ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا بعد ’سقوط القصير’ في سورية ولبنان و’اسرائيل’؟

ماذا بعد ’سقوط  القصير’  في سورية ولبنان و’اسرائيل’؟
شھدت الأزمة السورية المتفجرة منذ أكثر من عامين محطات ونقاط تحوّل  ابرزها  "سقوط القصير".

فھذا الحدث يدل الى تغيير في مسار المواجھة وفي الميدان ويتوّج سلسلة من الإنجازات العسكرية التكتيكية التي يحرزھا الجيش السوري النظامي على طريقة "القضم" والاستعادة المتدرجة لزمام المبادرة العسكرية على الأرض. " هذا الإنجاز العسكري يرتب النتائج والمتغيّرات التالية: 

ماذا بعد ’سقوط  القصير’  في سورية ولبنان و’اسرائيل’؟
ماذا بعد "سقوط  القصير"  في سورية ولبنان و"اسرائيل"؟


1-تشكل القصير نقطة وصل وفصل بين المركز والساحل وتقاطع طرق بين دمشق وحمص والساحل السوري، وممر تھريب السلاح من لبنان وخط إمداد السلاح من سوريا الى حزب الله... ويختصر ضابط سوري شارك في المعركة أھمية القصير بالقول:  "إن من يسيطر على القصير يسيطر على وسط البلاد، ومن يسيطر على وسط البلاد يسيطر على سوريا كلھا"...

2-"سقوط القصير" يدخل في صلب الحرب النفسية المعنوية، من جھة يعطي جرعة كبيرة من الثقة للنظام وقواته ويحرضه على استثمار سريع لھذا الانتصار وتحويل قواته في ثلاثة اتجاھات: مدينة حلب، ريف حمص وخصوصا الرستن وتلبيسة، وإقفال ما تبقى من الحدود اللبنانية ـ السورية، وتحديدا في المنطقة الممتدة من الزبداني الى الغوطة الشرقية وفي منطقة التواصل مع جرود عرسال. 

من جھة ثانية يساھم في ضعضعة صفوف المعارضة وزيادة أوضاعھا سوءا في مواجھة أول خسارة موجعة على الأرض، كما يساھم ھذا التطور في رفع نسبة الخيبة والشكوك في أوساط المعارضة، التي عكس أداؤها تخبطا وتشرذما واتھامات تبدأ من "التقصير" وتصل الى "الخيانة"... وما ستؤدي إليه حكما من تغييرات تنظيمية وسياسية وعسكرية في مجمل وضع المعارضة وتركيبتھا وأسلوب عملھا.

3- "سقوط القصير"  كشف عن وجود خلل مستجد ووضع غير متكافئ على الأرض.  الجيش السورى غير معد في الأساس لحرب مدن وشوارع تبين مؤخرا بأنه استعاد جهوزيته وقدراته وفعاليته الميدانية القتالية نتيجة التدريب وإعادة التأهيل فراكم خبرات في ھذا المجال اثبتت فعلها على الارض.

وبالمقابل، فإن المعارضة المسلحة تفتقد الى سلاح نوعي وقوة نارية ودعم خارجي فعّال. وفي الواقع فإن الوضع غير المتكافئ له أسباب  ليست فقط عسكرية ميدانية، وإنما سياسية واستراتيجية. فمقابل ما تظھره روسيا وإيران من دعم ثابت وصلب وموقف "لا يتزحزح"، يظھر الموقف الدولي، لا سيما الأميركي، الداعم للائتلاف المعارض على درجة من الميوعة والتردد والمماطلة وعدم الرغبة بأي شكل من أشكال التدخل العسكري المباشر.  
 
4- تزامن "سقوط القصير" مع التحضيرات الجارية لمؤتمر "جنيف ـ 2" والمفاوضات التمھيدية التي انطلقت بين الأميركيين والروس في شأنه. ومن الطبيعي أن تغييرات مھمة على الأرض السورية سترخي بظلالھا وتأثيرھا على ھذا المؤتمر وظروفه ومساره، وأن تحسن وضع النظام واستعادته زمام المبادرة وتحوّله من الدفاع الى الھجوم ستعزز موقعه التفاوضي وتضعف من موقع معارضيه الذين لن يكون بإمكانھم الإدلاء بشروط مسبقة، ويصبحون أمام خيارين: الدخول في حوار غير متكافئ مع النظام مع سقف طموحات منخفض، أو الاستمرار في حرب غير متكافئة مع النظام مع سقف خيبة مرتفع ما دام التدخل الخارجي والدعم الفعلي متعذرين...

ماذا بعد "معركة القصير" في سوريا:


-ھل تعطي "صدمة القصير" قوة دفع جديدة للحل السياسي عبر مؤتمر "جنيف ـ 2" وتدفع باتجاه مراجعة الموقف الدولي بعدما أغلقت معركة القصير "صفحة تنحي الأسد" وفتحت "صفحة الحوار مع الأسد"؟!

-أم تعطي النظام نشوة الانتصار وقوة دفع معنوي لمواصلة مسيرة الحسم العسكري وتقديمه على الحل السياسي؟!

-أم تعيد طرح مسألة التدخل الخارجي في الأزمة السورية في حال ذھب النظام بعيدا في عملياته العسكرية الى حد إطاحة الحل السياسي ومحاولة تثبيت انتصار يغيّر في وجه المنطقة ومعادلتھا وتوازناتھا ويشكل خرقا فاضحا لـ "الخطوط الحمر"...؟!
  
أي انعكاسات لمعركة القصير على لبنان؟!

مما لا شك فيه أن "سقوط القصير" ساھم في إذكاء التوترات السياسية، وقدم دليلا جديدا على عمق الانقسام اللبناني. فخيمت على أوساط 14 آذار  أجواء الصدمة والإحباط من خسارة جديدة غير مرتقبة، وھناك من يتوقع تدھورا للوضع في لبنان وأن يتطور أمنيا نحو الأسوأ بدليل ما جرى من عمليات عسكرية خارقة للحدود  (في جرود عرسال، وفي عكار وبعلبك، فضلا عن وضع ھش في طرابلس...)، واستنادا الى قرار خليجي بسحب الرعايا من لبنان... ولكن ھناك في المقابل من يتوقع، بعد معركة القصير، إيجابيات أكثر من سلبيات: منها:  
 
- " صدمة القصير" ستؤدي الى "تبريد الرؤوس الحامية في لبنان" وإعادتھا الى حسابات واقعية...

فما حصل يرسخ معادلة "الحكومة السياسية" ويعزز موقع حزب لله التفاوضي في أي حكومة جديدة برئاسة تمام سلام أو غيره... ويمكن تلخيص الوضع الحكومي بالتالي:

-  لا حكومة جديدة في القريب العاجل في المدى المنظور.

-الرئيس المكلف تمام سلام عاجز عن تقديم حكومة أمر واقع.

-حزب لله مُصر على شروطه الحكومية بدءا من تثبيت الغطاء السياسي للمقاومة وانتھاءً بإرضاء حليفه العماد عون.

وبناءً عليه، فإن سلام "ليس في أمان" واستمراره غير مضمون، وإذا استمر سيبقى "رئيسا مكلفا من دون تأليف"...
  
ماذا تقول إسرائيل بعد "القصير"؟!

أكثر ما اھتمت له إسرائيل ھو مشاركة حزب لله في معركة القصير ومساھمته في قلب الوضع على الأرض. فبالنسبة الى قادة الجيش الإسرائيلي الذين تابعوا عن كثب تفاصيل معركة القصير، ما حصل كان بالنسبة اليھم، أول إثبات ميداني لوعيد السيد حسن نصرلله، غداة "حرب تموز" بإمكان إقدام المقاومة على احتلال الجليل الأعلى في إسرائيل في أي مواجھة مقبلة بينھا وبين الجيش الإسرائيلي. ففي القصير، خاض حزب الله تجربة عسكرية جديدة بالكامل، وقد حقق فيھا فوزا في أول مرحلة منھا، بقدرته على اقتحام منطقة جغرافية واسعة  (غير معروفة لديه مسبقا)  وفرض سيطرته عليھا.
2013-06-19