ارشيف من :آراء وتحليلات
متاهات قانون الانتخابات والخيارات المطروحة
منذ شهرين او اكثر، والسجال داخل اروقة مجلس النواب العراقي، وفي اروقة سياسية اخرى لم ينقطع بشأن قانون الانتخابات الجديد المطروح للبحث والنقاش، من ثم للتصويت عليه حتى تجري وفقا له الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر اجراؤها في اواخر شهر نيسان/ابريل المقبل 2014.
وبدلا من ان تضمحل وتتلاشى الخلافات والاختلافات بين الفرقاء راحت تتسع وتتعمق، لتزيد من حدة الاستقطابات في المشهد السياسي العراقي العام. ويعكس ذلك في جانب منه حالة انعدام او اهتزاز الثقة بين الفرقاء وفي جانب آخر منه يعكس قلق الكبار من الاحتفاظ بمواقعهم ومساحاتهم التي تتيح لهم البقاء في مركز النفوذ والهيمنة والتأثير، وقلق الصغار من تهميشهم وإبعادهم وإقصائهم بالكامل من المشهد.
واذا اعتبرنا أن الاكراد يمثلون أحد الأطراف السياسية الكبيرة والمؤثرة في المشهد السياسي العام، واذا اقررنا بقلقهم الكبير، وطموحهم الأكبر، واذا اتفقنا على ان حجم الخلافات والاختلافات بين الاكراد واطراف سياسية اخرى غير قليل، فعند ذاك يمكن ان نفهم حقيقة وخلفيات وظروف الموقف الكردي حيال قانون الانتخابات المطروح، دون ان يعني ذلك ان الاكراد وحدهم الذين يعدون اليوم عقبة امام إمرار القانون بأسرع وقت، بيد أنهم الطرف الأبرز والأكبر في ذلك الامر.
الخلافات بين الافرقاء تتسع حول قانون الانتخابات
في الواقع تتمحور الخلافات والاختلافات بشأن القانون حول جملة من المسائل هي:
-اعتماد القائمة الانتخابية المفتوحة ام المغلقة؟.
-جعل العراق دائرة انتخابية واحدة كما كان عليه الامر في انتخابات عام 2005، ام دوائر انتخابية متعددة كما حصل في انتخابات عام 2010؟.
-نسبة المقاعد التعويضية، وطريقة حسابها... ارتباطا بنسبة الاصوات، ام بنسبة المقاعد؟.
-محافظة كركوك.. هل تجرى فيها الانتخابات حالها حال محافظات العراق الاخرى، ام تبقى لها خصوصيتها وظرفها الاستثنائي؟.
كل هذه المسائل التي جعلت الاكراد يبدون وكأنهم في واد والآخرين في واد آخر، اذا لم يتم حسمها بطريقة ما، فإن مصير الاستحقاق الانتخابي المقبل سيبقى معلقا وغامضا، وفي مهب الريح!.
فالاكراد يريدون القائمة المغلقة لأنها بنظرهم تتيح لهم تحديد خياراتهم مسبقا، وربما تتفق معهم بقدر معين أطراف اخرى، اي ان مساحة الخلاف والاختلاف بشأن هذه المسألة قد تكون أقل من المسائل الأخرى، فخيار الدائرة الانتخابية الواحدة، يعد بالنسبة للاكراد امراً مهما وغير قابل للنقاش، وهم ينطلقون من حقيقة، انه بامكانهم ان يحصلون على نسب لا بأس بها من الأصوات في محافظات وسط وجنوب العراق لا سيما بغداد وديالى وواسط وميسان، في ذات الوقت فإن المعارضين لخيار الدائرة الواحدة يدركون انه في مقابل قدرة الاكراد على كسب اصوات من خارج نطاق واقعهم الجغرافي والقومي، فإن الاخرين لا يمكنهم كسب اصوات من اقليم كردستان.
وبالنسبة للمقاعد التعويضية فإنه وان كانت هناك عدة أطراف، لا سيما الكبيرة تحبذ رفع نسبتها، لأن ذلك يتيح لها دفع شخصيات حزبية لم تنجح في الحصول على العدد المطلوب من أصوات الناخبين الى البرلمان، فإن الخلاف الجوهري بين الأكراد والقوى السياسية الأخرى، على كيفية حساب المقاعد التعويضية، فالأكراد، وبما ان نسبة التصويت تكون في الغالب عالية في محافظاتهم، يريدونها أن تحسب وفق نسبة الأصوات، بينما الآخرون، وبما ان نسب التصويت تكون منخفضة في محافظات الجنوب والفرات الأوسط، وكذلك المحافظات الغربية، فإنهم يصرون على حساب المقاعد التعويضية وفق نسب المقاعد لا الاصوات.
وكركوك هي الاخرى، من المسائل الجدلية الشائكة، فالأكراد يحاولون فرض خيار إجراء الانتخابات فيها، لأن واقعها الحالي يصب في صالحهم، في حين ان عربها، والمكونات السياسية الممثلة لهم يرفضون هذا الخيار جملة وتفصيلا.
وفي خضم الاستقطابات الحادة في المواقف والتوجهات لا تلوح في الأفق بوادر اتفاقات وتوافقات، ولعل هروب البرلمان الى الامام، من خلال إرجاء التصويت على قانون الانتخابات الى ما بعد عطلة عيد الأضحى وسط تبادل الاتهامات واطلاق التهديدات والتلويح بالانسحاب، يمثل مؤشراً ودليلا على عمق الأزمة.
ففي الوقت الذي يؤكد الاكراد أنهم سيقاطعون الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال لم تؤخذ مطالبهم بنظر الاعتبار، وقد جاء ذلك التأكيد على لسان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني وقيادات وشخصيات سياسية كردية أخرى من داخل البرلمان ومن خارجه، في ذات الوقت، ظهرت تهديدات مماثلة من قوى وشخصيات سياسية من أطراف مختلفة بالانسحاب من البرلمان ومقاطعة الانتخابات المقبلة والعملية السياسية برمتها في حال خرج قانون الانتخابات مثلما يريد الاكراد.
والنقطة المهمة والجوهرية في هذا السيّاق، إن اجراء الانتخابات في الموعد المحدد، وهو قبل خمسة وأربعين يوما في اقصى تقدير، من انتهاء عمر الدورة البرلمانية الحالية، التي تنتهي في 22-حزيران/يونيو-2014، يتطلب شروع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باجراءاتها وتحضيراتها الفنية، وهذه الخطوة لا يمكن الشروع بها من الناحية الفعلية قبل حسم الأمر من قبل البرلمان، وأي تأخير من قبل الأخير، يعزز فرص تأخر إجراء الانتخابات في موعدها المفترض.
ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو ... كيف سيكون المخرج من هذه الأزمة وما هي الخيارات المطروحة؟. في الواقع يمكن للمتابع ان يستدل من خلال جدل وسجال الفرقاء على ثلاثة خيارات:
هل سيتمكن البرلمان العراقي من ايجاد المخرج !
الاول: تأجيل الانتخابات لفترة غير معلومة، وتحقق هذا الخيار يمثل نكوصاً خطيراً ومقلقا للعملية السياسية في العراق، وفقدان الغطاء الشرعي القانوني لسلطات الدولة التنفيذية والتشريعية، ورغم أنه لم يبد أي طرف رغبته بتأجيل الانتخابات، إلا ان بعض ما يطرح خلف الكواليس يشير الى وجود مثل تلك الرغبة لدى هذا الطرف السياسي او ذاك.
الثاني: طرح مشروع قانون الانتخابات بصيغته الحالية، مع اجراء تعديلات طفيفة عليه، للتصويت في البرلمان، أي اللجوء الى مبدأ الأغلبية لا مبدأ التوافق، وهذا يعني مزيداً من الاحتقان والتشنج ويمكن ان يفتح الباب واسعا لحدوث اهتزازات وتصدعات خطيرة في العملية السياسية، لا سيما في حال نفذ طرف سياسي كبير ومؤثر مثل الاكراد تهديداته بمقاطعة الانتخابات، او الانسحاب من البرلمان الحالي.
الثالث: العودة الى القانون الذي أجريت على ضوئه الانتخابات البرلمانية السابقة في عام 2010، اي اعتماد الدوائر المتعددة والقائمة المفتوحة وابقاء كركوك بعيدا عن الاستحقاق الانتخابي، واعتماد نسبة خمسة بالمئة للمقاعد التعويضية.
ومن غير الواضح فيما اذا كان إصرار كل الكتل السياسية على عدم العودة الى القانون السابق في الانتخابات المقبلة يعكس المواقف الحقيقية لها، أم انه نوع من الضغط المتبادل والمزايدات السياسية ليس الا.
ويبدو انه من الآن حتى الى ما بعد عطلة العيد ستبقى صورة المشهد غامضة رغم ان الحراك خلف الكواليس لن يتوقف، وان اطرافا دولية مثل الامم المتحدة وقوى دولية واقليمية يمكن ان تدخل على الخط بطلب من أطراف عراقية، وربما ينتقل الحراك ويمتد الى خارج كواليس بغداد، مع أهمية الاشارة الى نقطة جديرة بالاهتمام، ألا وهي ان المرجعية الدينية في العراق لها رأي واضح بشأن قانون الانتخابات، يتلخص في اعتماد القائمة المفتوحة ودوائر الانتخابات المتعددة، ولعله من غير الممكن القفز على رأيها ورؤيتها.
ويبقى الخيار المنطقي والمعقول والممكن هو العودة الى القانون السابق، كمخرج للأزمة، بدلا من مواجهة الطريق المسدود.. وهذا ما يتهامس به بعض الفرقاء بعيداً عن عدسات التلفاز، وأجهزة التسجيل، ومكبرات الصوت!.
وبدلا من ان تضمحل وتتلاشى الخلافات والاختلافات بين الفرقاء راحت تتسع وتتعمق، لتزيد من حدة الاستقطابات في المشهد السياسي العراقي العام. ويعكس ذلك في جانب منه حالة انعدام او اهتزاز الثقة بين الفرقاء وفي جانب آخر منه يعكس قلق الكبار من الاحتفاظ بمواقعهم ومساحاتهم التي تتيح لهم البقاء في مركز النفوذ والهيمنة والتأثير، وقلق الصغار من تهميشهم وإبعادهم وإقصائهم بالكامل من المشهد.
واذا اعتبرنا أن الاكراد يمثلون أحد الأطراف السياسية الكبيرة والمؤثرة في المشهد السياسي العام، واذا اقررنا بقلقهم الكبير، وطموحهم الأكبر، واذا اتفقنا على ان حجم الخلافات والاختلافات بين الاكراد واطراف سياسية اخرى غير قليل، فعند ذاك يمكن ان نفهم حقيقة وخلفيات وظروف الموقف الكردي حيال قانون الانتخابات المطروح، دون ان يعني ذلك ان الاكراد وحدهم الذين يعدون اليوم عقبة امام إمرار القانون بأسرع وقت، بيد أنهم الطرف الأبرز والأكبر في ذلك الامر.
الخلافات بين الافرقاء تتسع حول قانون الانتخابات
-اعتماد القائمة الانتخابية المفتوحة ام المغلقة؟.
-جعل العراق دائرة انتخابية واحدة كما كان عليه الامر في انتخابات عام 2005، ام دوائر انتخابية متعددة كما حصل في انتخابات عام 2010؟.
-نسبة المقاعد التعويضية، وطريقة حسابها... ارتباطا بنسبة الاصوات، ام بنسبة المقاعد؟.
-محافظة كركوك.. هل تجرى فيها الانتخابات حالها حال محافظات العراق الاخرى، ام تبقى لها خصوصيتها وظرفها الاستثنائي؟.
كل هذه المسائل التي جعلت الاكراد يبدون وكأنهم في واد والآخرين في واد آخر، اذا لم يتم حسمها بطريقة ما، فإن مصير الاستحقاق الانتخابي المقبل سيبقى معلقا وغامضا، وفي مهب الريح!.
فالاكراد يريدون القائمة المغلقة لأنها بنظرهم تتيح لهم تحديد خياراتهم مسبقا، وربما تتفق معهم بقدر معين أطراف اخرى، اي ان مساحة الخلاف والاختلاف بشأن هذه المسألة قد تكون أقل من المسائل الأخرى، فخيار الدائرة الانتخابية الواحدة، يعد بالنسبة للاكراد امراً مهما وغير قابل للنقاش، وهم ينطلقون من حقيقة، انه بامكانهم ان يحصلون على نسب لا بأس بها من الأصوات في محافظات وسط وجنوب العراق لا سيما بغداد وديالى وواسط وميسان، في ذات الوقت فإن المعارضين لخيار الدائرة الواحدة يدركون انه في مقابل قدرة الاكراد على كسب اصوات من خارج نطاق واقعهم الجغرافي والقومي، فإن الاخرين لا يمكنهم كسب اصوات من اقليم كردستان.
وبالنسبة للمقاعد التعويضية فإنه وان كانت هناك عدة أطراف، لا سيما الكبيرة تحبذ رفع نسبتها، لأن ذلك يتيح لها دفع شخصيات حزبية لم تنجح في الحصول على العدد المطلوب من أصوات الناخبين الى البرلمان، فإن الخلاف الجوهري بين الأكراد والقوى السياسية الأخرى، على كيفية حساب المقاعد التعويضية، فالأكراد، وبما ان نسبة التصويت تكون في الغالب عالية في محافظاتهم، يريدونها أن تحسب وفق نسبة الأصوات، بينما الآخرون، وبما ان نسب التصويت تكون منخفضة في محافظات الجنوب والفرات الأوسط، وكذلك المحافظات الغربية، فإنهم يصرون على حساب المقاعد التعويضية وفق نسب المقاعد لا الاصوات.
وكركوك هي الاخرى، من المسائل الجدلية الشائكة، فالأكراد يحاولون فرض خيار إجراء الانتخابات فيها، لأن واقعها الحالي يصب في صالحهم، في حين ان عربها، والمكونات السياسية الممثلة لهم يرفضون هذا الخيار جملة وتفصيلا.
وفي خضم الاستقطابات الحادة في المواقف والتوجهات لا تلوح في الأفق بوادر اتفاقات وتوافقات، ولعل هروب البرلمان الى الامام، من خلال إرجاء التصويت على قانون الانتخابات الى ما بعد عطلة عيد الأضحى وسط تبادل الاتهامات واطلاق التهديدات والتلويح بالانسحاب، يمثل مؤشراً ودليلا على عمق الأزمة.
ففي الوقت الذي يؤكد الاكراد أنهم سيقاطعون الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال لم تؤخذ مطالبهم بنظر الاعتبار، وقد جاء ذلك التأكيد على لسان رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني وقيادات وشخصيات سياسية كردية أخرى من داخل البرلمان ومن خارجه، في ذات الوقت، ظهرت تهديدات مماثلة من قوى وشخصيات سياسية من أطراف مختلفة بالانسحاب من البرلمان ومقاطعة الانتخابات المقبلة والعملية السياسية برمتها في حال خرج قانون الانتخابات مثلما يريد الاكراد.
والنقطة المهمة والجوهرية في هذا السيّاق، إن اجراء الانتخابات في الموعد المحدد، وهو قبل خمسة وأربعين يوما في اقصى تقدير، من انتهاء عمر الدورة البرلمانية الحالية، التي تنتهي في 22-حزيران/يونيو-2014، يتطلب شروع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باجراءاتها وتحضيراتها الفنية، وهذه الخطوة لا يمكن الشروع بها من الناحية الفعلية قبل حسم الأمر من قبل البرلمان، وأي تأخير من قبل الأخير، يعزز فرص تأخر إجراء الانتخابات في موعدها المفترض.
ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو ... كيف سيكون المخرج من هذه الأزمة وما هي الخيارات المطروحة؟. في الواقع يمكن للمتابع ان يستدل من خلال جدل وسجال الفرقاء على ثلاثة خيارات:
هل سيتمكن البرلمان العراقي من ايجاد المخرج !
الثاني: طرح مشروع قانون الانتخابات بصيغته الحالية، مع اجراء تعديلات طفيفة عليه، للتصويت في البرلمان، أي اللجوء الى مبدأ الأغلبية لا مبدأ التوافق، وهذا يعني مزيداً من الاحتقان والتشنج ويمكن ان يفتح الباب واسعا لحدوث اهتزازات وتصدعات خطيرة في العملية السياسية، لا سيما في حال نفذ طرف سياسي كبير ومؤثر مثل الاكراد تهديداته بمقاطعة الانتخابات، او الانسحاب من البرلمان الحالي.
الثالث: العودة الى القانون الذي أجريت على ضوئه الانتخابات البرلمانية السابقة في عام 2010، اي اعتماد الدوائر المتعددة والقائمة المفتوحة وابقاء كركوك بعيدا عن الاستحقاق الانتخابي، واعتماد نسبة خمسة بالمئة للمقاعد التعويضية.
ومن غير الواضح فيما اذا كان إصرار كل الكتل السياسية على عدم العودة الى القانون السابق في الانتخابات المقبلة يعكس المواقف الحقيقية لها، أم انه نوع من الضغط المتبادل والمزايدات السياسية ليس الا.
ويبدو انه من الآن حتى الى ما بعد عطلة العيد ستبقى صورة المشهد غامضة رغم ان الحراك خلف الكواليس لن يتوقف، وان اطرافا دولية مثل الامم المتحدة وقوى دولية واقليمية يمكن ان تدخل على الخط بطلب من أطراف عراقية، وربما ينتقل الحراك ويمتد الى خارج كواليس بغداد، مع أهمية الاشارة الى نقطة جديرة بالاهتمام، ألا وهي ان المرجعية الدينية في العراق لها رأي واضح بشأن قانون الانتخابات، يتلخص في اعتماد القائمة المفتوحة ودوائر الانتخابات المتعددة، ولعله من غير الممكن القفز على رأيها ورؤيتها.
ويبقى الخيار المنطقي والمعقول والممكن هو العودة الى القانون السابق، كمخرج للأزمة، بدلا من مواجهة الطريق المسدود.. وهذا ما يتهامس به بعض الفرقاء بعيداً عن عدسات التلفاز، وأجهزة التسجيل، ومكبرات الصوت!.