ارشيف من :آراء وتحليلات

حزب الله وأهل السنّة

 حزب الله وأهل السنّة

فيصل الأشمر

لم يكن أحد من المتابعين والمهتمين لينتظر كلام السيد حسن نصر الله يوم أمس في الحفل السنوي لجمعية كشافة الإمام المهدي ليطلع على موقف حزب الله ونظرته إلى الطائفة السنية.


ومع أن السيد حسن نصر الله أكد أمس أن المعركة هي مع التكفيريين المسلحين الذين يكفّرون السنة والشيعة والذين هم أعداء النور والعلوم والفنون وأعداء كل شيء، وأن السنّة هم إخواننا في الدين، وحزب الله يعمل منذ ثلاثين سنة على الوحدة الإسلامية بين الشيعة والسنة، فإن كلامه هذا ليس بجديد، وإن كان تكراره في الظرف الحالي ضرورياً في ظل السعي الذي يسعاه كثيرون لبث التفرقة والفتنة بين السنّة والشيعة.

منذ نشأته يعتبر حزب الله موضوع الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب مبدأً وهدفاً سعى إليه طيلة مسيرته، ولم يتوقف يوماً عن العمل من أجل هذا الهدف.
وإذا وضعنا موضوع تحرير الجنوب اللبناني وبقاعه الغربي من الاحتلال الإسرائيلي جانباً، كهدف أساس لحزب الله، فإن أغلب القضايا التي عمل لأجلها حزب الله هي قضايا مرتبطة أو لها علاقة بأهل السنّة في لبنان والعالمين العربي والإسلامي، بدءاً من تأييد حزب الله للصحوات الإسلامية في دول المغرب العربي وتأييده لفوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية التي أجريت في الجزائر في العام 1991 والتي أدت إلى فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتي ألغتها السلطات الجزائرية بعد ذلك.

كما أيّد الحزب ثورتي مصر وتونس معتبراً أنهما تعبير عن رأي الشعبين في البلدين العربيين المعارضين للنظامين التابعين للولايات المتحدة الأميركية.

أما فلسطين فقد كانت همّ حزب الله الأكبر، وكانت تنافس أحياناً همه المحلي المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. وقد دعم الحزب المقاومات الفلسطينية كلها، بما فيها تلك التي أجرت أجنحتها السياسية معاهدات تسوية مع العدو الإسرائيلي، فكان داعماً لحماس والجهاد وفتح والجبهة الشعبية وغيرها من الحركات والأحزاب، دعماً سياسياً ومعنوياً وعسكرياً واضحاً، لم ينكره المقاومون الفلسطينيون ولم ينكروا دوره في تحرير غزة من العدو الإسرائيلي، وفي صمودها أمام اعتداءاته المتكررة.
كما كان حزب الله يطالب في مفاوضات تبادل الأسرى مع العدو بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين دون أن يكتفي بالمفاوضة على أساس إطلاق سراح مجاهديه أو المقاومين اللبنانيين فقط.

أما في العراق، فلا يعني وجود أغلبية سكانية شيعية أن حزب الله كان داعياً لمقاومة الاحتلال الأميركي له لوجود هذه الأغلبية، بل اعتبر أن مقاومة هذا المحتل واجبة على الجميع، مبدياً موقفاً مخالفاً للكثير من القوى الشيعية هناك، ومؤيداً لاتجاه قوى سنية أخرى. دون أن ننسى دعوة الأمين العام السيد حسن نصر الله إلى إطلاق مبادرة عربية للمصالحة بين المعارضة وسلطة صدام حسين في العراق وتشكيل حكومة وحدة وطنية وفقاً لنموذج اتفاق الطائف الذي وضع حداً لـخمسة عشر عاماً من الحرب الأهلية في لبنان وذلك لإحباط مخطط غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية آنذاك، وقد تعرض سماحته لانتقادات واسعة من بعض الشيعة العراقيين وقتها.
وفي الشأن اليمني، كانت للسيد نصر الله مواقف متكررة تدعو إلى العمل على وقف القتال والاقتتال، معتبراً أن بعض المتدخلين يحاولون أن يذهبوا باليمن إلى حرب مذهبية وطائفية خطيرة جداً مع أن الأحداث ذات طابع سياسي وليس مذهبياً، كما حاول بعض المستفيدين منها تصويرها عليه.

وقد كان لحزب الله اهتمامه بالاحتلال السوفياتي لأفغانستان، في ثمانينات القرن الماضي. وأيد الحزب مقاومة الأفغان للاحتلال السوفياتي السابق، وزار الأمين العام السابق الشهيد السيد عباس الموسوي أفغانستان لأجل هذا الموضوع. وكانت للحزب علاقات مع عدد من فصائل المقاومة الأفغانية.

كما أرسل حزب الله مدربين إلى البوسنة من أجل تدريب البوسنيين على مواجهة الإجرام اليوغوسلافي ضد المسلمين هناك. وهو الأمر الذي كشفه أمين عام الحزب منذ مدة قريبة.

وأكثر من ذلك، وعلى الرغم من تدخل حزب الله الحالي بشكل محدود في الأحداث السورية، والذي اعتبره الحزب تدخلاً ضرورياً، فقد سعى قبل ذلك السيد نصر الله ومنذ بداية الاحداث إلى تأمين أجواء الحوار بين النظام وبين الأطياف المعارضة له من أجل الوصول إلى مبادئ مشتركة تحفظ سوريا من الدمار.

هذا إيجاز لموضوع العلاقة بين حزب الله وبين أهل السنّة في العالمين العربي والإسلامي، إيجازٌ لم يعطِ الموضوع حقه من الشرح والتفصيل، لكنه يظهر طبيعة نظرة حزب الله العامة في الموضوع.


2013-06-22