ارشيف من :ترجمات ودراسات
دراسة لمجلة «فورين بوليسي»: وجهة إسرائيل الديموغرافية تتغير
المحرر الاقليمي + صحيفة "السفير"
تتحاور الولايات المتحدة واسرائيل حول النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ومسألة حل الدولتين. لكن يبدو ان المحادثات تتّجه الى تصادم، خصوصا مع ارتفاع شعبية حزب «اسرائيل بيتنا» الذي يتزعّمه وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الذي لفت تقرير لمجلة «فورين بوليسي» أمس، الى ان تغيّر العوامل الديموغرافية في اسرائيل من خلال تكاثر الأقلية المتشددة (الحريديم)، وفلسطينيي الـ 48، يصّب في مصلحته.
واشارت المجلة الى ان مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، ذكر عام 1960 أن 15 في المئة فقط من تلامذة المدارس الابتدائية الإسرائيلية هم إما من العرب، أو من الحريديم. غير ان أرقام اليوم تقدم مادة مذهلة، حيث بات يشكّل هؤلاء حوالى 46 في المئة من إجمالي التلاميذ، فيما يتوقع أن يتحول هؤلاء الى غالبية بحلول عام 2020.
وبحسب دراسة «فورين بوليسي» ايضا، فإنه بحلول عام 2030، سيشكّل فلسطينيو الـ 48 والحريديم نصف الشريحة السكانية الناخبة، والتي تتراوح أعمارهم بين 18 و19 سنة، ما يعتبر تحولاً مثيراً في التركيبة الإتنية والدينية في إسرائيل.
استقرت معدلات الإنجاب للمهاجرين اليهود فوق مستوى الطفلين للعائلة، بخلاف اليهود الموجودين خارج اسرائيل، علماً بأن الهجرة اليهودية الى اسرائيل بقيت عرضية أكثر منها مستمرة. ولا يتخطى عدد الوافدين اليوم الى اسرائيل، وغالبيتهم من دول الاتحاد السوفياتي السابق، الـ20 ألف شخص سنوياً، اي ما يعادل 18 في المئة من النمو السنوي للسكان.
وفي الوقت ذاته، انخفض متوسط الخصوبة في اسرائيل لدى المرأة التقليدية (الآتية من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والجاليات اليهودية في المتوسط) من أكثر من خمسة أطفال في الخميسنيات من القرن الماضي، الى أقل من 3 اليوم. كما انخفض المعدل ذاته عند نساء فلسطينيي الـ 48، وإن بوتيرة أبطأ، من أكثر من سبعة أطفال لكل امرأة في الخمسينيات من القرن الماضي، الى نحو 3,6 اليوم.
وتبلغ نسبة المسلمين بين فلسطيني الـ 48، الذين يشكلون 20 في المئة من سكان الدولة البالغ عددهم 7,1 ملايين نسمة، 83 في المئة، ويبلغ معدل الانجاب لديهم 3,9 أطفال لكل امرأة.
أما المسيحيون العرب، فيشكلون حالياً ما يزيد قليلا عن 8 في المئة من العرب في اسرائيل، وتبلغ معدلات الخصوبة في صفوفهم 2,1 طفل لكل امرأة.
وفي ظل غياب الاحصاءات الرسمية، لم يبرز أي انخفاض في معدّل الخصوبة لدى شريحة الحريديم منذ إنشائها وحتى اليوم، حيث ما زال يقدّر معدل الانجاب بـ7 أطفال لكل امرأة.
وتتوسع شريحة الحريديم الذين يشكّلون من 7 الى 11 في المئة من سكان اسرائيل، بشكل سريع، حيث يصل معدّل نمّوهم الى 4 في المئة سنويا. وانتشار هذه المجموعة المتشددة، يثير قلق اليهود العلمانيين، وذلك لأسباب عديدة، ابرزها اقتصادية.
لا يدفع الحريديم الضرائب، لانّهم يعتمدون على الدراسة الدينية اكثر من العمل، إضافة الى انهم يكونون عادة فقراء. لذلك يحصلون على الرعاية والمساعدة الاجتماعية من قبل الحكومة. وبما ان حجم عائلات الحريديم كبير، تقدّم الحكومة لأطفالهم علاوات، ويحصل الشباب على رواتب ايضاً. واللافت ان معظمهم لا يخدم في الجيش الاسرائيلي.
وخلف العوائق الاقتصادية، هناك تلك المتعلقة بالسياسة. يعيش اليهود المتشددين حياة منعزلة عن اليهود العلمانيين، او غير المتديّنين. وفي حين ان لهم مؤسساتهم التربوية والتعليمية الخاصة، يسيطر حاخامات اليهود المتطرفين على الزواج ايضا، حيث يمنع تزويج أي فرد من الحريديم ليهودي آخر خارج نطاق طائفته. كما تفرض هذه الطائفة رقابتها على الافلام والاعلانات، ولديها مجلات وجرائد تابعة لها، إضافة الى كافة الخدمات التي يحتاجها الحريديم.
وأمام ازدياد انتشار الحريديم من جهة، وبسط سيطرتهم من جهة ثانية، يتساءل «المعتدلون» الإسرائيليون كيف يمكن «للديموقراطية» الاسرائيلية ان تعمل في ظل ارتفاع عدد الناخبين التابعين لتلك المجموعة، إضافة الى فلسطينيي الـ 48. وتعطي هذه المعطيات الديموغرافية حزب «اسرائيل بيتنا» فرصة استثنائية لتحويل الأمور الى مصلحته، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية نجاح الحوار حول عملية السلام، على الأقل على المدى القريب.