ارشيف من :آراء وتحليلات
مصر، العراق، سوريّا، لبنان: ساحات حروب بندر على الإخوان ومحور المقاومة
المتأمّل في مجرى التّطوّرات الخاصّة بأزمتي مصر وسوريّا وما يتفاعل معهما، يمكنه أن يخرج بجملة من الملاحظات اللاّفتة، والدّلالات المهمّة وذات المغزى المؤشّرات على مآلات الأمور.
بالنّسبة إلى الملاحظات يمكن تسجيل الآتي:
أوّلاً؛ وجود ارتباك واضح في التّعاطي الغربيّ عمومًا والأميريكيّ تحديدًا مع الأزمة المصريّة. منشأ الارتباك يعود بالدّرجة الأولى إلى كون طرفي الأزمة الرّئيسين: الجيش والإخوان على علاقة وثيقة بها من جهة، في الوقت الّذي دفع كلّ منهما الأمور إلى الحدود القصوى الّتي يصعب إن لم يستحل معها إجراء تسويات.
ثانيًا؛ وجود تضارب واضح بين أطراف الحلف الواحد في المنطقة، في ما يخصّ كلّ من مصر وسوريّا: الولايات المتّحدة عملت وتعمل على حذف الإخوان نهائيًّا من المعادلة في مصر. السّعوديّة أخذت بالكامل جانب الجيش، وتدفع لحسم الأمور لمصلحته بالكامل على حساب الإخوان، نظرًا لما يشكّله هؤلاء من تهديد فعليّ لأنظمة الخليج عمومًا والىىّعوديّة تحديدًا، ولما يمكن أن يشكّله هؤلاء أيضًا من تهديد لموقع الىىّعوديّة في المنطقة.
أمّا تركيّا فأخذت جانب الإخوان لرهانها على صعودهم في المنطقة كمرتكز لمشروعها الخاصّ بإحياء الخلافة العثمانيّة بقاعدتها التّركيّة، وبزعامتها الأردوغانيّة.
من جهته الكيان الإسرائيليّ لم يوافق منذ البداية- كما السعوديّة- على القرار الأميريكيّ بإعطاء الضّوء الأخضر لإسقاط مبارك، وفتح الطّريق أمام الإخوان للإمساك بالسّلطة. فالسعوديّة والكيان الإسرائيليّ يعملان كلّ من زاويته على إعادة إنتاج ما يعرف بأنظمة الاعتدال العربيّة، مع توسيع أفق هذا المشروع إلى سوريّا، حيث المسعى السعوديّ أيضًا لإزاحة الإخوان لمصلحة الجيش السّوريّ الحرّ يقيادة سليم إدريس، وهنا تبدو الرّياض متطابقة أكثر مع السّياستين الأميريكيّة والإسرائيليّة، على حساب السّياستين التّركيّة والقطريّة.
ثالثًا؛ تظهر السّعودية اليوم بمظهر من يشنّ هجومًا مضادًّا واسعًا في كلّ من مصر والعراق وسوريّا ولبنان، وبالتّالي هي تعمل على خوض حرب واسعة تشمل المشرق العربيّ ومغربه، وتحديدًا الواقع في شمال أفريقيا، وذلك من ضمن معطًى استراتيجيّ واحد، إدراكًا منها أنّ يمسك بكلّ من مصر وسوريّا والعراق فقد أمسك بمناحي العالم العربيّ وقلبه الاستراتيجيّ، وبالتّالي أمسك بالعالم العربيّ برمّته. في هذا الإطار، يأتي الدّعم السّعوديّ الواسع للجيش في مصر سياسيًّا ودبلوماسيًّا وماليًّا، كما يأتي الهجوم الأمنيّ الواسع في العراق الّذي يحطّ عشرات الضّحايا يوميًّا لهزّ الاستقرار السّياسيّ وإضعاف المالكيّ، تمهيدًا لإعادة ترتيب التّوازنات لمصلحتها، لا سيّما في ظلّ اقتراب موعد الانتخابات النّيابيّة في العراق. وفي سوريّا يعمل رئيس جهاز المخابرات العامّة بندر بن سلطان منذ مدّة على التّحضير لخوض هجوم واسع ينطلق من الأردن باتّجاه محافظة درعا باعتبارها النّقطة الأقرب إلى العاصمة دمشق، ومن تركيّا باتّجاه حلب، سواء لإسقاط النّظام، أو لإحداث تعديل توازنات القوّة مجدّدًا لمصلحته ومصلحة حلفاء الرّياض الأميريكيين والصّهاينة. والأمر عينه على لبنان الّذي يقع اليوم تحت تأثير الضّغوط الأمنيّة والسّياسيّة السّعوديّة، والّتي تستهدف على نحو رئيس حزب اللّه وبيئته الشّعبيّة، أمنيًّا من خلال تفجير العبوات والسّيّارات المفخّخة وغيرها، وسياسيًّا من خلال الضّغط لتوليد حكومة أمر واقع لا يشارك فيها حزب اللّه.
على صعيد الدّلالات يمكن تسجيل الآتي:
أوّلاً؛ بات جليًّا عمق التّفاهمات المعقودة بين الولايات المتّحدة والإخوان، وأكثر من ذلك، وبالعودة إلى العديد من المعطيات التّاريخيّة، ظهر بوضوح أنّ الإخوان شكّلوا نقطة ارتكاز أساسيّة لاستراتيجيّتهم الجديدة في المنطقة.
ثانيًا؛ بدا واضحًا أنّ واشنطن كانت تراهن على إمكان إنشاء صيغة تفاهم على الحكم بين الإخوان والجيش، إلاّ أنّ انعدام الثّقة بين الاثنين والسّياسة المغلقة الّتي مارسها الإخوان بالنّسبة للجيش، وعدم رغبة هذا الأخير في تكرار تجربة صنوه التّركيّ مع حزب العدالة والتّنمية، إضافة إلى وضوح مشروع الإخوان السّلطويّ، ودخول أطراف إقليميّة على خطّ العلاقة بين الاثنين، ساهم كلّه في فشل هكذا صيغة.
وأكثر من ذلك، ظهر جليًّا مؤخّرًا أنّ الصّراع بين الطّرفين وصل إلى مراحل يصعب معها انتهاؤه بتسويات.
ثالثًا؛ إنّ السّعوديّة المتطابقة تمامًا اليوم مع الرّؤية والسّياسة الإسرائيليّتين إزاء أزمات المنطقة، تلعب دور رأس الحربة في مصر والعراق وسوريّا ولبنان.
إلاّ أنّ هذا يجب أن لا يفهم منه أنّ الرّياض تعمل لحسابها الخاصّ، ولا تأخذ بالاعتبار جانب المصالح الأميريكيّة، فكلّ ما تقوم به الرّياض لا يمسّ جوهريًّا مصالح واشنطن في المنطقة، ما دام المستهدف الرّئيس من وراء كلّ ما يجري هو إيران والإسلام المقاوم وحركات المقاومة والقضيّة الفلسطينيّة، كما أنّ البدائل المراهن عليها ليست خارج نطاق الرّضا الأميريكيّ.
رابعًا؛ إنّ تركيّا هي الخاسر الأكبر اليوم بالمعنى الاستراتيجيّ للكلمة، لفشل مشروعها في المنطقة على أثر فشل الإخوان في مصر، وفشلهم أيضًا في سوريّا.
خامسًا؛ قطر هي الخاسر الثّاني، لا سيّما بعد الانقلاب النّاعم فيها، وباتّجاه إعادتها إلى حجمها الحقيقيّ، وتحت جناح الأخ الأكبر أي السّعوديّة.
سادسًا؛ حركة حماس تمرّ اليوم في أصعب أوضاعها نظرًا لفشل الإخوان، وتحويلهم إلى عدوّ في نظر الشّعب المصريّ، وإغلاق المعابر...
سابعًا؛ جرّاء انتكاسة الإخوان في مصر، أخذ إخوان تونس وغيرها من البلدان العربيّة الّتي شهدت صعودًا لأدوارهم يتحسّسون رؤوسهم، ويعملون بالاتّجاه الّذي لا يوصل الأمور في بلدانهم إلى حيث وصلت إليه في مصر.
ثامنًا؛ إذا كان من إيجابيّة أساسيّة في ما يحدث، هو انكشاف أنّ حقيقة الصّراع في المنطقة ليس دينيًّا ولا طائفيًّا ولا مذهبيًّا... وإنّما سياسيًّا؛ وإلاّ كيف نفسّر عداوة السّعوديّة لحركة الإخوان، وسعيها القويّ لإفشالهم، وشطبهم من معادلة المنطقة؟
تاسعًا؛ ما تقدّم يؤشّر أنّنا في مواجهة حرب مفتوحة وشرسة تخوضها السّعوديّة على جبهتين: الأولى ضدّ الإخوان ومعهم ومن ورائهم، والثّانية ضدّ إيران ومحور المقاومة في المنطقة، وهي بذلك تكشف على نحو حاسم حقيقة وجهها البشع ودورها القذر.
ومن الواضح، أنّ الرّياض بزعامة بندر بن سلطان لن تتورّع عن استخدام كلّ أسلحتها الخبيثة والقذرة لتحقيق ما تصبو إليه من أهداف، الأمر الّذي يستدعي من الجميع اليقظة والانتباه، والارتفاع بالمسؤوليّة الّتي تقطع الطّريق على لسان الفتنة وخبثها الأمنيّ والسّياسيّ.
بالنّسبة إلى الملاحظات يمكن تسجيل الآتي:
أوّلاً؛ وجود ارتباك واضح في التّعاطي الغربيّ عمومًا والأميريكيّ تحديدًا مع الأزمة المصريّة. منشأ الارتباك يعود بالدّرجة الأولى إلى كون طرفي الأزمة الرّئيسين: الجيش والإخوان على علاقة وثيقة بها من جهة، في الوقت الّذي دفع كلّ منهما الأمور إلى الحدود القصوى الّتي يصعب إن لم يستحل معها إجراء تسويات.
ثانيًا؛ وجود تضارب واضح بين أطراف الحلف الواحد في المنطقة، في ما يخصّ كلّ من مصر وسوريّا: الولايات المتّحدة عملت وتعمل على حذف الإخوان نهائيًّا من المعادلة في مصر. السّعوديّة أخذت بالكامل جانب الجيش، وتدفع لحسم الأمور لمصلحته بالكامل على حساب الإخوان، نظرًا لما يشكّله هؤلاء من تهديد فعليّ لأنظمة الخليج عمومًا والىىّعوديّة تحديدًا، ولما يمكن أن يشكّله هؤلاء أيضًا من تهديد لموقع الىىّعوديّة في المنطقة.
أمّا تركيّا فأخذت جانب الإخوان لرهانها على صعودهم في المنطقة كمرتكز لمشروعها الخاصّ بإحياء الخلافة العثمانيّة بقاعدتها التّركيّة، وبزعامتها الأردوغانيّة.
من جهته الكيان الإسرائيليّ لم يوافق منذ البداية- كما السعوديّة- على القرار الأميريكيّ بإعطاء الضّوء الأخضر لإسقاط مبارك، وفتح الطّريق أمام الإخوان للإمساك بالسّلطة. فالسعوديّة والكيان الإسرائيليّ يعملان كلّ من زاويته على إعادة إنتاج ما يعرف بأنظمة الاعتدال العربيّة، مع توسيع أفق هذا المشروع إلى سوريّا، حيث المسعى السعوديّ أيضًا لإزاحة الإخوان لمصلحة الجيش السّوريّ الحرّ يقيادة سليم إدريس، وهنا تبدو الرّياض متطابقة أكثر مع السّياستين الأميريكيّة والإسرائيليّة، على حساب السّياستين التّركيّة والقطريّة.
ثالثًا؛ تظهر السّعودية اليوم بمظهر من يشنّ هجومًا مضادًّا واسعًا في كلّ من مصر والعراق وسوريّا ولبنان، وبالتّالي هي تعمل على خوض حرب واسعة تشمل المشرق العربيّ ومغربه، وتحديدًا الواقع في شمال أفريقيا، وذلك من ضمن معطًى استراتيجيّ واحد، إدراكًا منها أنّ يمسك بكلّ من مصر وسوريّا والعراق فقد أمسك بمناحي العالم العربيّ وقلبه الاستراتيجيّ، وبالتّالي أمسك بالعالم العربيّ برمّته. في هذا الإطار، يأتي الدّعم السّعوديّ الواسع للجيش في مصر سياسيًّا ودبلوماسيًّا وماليًّا، كما يأتي الهجوم الأمنيّ الواسع في العراق الّذي يحطّ عشرات الضّحايا يوميًّا لهزّ الاستقرار السّياسيّ وإضعاف المالكيّ، تمهيدًا لإعادة ترتيب التّوازنات لمصلحتها، لا سيّما في ظلّ اقتراب موعد الانتخابات النّيابيّة في العراق. وفي سوريّا يعمل رئيس جهاز المخابرات العامّة بندر بن سلطان منذ مدّة على التّحضير لخوض هجوم واسع ينطلق من الأردن باتّجاه محافظة درعا باعتبارها النّقطة الأقرب إلى العاصمة دمشق، ومن تركيّا باتّجاه حلب، سواء لإسقاط النّظام، أو لإحداث تعديل توازنات القوّة مجدّدًا لمصلحته ومصلحة حلفاء الرّياض الأميريكيين والصّهاينة. والأمر عينه على لبنان الّذي يقع اليوم تحت تأثير الضّغوط الأمنيّة والسّياسيّة السّعوديّة، والّتي تستهدف على نحو رئيس حزب اللّه وبيئته الشّعبيّة، أمنيًّا من خلال تفجير العبوات والسّيّارات المفخّخة وغيرها، وسياسيًّا من خلال الضّغط لتوليد حكومة أمر واقع لا يشارك فيها حزب اللّه.
على صعيد الدّلالات يمكن تسجيل الآتي:
أوّلاً؛ بات جليًّا عمق التّفاهمات المعقودة بين الولايات المتّحدة والإخوان، وأكثر من ذلك، وبالعودة إلى العديد من المعطيات التّاريخيّة، ظهر بوضوح أنّ الإخوان شكّلوا نقطة ارتكاز أساسيّة لاستراتيجيّتهم الجديدة في المنطقة.
ثانيًا؛ بدا واضحًا أنّ واشنطن كانت تراهن على إمكان إنشاء صيغة تفاهم على الحكم بين الإخوان والجيش، إلاّ أنّ انعدام الثّقة بين الاثنين والسّياسة المغلقة الّتي مارسها الإخوان بالنّسبة للجيش، وعدم رغبة هذا الأخير في تكرار تجربة صنوه التّركيّ مع حزب العدالة والتّنمية، إضافة إلى وضوح مشروع الإخوان السّلطويّ، ودخول أطراف إقليميّة على خطّ العلاقة بين الاثنين، ساهم كلّه في فشل هكذا صيغة.
وأكثر من ذلك، ظهر جليًّا مؤخّرًا أنّ الصّراع بين الطّرفين وصل إلى مراحل يصعب معها انتهاؤه بتسويات.
ثالثًا؛ إنّ السّعوديّة المتطابقة تمامًا اليوم مع الرّؤية والسّياسة الإسرائيليّتين إزاء أزمات المنطقة، تلعب دور رأس الحربة في مصر والعراق وسوريّا ولبنان.
إلاّ أنّ هذا يجب أن لا يفهم منه أنّ الرّياض تعمل لحسابها الخاصّ، ولا تأخذ بالاعتبار جانب المصالح الأميريكيّة، فكلّ ما تقوم به الرّياض لا يمسّ جوهريًّا مصالح واشنطن في المنطقة، ما دام المستهدف الرّئيس من وراء كلّ ما يجري هو إيران والإسلام المقاوم وحركات المقاومة والقضيّة الفلسطينيّة، كما أنّ البدائل المراهن عليها ليست خارج نطاق الرّضا الأميريكيّ.
رابعًا؛ إنّ تركيّا هي الخاسر الأكبر اليوم بالمعنى الاستراتيجيّ للكلمة، لفشل مشروعها في المنطقة على أثر فشل الإخوان في مصر، وفشلهم أيضًا في سوريّا.
خامسًا؛ قطر هي الخاسر الثّاني، لا سيّما بعد الانقلاب النّاعم فيها، وباتّجاه إعادتها إلى حجمها الحقيقيّ، وتحت جناح الأخ الأكبر أي السّعوديّة.
سادسًا؛ حركة حماس تمرّ اليوم في أصعب أوضاعها نظرًا لفشل الإخوان، وتحويلهم إلى عدوّ في نظر الشّعب المصريّ، وإغلاق المعابر...
سابعًا؛ جرّاء انتكاسة الإخوان في مصر، أخذ إخوان تونس وغيرها من البلدان العربيّة الّتي شهدت صعودًا لأدوارهم يتحسّسون رؤوسهم، ويعملون بالاتّجاه الّذي لا يوصل الأمور في بلدانهم إلى حيث وصلت إليه في مصر.
ثامنًا؛ إذا كان من إيجابيّة أساسيّة في ما يحدث، هو انكشاف أنّ حقيقة الصّراع في المنطقة ليس دينيًّا ولا طائفيًّا ولا مذهبيًّا... وإنّما سياسيًّا؛ وإلاّ كيف نفسّر عداوة السّعوديّة لحركة الإخوان، وسعيها القويّ لإفشالهم، وشطبهم من معادلة المنطقة؟
تاسعًا؛ ما تقدّم يؤشّر أنّنا في مواجهة حرب مفتوحة وشرسة تخوضها السّعوديّة على جبهتين: الأولى ضدّ الإخوان ومعهم ومن ورائهم، والثّانية ضدّ إيران ومحور المقاومة في المنطقة، وهي بذلك تكشف على نحو حاسم حقيقة وجهها البشع ودورها القذر.
ومن الواضح، أنّ الرّياض بزعامة بندر بن سلطان لن تتورّع عن استخدام كلّ أسلحتها الخبيثة والقذرة لتحقيق ما تصبو إليه من أهداف، الأمر الّذي يستدعي من الجميع اليقظة والانتباه، والارتفاع بالمسؤوليّة الّتي تقطع الطّريق على لسان الفتنة وخبثها الأمنيّ والسّياسيّ.