الحكومة.

ان وضعية الاسواق ليست سببا لرفض انشاء نظام حديث لدعم تصدير الانتاج الوطني."فمن جهة نجد ان انتاجنا له قدرة تنافسية مطلقة ويجد لنفسه مكانا في تلك الاسواق، حيث انهم يشترونه تقليديا وسوف يستمرون في شرائه، ومن جهة ثانية نجد ببساطة أننا في حقيقة الامر لا نعمل بشكل جيد"، حسب تعبير مدفيدييف. ولكنه حذّر من ان المؤسسات لا ينبغي ان تسترخي وأن تشعر بالرضى. "عندما نبدأ بضخ الاموال، يبدأ الاسترخاء، ثم نبدأ بالقول انه لا ينبغي العمل بهذه الطريقة، وإن هذه انماط قديمة للعمل، وتبدأ محاولة إبدالها بأنماط جديدة وذلك بدعم من الدولة".

كما ان هناك توجهاً آخر يعتقد رئيس الوزراء انه ليس بالامكان إمساك الأموال عنه. وهو العمل لإنشاء شبكة المراكز المتعددة الوظائف لتقديم الخدمات العامة، التي من شأنها ان تصبح وجها للدولة. ويعتبر دميتري مدفيدييف "اذا استطعنا ان نغطي كل البلاد بمثل هذه الشبكة، وهذه مهمة قائمة امامنا، فإننا بالفعل نحصل على سلطة ذات وجه معاصر".
*كاتب لبناني مستقل
2013-05-01