ارشيف من :آراء وتحليلات

هجمات تستهدف الاقليات في باكستان للضغط على الحكومة

هجمات تستهدف الاقليات في باكستان للضغط على الحكومة
على الرغم من الاجراءات الأمنية التي قامت بها الحكومة الباكستانية لتوفير الأمن لمواطنيها، إلا أن يد الارهاب امتدت مرة أخرى لتضيف مجزرة جديدة على لائحة "إنجازاتها" من خلال تفجير طال كنيسة بيشاور الباكستانية حيث ذهب ضحية هذا العمل الارهابي العشرات من القتلى والجرحى من ابناء الطائفة المسيحية.

وقد جاء هذا الانفجار ليؤكد الواقع الباكستاني المرير الذي يدخل منعطفاً مهماً لناحية تحديد مصير الحوار الذي تجريه الحكومة مع جماعة طالبان ـ باكستان تحت العين الاميريكية التي تراقب وتتابع الاحداث عن بعد ! وقد تزامن هذا الانفجار مع إلقاء رئيس الوزراء نواز شريف كلمته في الامم المتحدة حيث عرض لموضوع الإرهاب في بلاده كما تحدث عن مساعي حكومته لتفادي الهجمات الارهابية التي تستهدف الشعب الباكستاني. وقد أثار انفجار بيشاور تساؤلات عدة حول توقيت تنفيذه، وهل هو محض صدفة أم أن لهذا التوقيت دلالات ورسائل.

هجمات تستهدف الاقليات في باكستان للضغط على الحكومة
نقل احد ضحيا التفجير امام الكنيسة
في الواقع، إن هذا الإنفجار وفي هذا التوقيت بالذات، وفي استهدافه احدى الأقليات الباكستانية يؤكد فشل المساعي الحكومية في مكافحة الارهاب وقدرة الحكومة المحدودة على بسط الامن والاستقرار ، ويظهر بما لا يدع مجالاً للشك عدم جدوى الحوار الذي تخوضه الحكومة مع جماعات يغلب عليها الطابع الغوغائي وعدم تقيد بعض الجماعات بأوامر زعمائها. وقد ظهر هذا الأمر بشكل واضح في تصريحات المسؤولين في وزارة الداخلية الذين قالوا إن " الحوار والسلام لا يفهمه الجميع" . كما يؤكد هذا العمل الارهابي أنه يتوجب على الحكومة أن تبذل قصارى جهدها للقضاء على هذه الجماعات التي لم يعد ينفع معها الحوار.

وربما تكون الخطوات التي اتخذتها الحكومة الباكستانية بوقف اتصالاتها مع هذه الجماعات عقب تفجير الكنيسة، تأتي في هذا السياق وإشارة واضحة من الحكومة تؤكد أن طريق الحوار ما زال مسدوداً، وربما تظهر دعوات لاستخدام القوة للتخلص من ظاهرة الإرهاب المستشرية في البلاد التي يؤججها التدخل الاميركي والقصف المستمر لبعض تجمعات ومراكز جماعات طالبان وتنظيم "القاعدة" بطائرات من دون طيار. وهذا ظهر جلياً، إذ إن من تبنى الهجوم الانتحاري هو فصيل يدّعي أنه منشق عن جماعة "طالبان" وقال الناطق الرسمي باسم هذا الفصيل أحمد مروات أن "عملياتنا مستمرة ضد الأجانب وغير المسلمين حتى " توقف الولايات المتحدة الاميريكية قصفها للمناطق القبلية".
هجمات تستهدف الاقليات في باكستان للضغط على الحكومة
فصيل منشق عن طالبان ..تبنى مسؤولية التفجير

هذا التصريح إضافة إلى التدقيق في الاحداث يقودنا لملاحظة أن الهجمات الانتحارية هي احدى النتائج السلبية للقصف الأميركي بطائرات من دون طيار على المناطق القبلية بذريعة ما يسمى "الحرب الاميركية على الارهاب" التي يشكل المدنيون الباكستانيون معظم ضحاياها. واستمرار هذه الغارات يعني بالتالي استمرار الهجمات الانتحارية وتعقيد الاوضاع امام الحكومة ومساعي المصالحة التي تسعى لتحقيقها مع هذه الجماعات،وهو ما يشكل ارضاً خصبة لبقاء التدخل الاميركي في هذه المنطقة.

وفي كل الاحول، تبقى جماعة طالبان ـ باكستان خطرة على مختلف فئات الشعب الباكستاني، وحتى لو نجحت محادثات السلام في التوصل إلى نتيجة، تبقى المخاوف من انبثاق جماعات جديدة اشد تطرفاً لممارسة الارهاب وزعزعة الأمن الوطني، وإزهاق مزيد من ارواح الأبرياء من المسلمين الشيعة والمسيحيين، ومجزرة كنيسة بيشاور واحدة من هذه المجازر التي اودت بحياة عشرات لم يرتكبوا اي ذنب سوى اعتقادهم بالديانة المسيحية.
2013-10-01