ارشيف من :آراء وتحليلات

الضاحية أقوى من الارهاب


الضاحية أقوى من الارهاب

وحدها قصص الحزن تجمعنا بدموعها التي تحفر على الوجنات... وحدها قصص الحزن تشبك الأيادي ... وصرخات الصدور تتعالى من الحناجر والاهات...

كانوا على موعد والموعد ابتدأ ..

كل في اعماله ومشاويره اليومية ..

هي شوارع الضاحية الجنوبية التي تعرف سر الحياة وسر الشهادة وسر الانتصار ..

كانت لحظات شبه عادية...

لم يدرك القاتل انه بتفجيره سيزيد عشق الشعب للوطن والمقاومة...

لم يدرك انه بتفكيره الإرهابي التكفيري سيزيد إيمان الأهالي بالقضية..

هناك في ذلك الموعد الذي اقتربت عقاربه .. اجتمعت الأجساد.

بشاعة الأجساد الممزقة توازي بشاعة القاتل.. تصبح صورة مطابقة ..

ابطال بلادي يرهبون العدو ... فهنا طفل بترت يده.. وهناك قرب متجر للحلويات خصلة شعر امرأة تستريح بعد ان انهكها عصف الانفجار...

لعبة زهراء مرمية على حافية الطريق تدوسها أقدام المسعفين.

زينب أبت الا ان تزحف لتخبر أمها عن هول المصاب لتقف شامخة بوجه التفجير الذي يطال منطقتها رغم سنواتها العشر...

فادي طفل السنوات السبع بجسده النحيل مرمي على الارض... يبكي يتساءل ..!!! اين امه وإخوته ووالده..

رجل غريب عنه.. ربما يراه للمرة الاولى يحمله بين ذراعيه ينفض عنه ركام الحائط الذي وقع عليه... فادي كان يستحم في منزل والده...وفجأة وجد نفسه بين الغبار والاحجار واللهب ..
هل يبكي ليقول لوالدته عذراً أمي كنت أستحم ولم اقصد ان ابتل بدماء الحقد ام يقول أماه اين انت؟!؟ اين اخي الصغير ؟! عذراً لم اكن معكم..

نقل فادي الى المستشفى وقد تم تضميد جراحه المتوسطة ولكن الى اين يذهب!!! لا منزل ولا سقف يجعله يشعر بأمان.

هول الانفجار جعل لسان فادي ثقيلاً لم يعد يدري هو ابن من! ساعات قليلة وتذكر... هو يسكن في تلك المنطقة منذ زمن ليس ببعيد كل ما يقوله ان جسد والده كانت الدماء تخرج منه !! لكنه لم يمت .. كان ربما نائما ... والدته كانت تلاعب أخاه الصغير امام باحة المنزل .

وهدأ الصوت ... أخذه الرجل الغريب الذي اسعفه الى منزله .. احضر له ثياباً جديدة .. اطعمه وأنطلق الغريب باحثاً عن عائلة فادي...

في ساعات الليل علم من هم أهله ...والدته لن تسمع صرخاته لن تضمه الى صدرها بعد آلان لن تحضر له ثيابه لكي يرتديها.. لن تقول له كفى لا تستطيع ان تشتري من الدكان لان والدك فقير..

فادي خسر والدته في هذا التفجير الارهابي وخسر أخاه الصغير الذي كان يلهو ولم يعرف ان طابته ستتدحرج للمرة الاخيرة أما والده فقد فقد نظره ..

المفارقة هنا ان جميع ابطال هذه القصة هم من السوريين الفقراء الذين لن تسمع عنهم الا في بعض السطور لأنهم بكل بساطة غرباء وفقراء..

فادي سيعود بطلاً يكبر يوماً بعد يوم ليروي همجية المشهد ليروي القصة الكاملة ... عندما وجده غريب لم يسال عن هويته او مذهبه..

بل حمله مسرعاً ليضمد جراحه ويضمه الى صدره ويقول له كلنا اهل الضاحية شركاء في الوطن شركاء في القضية ...

فادي انت نموذج مصغر لما تحتويه اروقتنا وشوارع ضاحيتنا من عيش مشترك. لنقل للإرهاب كفى ...لنقل لضاحيتنا انت عزنا وسنبقى على الموعد الذي لن ينتهي.

فاطمة العلي



2013-08-20