ارشيف من :آراء وتحليلات
ها قد عدنا يا صلاح الدين!
غسان يوسف
منظر وفد ما يسمى بالائتلاف السوري وهو يزور باريس في ذكرى معركة ميسلون ويطلب السلاح لمحاربة حكومة وطنه يذكرنا بكم العملاء الذين ساهموا في احتلال دمشق من قبل الجيش الفرنسي بقيادة غورو في الخامس والعشرين من تموز 1920 !
نعم لا تستغربوا .. في كتاب ( الحرب الوطنية التحررية في سورية للكاتب الروسي فلاديمير لوتسكي .. أن مجموعة من البرجوازيين في جبل لبنان توجهت في آذار 1913 بطلب إلى القنصل العام الفرنسي في بيروت فرانسوا جورج بيكو طالبة منه احتلال سورية حتى تصبح سوقا لهم وللفرنسيين !
وقبيل احتلال دمشق وقع علاء الدين الدروبي - رئيس وزراء الحكومة العميلة التي شكـَّـلها المحتلون الفرنسيون بعد قضائهم على حكومة فيصل - عرائض مزورة وأرسلها إلى غورو يبين له فيها أن دمشق ترحب بالجيش الفرنسي والحكومة الفرنسية المدافعة عن الحريات في فرنسا والعالم ! في وقت كان يوسف العظمة يجمع المتطوعين للتصدي للمحتلين والدفاع عن الكرامة الوطنية !
ومثل الدروبي فعل حاكم دمشق العسكري رضا الركابي - الذي كان ينوب عن الملك فيصل أثناء غيابه – عندما عارض مطالب لجنة الدفاع الوطني الأهلية بتسليح المواطنين للقتال ضد الفرنسيين وعدم تسريح الجيش , ووقف ضد الشعب وعقد اتفاقية سمحت للفرنسيين بوضع حامياتهم في منطقة البقاع .
عندما دخل غورو دمشق بعد معركة ميسلون واستشهاد يوسف العظمة ورفاقه كان أول ما فعله هذا الغازي هو زيارة قبر صلاح الدين وإطلاق مقولته الشهيرة " هاقد عدنا يا صلاح الدين " ! ردا على انهزام الغرب كله في معركة حطين !
صحيح أن فرنسا احتلت دمشق في الخامس والعشرين من تموز 1920 وأصبحت سورية كلها مستعمرة محتلة ! لكن فرحتها لم تكتمل فبعد خمسة وعشرين عاما خرجت فرنسا مهزومة مدحورة أمام شعب قدم آلاف الشهداء في سبيل الحرية والكرامة .. شعب رفض أن يبقى المحتل وأن تقوم له قائمة .. صحيح أن الثمن كان غاليا ، لكن الأوطان لا تقيس الكرامة بمقياس .. فمقياسها هو الحرية والسيادة .
الجلاء تحقق في 17 نيسان 1946 لكن الجلاء الأكبر سيكون بلجم العدوان الغربي المتصاعد على سورية اليوم وللأسف بتشجيع بعض من أبنائها .. أحفاد عملاء الأمس فما أشبه اليوم بالأمس !
في قصيدته ( يوم ميسلون يقول الشاعر خليل مردم بك في مدح بطولة يوسف العظمة :
" فديتك قائدا حيا وميتا رفعت لكل مكرمة صواها ... ويا لك ميتا أحييت منا نفوسا لا تقر على أذاها "
كلام مردم بك يذكرنا بمن نذروا أنفسهم للدفاع
عن الوطن ضد المحتل من صلاح الدين الأيوبي إلى صالح العلي إلى سلطان الأطرش إلى ابراهيم هنانو إلى حسن الخراط إلى كل الشرفاء الذين لا يتسع ذكرهم هنا , ممن أبوا أن تكون بلادهم مرتعا ومستقرا للمحتل !
نعم .. إن زيارة وفد (الائتلاف) بقيادة أحمد الجربا المدعوم من السعودية تذكرنا بتعاون آل سعود مع البريطانيين في احتلال فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني وبمن طلبوا من فرنسا احتلال سورية ! لكن الحق بيّن , ولا حاجة للدلالة على العمالة فهي تدل على نفسها , انظروا إليهم يتنقلون في عواصم الغرب - الداعمة لإسرائيل - يطلبون السلاح والمال لا لشيء إلا لإطالة سفك دماء السوريين وتسجيل عمالتهم للتاريخ .. فسجل يا تاريخ !