ارشيف من :آراء وتحليلات

وضع تركيا الداخلي والإقليمي يعزز فرص الضغط عليها في قضية مخطوفي أعزاز...

وضع تركيا الداخلي والإقليمي يعزز فرص الضغط عليها في قضية مخطوفي أعزاز...
رب ضارة نافعة ولعل الذي أبطأ هو خير... هذا الكلام ينطبق في الوقت الراهن تماما على عملية الخطف التي جرت على طريق مطار بيروت الدولي والتي استهدفت طيارين تركيين يعملان في الخطوط الجوية التركية.

هذا  الخطف المدان له مبرراته لدى أهالي مخطوفي أعزاز اللبنانيين الذين يعانون منذ عام ونصف من صلف الجانب التركي وتكبره ونظرته العثمانية السلطانية الممزوجة بنفس أطلسي طائفي في كل ما يتعلق بهذه القضية التي تعاملت معها الدولة اللبنانية على طريقة الخبر الساخن الذي يعيد ظهور بعض المسؤولين الى الواجهة الإعلامية. وقد لعبت جماعات لبنانية محسوبة على تيار المستقبل وعلى التيارات السلفية دورا سلبيا في هذا الموضوع، بل إن بعضها كان في فترة من الفترات على تواصل مباشر مع المجموعة التي نفذت الهجوم والتي ترتبط مباشرة بالمخابرات التركية وتأخذ منها الأوامر، وتحظى بالرعاية التركية والتسليح والاحتضان الجغرافي والغطاء السياسي في سعي من رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وضع تركيا الداخلي والإقليمي يعزز فرص الضغط عليها في قضية مخطوفي أعزاز...
هويتا الطيارين التركيين

تعاملت تركيا مع قضية الحجاج اللبنانيين المعروفين بمخطوفي أعزاز بطريقة الابتزاز المباشر للحكومة اللبنانية وللقوى الممثلة للطائفة التي ينتمي اليها الحجاج المخطوفون، وهي عمدت الى كل الأساليب المخابراتية لتضييع الأثر، وفي بعض المراحل كانت تعيد هذا الملف الى الظهور الإعلامي لهدف تركي بحت، تارة للضغط على إيران في الملف الكردي وطوراً في الضغط على حزب الله في الملف السوري،  وفي مرات عديدة استخدمت تركيا هؤلاء الحجاج في عملية الضغط التي كانت تمارسها على الجماعات السوريّة المسلحة الخاضعة لنفوذ المخابرات التركية عسكرياً وأمنياً وجغرافياً، فكانت تسلم المخطوفين لمجموعة معينة كما حصل في البداية عندما سلمتهم للجيش الحر في الحي الغربي في مدينة أعزاز ثم نقلتهم إلى مجموعة الداديخي المحسوبة على  مجموعات المهربين في المنطقة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصالح مع ضباط أتراك، قبل ان تنقلهم الى مجموعة ثالثة محسوبة على "جبهة النصرة" قبل ان تحاول تضييع أثرهم عبر بيانات وبيانات مضادة.
وضع تركيا الداخلي والإقليمي يعزز فرص الضغط عليها في قضية مخطوفي أعزاز...
الزوار اللبنانيين المختطفين في اعزاز
منذ بداية الحرب في سورية شكلت تركيا رأس حربة في هذه الحرب وعملت على السيطرة المباشرة على الشمال السوري عبر المجموعات المسلحة التي كان غالبية أعضائها وقيادتها يعملون في مجال التهريب عبر الحدود السورية التركية، ولهم ارتباطات قوية بأجهزة المخابرات التركية، كما ان حزب "العدالة والتنمية" عمل على إدخال العناصر التكفيرية التي كانت قطر والسعودية وتونس وليبيا تقوم بتأمينها للقتال في سوريا، وأقامت المخابرات التركية معسكرات تدريب لهؤلاء المقاتلين التكفيريين، كما شكلت المدن التركية المحاذية لسوريا مناطق تجمع وحشد وإقامة للمعارضين السوريين ونتيجة كل هذه العوامل أصبحت تركيا عبر عامل الجغرافيا الحاكم الوحيد في الشمال السوري الذي يقرر مصير الجماعات المسلحة فيه بسبب تحكم الاتراك بطرق إمداد هذه الجماعات وتسليحها وتمويلها واحتضانها الجغرافي والأمني. هذه السيطرة التركية على قرار المسلحين المعارضين في الشمال السوري، تجعل من قضية مخطوفي أعزاز بيد السلطات التركية بشكل كامل، وقد استفادت تركيا سابقا من حالة الهجوم التي كانت تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي، ومن حالة الصمت الذي تسود الشارع التركي  غير أن صمود النظام السوري وتراجع النفوذ الاخواني في مصر وغيرها وبدء التحركات المناهضة لحكومة أردوغان في المدن التركية والتي قد تعود الى الواجهة في أي وقت، يجعل مسألة الضغط على تركيا أكثر نفعا وأقل كلفة من أي وقت سابق، لذلك يجب على السلطات اللبنانية وفي معرض ادانتها لعملية الخطف مراعاة كرامة ومشاعر اللبنانيين وألم المخطوفين وأهاليهم واقتناص الفرصة لممارسة الضغط على تركيا التي يتراجع نفوذها ودورها للوصول الى هدف نبيل وشريف وهو الإفراج عن حجاج لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا انفسهم في بازار من بازارات السياسة التركية المتراجعة  على كل الصعد...
2013-08-12