ارشيف من :آراء وتحليلات
الغنوشي يجتمع بالقائد السبسي
استبشر التونسيون بخبر مفاده قبول حركة "النهضة" الحاكمة في البلاد بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. وتدعو مبادرة الاتحاد، الذي فوضته جبهة الإنقاذ المعارضة الحديث باسمها مع حركة "النهضة"، إلى حل حكومة علي العريض واستبدالها بحكومة تكنوقراط ترأسها شخصية وطنية محايدة، ويلتزم أعضاء هذه الحكومة عدم الترشح إلى الانتخابات القادمة.
كما تتضمن المبادرة تقييدا لعمل المجلس الوطني التأسيسي في الزمان وفي المهام. أي يقتصر عمل المجلس فقط على إنهاء كتابة الدستور بإشراف لجنة خبراء من أهم الأساتذة التونسيين في القانون الدستوري، على أن لا تتجاوز مدة عمله يوم 23 أكتوبر القادم يصار بعدها إلى إجراء انتخابات عامة على أساس الدستور الجديد وتتشكل بعدها مؤسسات الدولة الدائمة ويتم إنهاء المرحلة الانتقالية الثانية.
لا غالب ولا مغلوب
مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل اعتبرها الفرقاء السياسيون في البلاد حلا وسطا يرضي الجميع، أساسها قاعدة لا غالب ولا مغلوب. فكلا الفريقين بقبولهما لهذه المبادرة غلّبا مصلحة تونس التي تبدو اليوم بحاجة إلى الوفاق لتجنب السيناريو المصري. فالمعارضة تنازلت حين قبلت بعدم الحل الفوري للمجلس التأسيسي بعد اغتيال محمد البراهمي، وحركة "النهضة" تنازلت حين قبلت بحل حكومة علي العريض وأن لا يترأس الحكومة القادمة علي العريض نفسه وإنما شخصية وطنية محايدة.
لقاء الغنوشي ـ السبسي ..اذاب الجليد بين الرجلين
كما أكد ما حصل الدور المحوري للاتحاد العام التونسي للشغل الذي بات الخيمة الجامعة للفرقاء السياسيين رغم دخوله في وقت سابق في خلافات حادة مع حركة "النهضة" كدأبه مع جميع الحكام الذين تداولوا على سياسة الخضراء بما في ذلك المستعمر الفرنسي الذي أذاقته هذه المنظمة الويلات ودفعت شهداء بالجملة في سبيل استقلال البلاد واسترداد كرامتها المهدورة. فالاتحاد هو الرقم الصعب في المعادلة التونسية وبدونه لا وجود لحلول وتوافقات وهو ما أدركته مؤخرا حركة "النهضة" التي أضاعت الكثير من الوقت حتى تفهم ذلك.
قمة باريس
كما كان لقمة باريس التي جمعت زعيم المعارضة الأول رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي ورئيس حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي دورا بارزا في حصول هذا التوافق. فهذا اللقاء فاجأ الرأي العام الوطني باعتبار حالة العداء الكبيرة بين الرجلين اللذين رفضا حتى مجرد التصافح في وقت سابق في مناسبات وطنية. كما أن حركة "النهضة" تعتبر حركة نداء تونس التي يرأسها قائد السبسي حزب فلول النظام السابق وسعت إلى إقصائهم من الحياة السياسية عبر ما يسمى بـ"قانون تحصين الثورة" الذي تعطل، كما سعت النهضة إلى حرمان قائد السبسي من الترشح إلى الانتخابات الرئاسية القادمة خاصة وأن استطلاعات الرأي ترشحه للتربع على عرش قرطاج ومنذ الجولة الأولى في حال إجراء انتخابات رئاسية في الوقت الحاضر.
الاتحاد التونسي للشغل.. دور فعل بالتوصل لحل الازمة
لقد أذاب هذا اللقاء، الذي تم بوساطة من رئيس حزب "الاتحاد الوطني الحر" سليم الرياحي ومدير قناة نسمة التلفزيونية نبيل القروي، والذي زار خلاله الغنوشي قائد السبسي الذي كان بصدد التداوي في عاصمة الأنوار، الكثير من الجليد بين الجانبين وأصبحت بعده حركة النهضة تتحدث عن حركة نداء تونس باعتبارها حزبا وسطيا معتدلا بعد أن كانت وإلى وقت غير بعيد تجمعا لأزلام النظام السابق في نظر حركة النهضة. وقيل ان الغنوشي عرض على قائد السبسي في هذا اللقاء رئاسة الجمهورية، وأن يترأس علي العريض الحكومة مع نائبين له من المعارضة. وخلف هذا اللقاء امتعاضا من قبل أنصار الجبهة الشعبية ذات التوجهات اليسارية واعتبر بعضهم أن قائد السبسي، حليفهم، غلب انتماءه الإيديولوجي إلى قوى اليمين بالتقارب مع حركة النهضة. فسارع حزب نداء تونس إلى نفي أي تقارب بين النداء ذي التوجهات اليمينية وحركة النهضة وأكد التزام قائد السبسي بمطالب جبهة الإنقاذ ووحدتها وبتماسك المعارضة التونسية في إطار هذه الجبهة.
مرحلة جديدة
لقد أثر هذا الحل على التونسيين إيجابا فارتفعت بسرعة قياسية مؤشرات البورصة وتنفس التونسيون الصعداء مع بعض الحذر. فشبح السيناريو المصري بدأ يتلاشى وسُحُب الأزمة السياسية بدا وكأنها بدأت تنقشع باعثة الأمل في النفوس. فتونس دولة قادرة على النهوض في شتى الميادين فهي ليست دولة نفطية غنية، ولكنها في المقابل ليست فقيرة ولها من الثروات ما يكفي شعبها الذي تتحكم الدولة بنسبة نموه بفعل سياسة تحديد النسل التي انتهجها الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وأثبتت نجاحها بالمقارنة مع النمو السكاني الهائل الذي تعيشه دول الجوار والذي يؤثر سلبا على معدلات التنمية فيها.
لكن رغم هذا التفاؤل فإن جانبا من التونسيين يخشى من أن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة جديدة من حركة "النهضة" هدفها ربح الوقت. فالحركة تعهدت للتونسيين في وقت سابق بأن لا يتعدى عمل المجلس الوطني التأسيسي السنة الواحدة لكنه تجاوز ذلك بكثير ما جعل الثقة في تعهداتها تكاد تكون منعدمة. كما أن غول الإرهاب ما زال يؤرق مضاجع التونسيين رغم نجاح الجيش وقوات الحرس الوطني في قتل وأسر عدد معتبر من الإرهابيين منذ انطلاق عملية الشعانبي، ورغم المعلومات الهامة التي باتت لدى الاستخبارات حول تحركات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وذراعه في تونس المسماة "كتيبة عقبة بن نافع" والتي تتغذى من تنظيم أنصار الشريعة السلفي. وهذه المعلومات يؤكد الخبراء أنها ستمكن من الوصول إلى الشبكات الإرهابية التي عششت في البلاد خلال السنوات الثلاثة الأخيرة مستغلة حالة الفوضى التي أعقبت انهيار النظام السابق وفرار رئيسه من البلاد.
كما تتضمن المبادرة تقييدا لعمل المجلس الوطني التأسيسي في الزمان وفي المهام. أي يقتصر عمل المجلس فقط على إنهاء كتابة الدستور بإشراف لجنة خبراء من أهم الأساتذة التونسيين في القانون الدستوري، على أن لا تتجاوز مدة عمله يوم 23 أكتوبر القادم يصار بعدها إلى إجراء انتخابات عامة على أساس الدستور الجديد وتتشكل بعدها مؤسسات الدولة الدائمة ويتم إنهاء المرحلة الانتقالية الثانية.
لا غالب ولا مغلوب
مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل اعتبرها الفرقاء السياسيون في البلاد حلا وسطا يرضي الجميع، أساسها قاعدة لا غالب ولا مغلوب. فكلا الفريقين بقبولهما لهذه المبادرة غلّبا مصلحة تونس التي تبدو اليوم بحاجة إلى الوفاق لتجنب السيناريو المصري. فالمعارضة تنازلت حين قبلت بعدم الحل الفوري للمجلس التأسيسي بعد اغتيال محمد البراهمي، وحركة "النهضة" تنازلت حين قبلت بحل حكومة علي العريض وأن لا يترأس الحكومة القادمة علي العريض نفسه وإنما شخصية وطنية محايدة.
لقاء الغنوشي ـ السبسي ..اذاب الجليد بين الرجلين
كما أكد ما حصل الدور المحوري للاتحاد العام التونسي للشغل الذي بات الخيمة الجامعة للفرقاء السياسيين رغم دخوله في وقت سابق في خلافات حادة مع حركة "النهضة" كدأبه مع جميع الحكام الذين تداولوا على سياسة الخضراء بما في ذلك المستعمر الفرنسي الذي أذاقته هذه المنظمة الويلات ودفعت شهداء بالجملة في سبيل استقلال البلاد واسترداد كرامتها المهدورة. فالاتحاد هو الرقم الصعب في المعادلة التونسية وبدونه لا وجود لحلول وتوافقات وهو ما أدركته مؤخرا حركة "النهضة" التي أضاعت الكثير من الوقت حتى تفهم ذلك.
قمة باريس
كما كان لقمة باريس التي جمعت زعيم المعارضة الأول رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي ورئيس حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي دورا بارزا في حصول هذا التوافق. فهذا اللقاء فاجأ الرأي العام الوطني باعتبار حالة العداء الكبيرة بين الرجلين اللذين رفضا حتى مجرد التصافح في وقت سابق في مناسبات وطنية. كما أن حركة "النهضة" تعتبر حركة نداء تونس التي يرأسها قائد السبسي حزب فلول النظام السابق وسعت إلى إقصائهم من الحياة السياسية عبر ما يسمى بـ"قانون تحصين الثورة" الذي تعطل، كما سعت النهضة إلى حرمان قائد السبسي من الترشح إلى الانتخابات الرئاسية القادمة خاصة وأن استطلاعات الرأي ترشحه للتربع على عرش قرطاج ومنذ الجولة الأولى في حال إجراء انتخابات رئاسية في الوقت الحاضر.
الاتحاد التونسي للشغل.. دور فعل بالتوصل لحل الازمة
لقد أذاب هذا اللقاء، الذي تم بوساطة من رئيس حزب "الاتحاد الوطني الحر" سليم الرياحي ومدير قناة نسمة التلفزيونية نبيل القروي، والذي زار خلاله الغنوشي قائد السبسي الذي كان بصدد التداوي في عاصمة الأنوار، الكثير من الجليد بين الجانبين وأصبحت بعده حركة النهضة تتحدث عن حركة نداء تونس باعتبارها حزبا وسطيا معتدلا بعد أن كانت وإلى وقت غير بعيد تجمعا لأزلام النظام السابق في نظر حركة النهضة. وقيل ان الغنوشي عرض على قائد السبسي في هذا اللقاء رئاسة الجمهورية، وأن يترأس علي العريض الحكومة مع نائبين له من المعارضة. وخلف هذا اللقاء امتعاضا من قبل أنصار الجبهة الشعبية ذات التوجهات اليسارية واعتبر بعضهم أن قائد السبسي، حليفهم، غلب انتماءه الإيديولوجي إلى قوى اليمين بالتقارب مع حركة النهضة. فسارع حزب نداء تونس إلى نفي أي تقارب بين النداء ذي التوجهات اليمينية وحركة النهضة وأكد التزام قائد السبسي بمطالب جبهة الإنقاذ ووحدتها وبتماسك المعارضة التونسية في إطار هذه الجبهة.
مرحلة جديدة
لقد أثر هذا الحل على التونسيين إيجابا فارتفعت بسرعة قياسية مؤشرات البورصة وتنفس التونسيون الصعداء مع بعض الحذر. فشبح السيناريو المصري بدأ يتلاشى وسُحُب الأزمة السياسية بدا وكأنها بدأت تنقشع باعثة الأمل في النفوس. فتونس دولة قادرة على النهوض في شتى الميادين فهي ليست دولة نفطية غنية، ولكنها في المقابل ليست فقيرة ولها من الثروات ما يكفي شعبها الذي تتحكم الدولة بنسبة نموه بفعل سياسة تحديد النسل التي انتهجها الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وأثبتت نجاحها بالمقارنة مع النمو السكاني الهائل الذي تعيشه دول الجوار والذي يؤثر سلبا على معدلات التنمية فيها.
لكن رغم هذا التفاؤل فإن جانبا من التونسيين يخشى من أن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة جديدة من حركة "النهضة" هدفها ربح الوقت. فالحركة تعهدت للتونسيين في وقت سابق بأن لا يتعدى عمل المجلس الوطني التأسيسي السنة الواحدة لكنه تجاوز ذلك بكثير ما جعل الثقة في تعهداتها تكاد تكون منعدمة. كما أن غول الإرهاب ما زال يؤرق مضاجع التونسيين رغم نجاح الجيش وقوات الحرس الوطني في قتل وأسر عدد معتبر من الإرهابيين منذ انطلاق عملية الشعانبي، ورغم المعلومات الهامة التي باتت لدى الاستخبارات حول تحركات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وذراعه في تونس المسماة "كتيبة عقبة بن نافع" والتي تتغذى من تنظيم أنصار الشريعة السلفي. وهذه المعلومات يؤكد الخبراء أنها ستمكن من الوصول إلى الشبكات الإرهابية التي عششت في البلاد خلال السنوات الثلاثة الأخيرة مستغلة حالة الفوضى التي أعقبت انهيار النظام السابق وفرار رئيسه من البلاد.