ارشيف من :آراء وتحليلات
هواجس الحريرية من القصير إلى مصر... هل يدفع الجيش الثمن؟
حسين حمية
كشفت عملية تصفية الظاهرة الأسيرية على يد الجيش اللبناني، الهواجس التي تؤرّق آل الحريري (المستقبل) من التطورات القادمة. هناك أكثر من سبب يجعل هذا الفريق يطير صوابه السياسي، وهذا ما حدث في ردّ فعله على إنجاز المؤسسة العسكرية في عبرا. ومع أن الجيش في ظل الظروف الصعبة التي تلف المنطقة، يبقى الضامن الوحيد لاستمرار الكيان وحماية الاستقرار من شبح الاحتراب الأهلي، لم يتورع الفريق نفسه عن توجية انتقادات قاسية للجيش ووضع شروط على تنفيذ مهامه، والعودة إلى الإسطوانة المعروفة بتأليبه على المقاومة.
ليس الانتهاء من الأسير (ولو كان مؤلما للمستقبل) وحده، هو ما أثار الهلع السياسي لدى الحريريين. فالرياح الإقليمية والدولية جرت على خلاف ما تشتهي سفنهم. لقد سقط الرهان على أن تفتح التطورات السورية بوابة عودتهم إلى السلطة في لبنان، وقد تواضعت طموحات الحلف المناوئ في سوريا، وتبخّرت أحلام سقوط النظام إو إزاحة الرئيس بشار الأسد من الحكم، وحتى تراجع الحديث عن "طائف سوري"، ليقتصر هذا الطموح على توفير مقعد سوري ـ أميركي على طاولة جنيف 2 أو 3 لقائد "الجيش الحر" اللواء سهيل إدريس.
كما أن الكتلة السنية (ومنها الحريريون) التي هيأها التحالف القطري ـ السعودي للتهويل بالفتنة الكبرى بوجه محور المقاومة والممانعة، بدأت هذه الكتلة تعاني من تصدعات يصعب إعادة لحمها، وهي تصدعات على قاعدة سلفي إخواني، فهناك افتراق بين مكوناتها وقع في مصر على إثر إزاحة الإخوان عن الحكم في مصر بالمليونيات الشعبية والقوة العسكرية، ومثل هذا الافتراق ظهرت أعراضه في العراق بتراجع التظاهرات في المحافظات السنية المناوئة لحكومة نوري المالكي، وكذلك في ليبيا بالتمرد على السلطة المركزية، وفي تونس بتزايد السخط الشعبي ضد الحكومة، وأيضا في الخليج في محاكمة الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة التخريب والمس باستقرار دولة الإمارات، وكذلك بارتفاع أسعار أسهم الشركات السعودية عن الشركات القطرية.
يدرك الحريريون خطورة انتقال هذه التصدعات السنية الإقليمية إلى لبنان. فكان ذا معنى مقلق لديهم، شتم المملكة السعودية أثناء خطب الجمعة في بعض مساجد طرابلس على خلفية رضا الرياض على التغيير في مصر، وقبل ذلك، كسر قاعدة احتكار الحريرية لرئاسة الوزراء في لبنان، إن عبر الرئيس نجيب ميقاتي أو لاحقا عبر تكليف الرئيس تمام سلام، علما أن التبدلات الإقليمية الأخيرة تتجاوز هذا الاحتكار إلى خطر تقليص الزعامة الحريرية للسنية السياسية إلى أدنى حدود، كانت علائمها في إنزال صورتي كل من رفيق الحريري وسعد الحريري في طرابلس، وكذلك التعرض لشخص سعد الحريري نفسه في الطريق الجديدة ووصفه بأبي رغال من قبل أحد الخطباء إثر نجاح الجيش في القضاء على الظاهرة الأسيرية.
لا جدال أن الحملات التي ينظمها "تيار المستقبل" في هذه المرحلة، ليس لها علاقة بسلاح المقاومة، فالكل بات يعلم، أن هذا الموضوع يتجاوز بكثير الشأن اللبناني، حتى إنه بعد الاكتشافات النفطية ومن ثم ما حدث في القصير، صار شأنا دوليا بامتياز.
كما إن الكل يعلم، أن هذه الحملات، لا علاقة لها بدولة المواطنة أو حقوق الإنسان أو توفير البيئة الديموقراطية كما جاء في أهداف حملة "بيكفي خوف"، وكيف للناس أن تصدّق هذه الخرافة، وقائد الحملة شخص، هو الرئيس فؤاد السنيورة، الذي قال علناً وأمام الأشهاد، أن جفنه لا يرف لتظاهرة ضمت أكثر من مليون ونصف المليون اللبناني!!!
القصة من ألفها إلى يائها، مع اقتراب موعد التسوية الكبرى في المنطقة، هناك خوف حقيقي لدى الحريريين، من أن يتم تجريدهم من الأدوات التي وفرت لهم فاعليتهم السياسية في لبنان، وتحديدا عدّة الشغل المتمثلة بحقن النفوس واستنفار العصبيات المذهبية والطائفية. لقد وصل إلى أسماع الحريريين، أن هناك قرارا يحظى بتغطية دولية وإقليمية، يقضي بتكليف الجيش اللبناني بالقضاء على جميع البؤر الأمنية في البلد أياً كانت النتائج، كانت معركة عبرا نموذجا لتعاطي الجيش، فقد مارس دوره من دون استئذان من أحد، وأيضا من دون دفع أكلاف سياسية على حساب الدولة أو القوى السياسية الأخرى.
الحملة الحريرية على الجيش، ولو تلونت بـ 14 آذار أو باسم السنّة أو باسم المشروع المزعوم عن العبور إلى الدولة، ولو اتخذت شكلا كاذبا بالحديث عن سلاح المقاومة، والنظريات التافهة حول السلاح يجر السلاح، فكل هذا، لا يحجب الأنانية السياسية لطرف، يريد أن يغتذي أو يعتاش عن طريق الابتزاز المكشوف تحت طائلة تهديد مصير بلد بأكمله ووضعه على حافة الحروب الأهلية.
كشفت عملية تصفية الظاهرة الأسيرية على يد الجيش اللبناني، الهواجس التي تؤرّق آل الحريري (المستقبل) من التطورات القادمة. هناك أكثر من سبب يجعل هذا الفريق يطير صوابه السياسي، وهذا ما حدث في ردّ فعله على إنجاز المؤسسة العسكرية في عبرا. ومع أن الجيش في ظل الظروف الصعبة التي تلف المنطقة، يبقى الضامن الوحيد لاستمرار الكيان وحماية الاستقرار من شبح الاحتراب الأهلي، لم يتورع الفريق نفسه عن توجية انتقادات قاسية للجيش ووضع شروط على تنفيذ مهامه، والعودة إلى الإسطوانة المعروفة بتأليبه على المقاومة.
ليس الانتهاء من الأسير (ولو كان مؤلما للمستقبل) وحده، هو ما أثار الهلع السياسي لدى الحريريين. فالرياح الإقليمية والدولية جرت على خلاف ما تشتهي سفنهم. لقد سقط الرهان على أن تفتح التطورات السورية بوابة عودتهم إلى السلطة في لبنان، وقد تواضعت طموحات الحلف المناوئ في سوريا، وتبخّرت أحلام سقوط النظام إو إزاحة الرئيس بشار الأسد من الحكم، وحتى تراجع الحديث عن "طائف سوري"، ليقتصر هذا الطموح على توفير مقعد سوري ـ أميركي على طاولة جنيف 2 أو 3 لقائد "الجيش الحر" اللواء سهيل إدريس.
كما أن الكتلة السنية (ومنها الحريريون) التي هيأها التحالف القطري ـ السعودي للتهويل بالفتنة الكبرى بوجه محور المقاومة والممانعة، بدأت هذه الكتلة تعاني من تصدعات يصعب إعادة لحمها، وهي تصدعات على قاعدة سلفي إخواني، فهناك افتراق بين مكوناتها وقع في مصر على إثر إزاحة الإخوان عن الحكم في مصر بالمليونيات الشعبية والقوة العسكرية، ومثل هذا الافتراق ظهرت أعراضه في العراق بتراجع التظاهرات في المحافظات السنية المناوئة لحكومة نوري المالكي، وكذلك في ليبيا بالتمرد على السلطة المركزية، وفي تونس بتزايد السخط الشعبي ضد الحكومة، وأيضا في الخليج في محاكمة الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة التخريب والمس باستقرار دولة الإمارات، وكذلك بارتفاع أسعار أسهم الشركات السعودية عن الشركات القطرية.
يدرك الحريريون خطورة انتقال هذه التصدعات السنية الإقليمية إلى لبنان. فكان ذا معنى مقلق لديهم، شتم المملكة السعودية أثناء خطب الجمعة في بعض مساجد طرابلس على خلفية رضا الرياض على التغيير في مصر، وقبل ذلك، كسر قاعدة احتكار الحريرية لرئاسة الوزراء في لبنان، إن عبر الرئيس نجيب ميقاتي أو لاحقا عبر تكليف الرئيس تمام سلام، علما أن التبدلات الإقليمية الأخيرة تتجاوز هذا الاحتكار إلى خطر تقليص الزعامة الحريرية للسنية السياسية إلى أدنى حدود، كانت علائمها في إنزال صورتي كل من رفيق الحريري وسعد الحريري في طرابلس، وكذلك التعرض لشخص سعد الحريري نفسه في الطريق الجديدة ووصفه بأبي رغال من قبل أحد الخطباء إثر نجاح الجيش في القضاء على الظاهرة الأسيرية.
لا جدال أن الحملات التي ينظمها "تيار المستقبل" في هذه المرحلة، ليس لها علاقة بسلاح المقاومة، فالكل بات يعلم، أن هذا الموضوع يتجاوز بكثير الشأن اللبناني، حتى إنه بعد الاكتشافات النفطية ومن ثم ما حدث في القصير، صار شأنا دوليا بامتياز.
كما إن الكل يعلم، أن هذه الحملات، لا علاقة لها بدولة المواطنة أو حقوق الإنسان أو توفير البيئة الديموقراطية كما جاء في أهداف حملة "بيكفي خوف"، وكيف للناس أن تصدّق هذه الخرافة، وقائد الحملة شخص، هو الرئيس فؤاد السنيورة، الذي قال علناً وأمام الأشهاد، أن جفنه لا يرف لتظاهرة ضمت أكثر من مليون ونصف المليون اللبناني!!!
القصة من ألفها إلى يائها، مع اقتراب موعد التسوية الكبرى في المنطقة، هناك خوف حقيقي لدى الحريريين، من أن يتم تجريدهم من الأدوات التي وفرت لهم فاعليتهم السياسية في لبنان، وتحديدا عدّة الشغل المتمثلة بحقن النفوس واستنفار العصبيات المذهبية والطائفية. لقد وصل إلى أسماع الحريريين، أن هناك قرارا يحظى بتغطية دولية وإقليمية، يقضي بتكليف الجيش اللبناني بالقضاء على جميع البؤر الأمنية في البلد أياً كانت النتائج، كانت معركة عبرا نموذجا لتعاطي الجيش، فقد مارس دوره من دون استئذان من أحد، وأيضا من دون دفع أكلاف سياسية على حساب الدولة أو القوى السياسية الأخرى.
الحملة الحريرية على الجيش، ولو تلونت بـ 14 آذار أو باسم السنّة أو باسم المشروع المزعوم عن العبور إلى الدولة، ولو اتخذت شكلا كاذبا بالحديث عن سلاح المقاومة، والنظريات التافهة حول السلاح يجر السلاح، فكل هذا، لا يحجب الأنانية السياسية لطرف، يريد أن يغتذي أو يعتاش عن طريق الابتزاز المكشوف تحت طائلة تهديد مصير بلد بأكمله ووضعه على حافة الحروب الأهلية.