ارشيف من :آراء وتحليلات

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات
خلال الأيام الماضية تسببت الأمطار الغزيرة بالفيضانات في معظم البلدان الأوروبية. وقد أغلقت الطرقات في أقسام عديدة من اوروبا الوسطى، وتوقف العمل في سكك الحديد، وفي اماكن عديدة انقطع التيار الكهربائي. واستمرت الوضعية في التصاعد، وحذر علماء الأرصاد الجوية من ان الفيضانات الحالية قد تتجاوز مقاييس الفيضانات الكبيرة التي حدثت سنة 2002. ويتوقع ان يرتفع مستوى القسم البلغاري من نهر الدانوب في نهاية الاسبوع الجاري. هذا ما أذاعته وزارة البيئة والمياه البلغارية، استنادا الى توقعات مراكز الطقس الالمانية والاوروبية الاخرى.

وقد شملت الفيضانات مناطق عديدة في المانيا وامتدت الى مقاطعة رينلاند ـ بفالس. وحسب المعلومات التي قدمتها وزارة البيئة في اقليم ماينتس ارتفع منسوب المياه ليل الثلاثاء الماضي الى 7،2 امتار، وفي مدينة كاوب ارتفع الى 7،5 امتار.

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

وقد تعقدت الاوضاع في المناطق التي اصيبت بالفيضانات. وحسب معلومات مركز الطوارئ في مدينة باساو، حيث تلتقي ثلاثة انهر هي الدانوب واين وايلتس، وصل ارتفاع مياه الدانوب الى معدل قياسي هو 12،55 مترا. وقد شملت الفيضانات القسم التاريخي واحياء مركزية في المدينة.

وأطلقت صفارات الانذار في العديد من المدن لتحذير المواطنين من الحالة الطارئة. وتم إجلاء آلاف السكان في الاجزاء الشرقية والجنوبية من البلاد. وفي المناطق التي شملتها الفيضانات اوقفت الدراسة في رياض الاطفال والمدارس الابتدائية والثانوية، كما اوقفت المواصلات بين المدن. واعلنت حالة الطوارئ في عشر مدن ومناطق في بافاريا.

وفي مدينة براغ عاصمة تشيخيا اعلن إغلاق رياض الاطفال والمدارس الابتدائية والثانوية. وأعلنت حالة الطوارئ في العاصمة. وأغلقت كلية الفلسفة في جامعة كارلوفو لان بناية الكلية تقع في وسط العاصمة براغ. وتوقف العمل في عدة خطوط لقطار الانفاق (المترو) في براغ. واغلقت ثمانية محطات للمترو في براغ بسبب قربها من نهر بولتافا.

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

وارتفع منسوب مياه نهر الدانوب في النمسا بشكل خطير. وبسبب الامطار الغزيرة والفيضانات اوقفت دائرة السكك الحديد رحلات القطارات بالاتجاه الغربي. وأغلقت المحطة الغربية في فيينا بالاضافة الى ايقاف القطارات حول المدينة. كما اوقف العمل بالسكك الحديد في سالسبورغ. وألغيت رحلات القطارات في الاقسام الشرقية وغيرها من مناطق البلاد.

ونقلت وكالة ريا نوفوستي عن الخبير في الصندوق العالمي للطبيعة البرية الكسي كورونين قوله ان الامطار الغزيرة والفيضانات في تشيخيا والمانيا انما يعود سببها الى التغيرات في المناخ الكوني. "ان مثل هذه الفيضانات بالتحديد في تشيخيا والمانيا هي مرتبطة بالتغيرات الكونية في المناخ. وهي تظهر بسبب ان الامطار في الكوكب بمجمله تصبح غير متوازنة، وفي المساحات المعتدلة، كما هي تشيخيا والمانيا، تصبح أشد مما هي في المساحات الاستوائية"، حسبما اعلن كورونين.
التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

"حسب مراقبة العلماء في الحقبة الاخيرة، تلاحظ حركة أنشط لكثير من الكتل الهوائية الاكثر برودة والاكثر سخونة في خط شمال جنوب اكثر مما هو في خط شرق ـ غرب. وهذا يؤدي الى موجات حارة وموجات باردة، وتغيرات حادة في الحرارة وتوزيع متفاوت للامطار. وبالنسبة الى تشيخيا والمانيا تساعد على ذلك طبيعة الجغرافيا".

هذا واعلنت وكالات الانباء عن وقوع 9 قتلى بسبب الفيضانات في اوروبا الوسطى، كما اعلن  ان 10 اشخاص هم في عداد المفقودين في تشيخيا، النمسا والمانيا، كما جرى اجلاء 13000 شخص من منازلهم المهددة بالفيضان. وأغلقت الطرق وخطوط السكك الحديد بسبب الانهيارات والفيضان. وتقطعت خطوط الكهرباء.  واخلي 6000 شخص من منازلهم في العاصمة التشيكية.

وتعرض الوسط التاريخي لمدينة براغ لسيول بارتفاع 30ـ40 سم وشارك 2000 جندي في اقامة السدود على نهر بولتافا. وفي النمسا اعلنت السفارة البلغارية ان 100 طريق رئيسي في البلاد قد اغلقت. وفي المانيا اعلنت السلطات ان معظم المناطق في بافاريا، بادن ـ بورتيمبرغ، ساكسونيا وساكسونيا السفلى قد اجتاحتها الفيضانات. وفي مدينة باساو البافارية ارتفع منسوب نهر الدانوب 12 مترا وهو رقم قياسي في الـ 500 سنة الماضية. وغادر 7000 شخص منازلهم في آيلينبرغ، قرب لايبزغ. واعلنت المفوضة الاوروبية لشؤون الطوارئ كريستينا غيورغييفا عن استعداد الاتحاد الاوروبي لمساعدة المنكوبين في البلدان الاعضاء. كما اقترحت روسيا تقديم المساعدة.

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

واعتبرت "الاسوشيتد برس " ان هذه الفيضانات هي الارهب منذ سبعين عاما. وبسبب الفيضان انقطعت الكهرباء عن 14000 شخص في الاقسام الشرقية من المانيا. وقد بدأت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل جولة في المناطق المتضررة.

وفي تشيخيا زاد في الطين بلة ان السلطات اضطرت لفتح مصارف المياه في احد السدود المائية، مما زاد في نسبة الفيضان في العاصمة براغ.

ويقول علماء الارصاد الجوية ان الامطار قد تتوقف في الايام القليلة القادمة، ويبدأ الفيضان بالانحسار. ويتوقع الاختصاصيون ان اعادة تطبيع الوضع في تشيخيا يحتاج لاقل من اسبوع. وجندت المانيا وتشيخيا البوليس واقساما من الجيش في العمليات الانقاذية. ووعدت انجيلا ميركيل بتقديم مساعدات للمتضررين بقيمة 100 مليون يورو.

التغيرات المناخية والتقصير تغمر أوروبا الوسطى بالفياضانات

ومن جهة ثانية اعلنت هنغاريا وسلوفاكيا حالة الطوارئ، خصوصا وان العاصمتين بودابست وبراتيسلافا تقعان على نهر الدانوب. وبدأت اقامة حواجز اكياس رملية في العاصمتين.

ويقول بعض الخبراء ان هذه الفيضانات تكشف نقصا هائلا في الاستعدادات العامة لمواجهة مثل هذه الحالات وترك بلاد بأسرها عرضة للكوارث البيئية التي يتحملها السكان في ارواحهم وممتلكاتهم. فالحكومات والشركات الكبرى تنفق عشرات ومئات مليارات اليورو على التسلح والانظمة الصاروخية والفضائية والدعايات الرخيصة، ولكنها تترك جميع المدن والبلدات والمناطق الريفية بدون ادنى تدابير الحماية من ظاهرة الفيضانات التي هي ظاهرة معروفة منذ مئات السنين. كما ان التغييرات في المناخ الارضي ليست هي الاخرى شيئا مفاجئا. والاتحاد الاوروبي والحكومات الاوروبية مجتمعة ومنفردة لم تتخذ اية تدابير جدية لمواجهة اسباب ونتائج، التغييرات المناخية، ولا تزال مؤسسات الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي تسير في ركاب اميركا الدولة الرئيسية المسببة لتلويث البيئة والتغييرات المناخية، والتي لا تزال الى اليوم ترفض توقيع اتفاقية كيوتو لتحسين المناخ وتستخدم نفوذها لعرقلة تنفيذها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
2013-06-06