ارشيف من :آراء وتحليلات

مشكلات الطاقة تهدد الاقتصادين الألماني والكوري الجنوبي

مشكلات الطاقة تهدد الاقتصادين الألماني والكوري الجنوبي
تناقلت وسائل الإعلام تخوفات الشركات الألمانية من ارتفاع اسعار الطاقة الكهربائية في المانيا، وتقول دويتشه فيلي ان الشركات الكبيرة تدرس امكانية نقل بعض فروع الانتاج من المانيا الى بلدان اخرى، لانه مع الاسعار الحالية للطاقة الكهربائية فإن هذه الفروع تفقد قدرتها التنافسية في الاسواق العالمية.

واوساط البيزنس الألمانية قلقة جدا من نمو اسعار الكهرباء في ألمانيا، وهي تتخوف من ان يؤدي ذلك الى نزع الصناعة في البلاد. وتحسب هذه الاوساط ان السبب الرئيسي لذلك هو التشوهات في قانون الطاقة المتجددة (EEG). وهي تأمل ان الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد الانتخابات البرلمانية في 22 ايلول/سبتمبر الجاري، سوف تجري تعديلات جدية في هذا القانون. ويعتقد رجال البيزنس ان السياسة الوطنية للطاقة ينبغي ان تكون اكثر اتساقا مع الاستراتيجية العامة للاتحاد الاوروبي بمجمله. وقد بحث الخبراء والممثلون الرئيسيون لقطاع الطاقة القضايا المطروحة في اجتماعهم العام السنوي المسمى EWI/FAZ Energietagung الذي عقد في 3 ايلول الجاري. وقد أملى طبيعة المناقشة الى حد كبير المفوض الاوروبي للطاقة غيونتر يوتينغر. وقد دعا يوتينغر ابناء بلده لتبطيء سرعة نمو الطاقة المتجددة، لأنه يتحتم ان يتم دعمها من المستهلكين الاخيرين: الشركات والأسر، وهو ما يؤدي الى احتدام المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. وقال يوتينغر الذي اتى خصيصا من بروكسل "في المانيا اصبح لدينا اعلى سعر للطاقة الكهربائية، بعد اليابان، الدانمارك وقبرص. ومن المؤكد انه في السنوات الثلاث القادمة سوف ترتفع ايضا سنويا بمعدل 10%". وحذر من ان هذا سوف يؤدي الى تسريع العملية التي بدأت وهي عملية ترحيل الانتاجات المستهلكة بكثافة للكهرباء من البلاد. وذكر بشكل خاص صناعة المعادن غير الحديدية والصناعة الكيماوية.

ان خطر "نزع الصناعة الزاحف" في البلاد يقلق بشدة منظمة البيزنس الكبير والمتوسط "الاتحاد الفيديرالي للصناعة الالمانية" (BDI). ويؤكد المدير العام للاتحاد ماركوس كيربير: ان الشركات الكبرى اخذت تدرس امكانية نقل انتاجات معينة من المانيا الى بلدان اخرى، لانه بوجود الاسعار الحالية للطاقة الكهربائية فإن هذه الانتاجات تفقد قدرتها التنافسية في الاسواق العالمية. واصبحت الانظار تتجه الان لا الى الصين، بل الى الولايات المتحدة الاميركية.

مشكلات الطاقة تهدد الاقتصادين الألماني والكوري الجنوبي
غلاء اسعار الطاقة في المانيا تهدد الصناعة
وكنتائج مختلفة لثورة الغاز الصخري في اميركا يقدم المدير العام لـ (BDI) مثالا في العملاقين الكيماويين: شركةBASF والشركة الاميركية Dow Chemical. وهو يقول "ان التكاليف الانتاجية لمصانع الشركتين في المانيا هي في الوقت الحاضر اكثر بـ30% من التكاليف الانتاجية لمصانعهما في الولايات المتحدة الاميركية. ولا يمكن الصمود لمدة طويلة بمثل هذا الفارق". وليس ماركوس كيربير وحده من يشير الى ان نزع الصناعة في المانيا انما يزداد، على خلفية اعادة التصنيع في الولايات المتحدة الاميركية. فالخطباء جميعا في اجتماع EWI/FAZ – Energietagung كانوا مجمعين على ان السبب الرئيسي لما يحصل هو ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة الاميركية. وبسبب هذه الثورة بالتحديد احتدمت المشكلات الناشئة عن قانون (EEG). "ان المانيا كانت تريد دائما تخفيض تبعيتها لاستيراد النفط والغاز. ان مضاعفة تنمية الطاقة المتجددة، التي تدعمها كل فئات المجتمع، ينبغي ان تساعد على الوصول الى هذا الهدف، وفي الوقت ذاته ان تزيد قدرتنا التنافسية"، كما يقول ماركوس كيربير. ولكن حسب كل الاحصاءات ينشأ الافتراض بأن جميع مصادر الطاقة الاحفورية ـ النفط، الغاز والفحم الحجري ـ سوف ترتفع اسعارها باستمرار في السنوات الـ20 ـ 30 القادمة. ويقول "نحن نجحنا بالفعل في تخفيض الاستيراد، ولكن اسعار مصادر الطاقة في الوقت الحاضر لم تنمُ، بل على العكس: انخفضت". وفي هذه الاوضاع فإن الوتائر السابقة لتنمية الطاقة المتجددة ليست مبررة.

في السوق العالمي تتدنى الان ليس فقط اسعار الغاز، وانما ايضا اسعار الفحم الحجري. وهذا ايضا يعود بدرجة كبيرة الى ثورة الغاز الصخري الاميركية: فالوفرة في الغاز الرخيص ادت الى ان اميركا بدأت تصدر بوتائر قياسية الفائض لديها من الفحم الحجري. وفي السنوات الـ5 ـ10 القادمة فإن التوريدات سوف تزداد، وكما يؤكد البروفسور اوتمار ايدينهوفر، نائب مدير مؤسسة بوتسدام لدراسة المناخ: "اننا نشهد نهضة لا مثيل لها في تاريخ الصناعة لاستخراج الفحم الحجري: فلم يسبق ابدا ان استخدم الفحم الحجري على هذا النطاق الواسع في انتاج الكهرباء". وتوقف المفوض الاوروبي للطاقة غيونتر يوتينغر مطولا عند ثورة الغاز الصخري مع انها لم تكن نقطة بحث رئيسية في الاجتماع العام. والى جانب دعوته الى تبطيء تنمية الطاقة المتجددة، دعا الى عدم الرفض المسبق لاستخراج الغاز الصخري في اوروبا عموما وفي المانيا خصوصا. وهتف " ارجوكم، لا ترفضوا هذا الخيار". مشيرا الى المعارضة الشديدة من المجتمع الالماني لاستخراج الغاز الصخري بسبب تأثيراته السلبية على البيئة. وقال "أعطوا فرصة لعلماء الجيولوجيا والمهندسين، ولا تتركوا اتخاذ القرارات مرتبط فقط بعلماء السياسة، المعلمين والحقوقيين".

ومن جهة ثانية فإن كوريا الجنوبية، وهي رابع اكبر اقتصاد في اسيا، مهددة بحوادث طارئة وبنقص في الطاقة الكهربائية خلال الشتاء والصيف المقبلين بسبب مشكلات الامن في الخطوط الكهربائية. وهناك تخوف من تأخير انجاز الخط الكهربائي ذي التوتر العالي، وبالتالي ان تبقى غالبية المفاعلات النووية مفصولة عن الشبكة، كما اذاعت وكالة رويترز.
مشكلات الطاقة تهدد الاقتصادين الألماني والكوري الجنوبي
غلاء الكهرباء يدفع الى البحث عن طاقة بديلة

وتعتمد كوريا الجنوبية على الطاقة النووية في انتاج ثلث الطاقة الكهربائية التي تحتاج اليها، مستبدلة بها طاقة البترول والغاز التي تستوردها. ان 6 من اصل 23 مفاعلا نوويا هي خارج الاستعمال، و3 مفاعلات تم ايقافها في شهر ايار/مايو بسبب الحاجة الى استبدال كابلات ذات وثائق غير نظامية. وهناك مفاعل يراد توقيفه ايضا بسبب العزم على التحقق من نظام الامان فيه.

وقد اوقف الادعاء العام عشرات الاشخاص بسبب الفساد وتزوير الوثائق. وفضيحة الكابلات ادت الى ايقاف العمل في مفاعلين آخرين. ويقول بيك جي هيون، نائب رئيس الشركة الحكومية Korea Electric Power Corp (KEPCO): "سيكون من الاصعب ان نلبي الطلب في الصيف القادم. وسيكون من الصعب ايضا تلبية الطلب في هذا الشتاء". وكان مجلس الوزراء قد حذر في شهر ايار من نقص الكهرباء "غير المسبوق" خلال الصيف.

ويتوقع في هذا الشتاء ان يزيد استهلاك الكهرباء عن 81000 ميغاواط، ما هو حوالى 5000 ميغاواط اقل من القدرة القصوى. ولكن اذا لم تتم اعادة تشغيل المفاعلات الاربعة التي تم توقيفها للمراقبة، فإن الاستهلاك يمكن ان يزيد عن الطاقة القصوى. وقد رفض ممثلو الحكومة ان يعلقوا على المشكلة وأن يقدموا توقعات حول الشتاء القادم.
2013-09-11