ارشيف من :آراء وتحليلات
الفوضى تهيمن على بلد عمر المختار
ما زالت الفوضى هي الطاغية على المشهد العام في ليبيا، وعدم الاستقرار هو السمة البارزة في بلد عمر المختار. فحتى المنشآت النفطية التي اعتقد الغرب أنها في مأمن من الكوارث والانفلات الأمني الذي أصاب البلاد، باتت مهددة بتوقف الانتاج في بلد لا يمتلك موارد بديلة عن المحروقات لإنعاش اقتصاده الوطني.
فتوقف تصدير النفط يعني نهاية الدولة الليبية وعودتها إلى مرحلة ما قبل اكتشافه حيث كان الاقتصاد رعويا يعتمد على تربية الماشية تقتات منه القبائل الليبية في المناطق غير الساحلية، فيما تقتات السواحل من صيد السمك وتجارة القوافل. فالنفط هو الشريان الحيوي الذي جعل من ليبيا ذات العدد المحدود من السكان الذي يعيش على مساحات شاسعة، أغلبها صحراء قاحلة، دولة مؤثرة في محيطها الاقليمي تلعب أدوارا رئيسية في معادلات منطقتي المغرب العربي والساحل والصحراء الافريقيتين على وجه الخصوص.
انخفاض حاد
لقد انخفض تصدير النفط الخام الليبي بصورة حادة ونزل إلى ما دون 250 ألف برميل، فيما يتطلب تسديد أجور الموظفين الليبيين إنتاج 392 ألف برميل، وهو ما جعل الدولة تستنجد بالرصيد الاحتياطي لتسديد هذه الأجور لأول مرة في تاريخ البلاد!. كما يثقل كاهل الدولة أيضا تسديد أجور الثوار الذين التحقوا بأعداد كبيرة بقوات الأمن والجيش التي أعيد تشكيلها بعد الاطاحة بالقذافي، وهؤلاء فاقت أعدادهم طاقة استيعاب المؤسستين الأمنية والعسكرية وتم إدماجهم للقضاء على فوضى السلاح والميليشيات التي ترتع على التراب الليبي ضاربة بمفهوم الدولة عرض الحائط وتتقاتل فيما بينها.
اعتصامات العاملين في القطاع النفطي
كما إن عدوى الاعتصامات في قطاعات الانتاج الحيوية التي انتقلت إلى الليبيين من الجارة تونس، التي خسرت ريادتها في سوق الفوسفات العالمي بفعل هذه الاعتصامات، جعلت إنتاج النفط يتعطل، وهو ما لم تقرأ له القوى الغربية حسابا، حيث تصور جماعة الناتو والقوى الليبية التي أسقطت القذافي أن مجرد تأمين حقول النفط بجنود لحراستها سيكون كافيا لتأمين الانتاج. لكن يبدو من خلال هذه المعطيات أن تصوراتها كانت خاطئة وأن ليبيا باتت أمام معضلة حقيقية وعليها أن تجد الحل لتجنب هذه الاعتصامات. فتونس على سبيل المثال، وإذا تعطل فيها إنتاج النفط والفوسفات لديها موارد بديلة على غرار الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات فيما ليبيا ليس لها من بديل عن النفط واقتصادها برمته مهدد بالاندثار، بحسب تقديرات عديد الخبراء في هذا المجال.
مغادرة
لقد جعل هذا الوضع المتردي لقطاع النفط الليبي العديد من الشركات الأجنبية التي تستغل الحقول الليبية تغادر إلى دول مجاورة على غرار النيجر وخاصة أن الدولة شبه عاجزة عن استعادة السيطرة على حقول الانتاج وعلى موانئ التصدير. كما إن بروز قوى تدعو إلى الفدرالية وتقسيم التراب الليبي إلى ثلاثة أقاليم يجعل المستثمرين الأجانب لا يثقون في مستقبل البلاد. فدعاة الفدرالية هؤلاء يجدون آذانا صاغية لدى شرائح واسعة من الشعب الليبي في ظل ضعف الدولة المركزية وعدم قدرة طرابلس الغرب على التحكم في كامل التراب الليبي.
فوضى السلاح ادى المشاكل الليبية
لقد دفع هذا الوضع المتردي رئيس الحكومة علي زيدان إلى التحول إلى بنغازي في زيارة قيل إنها تهدف إلى ملاقاة مسؤول أجنبي. لكن دعاة الفدرالية أكدوا أنها كانت لملاقاتهم من أجل إغرائهم بالمال في محاولة من رئيس الحكومة لإثنائهم عن مسعاهم لتقسيم البلاد. وبحسب هؤلاء فقد اضطر زيدان إلى الانتظار لساعتين لملاقاتهم لكنهم لم يحضروا إلى المكان الموعود رفضا للرشوة والمساومات، بحسب ما جاء في الندوة الصحفية التي عقدوها ببنغازي. وإذا صحت هذه الرواية فإنها دليل قاطع ـ بحسب أغلب المراقبين ـ على ضعف الدولة المركزية في ليبيا وعلى قوة دعاة الفدرالية خاصة في المنطقة الشرقية التي طالما اشتكت من التهميش من قبل حكام طرابلس.
المنطقة الشرقية
فالمنطقة الشرقية هي مسقط رأس الملك الليبي إدريس السنوسي الذي أطاح به معمر القذافي إثر إنقلاب عسكري أطلق عليه تسمية "ثورة الفاتح". ومنذ ذلك التاريخ وهذه المنطقة وعاصمتها بنغازي تشتكي من التهميش في شتى المجالات وتتهم الغرب بالاستحواذ ليس فقط على ثروات البلاد وإنما على المناصب السياسية الكبرى. كما إن أغلب معارضي حكم القذافي ينتمون إلى هذه المنطقة التي ترى أن الوقت قد حان لتعود إلى الصدارة وخاصة أن عملية الاطاحة بالنظام السابق انطلقت منها وتحديدا من مدينة بنغازي التي لا يخفي أهلها رغبتهم في أن تكون مدينتهم عاصمة الدولة الليبية الجديدة.
ويرى بعض المراقبين أن هذه النزعة الانفصالية قد تنامت حين لم يجد "أهل الحل والعقد" من دعاة الفدرالية أي رغبة من حكام ليبيا الجدد ومن القوى الغربية في تغيير مركز الحكم من طرابلس إلى بنغازي، ما جعل أصواتهم ترتفع مطالبة بالحكم الفدرالي، الذي وجدوا فيه ضالتهم رغبة منهم في عدم ترك مصير مدينتهم وإقليمهم الشرقي برمته بيد طرابلس مثلما كان الأمر في السابق. ويتهم البعض دعاة الفدرالية هؤلاء بعدم الجدية في إنشاء هذا النظام وإنما غايتهم فقط هي ابتزاز النظام الليبي والحصول على أموال مقابل تراجعهم عن الطرح الذي تقدموا به.
فتوقف تصدير النفط يعني نهاية الدولة الليبية وعودتها إلى مرحلة ما قبل اكتشافه حيث كان الاقتصاد رعويا يعتمد على تربية الماشية تقتات منه القبائل الليبية في المناطق غير الساحلية، فيما تقتات السواحل من صيد السمك وتجارة القوافل. فالنفط هو الشريان الحيوي الذي جعل من ليبيا ذات العدد المحدود من السكان الذي يعيش على مساحات شاسعة، أغلبها صحراء قاحلة، دولة مؤثرة في محيطها الاقليمي تلعب أدوارا رئيسية في معادلات منطقتي المغرب العربي والساحل والصحراء الافريقيتين على وجه الخصوص.
انخفاض حاد
لقد انخفض تصدير النفط الخام الليبي بصورة حادة ونزل إلى ما دون 250 ألف برميل، فيما يتطلب تسديد أجور الموظفين الليبيين إنتاج 392 ألف برميل، وهو ما جعل الدولة تستنجد بالرصيد الاحتياطي لتسديد هذه الأجور لأول مرة في تاريخ البلاد!. كما يثقل كاهل الدولة أيضا تسديد أجور الثوار الذين التحقوا بأعداد كبيرة بقوات الأمن والجيش التي أعيد تشكيلها بعد الاطاحة بالقذافي، وهؤلاء فاقت أعدادهم طاقة استيعاب المؤسستين الأمنية والعسكرية وتم إدماجهم للقضاء على فوضى السلاح والميليشيات التي ترتع على التراب الليبي ضاربة بمفهوم الدولة عرض الحائط وتتقاتل فيما بينها.
اعتصامات العاملين في القطاع النفطي
مغادرة
لقد جعل هذا الوضع المتردي لقطاع النفط الليبي العديد من الشركات الأجنبية التي تستغل الحقول الليبية تغادر إلى دول مجاورة على غرار النيجر وخاصة أن الدولة شبه عاجزة عن استعادة السيطرة على حقول الانتاج وعلى موانئ التصدير. كما إن بروز قوى تدعو إلى الفدرالية وتقسيم التراب الليبي إلى ثلاثة أقاليم يجعل المستثمرين الأجانب لا يثقون في مستقبل البلاد. فدعاة الفدرالية هؤلاء يجدون آذانا صاغية لدى شرائح واسعة من الشعب الليبي في ظل ضعف الدولة المركزية وعدم قدرة طرابلس الغرب على التحكم في كامل التراب الليبي.
فوضى السلاح ادى المشاكل الليبية
المنطقة الشرقية
فالمنطقة الشرقية هي مسقط رأس الملك الليبي إدريس السنوسي الذي أطاح به معمر القذافي إثر إنقلاب عسكري أطلق عليه تسمية "ثورة الفاتح". ومنذ ذلك التاريخ وهذه المنطقة وعاصمتها بنغازي تشتكي من التهميش في شتى المجالات وتتهم الغرب بالاستحواذ ليس فقط على ثروات البلاد وإنما على المناصب السياسية الكبرى. كما إن أغلب معارضي حكم القذافي ينتمون إلى هذه المنطقة التي ترى أن الوقت قد حان لتعود إلى الصدارة وخاصة أن عملية الاطاحة بالنظام السابق انطلقت منها وتحديدا من مدينة بنغازي التي لا يخفي أهلها رغبتهم في أن تكون مدينتهم عاصمة الدولة الليبية الجديدة.
ويرى بعض المراقبين أن هذه النزعة الانفصالية قد تنامت حين لم يجد "أهل الحل والعقد" من دعاة الفدرالية أي رغبة من حكام ليبيا الجدد ومن القوى الغربية في تغيير مركز الحكم من طرابلس إلى بنغازي، ما جعل أصواتهم ترتفع مطالبة بالحكم الفدرالي، الذي وجدوا فيه ضالتهم رغبة منهم في عدم ترك مصير مدينتهم وإقليمهم الشرقي برمته بيد طرابلس مثلما كان الأمر في السابق. ويتهم البعض دعاة الفدرالية هؤلاء بعدم الجدية في إنشاء هذا النظام وإنما غايتهم فقط هي ابتزاز النظام الليبي والحصول على أموال مقابل تراجعهم عن الطرح الذي تقدموا به.