ارشيف من :آراء وتحليلات
الرئاسة التونسية تسلّط القضاء على ’المحرّضين على الانقلابات’
يؤكد العديد من الأطراف على أن قادة الترويكا الحاكمة في تونس يخشون تكرار السيناريو المصري في أرض الخضراء، وأن رعبا أصاب هؤلاء انعكس على تصريحاتهم في وسائل الإعلام وفي شتى المنابر التي أتيح لهم فيها الحديث إلى جماهيرهم ومعارضيهم. فبعد توعد أحد قادة حركة "النهضة" التونسية ـ خلال مهرجان خطابي نظمته الحركة للتضامن مع الرئيس المصري المطاح به محمد مرسي ـ من ينقلب على "الشرعية" باستباحة دمه في شوارع تونس، جاء دور رئاسة الجمهورية لتتوعد بالويل والثبور كل من تسول له نفسه تحريض المؤسسة العسكرية على الإنقلاب على الحكم.
تظاهرات التأييد لمرسي في تونس
رئاسة الجمهورية توعدت باللجوء إلى القضاء لمحاسبة "الإنقلابيين" ورفع شكاوى ضدهم لدى النيابة العمومية، وذلك بعد أن أدانت في وقت سابق ما حصل في مصر وانتصرت للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين رغم أن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي من دعاة العلمانية في الشؤون السياسية. كما انتقدت رئاسة الجمهورية في تونس، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وجامعته بسبب انحيازهم لمعارضي مرسي، وهي التي كانت تقف في صف العربي وتدعمه في الملف السوري وتتخندق معه في التحالف العربي ـ الغربي الذي يسمي نفسه زورا وبهتانا "أصدقاء سوريا".
نداء تونس
ولم ينتظر ساكنو قرطاج طويلا، ومن دون إضاعة للوقت تقدموا بشكوى للنيابة العمومية ضد مدير قناة "الحوار" التونسي الفضائية الطاهر بن حسين الذي تم استدعاؤه إلى قصر العدالة بالعاصمة في لمح البصر على غير العادة، حيث تقضي النيابة وقتا طويلا في دراسة الشكاوى الواردة عليها قبل إثارة التتبع ضد المشتبه في ارتكابه لأحد الأفعال التي يجرمها ويعاقب عليها القانون الجزائي التونسي. ولعل المثير للشبهة هو انتماء السيد الطاهر بن حسين إلى المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس"، أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، والذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي الذي يتعرض لعملية إقصاء سياسي من خلال ما يعرف بـ"قانون تحصين الثورة".
المرزوقي ... وضيق الصدر من المعارضة
وقد لقي هذا السلوك من قبل رئاسة الجمهورية إدانات واسعة من قبل العديد من الجهات الحقوقية، واتُهم المرزوقي بضيق الصدر على المعارضة وعلى من يصدحون برأي مخالف. واستغرب البعض كيف يمكن لحقوقي سابق على غرار المنصف المرزوقي، عارض بن علي واشتكى من ديكتاتوريته، أن ينتهج ذات سلوك جلاده السابق الذي قمع حرية التعبير في البلاد. وتساءل أحدهم كيف يمكن أن تغير الكراسي من قناعات أصحاب المبادئ والمدافعين عن الحقوق والحريات؟ وكيف يوصل الخوف على فقدان الكرسي صاحبه إلى التنازل عما يؤمن به من قيم؟
استقلال القضاء
كما طرحت هذه الحادثة قضية استقلال القضاء في تونس مجددا. فإحدى أهم معضلات الخضراء هي قضاؤها غير المستقل والذي كان في السابق أداة لدى بن علي لقمع معارضيه. وحافظ القضاء التونسي على ذات الدور مع حكم حركة "النهضة" رغم وجود استثناءات تتعلق بقضاة نزهاء لا ينتمون إلى منظومة الفساد التي عملت في السابق مع بن علي وما زالت تعمل مع حركة النهضة. فالنيابة العمومية تخضع بالكامل في تونس لسلطة وزير العدل، والوزير يأتمر بأوامر رئيس الحكومة الخاضع بدوره لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.
ويطالب الرأي العام في تونس بإدراج بند في الدستور الجديد يقضي بأن تكون النيابة العامة مستقلة عن سلطة وزير العدل. لكن المقرر العام للدستور بالمجلس الوطني التأسيسي السيد الحبيب خضر المنتمي إلى حركة النهضة تغاضى عن هذا البند ولم يدرجه في مسودة الدستور التي أعلن عنها رئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر يوم 1 حزيران الماضي، وهو ما مثل إحدى أهم النقاط الخلافية بين الترويكا الحاكمة بقيادة حركة النهضة والمعارضة التونسية.
"فوبيا السيسي"
ويتوقع أغلب الخبراء والمحللين بأن تشهد تونس موجة محاكمات لمعارضين بحجة التحريض على الإنقلاب والتآمر على أمن الدولة وغيرها من التهم التي بالإمكان إلصاقها بكل من ينتقد حكام البلاد ويعارض توجهاتهم. فالطاهر بن حسين لن يكون الأخير، بحسب أغلب المراقبين الذين يرى أحدهم بأن الجماعة الحاكمة في تونس مصابة بـ"فوبيا السيسي" التي عمت أكثر من بلد عربي. فما حصل في مصر، بحسب هؤلاء، أصاب حكام تونس برعب حقيقي وجعلهم غير منضبطين في تصريحاتهم وفي سلوكهم، وهو ما قد يؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه، وخاصة أن الوضع في البلاد لم يعد يحتمل مزيدا من الإنقسام، والكل بحاجة إلى وفاق وطني للخروج من عنق زجاجة هذه المرحلة الإنتقالية الثانية.
حركة تمرد تونس تنتظر انتهاء شهر رمضان لمعاودة نشاطها
فحركة "تمرد تونس" تنشط بقوة في جمع التواقيع، والمعارضة تنتظر نهاية شهر رمضان وفصل الصيف للقيام بتحركات فعلية في الميدان، والكل يحبس أنفاسه، في فترة الهدوء التي تسبق العاصفة، بشأن مصير البلاد في حال عجز فرقاء البلاد عن الوصول إلى توافقات، ورفضت حركة "النهضة" تقديم التنازلات المطلوبة لخصومها، وتحديد خارطة طريق للمواعيد السياسية القادمة بما في ذلك الإنتخابات. ويؤكد أكثر من مراقب أن ما تقوم به رئاسة الجمهورية من عدم تعيين لرئيس أركان للجيوش الثلاثة ـ والإقتصار على قائد لجيش البر خلفا للفريق أول رشيد عمار المستقيل ـ ومن زج لكل من تعتبره محرضا على الإنقلاب على الشرعية في السجن من خلال القضاء، لن يجديها نفعا في عملية تمسكها بكراسي الحكم لأن بن علي انتهج ذات السلوك ولم يصمد في نهاية المطاف.
تظاهرات التأييد لمرسي في تونس
نداء تونس
ولم ينتظر ساكنو قرطاج طويلا، ومن دون إضاعة للوقت تقدموا بشكوى للنيابة العمومية ضد مدير قناة "الحوار" التونسي الفضائية الطاهر بن حسين الذي تم استدعاؤه إلى قصر العدالة بالعاصمة في لمح البصر على غير العادة، حيث تقضي النيابة وقتا طويلا في دراسة الشكاوى الواردة عليها قبل إثارة التتبع ضد المشتبه في ارتكابه لأحد الأفعال التي يجرمها ويعاقب عليها القانون الجزائي التونسي. ولعل المثير للشبهة هو انتماء السيد الطاهر بن حسين إلى المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس"، أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، والذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي الذي يتعرض لعملية إقصاء سياسي من خلال ما يعرف بـ"قانون تحصين الثورة".
المرزوقي ... وضيق الصدر من المعارضة
استقلال القضاء
كما طرحت هذه الحادثة قضية استقلال القضاء في تونس مجددا. فإحدى أهم معضلات الخضراء هي قضاؤها غير المستقل والذي كان في السابق أداة لدى بن علي لقمع معارضيه. وحافظ القضاء التونسي على ذات الدور مع حكم حركة "النهضة" رغم وجود استثناءات تتعلق بقضاة نزهاء لا ينتمون إلى منظومة الفساد التي عملت في السابق مع بن علي وما زالت تعمل مع حركة النهضة. فالنيابة العمومية تخضع بالكامل في تونس لسلطة وزير العدل، والوزير يأتمر بأوامر رئيس الحكومة الخاضع بدوره لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.
ويطالب الرأي العام في تونس بإدراج بند في الدستور الجديد يقضي بأن تكون النيابة العامة مستقلة عن سلطة وزير العدل. لكن المقرر العام للدستور بالمجلس الوطني التأسيسي السيد الحبيب خضر المنتمي إلى حركة النهضة تغاضى عن هذا البند ولم يدرجه في مسودة الدستور التي أعلن عنها رئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر يوم 1 حزيران الماضي، وهو ما مثل إحدى أهم النقاط الخلافية بين الترويكا الحاكمة بقيادة حركة النهضة والمعارضة التونسية.
"فوبيا السيسي"
ويتوقع أغلب الخبراء والمحللين بأن تشهد تونس موجة محاكمات لمعارضين بحجة التحريض على الإنقلاب والتآمر على أمن الدولة وغيرها من التهم التي بالإمكان إلصاقها بكل من ينتقد حكام البلاد ويعارض توجهاتهم. فالطاهر بن حسين لن يكون الأخير، بحسب أغلب المراقبين الذين يرى أحدهم بأن الجماعة الحاكمة في تونس مصابة بـ"فوبيا السيسي" التي عمت أكثر من بلد عربي. فما حصل في مصر، بحسب هؤلاء، أصاب حكام تونس برعب حقيقي وجعلهم غير منضبطين في تصريحاتهم وفي سلوكهم، وهو ما قد يؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه، وخاصة أن الوضع في البلاد لم يعد يحتمل مزيدا من الإنقسام، والكل بحاجة إلى وفاق وطني للخروج من عنق زجاجة هذه المرحلة الإنتقالية الثانية.
حركة تمرد تونس تنتظر انتهاء شهر رمضان لمعاودة نشاطها