ارشيف من :آراء وتحليلات
المفاوضات الأميركية ـ الأوروبية الصعبة لإنشاء منطقة تجارية موحدة
في شهر كانون الثاني الماضي أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الاوروبي عن مشاريعهما الطموحة للبدء في المحادثات حول إنشاء منطقة تجارية حرة موحدة فيما بينهما. وحينذاك أعلن الكثير من السياسيين المتحمسين أن هذه الصفقة ستكون عاملا يغير قواعد اللعبة الاقتصادية في العالم، كما كتبت جريدة "فايننشال تايمس".
إن التجارة والمشاركة في التوظيفات عبر الأطلسي ينبغي أن تزيل الحواجز التجارية وأن تنشئ أكبر منطقة تجارية حرة في العالم. وحسب تقديرات المفوضية الأوروبية فإن هذه الصفقة سوف تزيد بمقدار 0.5% (ما يعادل 86 مليار يورو) الناتج المحلي القائم السنوي للاتحاد الأوروبي حتى سنة 2027. وسوف يوجد ملايين وظائف العمل الجديدة بدون أي مصاريف من قبل الحكومات.
ولكن هل ستستجيب المحادثات التي بدأت مؤخراً للتوقعات الطموحة؟ هذا يتعلق بشكل الصفقة التي يتم تحضيرها وطبيعة الاهداف الموضوعة، حسب رأي المحللين.
الفوائد
يقول فريدريك اريكسون، مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي العالمي إنه بمقدار ما يتم اشتراك قطاعات أكثر، فإن الفوائد ستكون اكبر. وقد بلغت التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي في السنة الماضية مقدار 646 مليار دولار. وان مشروع الاتفاق المقترح عبر الأطلسي سوف يشمل 50% من الناتج المحلي القائم للعالم، و30% من التجارة العالمية، و20% من التوظيفات الأجنبية المباشرة في العالم. وحسب تقديرات مركز ابحاث السياسة الاقتصادية في لندن فإن هذه الصفقة الطموحة، التي ستخفض الحواجز الجمركية، سوف تساعد على تنمية اقتصاد الإتحاد الأوروبي وأميركا بمقدار 100 مليار دولار سنويا.
وبالنسبة للاقتصاد فإن التأثير الأكبر سيكون للتفاهم حول الغاء الرسوم الجمركية على السلع. وهي في الوقت الحاضر منخفضة وتبلغ لا أكثر من 4 ـ 5%، ولكن السيل التجاري الذي يقدر بملياري يورو في اليوم، بين ضفتي الأطلسي، فإن أي تخفيض ضئيل في التعرفات الجمركية سوف يحمل فوائد كبيرة. وحسب دراسة لمؤسسة Bloomberg فإن إسقاط التعرفات الجمركية سوف يوفر على الصناعة الكيماوية الأميركية مليار دولار.
اوباما وباروزو
ويقول بيتر تشايز، نائب رئيس غرفة التجارة الاميركية، ان تخفيف وتحسين فعالية الإجراءات الجمركية سوف يؤدي الى تحقيق مدخرات، من شأنها أن تجعل الاقتصادين الأميركي والاوروبي اكثر قدرة على المزاحمة بالمقارنة مع الاقتصادات العالمية الاخرى. ويضيف "ان احد اجزاء التفاهم، الذي لا يتحدث عنه احد، هو التسهيلات الجمركية. وهي يمكن ان تكون كبيرة".
ولكن الفائدة الاكبر يمكن ان تأتي من توحيد المقاييس التكنيكية ومقاييس الامن، التي ينشأ عنها مصاريف اضافية للبيزنس. وللمثال فإن صناعة السيارات هي ملزمة باجراء ضوابط تنافسية. واذا القينا نظرة على المتطلبات التكنيكية لانتاج حزام الامان للافراد في اوروبا وفي اميركا، سنكتشف كم هي الفروقات كبيرة للوصول الى النتيجة ذاتها، حسبما يقول نائب رئيس شركة Ford Motor المسؤول عن العلاقات مع الحكومات في العالم.
ولكن ازالة مثل هذه الحواجز الفنية ليست عملية بسيطة، مثل الغاء او تخفيض الرسوم الجمركية، وغالبا ما تمر ضمن محادثات صعبة. وهي تصبح اكثر صعوبة حينما يتعلق الامر بمقاييس مرتبطة بقناعات داخلية، وعلى سبيل المثال نفور الاوروبيين من المنتجات المعدلة جينيا، او لحوم البقر المعالجة بالهورمونات، كما تعلق "الفايننشال تايمز".
بريق باهت
"لقد بدأنا المحادثات، بهدف التوصل الى اوسع وأشمل تفاهم يمكننا التوصل اليه"، هذا ما قاله الممثل التجاري للولايات المتحدة الاميركية كما نقلت عنه وكالة رويتر. ولكن بعد بضعة اشهر من اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما والقادة الاوروبيين عن قرار البدء في المحادثات، فإن كشف قيام الولايات المتحدة الاميركية بالتنصت على المؤسسات الاوروبية والسفارات الاوروبية، ألقى بظلاله على العلاقات عبر الاطلسية.
وأدى الاتهام بالتجسس الى ان فرنسا طلبت ان يتم الغاء الدورة الاولى من المحادثات. وفي النهاية تقرر ان يقوم خبراء في التجسس من الاتحاد الاوروبي ومن الولايات المتحدة الاميركية بعقد جلسة اولى لمجموعة عمل اختصاصية تبحث في البرامج الاميركية لجمع المعلومات والوثائق السرية. وستجري هذه الجلسة في وقت واحد مع اول لقاء لاجل المباحثات التجارية.
ان مفوضة العدل الاوروبية فيفيان ريدينغ تلح عبثا منذ سنتين على الاميركيين من اجل ادخال وسائل للدفاع عن الحياة الشخصية وحقوق المواطنين الاوروبيين في حال السرقة والاستخدام غير القانوني للمعلومات الشخصية عنهم في الولايات المتحدة الاميركية. وقد طالبت ان يكون للاوروبيين الحقوق ذاتها كما للاميركيين في هذا الحقل، وان يمكنهم ان يتوجهوا الى المحاكم الاميركية بهذا الخصوص.
ويعلق جفري سكوت، من مؤسسة الاقتصاد العالمي "بيترسون" في واشنطن بالقول ان فضيحة التجسس "جعلت من اي مسألة صعبة للمحادثات مسألة اكثر صعوبة"، ولكن الفوائد من التفاهم المحتمل هي كبيرة الى درجة انها لا تزال لها الارجحية في امكانية التوصل الى التفاهم.
مسائل حساسة
ان المتفاوضين يتوجب عليهم ان يتغلبوا على اختلافات عميقة فيما يخص الصناعات المحمية على جانبي الاطلسي، اذا كانوا يريدون التوصل الى هدف عقد اتفاق حتى نهاية سنة 2014. هذا ما علقت به وكالة الصحافة الفرنسية.
نظريا، كل شيء الان هو مطروح على طاولة المباحثات. ولكن قبل بدء المباحثات طرح الاتحاد الاوروبي خطوطه الحمر. فمنذ شهر حزيران هددت فرنسا باللجوء الى الفيتو على البداية، اذا لم يتم استبعاد القطاع السمعي ـ البصري من المحادثات. وأخذا بالاعتبار القواعد الحالية المتبعة في الاتحاد الاوروبي، التي تسمح للحكومات بالدفاع عن التعددية الثقافية، عن طريق تحديد الاعانات والكوتات، فإن وزير الثقافة اوريلي فيليبيتي حذر اكثر من مرة، ان "فرنسا دافعت وستدافع دوما عن الاستثناء الثقافي حتى النهاية ـ وهذا هو "خط احمر". وفي اوسط ايار الماضي كان 14 بلدا اعضاء في الاتحاد الاوروبي، بما فيها بلغاريا، قد دعمت باريس بهذا الخصوص. وعكس ذلك حسب تلك البلدان يمكن ان يمس امكانيات البلدان الاوروبية على تحديد قواعدها الخاصة على خلفية الابتكارات الجديدة في التكنولوجيا والاقتصاد.
ومن الطرف الاخر برز النصيران القويان لحرية التجارة المانيا وبريطانيا، اللتان تعتبران انه لأمر حيوي التوصل الى التقدم نحو الاتفاق بسبب الفوائد الاقتصادية الجمة منه. وفقط بعد ان اتفقت بلدان الاتحاد الاوروبي ان لا يتضمن تفويض المفوضية الاوروبية البحث في مسألة الثقافة، اعطت فرنسا موافقتها على بدء المحادثات.
وستطرح اوروبا للنقاش مسألة التفضيلات، التي تقدمها مختلف الولايات والمدن والوزارات الفيديرالية الاميركية للمزودين المحليين، بما في ذلك في القطاع المربح الذي هو قطاع الدفاع. كما ان واشنطن سوف تطرح مسألة المنتجات البيوتكنولوجية الاميركية، مثل الاغذية المعدلة جينيا، التي تعتبر كثرة من الاوروبيين انها خطيرة.
إن التجارة والمشاركة في التوظيفات عبر الأطلسي ينبغي أن تزيل الحواجز التجارية وأن تنشئ أكبر منطقة تجارية حرة في العالم. وحسب تقديرات المفوضية الأوروبية فإن هذه الصفقة سوف تزيد بمقدار 0.5% (ما يعادل 86 مليار يورو) الناتج المحلي القائم السنوي للاتحاد الأوروبي حتى سنة 2027. وسوف يوجد ملايين وظائف العمل الجديدة بدون أي مصاريف من قبل الحكومات.
ولكن هل ستستجيب المحادثات التي بدأت مؤخراً للتوقعات الطموحة؟ هذا يتعلق بشكل الصفقة التي يتم تحضيرها وطبيعة الاهداف الموضوعة، حسب رأي المحللين.
الفوائد
يقول فريدريك اريكسون، مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي العالمي إنه بمقدار ما يتم اشتراك قطاعات أكثر، فإن الفوائد ستكون اكبر. وقد بلغت التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي في السنة الماضية مقدار 646 مليار دولار. وان مشروع الاتفاق المقترح عبر الأطلسي سوف يشمل 50% من الناتج المحلي القائم للعالم، و30% من التجارة العالمية، و20% من التوظيفات الأجنبية المباشرة في العالم. وحسب تقديرات مركز ابحاث السياسة الاقتصادية في لندن فإن هذه الصفقة الطموحة، التي ستخفض الحواجز الجمركية، سوف تساعد على تنمية اقتصاد الإتحاد الأوروبي وأميركا بمقدار 100 مليار دولار سنويا.
وبالنسبة للاقتصاد فإن التأثير الأكبر سيكون للتفاهم حول الغاء الرسوم الجمركية على السلع. وهي في الوقت الحاضر منخفضة وتبلغ لا أكثر من 4 ـ 5%، ولكن السيل التجاري الذي يقدر بملياري يورو في اليوم، بين ضفتي الأطلسي، فإن أي تخفيض ضئيل في التعرفات الجمركية سوف يحمل فوائد كبيرة. وحسب دراسة لمؤسسة Bloomberg فإن إسقاط التعرفات الجمركية سوف يوفر على الصناعة الكيماوية الأميركية مليار دولار.
اوباما وباروزو
ولكن الفائدة الاكبر يمكن ان تأتي من توحيد المقاييس التكنيكية ومقاييس الامن، التي ينشأ عنها مصاريف اضافية للبيزنس. وللمثال فإن صناعة السيارات هي ملزمة باجراء ضوابط تنافسية. واذا القينا نظرة على المتطلبات التكنيكية لانتاج حزام الامان للافراد في اوروبا وفي اميركا، سنكتشف كم هي الفروقات كبيرة للوصول الى النتيجة ذاتها، حسبما يقول نائب رئيس شركة Ford Motor المسؤول عن العلاقات مع الحكومات في العالم.
ولكن ازالة مثل هذه الحواجز الفنية ليست عملية بسيطة، مثل الغاء او تخفيض الرسوم الجمركية، وغالبا ما تمر ضمن محادثات صعبة. وهي تصبح اكثر صعوبة حينما يتعلق الامر بمقاييس مرتبطة بقناعات داخلية، وعلى سبيل المثال نفور الاوروبيين من المنتجات المعدلة جينيا، او لحوم البقر المعالجة بالهورمونات، كما تعلق "الفايننشال تايمز".
بريق باهت
"لقد بدأنا المحادثات، بهدف التوصل الى اوسع وأشمل تفاهم يمكننا التوصل اليه"، هذا ما قاله الممثل التجاري للولايات المتحدة الاميركية كما نقلت عنه وكالة رويتر. ولكن بعد بضعة اشهر من اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما والقادة الاوروبيين عن قرار البدء في المحادثات، فإن كشف قيام الولايات المتحدة الاميركية بالتنصت على المؤسسات الاوروبية والسفارات الاوروبية، ألقى بظلاله على العلاقات عبر الاطلسية.
وأدى الاتهام بالتجسس الى ان فرنسا طلبت ان يتم الغاء الدورة الاولى من المحادثات. وفي النهاية تقرر ان يقوم خبراء في التجسس من الاتحاد الاوروبي ومن الولايات المتحدة الاميركية بعقد جلسة اولى لمجموعة عمل اختصاصية تبحث في البرامج الاميركية لجمع المعلومات والوثائق السرية. وستجري هذه الجلسة في وقت واحد مع اول لقاء لاجل المباحثات التجارية.
ان مفوضة العدل الاوروبية فيفيان ريدينغ تلح عبثا منذ سنتين على الاميركيين من اجل ادخال وسائل للدفاع عن الحياة الشخصية وحقوق المواطنين الاوروبيين في حال السرقة والاستخدام غير القانوني للمعلومات الشخصية عنهم في الولايات المتحدة الاميركية. وقد طالبت ان يكون للاوروبيين الحقوق ذاتها كما للاميركيين في هذا الحقل، وان يمكنهم ان يتوجهوا الى المحاكم الاميركية بهذا الخصوص.
ويعلق جفري سكوت، من مؤسسة الاقتصاد العالمي "بيترسون" في واشنطن بالقول ان فضيحة التجسس "جعلت من اي مسألة صعبة للمحادثات مسألة اكثر صعوبة"، ولكن الفوائد من التفاهم المحتمل هي كبيرة الى درجة انها لا تزال لها الارجحية في امكانية التوصل الى التفاهم.
مسائل حساسة
ان المتفاوضين يتوجب عليهم ان يتغلبوا على اختلافات عميقة فيما يخص الصناعات المحمية على جانبي الاطلسي، اذا كانوا يريدون التوصل الى هدف عقد اتفاق حتى نهاية سنة 2014. هذا ما علقت به وكالة الصحافة الفرنسية.
نظريا، كل شيء الان هو مطروح على طاولة المباحثات. ولكن قبل بدء المباحثات طرح الاتحاد الاوروبي خطوطه الحمر. فمنذ شهر حزيران هددت فرنسا باللجوء الى الفيتو على البداية، اذا لم يتم استبعاد القطاع السمعي ـ البصري من المحادثات. وأخذا بالاعتبار القواعد الحالية المتبعة في الاتحاد الاوروبي، التي تسمح للحكومات بالدفاع عن التعددية الثقافية، عن طريق تحديد الاعانات والكوتات، فإن وزير الثقافة اوريلي فيليبيتي حذر اكثر من مرة، ان "فرنسا دافعت وستدافع دوما عن الاستثناء الثقافي حتى النهاية ـ وهذا هو "خط احمر". وفي اوسط ايار الماضي كان 14 بلدا اعضاء في الاتحاد الاوروبي، بما فيها بلغاريا، قد دعمت باريس بهذا الخصوص. وعكس ذلك حسب تلك البلدان يمكن ان يمس امكانيات البلدان الاوروبية على تحديد قواعدها الخاصة على خلفية الابتكارات الجديدة في التكنولوجيا والاقتصاد.
ومن الطرف الاخر برز النصيران القويان لحرية التجارة المانيا وبريطانيا، اللتان تعتبران انه لأمر حيوي التوصل الى التقدم نحو الاتفاق بسبب الفوائد الاقتصادية الجمة منه. وفقط بعد ان اتفقت بلدان الاتحاد الاوروبي ان لا يتضمن تفويض المفوضية الاوروبية البحث في مسألة الثقافة، اعطت فرنسا موافقتها على بدء المحادثات.
وستطرح اوروبا للنقاش مسألة التفضيلات، التي تقدمها مختلف الولايات والمدن والوزارات الفيديرالية الاميركية للمزودين المحليين، بما في ذلك في القطاع المربح الذي هو قطاع الدفاع. كما ان واشنطن سوف تطرح مسألة المنتجات البيوتكنولوجية الاميركية، مثل الاغذية المعدلة جينيا، التي تعتبر كثرة من الاوروبيين انها خطيرة.