ارشيف من :آراء وتحليلات
ليبيا: قانون العزل السياسي يبدأ بحصد السياسيين
بدأ قانون العزل السياسي في ليبيا، الذي صادق عليه المؤتمر الوطني (المجلس التأسيسي) بضغط من الجماعات المسلحة، والذي تعرض له موقع "العهد" بالتفصيل في تحليل سابق، في "حصد" كبار السياسيين بعد أن دخل حيز التنفيذ. وأول ضحايا هذا القانون رئيس المؤتمر الوطني نفسه محمد المقريف باعتباره عمل في وقت سابق مع معمر القذافي قبل أن ينقلب عليه ويصبح من أشرس معارضيه.
المقريف بدا متقبلا لاستقالته بصدر رحب وحاول في خطاب ألقاه أمام المؤتمر الوطني أن يظهر بمظهر الرجل الذي يقبل بقواعد اللعبة ويحترم خيارات الشعب الليبي ممثلا بنوابه حتى وإن تعارضت مع قناعاته. وجاء في هذا الخطاب، بـ"أن الشعب الليبي قال كلمته بشأن قانون العزل السياسي الذي يجب أن يحترم". لكن أغلب المراقبين والمقربين من المقريف يؤكدون بأن هذا الأخير ليس بحالة جيدة ويشعر بالمرارة، وهو غير قابل بهذا القانون الذي مثل ضربة قاصمة لمستقبله السياسي.
معركة الخلافة
ويشار إلى أن معركة شرسة بدأت بين مختلف الأحزاب والكتل المشكلة للمؤتمر الوطني الليبي لخلافة المقريف بمجرد أن تم التأكد من أن قانون العزل سيقع تمريره أي قبل أسابيع من إعلان محمد المقريف عن استقالته. ويبدو من خلال ما تم تسريبه من أنباء أن الأمور تسير باتجاه انتخاب شخصية توافقية من بين نواب المجلس لأن المرحلة دقيقة وحساسة وتقتضي التوافق لا أن تستفرد جهة بالقرار حتى وإن كانت صاحبة الأغلبية لأن الأمر لا يستقيم في المراحل الإنتقالية.
المقريف ...اقصاء
وفي انتظار انتخاب هذه الشخصية التوافقية فإنه، وبحسب ما تم تداوله من أنباء أكدتها مصادر لـ"العهد"، سيقع تكليف النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني السيد جمعة عتيقة بالرئاسة بصورة مؤقتة. وفي حال تعذر ذلك، سواء بامتناع الرجل عن تحمل المسؤولية، أو بمعارضة أغلبية أعضاء البرلمان أو حالت ظروف صحية دونه والإضطلاع بهذه المهمة، سيتم تكليف النائب الثاني. وفي حال التعذر أيضا يقع الاستنجاد بأكبر النواب سنا لتولي هذه المهمة التي يجمع أغلب المراقبين على أنها صعبة في بلد لم تترسخ لديه تقاليد التداول السلمي على السلطة بعد، ولا زالت الفوضى تميز شارعه بعد الإطاحة برئيسة السابق.
صرامة
ويتسم قانون العزل السياسي بصرامة تصل إلى حد المبالغة جعلته عرضة لانتقادات المنظمات الحقوقية. فالمقريف الذي استقال لتوه، ويعتبر إجباره على الإستقالة في حد ذاته عقوبة بالنظر إلى تاريخه في محاربة الإستبداد، قد يمثل قريبا أمام لجنة مكونة من قضاة ومستشارين مشهود لهم بالنزاهة والوطنية، على حد تعبير نص قانون العزل. ويمكن لهذه اللجنة أن تسجن رئيس البرلمان المستقيل إذا امتنع أو قصر أو أهمل أو أعطى معلومات غير صحيحة ضمن استبيان معد من الهيئة المشار إليها.
ويخشى عدد من المراقبين وسياسيين ليبيين، بأن تطول المرحلة الإنتقالية الثانية في ليبيا ومعها هذا "الإستبداد" أكثر من اللزوم أسوة بما يحصل في تونس، حيث لم يلتزم الفريق الحاكم الجديد في أرض الخضراء بأجل السنة الذي تعهد به قبيل الإنتخابات وسعى لتأبيد حكمه، وعطل كتابة الدستور وانتخاب مؤسسات الدولة الدائمة، ما أدخل تونس في أزمة سياسية حادة. إذ يجمع المختصون في القانون الدستوري والخبراء على أن المراحل الإنتقالية إذا طالت وتجاوزت المدة المحددة لها سارت باتجاه استبداد أشد من حكم الديكتاتوريات. ويؤكد هؤلاء على أن قانونا مثل قانون العزل السياسي لا يجب أن تسنه هيئات مؤقتة حتى وإن تعلق الأمر بسلطة تأسيسية أصلية على غرار المؤتمر الوطني الليبي.
تاريخ نضالي
ويشار إلى أن محمد المقريف عين في عهد القذافي سفيرا لطرابلس في نيودلهي لكنه استقال من منصبه مع بداية ثمانينيات القرن الماضي احتجاجا على سياسات العقيد الليبي المطاح به. وساهم في تأسيس تنظيم معارض للحكم في طرابلس تحت مسمى "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" وانتخب لاحقا أمينا عاما له. وينتمي المقريف إلى المنطقة الشرقية من ليبيا التي ينتمي إليها أيضا الملك الليبي المطاح به إدريس السنوسي، وعاصمة هذه المنطقة بنغازي التي ولد فيها المقريف وساهم انتماؤه لها في ترأسه للمؤتمر الوطني باعتبار التوازنات الجغرافية في التعيينات السياسية في ليبيا.
لكن هذا التاريخ النضالي لم يشفع له حتى ينجو من العزل السياسي بعد "الثورة". كما أن مناضلين آخرين شاركوا في عملية الإطاحة بالقذافي وعارضوه لعقود سيطالهم هذا القانون الذي ترى فيه أطراف بأنه، وبخلاف ما يعتقده البعض، يخدم رموز النظام السابق الحقيقيين الذين يحركون من وراء الكواليس أسماء تميزت مسيرتها السياسية بالسلبية، أي لم تتورط في العمل مع القذافي إلا أنها أيضا لم تعارضه وسكتت على انتهاكاته وتنعمت بالعيش الكريم دون ملاحقات في عهده. وتجد هذه الشريحة نفسها اليوم غير معنية بالإقصاء بقانون العزل السياسي. فأغلب معارضي القذافي الشرسين عملوا في الدولة الليبية زمن حكم القذافي وكانوا إيجابيين سواء في خدمة بلادهم أو في معارضة الإستبداد ومنهم المقريف ومصطفى عبد الجليل وآخرون، وبالتالي فإن هذا القانون سيمثل عقوبة لهؤلاء على إطاحتهم بالقذافي بحسب كثير من المراقبين.
المقريف بدا متقبلا لاستقالته بصدر رحب وحاول في خطاب ألقاه أمام المؤتمر الوطني أن يظهر بمظهر الرجل الذي يقبل بقواعد اللعبة ويحترم خيارات الشعب الليبي ممثلا بنوابه حتى وإن تعارضت مع قناعاته. وجاء في هذا الخطاب، بـ"أن الشعب الليبي قال كلمته بشأن قانون العزل السياسي الذي يجب أن يحترم". لكن أغلب المراقبين والمقربين من المقريف يؤكدون بأن هذا الأخير ليس بحالة جيدة ويشعر بالمرارة، وهو غير قابل بهذا القانون الذي مثل ضربة قاصمة لمستقبله السياسي.
معركة الخلافة
ويشار إلى أن معركة شرسة بدأت بين مختلف الأحزاب والكتل المشكلة للمؤتمر الوطني الليبي لخلافة المقريف بمجرد أن تم التأكد من أن قانون العزل سيقع تمريره أي قبل أسابيع من إعلان محمد المقريف عن استقالته. ويبدو من خلال ما تم تسريبه من أنباء أن الأمور تسير باتجاه انتخاب شخصية توافقية من بين نواب المجلس لأن المرحلة دقيقة وحساسة وتقتضي التوافق لا أن تستفرد جهة بالقرار حتى وإن كانت صاحبة الأغلبية لأن الأمر لا يستقيم في المراحل الإنتقالية.
المقريف ...اقصاء
وفي انتظار انتخاب هذه الشخصية التوافقية فإنه، وبحسب ما تم تداوله من أنباء أكدتها مصادر لـ"العهد"، سيقع تكليف النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني السيد جمعة عتيقة بالرئاسة بصورة مؤقتة. وفي حال تعذر ذلك، سواء بامتناع الرجل عن تحمل المسؤولية، أو بمعارضة أغلبية أعضاء البرلمان أو حالت ظروف صحية دونه والإضطلاع بهذه المهمة، سيتم تكليف النائب الثاني. وفي حال التعذر أيضا يقع الاستنجاد بأكبر النواب سنا لتولي هذه المهمة التي يجمع أغلب المراقبين على أنها صعبة في بلد لم تترسخ لديه تقاليد التداول السلمي على السلطة بعد، ولا زالت الفوضى تميز شارعه بعد الإطاحة برئيسة السابق.
صرامة
ويتسم قانون العزل السياسي بصرامة تصل إلى حد المبالغة جعلته عرضة لانتقادات المنظمات الحقوقية. فالمقريف الذي استقال لتوه، ويعتبر إجباره على الإستقالة في حد ذاته عقوبة بالنظر إلى تاريخه في محاربة الإستبداد، قد يمثل قريبا أمام لجنة مكونة من قضاة ومستشارين مشهود لهم بالنزاهة والوطنية، على حد تعبير نص قانون العزل. ويمكن لهذه اللجنة أن تسجن رئيس البرلمان المستقيل إذا امتنع أو قصر أو أهمل أو أعطى معلومات غير صحيحة ضمن استبيان معد من الهيئة المشار إليها.
ويخشى عدد من المراقبين وسياسيين ليبيين، بأن تطول المرحلة الإنتقالية الثانية في ليبيا ومعها هذا "الإستبداد" أكثر من اللزوم أسوة بما يحصل في تونس، حيث لم يلتزم الفريق الحاكم الجديد في أرض الخضراء بأجل السنة الذي تعهد به قبيل الإنتخابات وسعى لتأبيد حكمه، وعطل كتابة الدستور وانتخاب مؤسسات الدولة الدائمة، ما أدخل تونس في أزمة سياسية حادة. إذ يجمع المختصون في القانون الدستوري والخبراء على أن المراحل الإنتقالية إذا طالت وتجاوزت المدة المحددة لها سارت باتجاه استبداد أشد من حكم الديكتاتوريات. ويؤكد هؤلاء على أن قانونا مثل قانون العزل السياسي لا يجب أن تسنه هيئات مؤقتة حتى وإن تعلق الأمر بسلطة تأسيسية أصلية على غرار المؤتمر الوطني الليبي.
تاريخ نضالي
ويشار إلى أن محمد المقريف عين في عهد القذافي سفيرا لطرابلس في نيودلهي لكنه استقال من منصبه مع بداية ثمانينيات القرن الماضي احتجاجا على سياسات العقيد الليبي المطاح به. وساهم في تأسيس تنظيم معارض للحكم في طرابلس تحت مسمى "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" وانتخب لاحقا أمينا عاما له. وينتمي المقريف إلى المنطقة الشرقية من ليبيا التي ينتمي إليها أيضا الملك الليبي المطاح به إدريس السنوسي، وعاصمة هذه المنطقة بنغازي التي ولد فيها المقريف وساهم انتماؤه لها في ترأسه للمؤتمر الوطني باعتبار التوازنات الجغرافية في التعيينات السياسية في ليبيا.
لكن هذا التاريخ النضالي لم يشفع له حتى ينجو من العزل السياسي بعد "الثورة". كما أن مناضلين آخرين شاركوا في عملية الإطاحة بالقذافي وعارضوه لعقود سيطالهم هذا القانون الذي ترى فيه أطراف بأنه، وبخلاف ما يعتقده البعض، يخدم رموز النظام السابق الحقيقيين الذين يحركون من وراء الكواليس أسماء تميزت مسيرتها السياسية بالسلبية، أي لم تتورط في العمل مع القذافي إلا أنها أيضا لم تعارضه وسكتت على انتهاكاته وتنعمت بالعيش الكريم دون ملاحقات في عهده. وتجد هذه الشريحة نفسها اليوم غير معنية بالإقصاء بقانون العزل السياسي. فأغلب معارضي القذافي الشرسين عملوا في الدولة الليبية زمن حكم القذافي وكانوا إيجابيين سواء في خدمة بلادهم أو في معارضة الإستبداد ومنهم المقريف ومصطفى عبد الجليل وآخرون، وبالتالي فإن هذا القانون سيمثل عقوبة لهؤلاء على إطاحتهم بالقذافي بحسب كثير من المراقبين.