ارشيف من :آراء وتحليلات
ملامح التسوية الدولية في سوريا تزعج أطراف اقليمية عدة
مع ظهور ملامح تسوية دولية لحل الأزمة في سوريا، وشق الطريق ديبلوماسياً نحو مؤتمر جنيف اثنين بعد معركة سياسية شرسة بين القطبين الروسي والاميركي، وجدت بعض الدول العربية والإقليمية نفسها في منتصف طريقٍ لا افق لنتائج السير فيه او الرجوع منه، وبقيت تغرد خارج سرب المعادلات الدولية بعد انتفاء الحاجة الى خدماتها كـ "مطية" تُستخدم اداةً في تنفيذ المشاريع الهدامة في المنطقة..
ملامح التسوية الدولية في سوريا تزعج أطراف اقليمية عدة
وإزاء ذلك أبدت تلك الدول ـ وتحديدا السعودية وقطر وتركيا ـ امتعاضاً كبيراً من الإدارة الاميركية التي رمت بها على قارعة الطريق، وتراجعت عن شعار إسقاط النظام السوري والسير قدما في تسويات لا تقف عن حدود الأزمة السورية، انما تتخطاها لتشمل الملف النووي الايراني وأزمات أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فضلا عن البحث في قضايا اقتصادية وفي مقدمها النفط في المنطقة، وسرعان ما انعكس هذا الواقع على ساحة القتال في سوريا بين فصائل المجموعات المسلحة نفسها المتعددة الانتماءات والمشارب والولاءات.
وفي هذا الاطار، يؤكد مصدر عسكري سوري لـ "العهد الاخباري " ان الاقتتال الحاصل بين المعارضات السوريّة المسلحة سببه اختلاف المصالح وتعدد المرجعيات ويأسِ الدول الراعية لها بعد استبعاد شن عدوان عسكري أميركي والدخول في حرب غير محسوبة النتائج، وباتت تلك الدول المتضررة تدرك أن الذهاب الى حل سياسي من شأنه أن يجعل كراسي حكمهم مهترئة، وبالتالي تم الايعاز الى العصابات المأجورة للقيام بهذه الاعمال من اجل ايصال رسالة مفادها اننا قادرون على خلط الأوراق، فيما الحقائق الايديولوجية اظهرت مدى حقد تلك الدول التي باتت تثبت للرأي العام (لا سيما لدى شعوبها) وحشية قراراتها وتبني عمليات الاجرام والقتل والذبح والشنق والحرق وفرض إماراتٍ وهمية وابتداع طقوس دينية تتنافى مع المجتمعات العربية والاسلامية وتتعارض مع القيم الانسانية (كما هو حال شق الصدور وآكل القلوب المدعو ابو صقال من كتيبة الفاروق، واولئك القتلة الذين بقروا بطون النساء واخرجوا الأجنة في ريف اللاذقية، وغيرها من الجرائم التي يندى لها الجبين تحت مسميات اسلامية مختلفة).
ويؤكد المصدر العسكري ان هذا الامر لن يغير من نهج الدولة السورية التي اتخذت منحيين اساسيين:
الاول: الاستمرار في ملاحقة ورصد وتعقب فلول المجموعات المسلحة والتعامل معها ودك مراكزها واجتثاثها من ارض الوطن.
اما الثاني فهو الذهاب باتجاه الحل السلمي ودعوة الجميع للمشاركة في مؤتمر جنيف من دون شروط مسبقة.
وفي المقابل يؤكد مصدر سياسي في المعارضة السورية الداخلية لـ "العهد" أن اهداف الحراك الشعبي وصورته الجوهرية المطالِبة بالديموقراطية امست محل استهزاء لدى الشعوب العربية والغربية بعدما ركبت الاطرافُ التكفيرية والمتطرفة موجة المطالب الشعبية، وحولت الوضع الى أزمة وطنية مستعصية بسبب استخدام العنف من قبل طرفي الصراع وإمساك الأطراف المتدينة والمتعصبة والتكفيرية بمفاصل المعارضة ودخولها في لعبة تحالف مع مراكز الامبريالية العالمية والاطراف العربية والاقليمية الاكثر تخلفا وحقدا.
ويضيف المصدر المعارض أن الشعب السوري الذي خرج في مسيراتٍ مطالِبة بالاصلاحات من منطلق الرغبة في تحسين الاوضاع في البلاد، سرعان ما ادرك خطورة التقاء مصالح الدول وتكالب الامم على سوريا وتقاطع القواسم المشتركة بين الولايات المتحدة الاميركية وتنظيم القاعدة والدول العربية والغربية والاقليمية على اسقاط الدولة والقضاء على منظومات سوريا الاقتصادية والعسكرية وحتى الاجتماعية خدمة للمصالح الصهيو ـ اميركية في المنطقة، فانكفأ عن الدخول في مشاريع تفتيتية معلنا وقوفه للدفاع عن الوطن في وجه الغطرسة الاممية، فيما برزت الى الواجهة تلك المجموعات المسلحة التي تعمل وفق اجندات خارجية لتعيث في البلاد خراباً ودماراً وقتلاً وتنكيلاً وتفكيكا لأواصر الروابط الاجتماعية في البلاد.
ويؤكد المصدر ان الاحصائيات العربية والدولية اظهرت هزالة التمثيل الشعبي للمعارضات الخارجية التي لا تتماشى برامجها وفق اهواء السوريين واهدافهم وتطلعاتهم ورؤيتهم المستقبلية الى البلاد، فسارعت الى تحصيل مكاسب سياسية لتنفيذ مآرب شخصية من خلال صراع فيما بينها وبسط نفوذها وسيطرتها على الارض، وقد بدأ قسم من هذه المعارضات مؤخرا بالجنوح نحو التفكير ـ تحت ضغط المراكز الامبريالية وهو ادوات لها ـ للدخول في العملية السياسية وانتزاع حصة على
طاولة المفاوضات في جنيف، فيما عمدت الاطراف الأكثر تشدداً الى قطع الطريق على تلك التوجهات (مع غياب قدرة الدول والاقليمية والدولية على لجم تحركاتها) وباتت تتنازع من اجل الاستمرار بنهجها واستراتيجيتها تحت عنوان كسر العظم بعيدا عن مفهوم التحاور لحل الأزمة والبحث عن حلول سياسية.
ويخلص المصدر السياسي المعارض الى القول بأن النظام مدعو للدخول في حوار مباشر مع المعارضة الداخلية السورية التي لم ترهن مستقبل البلاد للخارج كما فعل ائتلاف اسطنبول الذي استجدى تدخلا دوليا لتدمير سوريا وشعبها، مطالبا الدولة السورية بالمسارعة في الدخول بعمليات التحاور غير المشروطة داخل الوطن لأن ذلك أكثر شرفا وامانا لسوريا من ان تكون في جنيف واقل ارتهانا للاطراف الخارجية.
وبانتظار انجلاء غبار التحركات الديبلوماسية قبل الشروع في الجلوس على طاولة المفاوضات، فإن اداء المعارضة السورية المسلحة يظهر مدى المآزق الذي تعيشه مع احراز الجيش السوري تقدما في الميدان، بالتوازي مع بوادر رفع شارة انتصار الدولة السورية التي عجزت اكثرُ من ثمانين دولة عن لي ذراعها، وأجبرت الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها على السير في ممر الزامي على طريق جنيف اثنين.