ارشيف من :آراء وتحليلات

أية هيبة للدولة الليبية بعد اختطاف زيدان؟

أية هيبة للدولة الليبية بعد اختطاف زيدان؟
مثلت عملية اختطاف رئيس الحكومة الليبي علي زيدان مؤشراً على ضعف الدولة وعدم قدرتها على السيطرة ليس فقط على أقاليم البلاد المترامية، وإنما أيضا على مركز الحكم أي العاصمة طرابلس. كما تشير هذه العملية بحسب أغلب الخبراء والمحللين إلى وجود أطراف متعددة تسعى لتوسيع هيمنتها على البلاد ولتقاسم مراكز النفوذ.

حتى أن بعضهم اعتبر أن ليبيا الجديدة باتت دويلات بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فكل قبيلة ليبية لها حاكم بأمره ولديه مساعدوه وأيضا ميليشياه. كما أن التنظيمات غير القبلية تعددت حتى استحال إحصاؤها وهي مرتبطة بالأساس بأمراء الحرب الذين أنهوا حكم القذافي. كما أن ليبيا باتت محج التكفيريين من دول الجوار على وجه الخصوص واستعاض تنظيم "القاعدة" عنها بأفغانستان فبات موطن عمر المختار قاعدة التكفيريين وملاذا آمنا لهم.

أمر متوقع

لقد كان متوقعا أن يحصل شيء ما من هذا القبيل في ليبيا (اختطاف رئيس الحكومة) فلم تفاجئ هذه الحادثة العارفين بخبايا الشأن الليبي. فالدولة لا هيبة لها وهي غير موجودة على الأرض لفرض النظام وهي ضعيفة إلى الحد الذي يجعلها مستباحة ليس فقط من مواطنيها وإنما من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية وخير دليل على ذلك عملية اختطاف القيادي في تنظيم القاعدة "أبو أنس الليبي" من قبل كوماندوس أمريكي من أمام بيته في العاصمة الليبية طرابلس.
أية هيبة للدولة الليبية بعد اختطاف زيدان؟
اختطاف زيدان .. اين هيبة الدولة الليبية !


ويشار إلى أن الدولة الليبية هي حديثة العهد مقارنة بالجارتين مصر وتونس اللتين تشكلت فيهما الدولة منذ حضارات ما قبل الميلاد (الفراعنة والقرطاجيين) وبالتالي فإن المجتمع الليبي هو قبلي بالأساس لم يخضع بالتمام إلى المركز إلا في عهد الملك إدريس السنوسي الذي أطاح به معمر القذافي في انقلاب عسكري سمي "ثورة الفاتح". وبالتالي فإن جعل هذا الكم الهائل من القبائل ودعاة الفدرالية يخضعون إلى دولة مركزية موحدة، دون نظام يفرض هذا الأمر من خلال قبضته الحديدية على غرار نظام معمر القذافي، يتطلب جهودا مضنية قد تمتد لعقود.

استباحة الدولة

ويرى أغلب الخبراء والمحللين أنه، وبقطع النظر عن الجهة التي اختطفت زيدان، سواء كانت ما يسمى بـ"غرفة عمليات ثوار ليبيا" أو غيرها من الميليشيات، فإن ذلك يدخل في إطار الصراعات السياسية والحزبية، الأمر الذي سيؤثر سلبا في عملية بناء ليبيا الجديدة. فاستباحة الدولة ورموزها سيزيد من إضعافها ويجعل من هب ودب يتمرد عليها سواء في الداخل أو الخارج. لأن "الحاكم"، بحسب هؤلاء، بحاجة إلى أن يكون مهابا ومطاعا من أفراد شعبه لكي يتمكن من أداء مهامه في أفضل الظروف.

أية هيبة للدولة الليبية بعد اختطاف زيدان؟
الميليشيات تبقى صاحبة السلطة حتى اشعار آخر
ولعل ما يثير الحيرة والاستغراب هو ردود الفعل من قبل عموم المواطنين الذين لم يكونوا بحسب كثير من المحللين في مستوى جسامة الحدث. إذ كان من المفروض أن تخرج الجماهير إلى الشارع بأعداد كبيرة تنديدا بما حصل حفاظا على الدولة المهددة بالتفكك والاندثار، فالأمر على غاية كبيرة من الخطورة باعتبار أن رئيس الوزراء في ليبيا منتخب ولم يأت على ظهر دبابة وهو مقرب من الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، أي إنه المرشح التوافقي الذي يبحث عن مثيله جيران ليبيا من التونسيين والمصريين.

تورط القاعدة؟

ويتوقع أغلب الخبراء والمحللين، بحسب معلومات مسربة أشار إليها موقع "العهد الإخباري" في تحاليل سابقة، حصول الأسوأ في ليبيا خلال الأيام القادمة. حيث "تنتظر" المنطقة المغاربية عمليات إرهابية تحمل بصمات تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي ردا على عملية اختطاف أبي أنس الليبي القيادي في التنظيم من قبل الأمريكيين، وردا أيضا على عمليات الجيش التونسي التي استهدفت التنظيم الإرهابي في جبل الشعانبي على الحدود التونسية الجزائرية.

وقد ذهب البعض إلى حد الربط بين عملية اختطاف علي زيدان وتحذيرات جهات استخباراتية إقليمية وغربية من قرب شن القاعدة لعمليات إرهابية تتضمن خطف رهائن. وقد دعم هذه الشكوك نفي ما يسمى بـ"غرفة عمليات ثوار ليبيا" تورطها في عملية الاختطاف. وهو ما جعل البعض يتهم "القاعدة" صراحة بالتورط في احتجاز زيدان، لكن جهات نافذة في القبيلة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء مارست ضغوطا على بعض قادة القاعدة من الليبيين جعلتهم يفرجون عنه في نهاية المطاف.
2013-10-10