ارشيف من :آراء وتحليلات

اتهامات جديدة لـ’النهضة’ بالضلوع في الإغتيالات بتونس

اتهامات جديدة لـ’النهضة’ بالضلوع في الإغتيالات بتونس

الحدث في تونس هذه الأيام هو الندوة الصحفية المثيرة للجدل التي عقدتها "المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة في قضية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".  فقد كشفت هذه الندوة عن معطيات جديدة اتُهمت وزارة الداخلية بإخفائها عن التونسيين. وقد سبقت هذه الندوة تسريبات مفادها أن هناك معطيات تتعلق بضلوع حركة "النهضة" الحاكمة في الإغتيالين ما جعل التونسيين ينتظرون بفارغ الصبر عملية الكشف عن هذه الحقائق، إلا أن ما تم تقديمه لا يرقى إلى مستوى الأدلة والبراهين القاطعة الكفيلة بإدانة حركة "النهضة" إدانة صريحة، لكنه يجعل الشبهة تحوم حول تورط عناصر قريبة من الحركة في الإغتيالين ويجعل قاضي التحقيق مطالبا بالبحث والإستقصاء ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

علاقات متينة

ولعل أبرز ما جاء على لسان عضو المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة الطيب العقيلي، الذي تستهدفه منذ فترة تهديدات بالقتل، أن هناك علاقات متينة تربط بين حركة "النهضة" وجماعة "أنصار الشريعة" المتورطة في عمليات الإغتيال وبين "الجماعة الليبية المقاتلة" وزعيمها عبد الحكيم بلحاج. وهذا الأخير يزور تونس باستمرار ويلتقي بقيادات نهضوية جهوية ومن الصف القيادي الأول أيضا، وتم استعراض صور تثبت زيارة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي لعبد الحكيم بلحاج في إحدى مصحات البحيرة بضواحي العاصمة التونسية حين قدم الجهادي الليبي إلى تونس للتداوي.

اتهامات جديدة لـ’النهضة’ بالضلوع في الإغتيالات بتونس
عضو المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة الطيب العقيلي

كما عرضت صور لعبد الحكيم بلحاج مع راشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة" وسمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وقيادات نهضوية أخرى تبرز حميمية العلاقة بين الطرفين حين زار بلحاج تونس خلال المؤتمر الأخير لحركة النهضة وألقى كلمة.

ويشار إلى أن عبد الحكيم بلحاج على علاقة وطيدة بـ"أبو عياض" زعيم أنصار الشريعة التونسي المصنف رسميا ضمن الجماعات الإرهابية والمتورط في أعمال عنف واغتيالات شهدتها تونس. فقد قاتلا معا تحت راية تنظيم "القاعدة" في أفغانستان قبل أن يتم إيداع بلحاج في معتقل غوانتانامو الأمريكي بجزيرة كوبا ويسلم لاحقا إلى القذافي حيث عفا عنه سيف الإسلام سنة 2009. وكان عبد الحكيم بلحاج وتنظيمه في طليعة القوى التي أطاحت بالقذافي وعين قائدا لمدينة طرابلس العاصمة الليبية بعد انهيار النظام الليبي السابق.

اتهامات


وتتهم جهات عديدة التنظيم الذي يشرف عليه عبد الحكيم بلحاج الليبي بمعية تنظيم أنصار الشريعة الذي يشرف عليه أبو عياض التونسي بتجنيد الشباب من تونس وليبيا وإرسالهم لقتال القوات النظامية في سوريا. وفي هذا السياق بين العقيلي أن هناك أدلة على تدريبات تلقاها جماعة "أنصار الشريعة" التونسية في معسكرات في ليبيا تابعة لتنظيم عبد الحكيم بلحاج المتورط أيضا، ـ بحسب ما جاء في الندوة ـ في إرسال السلاح الثقيل للتونسيين الذي كشفت مخازنه مؤخرا وزارة الداخلية وبينت أن الهدف من تكديسه كان من أجل قلب نظام الحكم في تونس وتقسيم الخضراء إلى ثلاث إمارات خاضعة لتنظيم "القاعدة".


اتهامات جديدة لـ’النهضة’ بالضلوع في الإغتيالات بتونس
اتهامات للداخلية التونسية بالتقصير

وجاء في ندوة "المبادرة" أيضا أن عبد الحكيم بلحاج دخل ذات مرة خلسة إلى تونس وكان بصدد التحضير لعمل إرهابي حذرت منه المصالح المختصة في وزارة الداخلية التي طلبت يومها من عملائها تحديد مكانه بدقة داخل التراب التونسي. كما زار تونس ذات مرة أيضا واستقبل استقبال الأبطال من قبل قيادات من حركة "النهضة" بالقاعة الشرفية لمطار قرطاج الدولي هذا بالإضافة إلى زياراته المتكررة إلى مدينتي "جرجيس" و"بن قردان" القريبتين من الحدود التونسية الليبية ومن معبر رأس الجدير أهم المعابر الحدودية بين البلدين وكان في كل مرة يلتقي قيادات نهضوية بحسب ما جاء في الندوة. كما أن هناك جهات عديدة في تونس تؤكد أن سبب فرار "أبو عياض" زعيم تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي المحظور في تونس، الذي يعتبر أحد فروع "القاعدة" في بلاد المغرب، إلى ليبيا يعود إلى توفير عبد الحكيم بلحاج للمأوى لرفيق دربه في "الجهاد" في أفغانستان.

تواطؤ وتقصير


كما طالت الشبهة أيضا وزارة الداخلية وتحديدا القيادات الأمنية المتهمة بالولاء لحركة النهضة، حيث اتهم العقيلي الوزارة بعدم القيام بتوظيف معلومات أمنية بحوزتها لتفادي الإغتيالين. ومن ذلك قيام موظفة ببنك بمنطقة المنزه السادس (الحي الذي كان يقطن به شكري بلعيد) بالإتصال بمصالح الأمن لإبلاغهم عن شابين يتصرفان بطريقة مشبوهة ويستقلان سيارة، وزودت الأمن برقم السيارة التي تبين أنها على ملك مروان بلحاج صالح وهو أحد الضالعين في اغتيال بلعيد. وقد حوصر هذا الشخص لاحقا بعد اغتيال بلعيد من قبل الأمن بأحد المحلات لكن تعليمات جاءت لعناصر الأمن تدعوهم إلى ترك سبيله. وقد قام هذا الشخص خلال تلك الفترة، ووفقا لما جاء في الندوة، بحلق لحيته وبدأ يرتاد أماكن ترفيهية في أحياء راقية يتجنب السلفيون عادة حتى المرور من أمامها وهو ما يعني استعداده للقيام بعمل إرهابي وفق ما هو متعارف عليه في هذا المجال، ولكن أجهزة الأمن لم تحرك ساكنا رغم علمها بتحركاته.

كما إن وزارة الداخلية باتت إثر هذه الندوة متهمة بعدم توفير الحماية للشهيد شكري بلعيد رغم علمها بأن الفرع البنكي (الذي تعمل به الموظفة التي بلغت عن التحركات المريبة) يقطن بالقرب منه زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الأسبق. ويشار إلى أن الوزارة اتُهمت في وقت سابق أيضا بالتقصير في حماية الشهيد محمد البراهمي رغم تحذيرات جهاز الإستخبارات المركزية الأمريكية السي آي إيه نظيره التونسي بفرضية اغتيال النائب القومي المغدور به كتابة، وتم تسريب الوثيقة التي أثارت عاصفة في البلاد إلى وسائل الإعلام. ويشار أيضا إلى أنه إثر هذه الندوة خرجت جموع غفيرة من التونسيين للتظاهر أمام مقر وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة ليس لمطالبة الحكومة بالإستقالة فحسب، مثلما هو الشأن خلال الأيام الماضية، وإنما من أجل "المحاسبة" التي باتت أيضا مطلب ائتلاف الجبهة الشعبية الذي لم يعد يكتفي بمجرد استقالة هذه الحكومة وقد يقاطع الحوار الوطني وخارطة طريق اتحاد الشغل والسبب رفض قيادات الجبهة الشعبية محاورة "قتلة" بلعيد والبراهمي.


2013-10-03