ارشيف من :ترجمات ودراسات

إسرائيل ومحاولة اغتيال سـفير أميركي سـابق في بيروت؟

إسرائيل ومحاولة اغتيال سـفير أميركي سـابق في بيروت؟
السفير

تحت عنوان «اغتيال عبر وسيط»، كتب المعلق الأمني في صحيفة «هآرتس» يوسي ميلمان، أن «الأذرع الاستخباراتية الاسرائيلية نفذت خلال 60 عاما من وجودها جرائم غير قليلة ضد الولايات المتحدة».

وذكر ميلمان ان إسرائيل جندت في مطلع الخمسينيات، عبر الملحق العسكري حاييم هرتسوغ، عملاء من بين صفوف الضباط العرب الذين خدموا في واشنطن. وانه في الستينيات، سرقت اليورانيوم بواسطة رافي ايتان ووحدة (مكتب العلاقات العلمية، في قضية عرفت باعتبارها قضية تهريب اليورانيوم من مصنع أبولو التابع لزلمان شقيرة). وفي الثمانينيات، استخدمت جواسيس (جوناثان بولارد وبنعامي كاديش) واستعانت برجال اعمال (أرنون ميلتشن) لسرقة أسرار وتكنولوجيا وأجهزة، ومن ضمنها برنامجها النووي.


وأشار ميلمان إلى أن التهمة توجه الآن إلى اسرائيل بارتكاب جريمة اخرى: محاولة قتل. فالسفير الأميركي السابق في بيروت، جون جونتر دين، يدعي في مذكراته التي نشرها الشهر الماضي، ان عملاء الاستخبارات الاسرائيلية حاولوا اغتياله.

في أواخر السبعينيات، تم تعيين دين سفيرا في لبنان، واطلع عن كثب على الدور الاسرائيلي المعمق هناك. واعتقد دين ان السياسة التي اتبعتها اسرائيل بصدد لبنان والعالم العربي عموما، تتناقض مع المصالح الاميركية وحاول التحرك ضدها. من هنا، عقد علاقات قوية مع القادة الفلسطينيين وحاول إقناع زعيم «الكتائب» بشير الجميل بالا يكون «ألعوبة» في يد اسرائيل. نهجه لم يرق للمسؤولين وللقادة الإسرائيليين، وأدى في أحيان كثيرة الى مواجهات بينه وبين سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، سام لويس.

في آب العام 1980، سافر دين الى لبنان مع زوجته وابنته وخطيبها. كانت في قافلتهم ثلاث سيارات. عندما أصبحوا خارج بيروت، أطلق عليهم فجأة صاروخ من كمين وأطلقت عليهم النار من أسلحة رشاشة. ولم يصب احد منهم بأذى. وفي كتابه «مناطق خطيرة: حرب دبلوماسي من اجل المصالح الاميركية»، كتب دين ان «السلاح والصاروخ أنتجا في الولايات المتحدة وأرسلا الى اسرائيل التي استخدمتهما لاغتيال دبلوماسي اميركي».


وشرعت وزارة الخارجية الاميركية في التحقيق الذي لم تعرف نتائجه أبدا، علما ان دين قرر إجراء تحقيق خاص به. وقد كشف خبراء من واشنطن له ان اسرائيل أرسلت أسلحة كانت الولايات المتحدة قد زودتها بها الى إحدى الميلشيات المسيحية في لبنان. ولخص دين المسألة قائلا «اعرف بثقة مطلقة ان الموساد كان ضالعا في الهجمة بطريقة ما.. لا شك ان حليفتنا اسرائيل، بواسطة عملائها، حاولت قتلي».


وخلص ميلمان إلى أنه في العام 1988، أجبرت وزارة الخارجية الاميركية دين على ترك منصب السفير في الهند. وذكر ان المسؤولين عن الوزارة فعلوا ذلك لمنعه من المس بالحملة الانتخابية التي أدارها نائب الرئيس حينئذ جورج بوش الأب وإسكات الانتقادات التي وجهها الى سياسة بوش والرئيس رونالد ريغان في افغانستان. كما يدعي ان المسؤولين عنه اجبروه على تلقي علاج نفسي بذرائع وهمية، واثر تشخيص كاذب أتاح له المجال في اخر المطاف للخروج من الخدمة في أوروبا.


من الصعب طبعا التأكد من رواية السفير الاميركي. ويعتقد مسؤولون كبار سابقون في الأذرع الاستخباراتية الاسرائيلية من الذين كانوا ضالعين في بلورة السياسة الاسرائيلية في لبنان وتنفيذها، ان المؤلف يتحدث من خلال «خيالاته الخاصة». ويتساءلون «هل من المنطق ان تصادق حكومة اسرائيل برئاسة مناحيم بيغن على قتل دبلوماسي اميركي؟».

ومع ذلك، اجتاز كتاب دين رقابة وزارة الخارجية التي صادقت على نشره بعدما طلبت إدخال بعض التغيرات عليه.

2009-06-05