ارشيف من :آراء وتحليلات
تحويل مجرى النيل: مشكلة ثانوية بالقياس إلى المشكلات التي تهدد وجود مصر

جميع الوقائع تشير إلى أن مصر قد بدأت بالخروج خاسرة من "حرب النيل"، اللهم إلا إذا استجابت السماء لدعاء الرئيس محمد مرسي. فقد دخلت تلك الحرب مرحلة حاسمة مع شروع إثيوبيا بتحويل مجرى النيل الأزرق، في إطار خطة لبناء "سد النهضة" بتداعياته الخطرة على مصر.
ليس فقط لأنه يقلص حصتها من مياه النهر بنسبة 40 بالمئة ويؤدي إلى تراجع قدرتها على إنتاج الكهرباء بنسبة 20 بالمئة، بل أيضاً لأن تدهور العلاقات مع إثيوبيا ينعكس سلباً على مستوى العلاقة مع أقباط مصر في هذا الزمن المتميز بحرص مشاريع الهيمنة على الاستثمار في الفتن الطائفية.
فشركاء مصر في مياه النهر بمن فيهم السودان، وهم تسع دول غيرها وغير إثيوبيا، تتراوح مواقفهم بين التأييد والرضا عن الموقف الإثيوبي. ولا يخفى أن هذا الوضع مرتبط بتراجع موقع مصر في القارة الإفريقية، وهو الموقع الذي كان لافتاً بقوته في أيام الرئيس عبد الناصر.
والأكيد أن ميوعة الموقف المصري من الأزمة هي في مقدمة العوامل التي تدفع باتجاه حتمية الخسارة. تهديدات دونكيشوتية بقصف السد وتدميره أو بالعمل على زعزعة إثيوبيا عبر إطلاق أنشطة مصرية في الصومال وأريتريا، من جهة، وتأكيدات على خيار التفاوض من أجل حل سلمي، من جهة أخرى. وكل ذلك وسط تطمينات تصدر عن هذا المسؤول أو ذاك لتقول بأن بناء "سد النهضة" لن تكون له تداعيات سلبية على مصر أو، في أدنى تقدير، أن الدراسات لم تخرج بعد بنتائج عن سلبية التداعيات أو إيجابيتها.
وفي الوقت نفسه، لا نعدم أصواتاً تتفاءل بالمفاعيل الإيجابية لبناء السد على مستوى التنمية في إفريقيا لجهة التوسع في المساحات المروية أو لجهة الارتفاع الكبير في قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهربائية وتصديرها إلى عدد كبير من البلدان القريبة والبعيدة.
ما يزيد الأمر خطورة هو أن هذه المشكلة التي تحمل المزيد من التهديد لأمن مصر الغذائي تطرح نفسها في وقت تواجه فيه مصر عدداً لا حصر له من المشكلات الداخلية والخارجية التي ترشحها لأن تكون، على أقل تقدير، دولة فاشلة بامتياز.
فمن الواضح أن نظام الرئيس مرسي لم ينجح في تحقيق الحد الأدنى من "التمكين" الضروري للحكم، في ظل نزعة التفرد التي تتنافى مع ضرورة حشد جميع القوى السياسية المصرية، أو أكثر تلك القوى، وتوظيفها في مشروع من شأنه أن يتصدى للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخانقة التي يعاني منها المجتمع المصري.
كما أنه لا يبدي ميلاً ولو بالحد الأدنى للقطع مع السياسات الخارجية التي اعتمدتها مصر منذ حكم السادات، لا سيما فيما يخص العلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، علماً بأن هذا المطلب كان ولا يزال في صميم أهداف ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2011.
والأهم من كل ذلك أن مواقفه من الحدث الكبير الذي بدأ بتغيير المعادلات الدولية لصالح قوى التحرر، أي صمود سوريا في وجه الهجمة الدولية والإقليمية الشرسة، هي أقرب إلى تأييد هذه الهجمة، رغم كون مصر مستهدفة لهجمة مماثلة لأسباب لا تختلف عن أسباب الهجمة على سوريا.
فإذا ما استبدلنا تركيا الضالعة في الحرب على سوريا بإثيوبيا التي تستخدم اليوم كرأس حربة في المشروع الهادف إلى إدخال مصر في المتاهات المظلمة، نجد أن الأطراف الدولية والإقليمية هي نفسها في الحالتين. من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين يشاركون بلدان الخليج في تمويل السد وشراء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة حول مجرى النيل وروافده في إثيوبيا ويشجعونها بالتالي على بناء السد دون بذل أي جهد من أجل الوصول إلى توافق ممكن مع مصر حول موضوع تقاسم المياه، إلى "إسرائيل" التي تسعى عبر توسع نفوذها في إفريقيا وإثيوبيا إلى استخدام النيل كورقة ضغط تمنع مصر من النهوض الاقتصادي وبالتالي من تبوؤ الموقع اللائق بها كقوة حاسمة في قيادة حركة التحرر في المنطقة.
صحيح أن النيل مهم جداً بالنسبة لمصر مثلما هو مهم بالنسبة لبلدان المنبع. والأكيد أن هذه المشكلة لا تستعصي على حلول تقنية كثيرة تضمن مصالح الجميع. إنها مع خطورتها مشكلة ثانوية بالقياس إلى المشاكل المتراكمة التي تهدد وحدة مصر ووجودها والتي لا يمكن لمصر أن تخرج منها بغير الانضمام إلى معسكر المقاومة في المنطقة والعالم.
ليس فقط لأنه يقلص حصتها من مياه النهر بنسبة 40 بالمئة ويؤدي إلى تراجع قدرتها على إنتاج الكهرباء بنسبة 20 بالمئة، بل أيضاً لأن تدهور العلاقات مع إثيوبيا ينعكس سلباً على مستوى العلاقة مع أقباط مصر في هذا الزمن المتميز بحرص مشاريع الهيمنة على الاستثمار في الفتن الطائفية.
فشركاء مصر في مياه النهر بمن فيهم السودان، وهم تسع دول غيرها وغير إثيوبيا، تتراوح مواقفهم بين التأييد والرضا عن الموقف الإثيوبي. ولا يخفى أن هذا الوضع مرتبط بتراجع موقع مصر في القارة الإفريقية، وهو الموقع الذي كان لافتاً بقوته في أيام الرئيس عبد الناصر.

والأكيد أن ميوعة الموقف المصري من الأزمة هي في مقدمة العوامل التي تدفع باتجاه حتمية الخسارة. تهديدات دونكيشوتية بقصف السد وتدميره أو بالعمل على زعزعة إثيوبيا عبر إطلاق أنشطة مصرية في الصومال وأريتريا، من جهة، وتأكيدات على خيار التفاوض من أجل حل سلمي، من جهة أخرى. وكل ذلك وسط تطمينات تصدر عن هذا المسؤول أو ذاك لتقول بأن بناء "سد النهضة" لن تكون له تداعيات سلبية على مصر أو، في أدنى تقدير، أن الدراسات لم تخرج بعد بنتائج عن سلبية التداعيات أو إيجابيتها.
وفي الوقت نفسه، لا نعدم أصواتاً تتفاءل بالمفاعيل الإيجابية لبناء السد على مستوى التنمية في إفريقيا لجهة التوسع في المساحات المروية أو لجهة الارتفاع الكبير في قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهربائية وتصديرها إلى عدد كبير من البلدان القريبة والبعيدة.
ما يزيد الأمر خطورة هو أن هذه المشكلة التي تحمل المزيد من التهديد لأمن مصر الغذائي تطرح نفسها في وقت تواجه فيه مصر عدداً لا حصر له من المشكلات الداخلية والخارجية التي ترشحها لأن تكون، على أقل تقدير، دولة فاشلة بامتياز.
فمن الواضح أن نظام الرئيس مرسي لم ينجح في تحقيق الحد الأدنى من "التمكين" الضروري للحكم، في ظل نزعة التفرد التي تتنافى مع ضرورة حشد جميع القوى السياسية المصرية، أو أكثر تلك القوى، وتوظيفها في مشروع من شأنه أن يتصدى للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخانقة التي يعاني منها المجتمع المصري.

كما أنه لا يبدي ميلاً ولو بالحد الأدنى للقطع مع السياسات الخارجية التي اعتمدتها مصر منذ حكم السادات، لا سيما فيما يخص العلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، علماً بأن هذا المطلب كان ولا يزال في صميم أهداف ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2011.
والأهم من كل ذلك أن مواقفه من الحدث الكبير الذي بدأ بتغيير المعادلات الدولية لصالح قوى التحرر، أي صمود سوريا في وجه الهجمة الدولية والإقليمية الشرسة، هي أقرب إلى تأييد هذه الهجمة، رغم كون مصر مستهدفة لهجمة مماثلة لأسباب لا تختلف عن أسباب الهجمة على سوريا.
فإذا ما استبدلنا تركيا الضالعة في الحرب على سوريا بإثيوبيا التي تستخدم اليوم كرأس حربة في المشروع الهادف إلى إدخال مصر في المتاهات المظلمة، نجد أن الأطراف الدولية والإقليمية هي نفسها في الحالتين. من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين يشاركون بلدان الخليج في تمويل السد وشراء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة حول مجرى النيل وروافده في إثيوبيا ويشجعونها بالتالي على بناء السد دون بذل أي جهد من أجل الوصول إلى توافق ممكن مع مصر حول موضوع تقاسم المياه، إلى "إسرائيل" التي تسعى عبر توسع نفوذها في إفريقيا وإثيوبيا إلى استخدام النيل كورقة ضغط تمنع مصر من النهوض الاقتصادي وبالتالي من تبوؤ الموقع اللائق بها كقوة حاسمة في قيادة حركة التحرر في المنطقة.
صحيح أن النيل مهم جداً بالنسبة لمصر مثلما هو مهم بالنسبة لبلدان المنبع. والأكيد أن هذه المشكلة لا تستعصي على حلول تقنية كثيرة تضمن مصالح الجميع. إنها مع خطورتها مشكلة ثانوية بالقياس إلى المشاكل المتراكمة التي تهدد وحدة مصر ووجودها والتي لا يمكن لمصر أن تخرج منها بغير الانضمام إلى معسكر المقاومة في المنطقة والعالم.