ارشيف من :آراء وتحليلات

أزمة اقتصاد أوروبية تدفع إلى اليأس

أزمة اقتصاد أوروبية تدفع إلى اليأس
صوفيا ـ إعداد: جورج حداد

تشير الاستطلاعات الاخيرة التي أجرتها مؤسسة "غالوب" إلى الانعكاس السلبي للأزمة الاقتصادية على آراء الأوروبيين، فقسم كبير من الأوروبيين أصبحوا يشعرون بالقلق وعدم الثقة الواضحة بالمستقبل.

وقد أجرت مؤسسة غالوب مؤخرا لمصلحة مؤسسة "Debating Europe" استطلاعاً للرأي في ستة بلدان أوروبية هي ايطاليا، اسبانيا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا وبولونيا، وبموجب هذا الاستطلاع تبين، ولأول مرة منذ عشرات السنين، أن غالبية الأوروبيين هم مقتنعون بأن الأجيال الجديدة مقدّر لها أن تعيش بشكل أسوأ، وأقل أمناً وفي ظروف أقل بحبوحة، من الاجيال التي سبقتها. ولكن من اللافت للنظر ان الاستطلاع اظهر ان جمهور المستطلعين في بولونيا، المانيا والى حد ما اسبانيا، هو اقل تشاؤما. على الرغم من ان الغالبية في هذه البلدان ايضا يتوقعون اوقاتا أسوأ للاجيال الشابة.

ويمثل هذا الاستطلاع انقلاباً بالمقارنة مع الاستطلاع المشابه الذي جرى سنة 2011، حيث ظهرت غالبية الأوروبيين أكثر تفاؤلاً، وهذا برهان على تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الاتحاد الاوروبي.

أزمة اقتصاد أوروبية تدفع إلى اليأس
الاقتصاد الأوروبي يدفع إلى اليأس


الى الامام نحو مستقبل مظلم

وفي الاستطلاع كانت اسبانيا حالة مفاجئة، إذ إن نسبة البطالة في صفوف الشباب هي الأعلى في البلدان التي تم فيها الاستطلاع، ومع ذلك فإن نسبة المتفائلين فاقت قليلاً نسبة المتشائمين، وفي بولونيا وألمانيا تتفوق نسبة المتفائلين، أما في بريطانيا، ايطاليا وفرنسا فيغلب التشاؤم، ولكن حتى في بولونيا وألمانيا فإن الاغلبية لا تؤمن بأن الشباب ستتوافر لهم الامكانية ذاتها لايجاد عمل مضمون كما كان لوالديهم. فبالكاد 23% من البولونيين و20% من الالمان يعتقدون بذلك. اما في البلدان الاخرى فالنسبة هي اقل بكثير، فالجمهور الأكبر في اوروبا يعتبر ان سوق العمل سيكون اصعب بكثير جدا بالنسبة للاجيال القادمة.

ونتائج الاستطلاع هي ذاتها فيما يتعلق بما إذا كان العمل مرضياً للشباب أو أن الأجور كافية لهم، فالجواب هو أن الإمكانيات هي أقل بكثير من السابق، وفي هذا الصدد لا توجد دول يتفوق فيها المتفائلون على المتشائمين، ويتضح من نتائج الاستطلاع أنه لا توجد ثقة بالنظام التقاعدي المعمول به في القارة الأوروبية، فنظام الضمانات الاجتماعية وامتيازاته الذي تفتخر به أوروبا وتحسدها عليه باقي أجزاء العالم، سيصبح أكثر فأكثر بعيداً عن أن تستفيد منه الأجيال الشابة، كما يشير استطلاع غالوب. هناك نسبة 22% فقط من البولونيين يعتقدون ان الشبان سيحصلون على امكانية اكبر من والديهم فيما يتعلق بمعاش تقاعدي مضمون. وتنخفض هذه النسبة الى 16% في بريطانيا والى 6% في ايطاليا.
الا انه توجد في الاستطلاع بعض الجوانب الايجابية. ففي عدد من البلدان يعتبرون ان الاجيال الجديدة سوف تعيش في بيئة أنظف، وستعيش حياة اكثر نشاطا وصحة.

ومن بين البلدان المستطلعة، فإن ايطاليا تحتل المرتبة الاولى في التشاؤم. فإن 92% يعتقدون ان الجيل القادم سيمتلك امكانيات اقل لعمل مضمون. و87% يعتقدون انه حتى لو وجد العمل، فإنه لن يكون مرضيا ولا كافيا. والغالبية الساحقة، 93% من الايطاليين، يعتقدون ان المعاشات التقاعدية للجيل القادم لن تكون مضمونة. كما ان غالبية الايطاليين، وخلافا للبلدان الاخرى، لا يعتقدون ان الشباب ستتاح لهم فرص التسلية اكثر، وأنهم سيعيشون في بيئة انظف. كما ان 49% يعتقدون ان الايطاليين الشباب لن يشعروا بالاستقرار في بلدهم.

انهيار الثقة بالبنوك

كما اشار استطلاع جديد آخر لغالوب ان الثقة بالبنوك في الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية قد انخفضت الى ادنى مستوى لها ـ نسبة 37%. وعبر 55% من الاوروبيين عن عدم ثقتهم بالمؤسسات المالية في بلدانهم. وعبر 13% فقط من اليونانيين عن ثقتهم ببنوكهم. وهناك ستة بلدان اوروبية اخرى تنخفض فيها نسبة الثقة عن %30، وهي نسبة اقل بكثير من النسبة العالمية المتوسطة 55%. وحتى في بلد له الحصة الاكبر في الصناديق الانقاذية في منطقة اليورو، ونعني به المانيا، فإن اقل من 25% لهم ثقة بالمؤسسات المالية.

ومن جهة ثانية تعمل الازمة الاقتصادية على إضعاف ثقة الاوروبيين بالاتحاد الاوروبي، وهناك دراسة نشرها مركز Pew Research تكشف عن تنامي خيبة امل البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي من مشروع الاتحاد، فأزمة المديونية تقوض ثقة المواطنين الاوروبيين بالاتحاد الاوروبي، وتقوي الخلافات بين الدول الاعضاء حول مسائل مفصلية، بالرغم من ان الدعم لليورو اصبح ثابتا، كما جاء في دراسة المركز الاميركي للابحاث Pew Research. وجرت الدراسة في 2 ـ 27 اذار الماضي، وشملت 7600 شخص في ثمانية بلدان اعضاء في الاتحاد.

ويعلن واضعو الدراسة "ان الازمة الاقتصادية القائمة تخلق قوى مركزية طاردة، وهي... تفرق الفرنسيين عن الالمان، والالمان عن الآخرين جميعا". وحسب الاستطلاع الذي تعتمد عليه الدراسة فإن الرضا عن الاتحاد الاوروبي قد انخفض بنسبة 15% في سنة واحدة، من نسبة 60% في 2012، الى نسبة 45% في الوقت الحاضر.
ويتوصل الباحثون الى الاستنتاج ان اكثر البلدان خيبة للامل من الاتحاد هي فرنسا. فالرأي العام الفرنسي هو في تعارض حاد مع الالماني، ويقترب اكثر من الرأي العام في ايطاليا، اليونان واسبانيا.

وتقول الدراسة "ان الفرنسيين لديهم اليوم ثقة بالاتحاد الاوروبي كمؤسسة، أقل مما لدى الايطاليين والاسبانيين. والفرنسيون، كشركائهم الاوروبيين الجنوبيين، فقدوا ثقتهم بالقائد الذي انتخبوه"، وحسبما تقول الدراسة فإن غالبية سكان البلدان الاوروبية الجنوبية يعتبرون ان الوضعية الاقتصادية تزداد سوءا. وفي اسبانيا انخفضت نسبة الثقة بالوضعية الاقتصادية الى 4%، في حين كانت 65% سنة 2007. وانخفاض الثقة في بريطانيا هو مشابه.

وتعلق دراسة Pew Research بما يلي "ان استطلاع 2013 يبين بشكل عام انه يتضح اكثر من اي وقت مضى الاختلاف بين وجهة نظر الالمان وغيرهم من الاوروبيين"، وربما ان الجانب الايجابي الوحيد في الدراسة هو ما يتعلق بعملة اليورو، اذ تشير النتائج الى ان العملة الاوروبية لا تزال ذات شعبية، حيث ان نسبة 60% من المستطلعين يؤيدون الابقاء على اليورو.

2013-05-25