ارشيف من :آراء وتحليلات
دور سوريا في تسريع الانهيار الأميركي
لم يكن من الممكن لأحد ممن يقولون بالحتميات التاريخية التي يزعمون أنها تحكم تطور الواقع، أن يتصور في سبعينات القرن الماضي، أن الاتحاد السوفياتي سينهار بشكل مريع في غضون عقد من الزمن.
وبالقدر نفسه، لم يكن من الممكن لأحد أن يتصور بعد هذا الحدث، أن عالم ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يمكن أن يكون شيئاً آخر غير امبراطورية أميركية عالمية تستفيد في فرض نفسها من تفوقها العسكري والاقتصادي الكبير مقابل بلدان جاهزة للسقوط كثمرة ناضجة بفعل ما تكابده من أشكال التبعية والتسيب والفقر والاستبداد والفساد.
ومع هذا، وفي غضون عقد من الزمن، تبين أن الولايات المتحدة تقف بدورها، ليس فوق القمة المشعة على العالم بأنوار نهاية التاريخ، بل على شفا حفرة تنذر بانهيار هو من الهول بحيث لا يمكن مقارنته بالانهيار السوفياتي الذي لم يحل، رغم تداعياته السلبية الكبيرة، دون انبعاث روسيا كقوة عظمى.
والأكيد أن سكرة الانتصار والهوس الجنوني بإظهار القوة وممارستها قد دفعا بالولايات المتحدة إلى التذرع بهجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001، وإطلاق ما أسماه المحافظون الجدد بالحرب العالمية الثالثة. والأكيد أيضاً أن الولايات المتحدة لم تكن تشك لحظة بأن غزوها لأفغانستان والعراق هو الخطوة الأولى التي سيعقبها سريعاً قيام الإمبراطورية الأميركية العالمية.
الاسد ـ اوباما: تبادل التهديد!
ومع أهمية الاندحار الأميركي في العراق وأفغانستان، فإن العوامل الحاسمة التي فعلت فعلها في إلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة، ومن ثم في إدخالها في طور الانهيار الذي يلاحظه ما لا يحصى من المراقبين وتشهد عليه أزماتها الخانقة، ولا سيما أزماتها الاقتصادية، قد تمثلت بهزيمتها (على أساس ارتباطها العضوي بالكيان الصهيوني) في لبنان صيف العام 2006.
ولقد بات من المعروف أن الحرب على سوريا ما هي إلا محاولة للرد على الهزيمة التي أحاقت بالجيش الإسرائيلي وأن هذه الهزيمة، شأنها شأن الهزيمة التي بدأت ملامحها ترتسم في الحرب على سوريا التي لم تكن ممكنة بدورها لولا الحدث الضخم الذي تمثل بالثورة الإسلامية في إيران وفي قيام دولة إيرانية تمتلك أسباب القوة الكافية للردع ولمد يد العون لقوى التحرر الأخرى في المنطقة والعالم.
وإذا كان من الصحيح أن روسيا بوتين قد لعبت دوراً هاماً جداً في كبح العدوان الأميركي على سوريا، فإن ذلك لا يعني أن بإمكانها أن تلعب هذا الدور لو كانت سوريا وقوى المقاومة الأخرى في المنطقة مجرد لقمة سائغة يمكن لأميركا و"إسرائيل" ابتلاعها بسهولة.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد تراجعت عن تنفيذ تهديداتها، فلأنها تعلم جيداً، وبالدرجة الأولى، أن قوى المقاومة في المنطقة تمتلك ما يكفي من القدرات لإنزال ضربة ساحقة بالكيان الصهيوني وبالوجود العسكري والمصالح الأميركية في المنطقة.
من جهة أخرى، لا ينبغي إهمال عامل مهم آخر : إلى أي مدى كان يمكن لروسيا المنهكة والمتحولة إلى جمهورية موز حقيقية، في ظل يلتسين، أن تستعيد، في ظل بوتين، طموحها إلى العودة من موقع القوة إلى المسرح الدولي، لولا السقوط المدوي للهيبة الأميركية-الإسرائيلية على يد المقاومة في لبنان ؟
هنالك بالتأكيد علاقة ذات دلالة واضحة بين انتصار العام 2006، الذي أثبت إمكانية إلحاق الهزيمة بمعسكر أميركا وحلفائها، وبين الخطاب الشهير الذي ألقاه بوتين في مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي عام 2007، والذي أثار مفاجأة كبرى عندما استخدم فيه عبارات "سوفياتية" أدان فيها النزعة الإمبريالية للسياسة الأميركية. وهذه العلاقة يؤكدها استمرار روسيا بوتين، منذ انتخابه في منصب رئاسة الاتحاد الروسي، عام 2000، حتى ذلك التاريخ، في الرهان على الشراكة مع الغرب وفي إقامة ما سمي بمجلس روسيا ـ الحلف الأطلسي.
تراجع القوة الاميركية ...
ومهما يكن من أمر، فإن الحرب على سوريا، لا سيما فصلها المتعلق بالتهديدات الأميركية الأخيرة وما أعقبها من تراجعات، قد أظهرت، إضافة إلى تفكك الجماعات المسلحة داخل سوريا وانهيار الحلف الإقليمي المعادي، أن عوارض التفكك قد أصابت أيضاً التحالف الغربي في الصميم. فمن تراجع بريطانيا إلى رفض عدد كبير من البلدان الأوروبية المشاركة في ضرب سوريا، إلى الارتباك الرسمي الأميركي، مروراً بالرفض الشعبي الكاسح في الغرب لفكرة الحرب، كل ذلك جاء تعبيراً عن حالة من الشيخوخة والعجز تنذر بما هو أسوأ بكثير، خصوصاً في ظروف استشراء الأزمات الاقتصادية في الولايات المتحدة وبلدان الغرب.
وإذا كان المراقبون قد بدأوا منذ سنوات باستشفاف ظاهرة الانهيار الأميركي، فإن صمود سوريا ومحور المقاومة وانبثاق روسيا وكتلة البريكس، قد بدأ يفعل فعله في تسريع ظاهرة الانهيار تلك.
وبالقدر نفسه، لم يكن من الممكن لأحد أن يتصور بعد هذا الحدث، أن عالم ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يمكن أن يكون شيئاً آخر غير امبراطورية أميركية عالمية تستفيد في فرض نفسها من تفوقها العسكري والاقتصادي الكبير مقابل بلدان جاهزة للسقوط كثمرة ناضجة بفعل ما تكابده من أشكال التبعية والتسيب والفقر والاستبداد والفساد.
ومع هذا، وفي غضون عقد من الزمن، تبين أن الولايات المتحدة تقف بدورها، ليس فوق القمة المشعة على العالم بأنوار نهاية التاريخ، بل على شفا حفرة تنذر بانهيار هو من الهول بحيث لا يمكن مقارنته بالانهيار السوفياتي الذي لم يحل، رغم تداعياته السلبية الكبيرة، دون انبعاث روسيا كقوة عظمى.
والأكيد أن سكرة الانتصار والهوس الجنوني بإظهار القوة وممارستها قد دفعا بالولايات المتحدة إلى التذرع بهجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001، وإطلاق ما أسماه المحافظون الجدد بالحرب العالمية الثالثة. والأكيد أيضاً أن الولايات المتحدة لم تكن تشك لحظة بأن غزوها لأفغانستان والعراق هو الخطوة الأولى التي سيعقبها سريعاً قيام الإمبراطورية الأميركية العالمية.
الاسد ـ اوباما: تبادل التهديد!
ولقد بات من المعروف أن الحرب على سوريا ما هي إلا محاولة للرد على الهزيمة التي أحاقت بالجيش الإسرائيلي وأن هذه الهزيمة، شأنها شأن الهزيمة التي بدأت ملامحها ترتسم في الحرب على سوريا التي لم تكن ممكنة بدورها لولا الحدث الضخم الذي تمثل بالثورة الإسلامية في إيران وفي قيام دولة إيرانية تمتلك أسباب القوة الكافية للردع ولمد يد العون لقوى التحرر الأخرى في المنطقة والعالم.
وإذا كان من الصحيح أن روسيا بوتين قد لعبت دوراً هاماً جداً في كبح العدوان الأميركي على سوريا، فإن ذلك لا يعني أن بإمكانها أن تلعب هذا الدور لو كانت سوريا وقوى المقاومة الأخرى في المنطقة مجرد لقمة سائغة يمكن لأميركا و"إسرائيل" ابتلاعها بسهولة.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد تراجعت عن تنفيذ تهديداتها، فلأنها تعلم جيداً، وبالدرجة الأولى، أن قوى المقاومة في المنطقة تمتلك ما يكفي من القدرات لإنزال ضربة ساحقة بالكيان الصهيوني وبالوجود العسكري والمصالح الأميركية في المنطقة.
من جهة أخرى، لا ينبغي إهمال عامل مهم آخر : إلى أي مدى كان يمكن لروسيا المنهكة والمتحولة إلى جمهورية موز حقيقية، في ظل يلتسين، أن تستعيد، في ظل بوتين، طموحها إلى العودة من موقع القوة إلى المسرح الدولي، لولا السقوط المدوي للهيبة الأميركية-الإسرائيلية على يد المقاومة في لبنان ؟
هنالك بالتأكيد علاقة ذات دلالة واضحة بين انتصار العام 2006، الذي أثبت إمكانية إلحاق الهزيمة بمعسكر أميركا وحلفائها، وبين الخطاب الشهير الذي ألقاه بوتين في مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي عام 2007، والذي أثار مفاجأة كبرى عندما استخدم فيه عبارات "سوفياتية" أدان فيها النزعة الإمبريالية للسياسة الأميركية. وهذه العلاقة يؤكدها استمرار روسيا بوتين، منذ انتخابه في منصب رئاسة الاتحاد الروسي، عام 2000، حتى ذلك التاريخ، في الرهان على الشراكة مع الغرب وفي إقامة ما سمي بمجلس روسيا ـ الحلف الأطلسي.
تراجع القوة الاميركية ...
ومهما يكن من أمر، فإن الحرب على سوريا، لا سيما فصلها المتعلق بالتهديدات الأميركية الأخيرة وما أعقبها من تراجعات، قد أظهرت، إضافة إلى تفكك الجماعات المسلحة داخل سوريا وانهيار الحلف الإقليمي المعادي، أن عوارض التفكك قد أصابت أيضاً التحالف الغربي في الصميم. فمن تراجع بريطانيا إلى رفض عدد كبير من البلدان الأوروبية المشاركة في ضرب سوريا، إلى الارتباك الرسمي الأميركي، مروراً بالرفض الشعبي الكاسح في الغرب لفكرة الحرب، كل ذلك جاء تعبيراً عن حالة من الشيخوخة والعجز تنذر بما هو أسوأ بكثير، خصوصاً في ظروف استشراء الأزمات الاقتصادية في الولايات المتحدة وبلدان الغرب.
وإذا كان المراقبون قد بدأوا منذ سنوات باستشفاف ظاهرة الانهيار الأميركي، فإن صمود سوريا ومحور المقاومة وانبثاق روسيا وكتلة البريكس، قد بدأ يفعل فعله في تسريع ظاهرة الانهيار تلك.