ارشيف من :آراء وتحليلات
مصير الرئاسة في لبنان
وسط متغيرات اقليمية ودولية خطيرة، يعيش الوسط السياسي التقليدي في لبنان داخل شرنقة الاستحقاق الرئاسي الذي اصبح محطة تجاذب ظاھرة، لكون الفراغ في ھذا المنصب ھو باب لمزيد من الفوضى داخل النظام الحالي. لذلك يتوقف المراقبون أمام ثلاثة احتمالات لھا صلة بالتوازنات الخارجية، وهي كما يلي:
- التفاھم الدولي والإقليمي قد يمر بالرياض وطھران للوصول الى تفاھم على رئيس جديد يخلف الرئيس سليمان، وهذا قرار مستبعد في ھذه المرحلة.
- التمديد للرئيس الحالي للحفاظ على الواقع الحالي بحيث تتشارك كل القوى الداخلية أو معظمھا بقرار التمديد الرئاسي اثر توجيھات خارجية وبعد حركة تحاور متشعبة ومستمرة وفق توازن القوى الذي يدفع الى هذا الحل.
- الخيار الثالث وهو أخطر ما يمكن أن يطال البلاد وھو ينتج عن عدم تفاھم إيراني من جھة وأميركي - سعودي من جھة مقابلة. وستكون أولى ضحاياه اتفاق الطائف لكون الفراغ سيدفع ـ وفق المراقبين ـ الى مؤتمر تأسيسي للنظام لإعادة تقاسمالسلطة بين الطوائف، في ظل ظروف غير مؤاتية، ما يدخل لبنان في نفق مظلم.
لكل ذلك، تلاحظ أوساط عودة مشروع التمديد لرئيس الجمھورية الى الواجھة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بھا المنطقة، ووجود صعوبات كثيرة تحول دون إجراء انتخابات رئاسية تماماً كما جرى مع تمديد ولاية المجلس النيابي والتمديد لقيادةالجيش، فالتمديدان خضعا لاعتراضات داخلية قوية ومن ثم "مرا" مرور الكرام رغم معارضة بعض القوى السياسية.
بالنسبة الى مؤيدي التمديد للرئاسة الحالية، ثمة أكثر من سبب يفرض تمديد الولاية الرئاسية الراھنة، أبرزھا الوضع الإقليمي المتفجر المحيط بلبنان الذي لا يسمح بالمخاطرة في ظل إصرار دولي على ضرورة المحافظة على ستاتيكو سياسي وأمني في لبنان، وحيث يمكن وفق ھؤلاء تلمس او رصد بصمات أميركية واضحة في موضوع التمديد.
أما رافضو التمديد في الداخل فكثر وإمرار التمديد لن يشبه بالمؤكد، بحسب المصادر، تسھيل إمرار التمديدين اللذين حصلا في قيادة الجيش ومجلس النواب، بسبب وفرة المرشحين الموارنة الذين يتطلعون الى ھذه الفرصة. بدون شك فإن طرح التمديد سيدخل البلاد في إشكالية قوية، سببھا رغبة ھؤلاء المرشحين أولاً، ولأن علاقة رئيس الجمھورية بالعديد من ھذه القيادات ليست بخير، فالعلاقة بين سليمان و 8 آذار ليست بأحسن أوقاتھا، ومع سوريا تخطت مرحلة القطيعة بأشواط، ومع 14 آذار ھي مقبولة لكن في الفريق الآذاري أكثر من مشروع مرشح أو "حصان رئاسي"، من ھنا فإن طرح التمديد لن يمر مرور الكرام، وكثيرون سيكونون له في المرصاد.
وهكذا دخل الاستحقاق الرئاسي في الكواليس الديبلوماسية. وتنقل الأوساط الدبلوماسية أن ھذا الملف حضر في اللقاءات الجانبية التي حصلت مع الوفد اللبناني في نيويورك، ولكن من باب القلق من احتمالات مخاطر تفكك الدولة اللبنانية في حال طاول الفراغ موقع رئاسة الجمھورية، وبالتالي استطلاع موقف العواصم الكبرى من ذلك.
وكان واضحاً أّن القرار لدى ھذه العواصم ھو الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، ولو بالحد الأدنى الممكن مھما كلف الأمر. وطبعاً، يحمل ھذا الكلام كثيراً من التأويل. لكن العارفين يتحدثون عن ترجمته من خلال خطة تقضي بإنجاز تفاھمات السلة الواحدة التي تجمع بين حل الأزمة الحكومية والاستحقاق الرئاسي.
لذلك تبقى القمة الإيرانية - السعودية مؤشراً أساسياً في ھذا الاطار، على رغم اقتناع كثير من الأوساط المراقبة بأن إنجاز تفاھمات السلة الواحدة ما يزال يحتاج الى معطيات كثيرة لإنضاج الظروف، وفي طليعتھا حصول تقدم على مستوى التواصل الأميركي ـ الإيراني الذي قد يشكل جانباً من جوانب البديل مما عرف سابقاً بالمظلة الاميركية - السورية التي كانت تتولى رعاية الإستحقاقات الرئاسية.
وحول انتخابات رئاسة الجمھورية، نقل عن الرئيس نبيه بري قوله "بالنسبة إلي من المبكر الخوض منذ الآن في ھذا الاستحقاق، وأنا أعتقد أنه لن يبدأ الكلام الجدي و"حك الركاب" في شأنه قبل آذار المقبل، حيث ينطلق العد العكسي للمھلةالزمنية لإجراء الانتخابات". ويتجنب بري التعليق على ما يجري الحديث عنه حول إمكانية سلوك خيار التمديد، مكتفياً بالاستشھاد بتصريحات وأقوال الرئيس سليمان الذي ينفي بشكل قاطع رغبته في التمديد.
لا يريد بري ـ بحسب مصادره ـ حرق المراحل واستباق الأمور، مع العلم أن الجميع يدرك انه اللاعب الأساسي المحلي في ھذا الاستحقاق أولاً بصفته رئيساً للمجلس النيابي، وثانيا كونه يرأس كتلة نيابية وازنة في المجلس، وثالثا باعتباره مرجعا سياسيا وشعبيا أساسيا في البلاد، ورابعا لأنه يملك أدوات وثقافة ھذه اللعبة ويدرك فك رموزھا.
من جهة اخرى يرى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن "التمديد مسألة واردة، الظروف تحدد طبيعة الاستحقاق، لكن بعد بكير". وعندما يُسأل عن المرشحين مثل قائد الجيش العماد جان قھوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة؟ يضيف مكاري اسما ثالثا: "النائب السابق جان عبيد مرشح محتمل". وعن النائب ميشال عون وسمير جعجع؟ يجيب: "عون طرف، وجعجع طرف، وأنا أستبعد أن يكون ھناك أمل لأي شخصية لديھا موقف في النزاع الداخلي اللبناني".
من الواضح ان الوسط السياسي غارق في اسماء المرشحين وما زال ينتظر التوازنات الدولية والاتصالات الاقليمية، وهو يترقب نتائج المعارك الميدانية في سوريا. وفي ظل الانتظار الممل يؤكد المراقبون ان التمديد مستبعد رغم حراك الرئيس سليمان في الخارج ومن بعبدا والسبب بسيط :لقد خسر حالة التوافق التي انتخبته ولم ينجح في اعادة صياغتها.
فهل تحصل مفأجاة ام يدخل لبنان في المجهول؟