ارشيف من :آراء وتحليلات
الرأي العام التونسي محبط ومتشائم إزاء مستقبل البلاد
عقد رؤساء المنظمات الوطنية التونسية الراعية للحوار، (الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل حسين العباسي ، رئيسة منظمة أصحاب الأعمال وداد بوشماوي، عميد الهيئة الوطنية للمحامين محمد الفاضل محفوظ، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى ندوة صحفية أصابت الرأي العام الوطني بالإحباط والتشاؤم حول مستقبل البلاد. فقد أعلنوا صراحة عن فشل الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين معارضة وموالاة وعن عجزهم عن إيجاد الحل للخروج بتونس من أزمتها السياسية.
وحملت المنظمات الوطنية الراعية للحوار حركة "النهضة" المسؤولية عن الفشل بسبب مواقفها الضبابية من المبادرة التي تقدمت بها هذه المنظمات والتي قبلتها جبهة "الإنقاذ" المعارضة دون تحفظات. فالحركة "الإسلامية" الحاكمة تعبر عن قبولها للمبادرة لكنها تتحفظ عما جاء فيها، وهو ما لم يتمكن الرأي العام الوطني من فهمه. فالمعارضة وكذا المنظمات الوطنية الكبرى تطالب حركة النهضة بأن تكون واضحة في مواقفها وأن تعبر عنها دون غموض، فإما القبول صراحة بالمبادرة وإما رفضها صراحة.
مناورة وربح للوقت
لقد أعلنت حركة "النهضة" في وقت سابق عن قبولها لمبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل (وهي مبادرة تنص على مواصلة المجلس الوطني التأسيسي لأعماله مع تحديدها بالزمان والمهام أي الإقتصار فقط على كتابة الدستور وفي ظرف قياسي بإشراف خبراء. كما تنص المبادرة على حل فوري لحكومة علي العريض وتعويضها بحكومة كفاءات غير متحزبة لا يترشح أعضاؤها للإنتخابات). لكن الحركة الحاكمة أعلنت أيضا أنها تتحفظ على الحل الفوري لحكومة علي العريض قبل إتمام المجلس التأسيسي للدستور. ما يعني ضمنيا قبولها فقط بتنازل المعارضة المتمثل في المحافظة على المجلس الوطني التأسيسي دون أن تقدم هي بالمقابل تنازلا للخروج من الأزمة.
ماذا بعد اعلان فشل الحوار ؟
لذلك فإن المعارضة اعتبرت قبول حركة "النهضة" بمبادرة الإتحاد، الذي أُعلنت عنه في وقت سابق، مجرد مناورة وربح للوقت هدفه امتصاص غضب الشارع والمراهنة على عامل الزمن الكفيل بجعل المحتجين على اغتيال البراهمي وبلعيد يعودون إلى بيوتهم وينصرفون إلى أعمالهم. وبالفعل فإن الشارع بدأ يخفت مع العودتين المدرسية والجامعية وتحضيرات التونسيين لعيد الأضحى الذي اقترب موعده وبات يحوز على اهتمام الشارع.
طوق النجاة
وتتعالى بعضالأصوات المعارضة لتتهم رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي بتقديم طوق النجاة لحركة "النهضة" في وقت كانت فيه قاب قوسين أو أدنى من السقوط. فحزب "نداء تونس" الذي يرأسه قائد السبسي كان بخلاف حلفائه في جبهة "الإنقاذ" المعارضة رافضا لحل المجلس الوطني التأسيسي في ذروة انتفاضة الشارع واقتصر مطلبه فقط على حل الحكومة. كما أن وزير بورقيبة السابق، ومن خلال لقائه في باريس وتونس براشد الغنوشي، قام بفك عزلة هذا الأخير الذي طالته شبهة التورط في عمليات الإغتيال من قبل الشارع المعارض. كما أن السبسي كان معارضا شرسا لعمليات طرد بعض المسؤولين الإداريين الذين عينتهم حركة "النهضة" في الجهات ما جعل العملية التي دعت إليها "الجبهة الشعبية" تتوقف ولا تطال كامل التراب الوطني. وبالتالي فإن سياسات قائد السبسي مع "النهضة" هي التي أوصلت بحسب هؤلاء الحركة الحاكمة إلى هذا التعنت وهي التي كانت إلى وقت غير بعيد تطالب فقط بعدم المحاسبة في حال غادرت الحكم وتجنب السيناريو المصري.
السبسي وطوق نجاة للغنوشي
وحذرت هذه الجهات وأغلبها يسارية من تحالف قوى اليمين ممثلا بحركة "النهضة" وحزب "نداء تونس" سيؤدي بنهاية المطاف إلى تهميشها هي، وإلى الإلتفاف على المسار الثوري الذي عرفته تونس. ورغم انتقادات قائد السبسي العلنية لحركة "النهضة"، والتي تلت إعلان المنظمات الراعية للحوار الوطني، إلا أن ذلك لم يمنع من تحميل رئيس الحكومة الأسبق المسؤولية من بعض الأطراف عما آلت إليه الأوضاع وضلوعه في عملية تقاسم للسلطة مع الحركة الحاكمة جعلت الأخيرة تضرب بمبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل عرض الحائط باعتبار أن قائد السبسي صاحب القاعدة الجماهيرية الكبيرة هو في صف الحركة فلا فائدة من الإتفاق مع الآخرين.
عملية انتحارية
ورغم ما قيل بشأنه فإن قائد السبسي كان حازما وتحدث بلهجة حادة عن حركة النهضة خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه. وهددت أطياف من المعارضة بالإحتكام مجددا إلى الشارع. كما أن الإتحاد العام التونسي للشغل لوح بالجنوح إلى الإضرابات التي ستزيد من تأزيم الوضع الإقتصادي. ويخشى أيضا من الإتحاد العام لطلبة تونس الذي يسيطر عليه اليسار حيث بات لاعبا يقرأ له ألف حساب مع العودة الجامعية إذ بإمكانه تعطيل الدروس وبث الفوضى في الشارع وله سوابق في هذا المجال مع الأنظمة السابقة التي تداولت على حكم هذه البلاد.
لذلك فإن حركة النهضة وبتعنتها تبدو في موقف لا تحسد عليه لأن هامش المناورة يبدو محدودا بالنسبة إليها خاصة وأن الوضع الإقتصادي كارثي وتواصل الأزمة يعني بحسب أغلب الخبراء إفلاس البلاد في نهاية المطاف وانتفاضة الجهات الداخلية أي المناطق الأقل تنمية في البلاد. فاستجابة الحركة لمطالب صقورها المتشددين أي التمسك بـ"شرعية" انتهت ضمنيا بعد سنة من انتخاب المجلس الوطني التأسيسي والتعنت مع المعارضة والمنظمات الوطنية هو عملية انتحارية بكل ما للكلمة من معنى، وباتفاق أغلب الخبراء والمحللين، شبيهة بتلك التي انتهجها إخوان مصر والرئيس مرسي قبيل سقوطهم، وما لم تتدارك الحركة أمرها خلال هذا الأسبوع على أقصى تقدير فإن البلاد ستعرف سيناريوهات كارثية خاصة وأن أكثر من جهاز استخبارات أجنبي يتربص بأمنها واستقرارها مثله مثل التنظيمات الإرهابية الموالية للقاعدة في بلاد المغرب، ولا مجال لقطع الطريق على هؤلاء إلا بالوحدة الوطنية.
وحملت المنظمات الوطنية الراعية للحوار حركة "النهضة" المسؤولية عن الفشل بسبب مواقفها الضبابية من المبادرة التي تقدمت بها هذه المنظمات والتي قبلتها جبهة "الإنقاذ" المعارضة دون تحفظات. فالحركة "الإسلامية" الحاكمة تعبر عن قبولها للمبادرة لكنها تتحفظ عما جاء فيها، وهو ما لم يتمكن الرأي العام الوطني من فهمه. فالمعارضة وكذا المنظمات الوطنية الكبرى تطالب حركة النهضة بأن تكون واضحة في مواقفها وأن تعبر عنها دون غموض، فإما القبول صراحة بالمبادرة وإما رفضها صراحة.
مناورة وربح للوقت
لقد أعلنت حركة "النهضة" في وقت سابق عن قبولها لمبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل (وهي مبادرة تنص على مواصلة المجلس الوطني التأسيسي لأعماله مع تحديدها بالزمان والمهام أي الإقتصار فقط على كتابة الدستور وفي ظرف قياسي بإشراف خبراء. كما تنص المبادرة على حل فوري لحكومة علي العريض وتعويضها بحكومة كفاءات غير متحزبة لا يترشح أعضاؤها للإنتخابات). لكن الحركة الحاكمة أعلنت أيضا أنها تتحفظ على الحل الفوري لحكومة علي العريض قبل إتمام المجلس التأسيسي للدستور. ما يعني ضمنيا قبولها فقط بتنازل المعارضة المتمثل في المحافظة على المجلس الوطني التأسيسي دون أن تقدم هي بالمقابل تنازلا للخروج من الأزمة.
ماذا بعد اعلان فشل الحوار ؟
طوق النجاة
وتتعالى بعضالأصوات المعارضة لتتهم رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي بتقديم طوق النجاة لحركة "النهضة" في وقت كانت فيه قاب قوسين أو أدنى من السقوط. فحزب "نداء تونس" الذي يرأسه قائد السبسي كان بخلاف حلفائه في جبهة "الإنقاذ" المعارضة رافضا لحل المجلس الوطني التأسيسي في ذروة انتفاضة الشارع واقتصر مطلبه فقط على حل الحكومة. كما أن وزير بورقيبة السابق، ومن خلال لقائه في باريس وتونس براشد الغنوشي، قام بفك عزلة هذا الأخير الذي طالته شبهة التورط في عمليات الإغتيال من قبل الشارع المعارض. كما أن السبسي كان معارضا شرسا لعمليات طرد بعض المسؤولين الإداريين الذين عينتهم حركة "النهضة" في الجهات ما جعل العملية التي دعت إليها "الجبهة الشعبية" تتوقف ولا تطال كامل التراب الوطني. وبالتالي فإن سياسات قائد السبسي مع "النهضة" هي التي أوصلت بحسب هؤلاء الحركة الحاكمة إلى هذا التعنت وهي التي كانت إلى وقت غير بعيد تطالب فقط بعدم المحاسبة في حال غادرت الحكم وتجنب السيناريو المصري.
السبسي وطوق نجاة للغنوشي
عملية انتحارية
ورغم ما قيل بشأنه فإن قائد السبسي كان حازما وتحدث بلهجة حادة عن حركة النهضة خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه. وهددت أطياف من المعارضة بالإحتكام مجددا إلى الشارع. كما أن الإتحاد العام التونسي للشغل لوح بالجنوح إلى الإضرابات التي ستزيد من تأزيم الوضع الإقتصادي. ويخشى أيضا من الإتحاد العام لطلبة تونس الذي يسيطر عليه اليسار حيث بات لاعبا يقرأ له ألف حساب مع العودة الجامعية إذ بإمكانه تعطيل الدروس وبث الفوضى في الشارع وله سوابق في هذا المجال مع الأنظمة السابقة التي تداولت على حكم هذه البلاد.
لذلك فإن حركة النهضة وبتعنتها تبدو في موقف لا تحسد عليه لأن هامش المناورة يبدو محدودا بالنسبة إليها خاصة وأن الوضع الإقتصادي كارثي وتواصل الأزمة يعني بحسب أغلب الخبراء إفلاس البلاد في نهاية المطاف وانتفاضة الجهات الداخلية أي المناطق الأقل تنمية في البلاد. فاستجابة الحركة لمطالب صقورها المتشددين أي التمسك بـ"شرعية" انتهت ضمنيا بعد سنة من انتخاب المجلس الوطني التأسيسي والتعنت مع المعارضة والمنظمات الوطنية هو عملية انتحارية بكل ما للكلمة من معنى، وباتفاق أغلب الخبراء والمحللين، شبيهة بتلك التي انتهجها إخوان مصر والرئيس مرسي قبيل سقوطهم، وما لم تتدارك الحركة أمرها خلال هذا الأسبوع على أقصى تقدير فإن البلاد ستعرف سيناريوهات كارثية خاصة وأن أكثر من جهاز استخبارات أجنبي يتربص بأمنها واستقرارها مثله مثل التنظيمات الإرهابية الموالية للقاعدة في بلاد المغرب، ولا مجال لقطع الطريق على هؤلاء إلا بالوحدة الوطنية.