ارشيف من :آراء وتحليلات

المرزوقي: الرئيس المثير للجدل!

المرزوقي: الرئيس المثير للجدل!
رئيس الجمهورية في تونس محمد المنصف المرزوقي، شخصية مثيرة للجدل في الخضراء وخارجها. تحدث المشاكل أينما حلت وكلما ألقت خطابا أو تحدثت إلى وسائل الإعلام الخارجية (باعتبار أن الرجل يقاطع أهم المحطات التلفزيونية والإذاعات والصحف التونسية).

يشبه البعض المرزوقي بمعمر القذافي فيما يتعلق بمخالفته لجميع القواعد وخروجه عن المألوف. ويسعى التونسيون إلى مقارنته باستمرار بـ"زين العابدين بن علي" الذي كان شديد الأناقة يحسب حسابا لحركاته وسكناته ولا يطلق العنان لتصريحاته ويتقيد بما يمليه عليه مستشاروه، فيما المرزوقي لا يهتم بلباسه ويتحدث بتلقائية ولا يهتم بتعليمات محيطه في الطاقم الرئاسي.

أزمات ديبلوماسية

لقد أحدث المرزوقي أزمات ديبلوماسية بالجملة مع عدد من الدول الشقيقة لتونس والصديقة لها. فالرجل كان أول من دعا في تونس إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع سوريا وكان له ما أراد، باعتبار تقاطع رغبته مع رغبات الحزب الحاكم أي حركة "النهضة" التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجانب القطري. ولقي المرزوقي نتيجة لفعلته تلك انتقادات واسعة من قبل التونسيين وخصوصا التيار القومي الذي رفض رفضا قاطعا أن تنخرط تونس في مؤامرة على شعب عربي شقيق ارتبط على الدوام بعلاقات جيدة مع التونسيين.
المرزوقي: الرئيس المثير للجدل!
تصريحات المرزوقي في الامم المتحدة استفزت المصريين!

وزاد الرجل من نقمة شق كبير من أبناء شعبه بعد أن استضاف على أرض الخضراء التي احتضنت الثورتين الجزائرية والفلسطينية (بعد خروج الفلسطينيين من بيروت)، مؤتمراً للتآمر على سوريا سمي "مؤتمر أصدقاء سوريا". كما زاد من حدة الجدل حوله بأن قدم عرضا للرئيس السوري بشار الأسد يقدم له من خلاله اللجوء السياسي إلى تونس! ويحسب في هذا المجال للرئيس الأسد تحليه بالحكمة وتجاهله لاستفزازات المرزوقي وعدم الرد عليه رغم تجاوزه لجميع الخطوط الحمر وإساءته للعلاقات التونسية ـ السورية.

انتقادات روسية

وانزعج الدب الروسي من المرزوقي حين اقترح الأخير على الرئيس الأسد أيضا اللجوء إلى موسكو. فأصدرت الخارجية الروسية بيانا انتقدت فيه تصريحات المرزوقي بلغة ديبلوماسية حافظت فيها على احترامها للدولة التونسية، وأثار التأنيب الروسي الضمني للمرزوقي سخط التونسيين على رئيسهم الذي يتدخل فيما لا يعنيه ويعرّض بلاده لمشاكل هي في غنى عنها.

ولم تسلم كوريا الشمالية الواقعة في الجانب الآخر من الكرة الأرضية من السيد المرزوقي، حيث انتقد ساكن قرطاج التجارب النووية الأخيرة التي أجرتها بيونغ يانغ، وهو ما أثار الاستغراب. حيث لم يسبق لرئيس تونسي أو لسياسي ينتمي إلى هذا البلد أن اهتم بما يحصل في الكوريتين. وتساءل أحدهم، هل حلت مشاكل تونس حتى يوجه الرئيس أنظاره إلى أطراف القارة الآسيوية؟

الشأن المصري

وبعد أن أزعج المرزوقي جيرانه وإخوانه الجزائريين الذين يرتبطون مع تونس بعلاقات نموذجية قل نظيرها في المنطقة، توجه إلى مصر فاصطف مع الرئيس المطاح به محمد مرسي ضد من سماهم الإنقلابيين. فانتقد بشدة ما قامت به المؤسسة العسكرية في حينه وتبنى موقف حركة "النهضة" الذي انتصر لإخوان مصر وطالب بإعادة مرسي إلى سدة الحكم. ولم تردّ السلطة الجديدة في مصر على المرزوقي واكتفت بالتنديد بمواقف بعض الدول ومنها تونس.
المرزوقي: الرئيس المثير للجدل!
المرزوقي دافع عن مرسي واعتبر عزله انقلاباً

لكن المرزوقي تمادى وواصل التدخل في الشأن المصري في خطابه الأخير بالجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة. حيث دعا إلى الإفراج عمن أسماهم "المساجين السياسيين في مصر" ومنهم الرئيس محمد مرسي، ما جعل القاهرة ترد بحزم هذه المرة وتستدعي سفيرها في تونس وتندد بتصريحات المرزوقي. واعتبرت الخارجية المصرية شأنها شأن زعيم المعارضة التونسية الباجي قائد السبسي أن ما قام به ساكن قرطاج هو تدخل منه فيما لا يعنيه. وأكدت العديد من الجهات أن فرضية قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين أمر وارد وغير مستبعد.

"الحقوقي"

وتؤكد أطراف عدة بأن ما يجعل المرزوقي يتصرف بهذه الشاكلة هو عدم تخلصه من جلباب الحقوقي رغم وصوله إلى سدة الحكم. فهو لم يعتد بعد على متطلبات منصبه الجديد. لكن البعض يذهب إلى دحض هذا المعطى مُصراً على أن المرزوقي يتصرف وفقا لإملاءات من حركة "النهضة" وهو لا يصلح بأي حال من الأحوال لتولي رئاسة البلاد حتى لو تمتع بخبرة سنوات.
ويصر أصحاب هذا الرأي على أن المرزوقي ليس حقوقيا، ولو كان كذلك لدافع عن انتهاكات حقوق الإنسان واستهداف حرية الإعلام وحبس الصحافيين في تونس، ولما سكت على حلفائه في الحكم وهم يسلطون الأمن والقضاء على خصومهم السياسيين.
2013-10-09